غضب واسع من إعلان الحوثيين إحباط محاولة انقلاب بصنعاء واتهام شخصية وطنية بذلك!    لملس يفاجئ الجميع: الانتقالي سيعيدنا إلى أحضان صنعاء    "مشرف حوثي يطرد المرضى من مستشفى ذمار ويفرض جباية لإعادة فتحه"    "القصاص" ينهي فاجعة قتل مواطن بإعدام قاتله رمياً بالرصاص    "قلوب تنبض بالأمل: جمعية "البلسم السعودية" تُنير دروب اليمن ب 113 عملية جراحية قلب مفتوح وقسطرة."    طقم ليفربول الجديد لموسم 2024-2025.. محمد صلاح باق مع النادي    لماذا يُدمّر الحوثيون المقابر الأثرية في إب؟    بعد إثارة الجدل.. بالفيديو: داعية يرد على عالم الآثار زاهي حواس بشأن عدم وجود دليل لوجود الأنبياء في مصر    أيهما أفضل: يوم الجمعة الصلاة على النبي أم قيام الليل؟    ناشط من عدن ينتقد تضليل الهيئة العليا للأدوية بشأن حاويات الأدوية    دربي مدينة سيئون ينتهي بالتعادل في بطولة كأس حضرموت الثامنة    تضامن حضرموت يحلق بجاره الشعب إلى نهائي البطولة الرمضانية لكرة السلة لأندية حضرموت بفوزه على سيئون    رعاية حوثية للغش في الامتحانات الثانوية لتجهيل المجتمع ومحاربة التعليم    مجلس وزارة الشؤون الإجتماعية والعمل يناقش عدداً من القضايا المدرجة في جدول أعماله    الارياني: مليشيا الحوثي استغلت أحداث غزه لصرف الأنظار عن نهبها للإيرادات والمرتبات    المنخفض الجوي في اليمن يلحق الضرر ب5 آلاف أسرة نازحة جراء المنخفض الجوي باليمن    استشهاد أسيرين من غزة بسجون الاحتلال نتيجة التعذيب أحدهما الطبيب عدنان البرش    تشيلسي يسعى لتحقيق رقم مميز امام توتنهام    الصين تبدأ بافتتاح كليات لتعليم اللغة الصينية في اليمن    "مسام" ينتزع 797 لغماً خلال الأسبوع الرابع من شهر أبريل زرعتها المليشيات الحوثية    إعتراف أمريكا.. انفجار حرب يمنية جديدة "واقع يتبلور وسيطرق الأبواب"    شاب سعودي يقتل أخته لعدم رضاه عن قيادتها السيارة    الهلال يلتقي النصر بنهائي كأس ملك السعودية    تعز.. حملة أمنية تزيل 43 من المباني والاستحداثات المخالفة للقانون    أثر جانبي خطير لأدوية حرقة المعدة    توضيح من أمن عدن بشأن مطاردة ناشط موالٍ للانتقالي    صدام ودهس وارتطام.. مقتل وإصابة نحو 400 شخص في حوادث سير في عدد من المحافظات اليمنية خلال شهر    أهالي اللحوم الشرقية يناشدون مدير كهرباء المنطقة الثانية    ضلت تقاوم وتصرخ طوال أسابيع ولا مجيب .. كهرباء عدن تحتضر    قيادي حوثي يخاطب الشرعية: لو كنتم ورقة رابحة لكان ذلك مجدياً في 9 سنوات    الخميني والتصوف    نجل القاضي قطران: والدي يتعرض لضغوط للاعتراف بالتخطيط لانقلاب وحالته الصحية تتدهور ونقل الى المستشفى قبل ايام    انهيار كارثي.. الريال اليمني يتراجع إلى أدنى مستوى منذ أشهر (أسعار الصرف)    إنريكي: ليس لدينا ما نخسره في باريس    جماعة الحوثي تعيد فتح المتحفين الوطني والموروث الشعبي بصنعاء بعد أن افرغوه من محتواه وكل ما يتعلق بثورة 26 سبتمبر    جريدة أمريكية: على امريكا دعم استقلال اليمن الجنوبي    محلل سياسي: لقاء الأحزاب اليمنية في عدن خبث ودهاء أمريكي    الرئيس الزُبيدي يُعزَّي الشيخ محمد بن زايد بوفاة عمه الشيخ طحنون آل نهيان    بن الوزير يدعم تولي أحد قادة التمرد الإخواني في منصب أمني كبير    أولاد "الزنداني وربعه" لهم الدنيا والآخرة وأولاد العامة لهم الآخرة فقط    15 دقيقة قبل النوم تنجيك من عذاب القبر.. داوم عليها ولا تتركها    سفاح يثير الرعب في عدن: جرائم مروعة ودعوات للقبض عليه    يمكنك ترك هاتفك ومحفظتك على الطاولة.. شقيقة كريستيانو رونالدو تصف مدى الأمن والأمان في السعودية    خطوة قوية للبنك المركزي في عدن.. بتعاون مع دولة عربية شقيقة    غارسيا يتحدث عن مستقبله    انتقالي لحج يستعيد مقر اتحاد أدباء وكتاب الجنوب بعد إن كان مقتحما منذ حرب 2015    مياه الصرف الصحي تغرق شوارع مدينة القاعدة وتحذيرات من كارثة صحية    إبن وزير العدل سارق المنح الدراسية يعين في منصب رفيع بتليمن (وثائق)    كيف تسبب الحوثي بتحويل عمال اليمن إلى فقراء؟    صحة غزة: ارتفاع حصيلة الشهداء إلى 34 ألفا و568 منذ 7 أكتوبر    المخا ستفوج لاول مرة بينما صنعاء تعتبر الثالثة لمطاري جدة والمدينة المنورة    النخب اليمنية و"أشرف"... (قصة حقيقية)    اعتراف رسمي وتعويضات قد تصل للملايين.. وفيات و اصابة بالجلطات و أمراض خطيرة بعد لقاح كورونا !    عودة تفشي وباء الكوليرا في إب    القرءان املاء رباني لا عثماني... الفرق بين امرأة وامرأت    - نورا الفرح مذيعة قناة اليمن اليوم بصنعاء التي ابكت ضيوفها    من كتب يلُبج.. قاعدة تعامل حكام صنعاء مع قادة الفكر الجنوبي ومثقفيه    الشاعر باحارثة يشارك في مهرجان الوطن العربي للإبداع الثقافي الدولي بسلطنة عمان    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



تمزيق السودان بداية سيطرة الصهاينة على مياه النيل
نشر في أخبار اليوم يوم 25 - 03 - 2009

كانت دوماً المياه العربية سندًا قويًا في السياسة الصهيونية لتمسّكها باختيار فلسطين لتكون وطنًا قوميًّا لليهود منذ الحرب العالمية الأولى وحتَّى اليوم، حيثُ وضع زعماء الحركة الصهيونية العالمية قضية المياه نصب أعينهم عندما طالبوا بتأسيس دولة صهيونية سياسيًّا، واختاروا لها شعار (من النيل إلى الفرات أرضك يا إسرائيل).
