مع الاستنزاف الجائر للمياه في بلادنا الشحيحة بمصادر المياه والمهددة بالجفاف والنضوب، فقد أضحى العالم على شفا حرب بسبب أزمة المياه لاسيما الدول الفقيرة في آسيا وأفريقيا وأمريكا اللاتينية، التي لا تملك الحلول والبدائل لهذه الأزمة القادمة التي تنذر بشفيرها. فقد أصبحت أزمة المياه المتفاقمة قضية القضايا على مسرح العالم، بالرغم من الأعراف والاتفاقيات الدولية المتعلقة بالمياه المشتركة بين دول العالم نتيجة لعدم احترام بعض الدول للقوانين والمواثيق والأعراف الدولية المنظمة لقضية المياه بمختلف تسمياتها في أرجاء المعمورة، والتي تعطي الدول التي تمر في أقاليمها مياه البحار أو الأنهار حقوقا متكافئة، ونسبا متوازية، بحيث لم يعد هناك ما يدعو للتصارع حوله خاصة وأن القانون الدولي للمياه حل قضية المياه حلاً إنسانياً بين الدول المستفيدة من تلك المياه. والمهم في أمر المياه أنها ستكون سبباً في الكثير من الصراعات والحروب القادمة بين الدول المشتركة فيها بعد أن أصبحت تظهر بين الحين والآخر بعض المشكلات، مثل عدم احترام بعض الدول للمواثيق الدولية المنظمة لعملية الاستفادة من المياه المشتركة بينها وبين الدول الأخرى، وكذا محاولات بعض الدول أيضاً سرقة مياه الدول الأخرى، مما يؤزم العلاقات الثنائية والدولية، ويؤدي إلى نشوب صراعات ومماحكات دبلوماسية وسياسية وإعلامية، وستحل كارثة الحروب بين الدول المتجاورة والمعنية بالمياه كثروة طبيعة لها إذا لم يتم تحكيم العقل. وكمثال في واقع اليوم فإن أثيوبيا تسعى لأن تصبح صاحبة القرار في المياه المشتركة بينها وبين الدول المجاورة لها والمستفيدة منها من تلك المياه ومن ضمنها مصر فيما يخص مياه نهر النيل، وكذا بالنسبة لتركيا التي أصبحت بإنشائها لسدود ضخمة مثل سد أتاتورك تمثل تهديداً مباشراً لجارتها سوريا والعراق، وهكذا لبنانوسوريا بالنسبة لنهر الأردن، وكذا ألمانيا بشأن نهر الراين، وأيضا الكيان الصهيوني ومحاولات سرقته المفضوحة للمياه العربية خلافا للقوانين الدولية المنظمة لقضية المياه المشتركة بين الدول، وما خفي هو الأعظم. إن الآمال والأنظار تتجه صوب قادة دول العالم ومنظمة الأممالمتحدة لبذل قصارى جهودهم في معالجة قضية المياه الدولية، أنهاراً وبحاراً، بالطرق والوسائل التي تجنب وقوع صراعات وحروب لم يعد العالم يحتملها نتيجة للمشكلات الداخلية الصعبة التي تخلف ضحايا متزايدين، قتلاً وجوعاً ومرضاً وعوزاً وتشريداً. وجميعها صور مأساوية ومتكررة تزيد المتتبع قلقا على مصيره ومصير بلاده ومصير الإنسانية كلها.