الدنيا أرزاق كما يقولون ولا أحد يأخذ منها غير نصيبه، هذه الحقيقة ربما تنطبق بشكل أو آخر على الشيخ صادق الأحمر مقارنة بشقيقيه الأصغر منه حسين وحميد.. الشيخ صادق اكتفى بما منحته عوامل السن ليكون شيخاً لحاشد خلفاً لوالده الشيخ عبدالله بن حسين الأحمر، ولولا عامل السن لما كان الشيخ صادق يشكل أي رقم بين إخوته، هكذا يقول الناس حتى أبناء حاشد أنفسهم. نعم هو الآن خليفة والده لكنه مجرد من كل عوامل الضغط والقوة التي كانت لوالده، ابتداءً من المنصب ومروراً بالتحزب وانتهاءً بسطوة المال، ومن ثم يظل هذا الحضور الذي يتشبث به الشيخ صادق حضوراً باهتاً وغير ذي جدوى، على عكس أخوته وتحديدا حسين وحميد وكلاهما يعرفان من أين تؤكل الكتف؟!.. كلاهما ولدا الشيخ وبالتالي فلقب "المشيخة" ملازم لهما مثلهما مثل صادق، وعلاقتهما بالقبيلة قوية جداً وأكثر أثراً وتأثيراً من العلاقة القائمة بين الشيخ صادق وقبيلته أو القبائل الأخرى، ومن جهة أخرى يملك حسين أوراق اللعبة السياسية مثله مثل حميد، فإلى جانب تزعمه لملتقى التضامن الوطني وعضويته في البرلمان وعلاقاته العابرة للحدود، يشكل قوة تفزع الجميع أو تبتز الجميع حتى السلطة، إضافة إلى مواهبه المتعددة في الكر والفر والتي بلا شك استطاع معها أن يشكل لنفسه ثروة لا يستهان بها، على عكس ما هو الحال مع الشيخ صادق الذي يبدو أنه اكتفى بلحفة والده وجنبيته ذات البعد الرمزي والمعنوي، في حين انحازت الإنجازات الحقيقية إلى غيره من إخوته، فهذا الشيخ حميد ينظرالناس إليه بأنه واسطة العقد في عيال الشيخ، فهو صاحب العديد من الشركات ورجل الأعمال التي تجعل منه واحداً من أهم ملاك المال في اليمن، وواحداً من أكثر الأثرياء الذين تضاعفت ثروتهم في وقت قياسي، تحت تأثير الوجاهة والمنصب والقبيلة والكاريزما السياسية والاجتماعية التي يمتلكها، وهو ما جعله القائد الحقيقي لحزب الإصلاح، والمسير الخفي لأحزاب اللقاء المشترك، والطامح الأكبر للحصول على المزيد من السلطة والجاه تحت غطاء المعارضة وما تنتجه من شعارات التغيير ومجابهة السلطة. إن المتأمل في موقع الشيخ صادق بين إخوته يستطيع أن يستنتج أنه وفقاً لتعبير النحاة أشبه ما يكون بجملة لا محل لها من الإعراب، فالسلطة تعتبره شكلاً بلا مضامين أوظلاً باهتاً وصغيراً يحاول جاهداً أن يشغل حيزاً من الفراغ الذي تركه رحيل والده، وهو فراغ واسع ربما استطاع حسين وحميد وحدهما أن يحتلاه جوهرياً، تاركين أخاهما الأكبر بعيداً عن طموحاتهما البعيدة، التي لا ترى في صادق سوى أنه إطار لصورتهما، يمكن أن يستبدل أو يستغنى عنه في أية لحظة مفصلية. الشيخ حميد الحاضر الأكبر في المشهد لن يتأخر عن الإقدام على أي عمل سياسي يلبي طموحاته مهما كان الشيخ صادق معترضاً أو غير معترض، بينما يرى الشيخ حسين أنه هو أولى بملك المشيخة لأنه الأكثر نباهةً ودهاءً، لذلك لجأ إلى تشكيل هذا الخليط العجيب في ملتقاه الوطني من مشائخ اليمن بعيداً عن أي إملاءات أو رؤى يقولها أخوه الأكبر شيخ مشائخ حاشد، وبالتالي يبقى الشيخ صادق بعيداً عن مسرح الفعل الحقيقي لأن هناك من يحتله من إخوته، بل أصبح أيضاً أداة شكلية يستغلها الإخوة للملمة مشاكلهم الشخصية وآخرها ما قام به في إنهاء مشكلة أخيه حميد مع قبائل يافع، على خلفية مقتل مدير مكتب با جمال السابق على يد مرافقي الشيخ حميد. إذن هل يرى أبناء الشيخ في صادق عبئاً ثقيلاً لا يقوى على فعل شيء، وبالتالي فهم يبادرون لأخذ زمام الموقف، أم أنهم يتصرفون بعفوية بريئة تجاه الأخ الأكبر ودون قصد إقصائه من التأثير الحقيقي داخل المشهد السياسي والاجتماعي في الحياة اليمنية، أم أنهم يرون في أنفسهم مرجعية لا تحتاج إلى الشيخ صادق، إلا بقدر ما يتحقق لهم من مصالح، على صعيد المال والنفوذ والتأثير القبلي؟!!.. وفي المقابل هل يشعر الشيخ صادق نفسه بمثل هذه المفارقات التي يشكلها إخوته تجاهه؟!!.. هل يدرك أنه لا يمتلك قدرات حسين وحميد، وبالتالي فهو غير مستاء من طغيان ظلهما عليه، أم أنه يدرك أنهما فعلاً يشكلان حضورهما السياسي والقبلي على حسابه ودون مراعاة لمشاعر الأخ الأكبر والوريث لتركة أبيه السياسية والقبلية، لكنه مع علمه وإدراكه لا يستطيع أن يفعل شيئاً، فهم إخوته أولاً وأخيراً ولا يستطيع أن يحد من هذه الهالة التي طغت عليه لتجعله في أقصى الظل؟!!.. هل يستطيع الشيخ صادق أن يملي على إخوته خصوصاً حميد أوحسين أمراً جوهرياً من الأمور التي يختلفان فيها معه؟!! بل هل يستطيع أن يملي على قبيلته أمراً من الأمور دون أن يوافقه الشيخان حسين وحميد؟!!.. هذه الأسئلة وغيرها ربما تكون الإجابة عنها بالنفي، لكن يبقى الشيخ صادق وحده القادر على الإجابة عنها بكل موضوعية وصدق مع الذات، لأن من الاحتمالات الأخرى أن كل ما يحدث في حياة الإخوة أولاد الشيخ ليس سوى توزيع أدوار متفق عليها بينهم سلفاً وبنظر وسمع الشيخ صادق نفسه، وهو احتمال نتمنى أن يكون صحيحاً لأن عدم صحته لا تعني سوى شيء واحد وهو أن حسين وحميد هما فرسا الرهان وأما الشيخ صادق فليس سوى ملك لا يملك مما يملكه شيئاً، إما بسبب زهده، أو بسبب عجزه الذي جعله يخرج من المولد بلا حمص!!.