ولا يخفى على أحد صعوبة الأزمة التي قد تواجهها مصر في المستقبل المنظور نظراً لما يتعرض له السودان من ضغوط دولية تصل إلى حد المؤامرة بتمزيق وحدة أراضيه وهو الأمر الذي يعد بمثابة أكبر خطر يتهدد الأمن القومي المصري في الوقت الحاضر ، خاصة أنه وإذا ما سقط السودان في بحر التمزق فإن الهدف الأول الذي سيسعي إليه الطامعين وعلى رأسهم "إسرائيل" هو الاستحواذ على مياه النيل ، وهو الأمر الذي حذر منه أكثر من خبير وعلى رأسهم الدكتور رشدي سعيد عالم الجيولوجيا المصري الذي أبدى تخوفه من التحولات السياسية التي تحدث حاليا في جنوب السودان جراء النزعات الانفصالية، وما يمكن أن يسفر عنه الاستفتاء حول مصير الجنوب من إنشاء دولة جديدة مبديا قلقه من علاقات قد تربط الدولة المزمع إقامتها مع "إسرائيل" تجعلها تستجيب لمطلبها بشراء المياه، معتبرا أنها المشكلة الملحة لدى "إسرائيل"، ومؤكداً أن الأمر قد يمتد لمطالبة مصر بمرور المياه إلى "إسرائيل"عبر الأراضي المصرية مقابل عائد مادي.
ويتفق معه في هذا الرأي الدكتور زكى البحيرى أستاذ التاريخ الحديث والمعاصر في كلية التربية جامعة المنصورة وخبير الشؤون السودانية، الذي أكد على أن "إسرائيل"تدعم الخلاف السوداني وتضع عينها على مياه النيل وتحدث عن أن هناك تقصيرًا لا حدود له من وزارة الخارجية والحكومة المصرية في كل قضايا السودان، وأولها مشكلة الجنوب، حيث وقفت مصر موقف المتفرج في الوقت الذي تدخلت فيه كينيا وأمريكا وبريطانيا وفرنسا وإيطاليا، معتبراً أن الأمن القومي المصري يبدأ من السودان وينتهي في الشمال في فلسطين، وانتصار الجنوب على الشمال سيكون على حساب الأمن القومي المصري وسيكون على حساب ورود ماء النيل ووصوله بالشكل الطبيعي، النيل الذي يساوى مصر، مؤكداً أن هناك مخطط دولي لتقسيم السودان إلى عدة دويلات منذ عهد بوش، وكان السيناريو مخططا له بشكل مشابه لما حدث في العراق ما دامت المشاكل مستمرة، وعندما تحل الانتخابات الخاصة في 2011 سيقررون الانفصال - يقصد الجنوب - لأنهم لا يمكن أن يتواجدوا مع دولة في ظل المشاكل وعدم الاستقرار فينفصلوا، وإذا انفصل الجنوب فستتطلع دارفور أيضا إلى الانفصال، وربما يفكر الشرق في مناطق كسلة أو غيرها في الانفصال، وربما أيضا الشمال ، ونوه كذلك إلى أن هناك جهات أخرى تدعم الخلاف السوداني غير أمريكا ، وقال أن "إسرائيل"على رأس القائمة، والدليل التحالف الذي تم بين شريف حرير وأحمد إبراهيم دريج الذي ذهب إلى "إسرائيل"، وكذلك حركة التحرير السوداني بقيادة عبد الواحد محمد نور الذي لديه مكتب في "إسرائيل"، مؤكداً أن لدى "إسرائيل"أطماع في السيطرة على بعض الدول الأفريقية وأنها تلعب في هذا المنطقة، وهى متفاهمة مع أمريكا، وهدفها مياه النيل في المقام الأول، وستبحث لها عن وجود في إثيوبيا ودول أفريقيا حتى تتوقف أو يكون لها يد في عملية التنمية ومشروعات النيل وهى تريد تسعير مياه النيل حتى يتمكنوا من شرائها.
ثم تحدث عما هو المطلوب من مصر خلال تعاملها مع هذا الملف ، مشيراً إلى أنه يجب عليها أن تتوسط وتعمل على تقارب وتصالح بين الحكومة وقوى التمرد وأن تسير في برنامج التكامل الاقتصادي بينها وبين السودان لأن الوضع الاقتصادي هو الذي ينعكس على كل الأوضاع الأخرى، خصوصا السياسية، وأن يذهب مصريون للسودان لإقامة مشروعات زراعية واقتصادية لأنها واجب ضروري وملح للسودان، والسودانيون يتمنون ذلك.
عين "إسرائيل"على مياه النيل
ويشار إلى أن قضية المياه في مصر تحتل مسرح الأحداث في هذه الأيام، حيث يعُد نقص المياه الموضوع اليومي والخطاب السياسي والإعلامي في مصر، وليس أدل على ذلك من أن 50% من أبناء مصر لا يحصلون على المياه النقية، وأيضاً ما أكد عليه الرئيس مبارك من خلال اجتماعه مع اللجنة الوزارية للري والموارد المائية، حيث أشار إلى أهمية المياه قائلاً: "إن قطرة المياه أغلى من البترول، لأنها ثروة مصر الحقيقية في الماضي والحاضر والمستقبل" ولا يخفى على أحد مسألة "الأطماع الصهيونية في المياه المصرية" التي ترجع إلى عام 1930م عندما تقدم الزعيم الصهيوني "هيرتزل" إلى الحكومة البريطانية في عهد الملكة "فيكتوريا" ووزير خارجيتها "بلفورد" بمشروع يطلب فيه تحويل جزء من مياه نهر النيل إلى صحراء النقب في "إسرائيل"، وكانت حجته أن هناك فائضاً من مياه نهر النيل يفيض عن حاجة مصر ويصب في البحر المتوسط دون استخدامه في الزراعة أو تخزينه، حيث لم يكن لدى مصر في ذلك الوقت أي خزانات على نهر النيل، لذلك فكر أصحاب هذا المشروع في نقل هذا الفائض من مياه نهر النيل إلى سيناء عبر ترعة الإسماعيلية وقناة السويس، وذلك لتوطين اليهود في سيناء كنقطة للوثوب إلى فلسطين، وقد تم تحطيم هذا المشروع، ولم يتم "لإسرائيل"تحقيق طموحها في السيطرة على جزء من مياه نهر النيل لتعمير صحراء النقب التي تمثل حلم "إسرائيل".
ولقد قامت "إسرائيل" عبر التاريخ بمحاولات متعددة كشفت عن مخططاتها الإجرامية إزاء نهر النيل، وكانت كل هذه المحاولات تحت شعار مقايضة المياه بالسلام. ومن هذه المحاولات ، ما أبدته "إسرائيل" في منتصف السبعينات من رغبة في الحصول على (10%) من إيراد نهر النيل وهو ما يمثل (8 مليارات م3) لحل مشكلة المياه في "إسرائيل"، وكذلك ما اقترحه رئيس جامعة تل أبيب "حاييم بن شاهار" بأن تسعى "إسرائيل" إلى إقناع مصر بضرورة منحها حصة من مياه النيل لا تتجاوز نسبة (1%) تُنقل بواسطة أنابيب بهدف استخدامها في مشاريع التنمية الزراعية داخل قطاع غزة وخارجها ، ويشار كذلك إلى أن بعض خبراء المياه "الإسرائيليين" اقترحوا بأن تمد مصر قطاع غزة بما يُعادل (100 مليون م3) سنوياً من المياه، وهى نسبة تُعادل (0. 2%) من استهلاك مصر من المياه ، كما اقتراح بعض المهندسين "الإسرائيليين" إقامة مشروع ضخم لجلب مياه النيل إلى صحراء النقب الشمالي عبر ترعة الإسماعيلية وعن طريق أنابيب تحت قناة السويس.
ولكن كل هذه المحاولات لم يُنفذ منها شيء، ولما فشلت "إسرائيل" في تنفيذ هذه المشروعات بالتراضي مع مصر لجأت إلى محاولة تنفيذ ذلك بالإجبار والضغط على مصر من خلال تحريض الدول الأفريقية المشتركة معها في مياه نهر النيل على إقامة المشاريع المائية والتي ستؤدى إلى تخفيض حصة مصر من المياه وخصوصاً أثيوبيا ، وأطماع "إسرائيل"لم تتوقف على المياه المصرية في نهر النيل، بل امتدت بأطماعها إلى المياه الجوفية المصرية، فنجدها في عام (1990م) قامت بدراسة عن طريق الأقمار الصناعية بالاستشعار عن بعد لتقدير كمية المياه الجوفية المخزونة في صحراء سيناء، وما يمكن سحبه منها بالطرق المُثلى لاستغلاله في الزراعة، وقدرت المياه المسحوبة في ذلك الوقت بحوالى (30 مليون م3) من المياه ، وبذلك تُمثل "إسرائيل" خطراً داهماً لا على المياه المصرية فحسب، بل وعلى المياه العربية كلها، لذلك يتنبأ الكثير بأن المياه ستكون سبباً في كثير من الحروب بين العرب و"الإسرائيليين" مستقبلاً.
تقسيم السودان بداية للسيطرة على مياه النيل
لكن الخطير في هذا الشأن هو ما كان قد كشفه "دوا سيزار" المحلل السياسي والعسكري بصحيفة "ليبراسيون" الفرنسية عن أبرز الدوافع الخفية للولايات المتحدة من وراء محاولاتها نشر قوات دولية في إقليم دارفور بالسودان، وتتمثل في مساعيها الرامية لغزو مصر في عام 2015 ، فقد توقع سيزار - طبقا لما نشرته مصادر إعلامية مصرية و أجنبية - أن تقوم الولايات المتحدة إذا ما تمكنت من دخول السودان، من غزو مصر من أجل التحكم في موارد نهر النيل وصرف حصص المياه وفق ما تريد، وبغرض إثارة التوترات بين الطوائف الدينية والقوى السياسية لتكرر سيناريو العراق من جديد ، محذراً من أن وقوع مصر في الأسر الأمريكي يعني أن كافة الدول العربية ستكون في قبضة الولايات المتحدة، وبذلك ستتغير شكل الخريطة السياسية وتصبح الدول العربية تحت راية العلم الأمريكي، مبديا استغرابه من صمت الدول العربية وخاصة مصر حيال قرار مجلس الأمن نشر قوات دولية في دارفور ، معتبراً أن نشر قوات تابعة للأمم المتحدة في دارفور بمثابة غطاء شرعي للولايات المتحدة لدخول السودان واستعماره من أجل الاستفادة من ثرواته البترولية وخاصة في الإقليم الذي قدرت فيه الآبار البترولية المكتشفة حديثًا بالأنهار، وأيضا خام "اليورانيوم" الذي تم اكتشافه وأصبح مطمع للكثير من الدول التي تدخل هذا الخام في أنشطتها ، مؤكداً إن احتلال السودان من بين الطموحات الأمريكية التي تريد أن تضع العالم الإسلامي بين فكيها.
ضغوط صهيونية على إثيوبيا وكينيا وأوغندا
كما كشف المحلل السياسي الأمريكي مايكل كيلو، مؤلف كتاب "حروب مصادر الثروة" عن اجتماع عقد بتل أبيب بين أعضاء بالكنيست الصهيوني ووزراء إثيوبيين، تناولت بحث إقامة مشاريع مشتركة عند منابع نهر النيل ، وقال في مقال مطول نشرته صحيفة "راندي ديلي ميل" الجنوب أفريقية ، إن الأجندة الصهيونية تقوم على إقناع الوزراء الإثيوبيين باستكمال المشاريع المشتركة التي كانت قد توقف العمل بها ، وأشار إلى أن هذه المشروعات تتضمن إقامة أربعة سدود على النيل لحجز المياه، وتوليد الكهرباء، وضبط حركة المياه باتجاه السودان ومصر، وذلك بهدف إشغال مصر في قضية تمس أمنها قومي وهي قضية المياه ، ويتوقع أن تستكمل المشروعات ما بين يونيو وأكتوبر في فصل الأمطار بالهضبة الإثيوبية ، كاشفاً عن وعد صهيوني للحكومة الإثيوبية بمعونة مالية تفوق المائتي مليون دولار، بالإضافة لمعدات حربية وأسلحة ثقيلة، وعدد من طائرات "F16" الأمريكية لتساعدها في حربها ضد المسلحين بالصومال ، ولفت إلى أن "إسرائيل" تهدف من دعم مشروعات إثيوبيا المائية، إضعاف وضرب مصر اقتصاديا، كما أنها لعبت دورا كبيرا مع دول حوض النيل لنقض المعاهدة الدولية التي تنظم توزيع مياه النيل ، واعتبر أن هذا الأمر يأتي في إطار الإستراتيجية الصهيونية ، التي ترى أن حصر المعركة مع العرب في الجبهة الحدودية الضيقة لا يخدم "إسرائيل" لأسباب كثيرة؛ ولذلك لابد من توسيع هذه الجبهة خصوصًا نحو ما يسمى دول المحيط العربي ، وقال إنه في إطار هذا المبدأ عملت "إسرائيل"على إقامة تحالفات إستراتيجية مع العديد من هذه الدول، وذلك بغرض إضعاف مصر وسوريا والعراق قبل سقوط نظام صدام حسين ، وأضاف أن العلاقات العسكرية والأمنية المتميزة التي أقامتها مع إثيوبيا عمدت إلى توقيع اتفاقية علاقة اقتصادية واستشارية مؤثرة بهدف إلحاق الضرر بمصر، ومن جوانبها إقناع إثيوبيا بأن أحد المخارج الأساسية للتنمية فيها إقامة السدود وتعديل معاهد توزيع مياه النيل ، وأردف قائلاً: إن "إسرائيل" ترى في مصر الدولة المصرية الواجب إضعافها دائما؛ كونها الدولة الأبرز من دول الطوق القادرة على مجابهتها سياسيا وعسكريا واقتصاديا ، وأوضح أن "إسرائيل" تلعب دورًا بين دول حوض النيل ضمن مخطط أمريكي يسعى لانتزاع النفوذ في تلك الدول من أوروبا عمومًا وفرنسا على وجه الخصوص؛ ولذلك فإن الإدارة الأمريكية توفر "لإسرائيل"كل سبل التأثير على دول مثل إثيوبيا وكينيا ورواندا وأوغندا والكونغو، وذلك بهدف إبقاء مصر في حالة توتر دائم وانشغال مستمر، كما يؤكد الكاتب ، وختم كيلو قائلاً: إن النيل سيصبح في السنوات القادمة قضية حياة أو موت وجوهر القضية أن 95% من موارد مصر النيلية تأتي من إثيوبيا.
وفى أعقاب ما كشفه الكاتب الأمريكي نشرت الصحف تصريحات ساخنة لرئيس الوزراء الأثيوبي هدّد فيها بسيطرة بلاده عملياً على مياه النيل، وتبع تلك التصريحات الخطيرة تأكيد من قبل الحكومة المصرية بأنها ستطلب إيضاحات من نظيرتها الأثيوبية ، وينظر مراقبون مصريون إلى مطالبة دول أفريقية بإعادة النظر في اتفاقات مياه النيل باعتبارها مناوشات إعلامية من حين وآخر لاستدرار عطف الدول المانحة بالإضافة إلى وشايات "إسرائيلية" مشيرين إلى التغلغل "الإسرائيلي" اللافت في منابع النيل التي يعمل فيها ما يقرب من 80 خبيراً "إسرائيلياً"، وتطالب مصر منذ فترة طويلة بإنشاء هيئة فنية أفريقية مشتركة تتولى جمع المعلومات الخاصة بالموارد المائية والتشاور مع دول حوض النيل على توزيع الحصص من خلال المفاوضات بدلاً من التهديد بالحرب".
وفى أعقاب الرد المصري القوى ، أكد وزير الري الإثيوبي شيفر أوجارسو أن علاقات بلاده مع "إسرائيل" كعلاقتها مع أي دولة أخرى ، نافياً أي علاقة أو تعاون بين بلاده و"إسرائيل"في موضوع مياه النيل ، وقال أوجارسو إن المياه متوافرة لدى إثيوبيا ولا تحتاج إلا إلى حسن إدارتها وتشغيلها واستغلالها.
لكن الخطر يتعدي السودان وإثيوبيا ، ويصل إلي دول أخرى من دول حوض النيل وهي كينيا وأوغندا ، حيث يشار في هذا الصدد إلي الخطوة التي وصفها مسئولون مصريون بأنها "مشبوهة" حينما أعلنت وزيرة الموارد المائية الكينية بأن بلادها تعتبر أن اتفاقية المياه بين دول حوض النيل كأنها لم تكن ، وقد أبدت الحكومة المصرية رد فعل عنيف تجاه هذا التصرف المفاجئ من قبل كينيا ، حيث صرح بعض المسئولين بأن التهديد الكيني بالانسحاب من الاتفاقية الموقعة عام 1929 الخاصة بتوزيع المياه سيكون بمثابة إعلان حرب على مصر ، ولم يخفوا المسؤولون المصريون تشككهم في طبيعة هذا السلوك السياسي واعتبروه سلوكاً مشبوهاً ، وقد تساءل محمود أبو زيد وزير الري والموارد المائية المصري السابق فى حينه ، لماذا يتحدث البعض عن حجم المياه التي تصل إلى مصر بينما يمكن للجميع الحصول على ما يريدون وأن يتم تطوير ذلك بشكل مشترك ، إلا أن الحكومة المصرية عادت للتهدئة ، كما صرح أنه يستبعد نشوب حرب في حوض النيل بسبب المياه معتبراً أن ذلك أمر غير وارد على الإطلاق ومن أجل تطمين دول المنبع أكد على أن عوامل التاريخ وقواعد السلوك والقانون الدولي تمنع إلحاق الضرر بمصدر ثروة ظل ثابتاً على مدار مئات السنين.
لكن اللافت للنظر هو أن كينيا ظلت في الآونة الأخيرة تطالب بإعادة النظر في الاتفاقيات الإقليمية التي تحكم قضية توزيع المياه بين الدول المتشاطئة لحوض النيل ، وفي أكثر من مناسبة صرح مسئولون كينيون بأنه لا ينبغي لمصر والسودان الاستفادة من مياه النيل الذي ينبع من الجنوب دون مقابل ، وأنه لابد من إعادة تقسيم الحصص المائية بالتساوي بين دول الحوض ، ويشكك العديد من الخبراء في أن إسرائيل هي المحرض الرئيس في هذه القضية ، خصوصاً أن "إسرائيل"تربطها علاقات حميمة مع كينيا ولديها العديد من البرامج الثنائية في المجالات السياسية والأمنية والعسكرية والاقتصادية ، وهكذا تبدو الأطماع "الإسرائيلية" في مياه النيل هي المحرك الرئيس لسلوك الحكومة الكينية التي تربطها علاقات قوية مع "إسرائيل".
كما أن تهديد الحكومة الأوغندية التي ترتبط هي الأخرى بعلاقات رسمية مع "إسرائيل"- بأنها ستحذو حذو كينيا في حالة عدم خضوع مصر لإعادة توزيع المياه ، يشير إلى أن إسرائيل تخطط لتفكيك التجمع الإقليمي الذي يضم دول حوض النيل "العشرة" تحت اسم "دول الأندوجو" ، والذي عقد أول اجتماع له عام 1983 في الخرطوم ، وتسعى مصر من خلاله إلى تقوية أواصر التعاون بين دول الحوض لتوفير حالة من الاستقرار في قضية مياه النيل "عصب الحياة في مصر" ، والتي تحاول "إسرائيل" إثارتها بين الحين والآخر.
وفي هذا الإطار يرى بعض المحللين أن السلوك الكيني الأخير جاء بتحريض "إسرائيلي" بهدف إشغال القيادة السياسية المصرية بهذا الملف الذي يمثل خطاً أحمر في السياسة المصرية ومن ثم تحويل وجهة النشاط السياسي المصري من ملف العملية السلمية في الشرق الأوسط إلى ملف المياه مع دول "الأندوجو" للانفراد بالسلطة الفلسطينية ثم فرض سياساتها بهدوء ودون منازع. وربما هذا الأمر يفسر التوقيت الذي اختارته كينيا لإثارة هذه الأزمة ، وأياً كان الهدف من تحريك ملف المياه في وجه مصر ومن بعدها السودان ، فإن "إسرائيل" ستبقى المستفيد الوحيد من تفكيك التكتلات الإقليمية القائمة على أساس الأخوة والمصلحة المشتركة بين دول حوض النيل ، وسيبقى الخطر "الإسرائيلي" قائماً للحصول على مياه النيل ما لم تتدارك الدول المعنية الموقف ، وتسعي لحل مشاكلها المائية عن طريق المفاوضات المشتركة وإيجاد الحلول المناسبة لكل الدول الأطراف دون السماح لأي تدخل أجنبي لا يهمه سوى الخراب والدمار والتفرقة.
مشاريع صهيونية لسرقة مياه النيل
وتكفي الإشارة إلي أن هناك كم هائل من التقارير والدراسات التي حذرت من الخطوات الصهيونية المشبوهة ومن بينها التقرير الصادر عن مركز "الأرض" لحقوق الإنسان من تأثيرات مشاريع المياه "الإسرائيلية" على مياه النيل، عبر حفر آبار جوفية بالقرب من الحدود المصرية. وذكر التقرير، إن "إسرائيل" قامت بحفر آبار جوفية بالقرب من الحدود المصرية، وتعمل من خلال مشروع "اليشع كالي" على نقل مياه النيل إلى "إسرائيل"، عن طريق سحارة أسفل قناة السويس، كما يقوم مشروع "يؤر" بنقل مياه النيل إلى "إسرائيل" عبر شق ست قنوات تحت مياه قناة السويس، وبإمكان هذا المشروع نقل مليار م3، لري صحراء النقب، منها 150 مليون م3، لقطاع غزة، وهو ما يؤثر على موارد مصر المائية مستقبلا. كما حذر من قضية إعادة توزيع حصص المياه، حيث تفجرت مرة أخرى وبقوة خلال اجتماع نيروبي عام 2004، وذلك بعد أن أطلقت برلمانات كل من كينيا وتنزانيا وأوغندا في ديسمبر من العام 2003 دعوتها بضرورة إعادة النظر في توزيع حصص مياه النيل وعدم الاعتراف بالاتفاقيات التاريخية المنظمة للعلاقة بين دول المنبع ودولة المصب.
وكذلك تحذير الدكتور رمزي سلامة فى كتابه "مشكلة المياه في الوطن العربي" من المحاولات المستميتة التى تقوم بها بعض الأطراف وعلى رأسها إسرائيل لسرقة مياه النيل ، مؤكداً أن مصر لها حُقُوقًا تاريخيَّةً مُكتسَبَةً بالنسبة لمياه النِّيل، وأنه لا يجوز التعرُّضُ لها، وأنَّ لمصرَ الحقَّ في الحصولِ على نصيبٍ معقولٍ من أيِّ إيرادات إضافيَّة تنجُمُ عن تقليل المفقود عند المنابع، كما تؤكِّد على وجوب التشاوُر معها من قِبَلِ دول حوض النهر قبل الشروع في أيِّ ترتيبات من شأنها أن تؤثِّر على مواردِهِ الحاليَّةِ والمُستقبليَّةِ، وتعتمِدُ مصرُ في تحقيق هذه الرُّؤية الإستراتيجية على أداتين هما:
أ - الهيئة الفنيَّة الدائمة المشتركة لمياه النيل، الَّتي أنشئت طبقًا لاتفاقية عام 1959 م بين مصر والسودان، ومهمتها دراسة الأرصاد الجوية النَّهْرِيَّة، ومَسْح مناطقِ تَجَمُّع الأمطار التي تُغَذِّي بحيرات الهضبة الاستوائية (فكتوريا، كيوجا، البرت)، وتحظى الهيئة بدعم من برنامج الأمم المتحدة الإنمائي (UNDP )، ومنظمة الأرصاد العالمية (OMW )، وهدفها الأساسي هو تنظيم عملية استغلال مياه النهر بواسطة الدول المُطِلَّة عليه.
ب - الأندوجو: وهي عبارة عن تَجَمُّع لدول حَوْض النيل أنشئ عام 1983 م؛ بناء على اقتراح مصريٍّ وتأييد سودانيٍّ، وأهدافُهُ التعاون والتنسيق والتشاور بين دُول حوض النيل التسع، انطلاقًا من خطة عمل لاجوس عام 1980، الّتي أكَّدت على أنَّ الأنهار الإفريقية هي البِنْيَة الأساسية الضرورية للتعاون الإقليمي، ويشارك في أعمال المجموعة كل دول الحوض (باستثناء إثيوبيا) لوضع خطط العمل المشترك في المجالات المائية.
وتبرِّرُ مصرُ حقَّها الثابت هذا بأنَّه عندما كانتْ بريطانيا تحتلُّ الجزء الأكبر من حوض نهر النيل وَقَّعَتْ بريطانيا - باعتبارها مسئولة عنِ السودان - مع إثيوبيا عام 1902م على معاهدة تنُصُّ بالتزام إثيوبيا بعدم القيام بأية أعمال أو مشاريعَ على منابعِ نهر النيل، مِمَّا يؤدي إلى التأثير على كَمِّيَّةِ المياه المتدَفِّقَة في النهر - إلا بعد الرجوع إلى الحكومتين البريطانية والسودانية، وتعتبر هذه المعاهدة سارية المفعول من وجهة نظر القانون الدوليّ، برغم اعتراض الحكومات الإثيوبية المتعاقبة.
مشيراً إلى أن بعض الدول غير المشاركة بحوض النيل قد سعتْ بالتَّنسيق مع إحدى أو بعض دول الحوض؛ لإقامة مشاريع على النهر من باب استثمار النهر، وعلى سبيل المثال ما حدث عام 1964م حينما استخدمت الولايات المتحدة مشروعاتِ استصلاح أراضي إثيوبيا؛ كورقة ضغط سياسي تجاه مصر في الوقت الذي كانتِ العلاقة بين أمريكا ومصر (في عهد الرئيس الراحل جمال عبدالناصر) سيئة للغاية، وفي محاولة منها للرد على مشروع السد العالي اقترحت أمريكا في الدراسة إنشاء 26 سَدًّا وخَزَّانًا؛ لتوفير مياه الرَّيِّ لإثيوبيا، وبالتالي خفض تصريف النيل الأزرق بنحو 5. 4 مليار متر مكعب، مِمَّا يعني أنها ستخلق مشكلة لمصر والسودان، وقد نفذت إثيوبيا مشروعًا واحدًا منها فقط (مشروع سَدِّ فينشا)؛ مِمَّا لم يُفْضِ إلى أيِّ نوع منَ الكوارث، أو العجز المائي لمصر.
مشروع أمريكي - صهيوني لتدويل مياه النيل
كما حذر خبير دولي من مخطط أمريكي - "إسرائيلي" يستهدف تدويل نهر النيل وإمداد إسرائيل بمياه النيل واتهم خبير المياه الدولي وأستاذ الموارد المائية بمركز بحوث الصحراء ، الدكتور احمد فوزي دياب ، الولايات المتحدة الأمريكية وإسرائيل بمحاولة شن حرب مائية مكشوفة مع مصر من خلال مخطط يستهدف تدويل مياه نهر النيل، والضغط على مصر لإمداد تل أبيب بالمياه عبر ترعة السلام في سيناء، وان "إسرائيل" كثفت من مساعيها نحو مياه النيل بعد اقتراب مواردها المائية من النفاد، وفشل مشروع أمدادها بالمياه من تركيا بعد هزيمتها في لبنان ، وقال أن الولايات المتحدة تحاول طرح فكرة نقل تخرين المياه من بحيرة ناصر إلى إثيوبيا مع تشجيع مخطط قديم يقضي بمحاولة تحويل مجرى نهر النيل في إثيوبيا وان المكتب الأمريكي لاستصلاح الأراضي يقوم بعمل الدراسات الخاصة بهذا المخطط!! وان الولايات المتحدة تطرح أيضا خطة في الجنوب من حوض نهر النيل تقضي بتحويل كل مصادر المياه في تلك المناطق لتصب في منطقة البحيرات العظمى وسط القارة كخزان عملاق للمياه على أن يتم بيعها لمن يريد كالبترول تماما، كما يمكن أيضا تعبئتها في براميل تحملها السفن أو عن طريق أنابيب، وأكد على أهمية زيادة التعاون الحكومي بين مصر ودول حوض النيل لإقامة المشروعات المائية المشتركة التي تتمثل اغلبها في تطهير المجاري المائية من الحشائش وإقامة قنوات اتصال بين البحيرات والمستنقعات لزيادة الإيراد المائي للنهر وتقليل الفاقد وهو يحقق الاستفادة مما يقرب من 60 مليار متر مكعب مياها في مناطق بحر الغزال وبحر الزراف وملكال ومستنقعات مكار ويشجع مصر للاستفادة من المياه المهدرة من خلال نهر الكونغو التي تزيد على 1000 مليار متر مكعب من المياه.
كما سبق وأن حذر عدد من الخبراء من خطورة تلاعب "إسرائيل" في بعض الدول الأفريقية، خاصة إريتريا، لتقليل حصة مصر من مياه النيل، و نفى أيمن عبد الوهاب خبير الشئون الأفريقية عن مصر تهمة إهدار مياه النيل في البحر المتوسط، وهو الاتهام الذي تردده معظم دول حوض النيل، التي ترى أن مصر المستفيد الأكبر من مياه النهر.
مشروع ترعة السلام :
في أثناء زيارته الشهيرة للقدس في سبتمبر 1979م، أعلن الرئيس المصري الرَّاحل محمد أنور السادات اعتزامه مد مياه النيل التي ستروي سيناء إلى صحراء النقب في إطار اتفاق عام للسلام بين "إسرائيل" والبلدان العربية، ومعلومٌ أنَّ الرئيس السادات كان قد استخدم فكرة مشروع "ترعة السلام" كورقة تفاوُضِيَّة لحثِّ "إسرائيل" على احترام حقوق العرب - المسلمين في مدينة القدس، ووقف النشاط الاستيطانيِّ في الضفة الغربية وغزة، والبدء في إزالة المستوطنات القائمة آنذاك، لكنَّ هذه الورقة احترقت تمامًا في لهيب الحس الوطني المصري قبل أن يتم اغتيال الرئيس السادات.
وفي عهد الرئيس محمد حسني مبارك، تجدَّدت الخطة الرئيسة لمشروع ترعة السلام في إطار منظور وطني خالصٍ لتنمية متكاملة تربط بين غرب قناة السويس والساحل الشمالي في شرقها، وتقوم بري 600 ألف فدان في سيناء على مرحلتينِ تم بالفعل الانتهاء من المرحلة الأولى منها في نهاية العام 1997م، دون أيِّ إشارة إلى اشتراك "إسرائيل" في أي حصة منَ المياه المصريَة، ونعتقد يقينًا أنَّ حصول إسرائيل على أدنى حصة من مياه النيل سوف يبقى كما بدأ، مجرد حلم "إسرائيلى" مستحيل أن يتحقَقَ تحت أي ظرف، وفي ظل أي حاكم مصري أيًا كان.
المشاريع الصهيونية لا تقف عند النيل
ولا يخفي على أحد أن "إسرائيل" مشغولة ولسنوات طويلة، بدراسات وأبحاث، وطرح أفكار، حول كيفية الاستحواذ على نصيب من مياه وأنهار المنطقة العربية، وفي مقدمتها مياه النيل ، ولم يكن قادة "إسرائيل"ومسئولوها يجدون حرجاً في إعلان حاجتهم إلى المزيد والمزيد من مصادر المياه غير المتوافرة لديهم، وكان شيمون بيريز صريحاً في ما عرضه في كتاب الشرق الأوسط الجديد الصادر عام ،1993 مؤكداً الحاجة إلى زيادات سريعة في إمدادات "إسرائيل" المائية، قائلاً إن "إسرائيل" لا يمكنها الانتظار عشرين عاماً إلى أن يتم المشروع المقترح لمد خط أنابيب من تركيا لينقل إليها ملايين الأمتار المكعبة من المياه، وشرح بيريز فكرتهم عن كيفية حل مشكلة احتياج "إسرائيل" للماء بأن يتم تحويله من مناطق الوفرة في المياه إلى مناطق الاحتياج إليها ، وقال بيريز إن أفضل مصادر المياه موجودة خارج حدود الدول التي هي أشد احتياجاً إليها، ولهذا فإن أفضل حل هو في مد خط أنابيب دولي لجلب المياه من دولة أخرى ، وقد علقت مجلة سياسة الشرق الأوسط Middle east Policy الأمريكية على كلام بيريز في دراسة لها بأن بيريز ربما يشير بذلك إلى مد خط أنابيب من مصر، مادام الخط التركي سيستغرق وقتا طويلا ، ورأت أن تحقيق ذلك يظل رهن اتفاق دولي أوسع مدى، وفي إطار ترتيبات تبدو فيها مسألة المياه وكأنها جزء من خريطة تعاون اقتصادي متعدد الأبعاد.
وعلى هذا الأساس فإن التفكير "الإسرائيلي" في السعي من أجل إطار إقليمي ودولي أوسع من دائرة العلاقات الثنائية، قائم على إمكان الوصول من خلال هذا الإطار إلى ترتيبات تتخذ شكلا لا يظهر وكأنه انتهاك للقانون الدولي، أو لاتفاقيات المياه بين دول حوض النيل. ولهذا توجد "لإسرائيل" سياسة محددة في إفريقيا ضمن أهدافها الوجود عند دول حوض النيل، سواء بعلاقات تعاون واسعة مع بعض هذه الدول، أو بإيجاد مواقع لها من خلال إثارة الفوضى، ودعم حركات تمرد ضد حكوماتها، عندئذ يكون لها نفوذ لدى المتمردين الذين قد يصل بعضهم إلى الحكم في بلاده، أو مع الحكومات التي تطلب الاستعانة بعسكريين وسلاح "إسرائيليين" لمواجهة حركات التمرد ، كما إن أطماع "إسرائيل" تتجاوز في أحيان كثيرة حدود الممكن، وهي ليست مبنية على قدرة خارقة، بل على إطلاق الخيال، وهي تتصور أن الفرصة قد تأتيها من ثغرات تظهر لها في الصف العربي، فتنفذ منها، أو من خلال جر دول العالم إلى صياغة ترتيبات تعاون إقليمي تدخل "إسرائيل" طرفاً فيها، وتبدو وكأنها ليست متصلة بموضوع المياه، ثم يتم إقحام موضوع المياه فيها، ليبدو وكأنه جاء عرضا، لكن بحيث يكون له سند قانوني توفره هذه الترتيبات ، وصحيح أن خيال "إسرائيل" الذي ينطلق بها إلى البحث عن الكيفية التي تستحوذ بها على نصيب من مياه العرب حسبما ذكر بيريز، وما هو مسجل في دراسات وبحوث "إسرائيلية" ، تتحدث عن مياه النيل على وجه الخصوص، ومع أن الواقع يجعل ذلك من المستحيلات، فإن قراءة ما في عقل "إسرائيل" تبقي مسألة ليست قليلة الأهمية، بل هي عمل ينبغي التنبه إليه بعقل مفتوح ، حيث تقوم الفكرة "الإسرائيلية" أساساً على مفهوم إعادة توزيع الثروة، أي أن تصب ثروة الدول العربية الغنية في مشروعات صناعية كبرى في "إسرائيل" ، ومثله إعادة توزيع الأنصبة في الثروة المائية، حسب منطق بيريز: من لا يملك يأخذ ممن لديه الوفرة ، وإسرائيل تريد السير في طموحاتها غير المشروعة، بالوسائل الناعمة، من خلال الوجود في إطار نظام إقليمي ما أمكن، ولو في إطار محدود، ومن خلال عقد اتفاقات تيسر لها بلوغ هذا الهدف.
وفيما يتعلق بالمشروعُ المائِيّ الصهيوني فقَدْ تَبَلْوَرَ هذا المشروع بخطوطه العريضة في خمسة بنود، وكان نتاجًا لمشروعاتٍ واقتراحات ودراسات عديدة منها (مشروع أبي ديبرس 1938م، مشروع لادورميلك 1939م، مشروع هايز 1948م، مشروع ماكدونالد 1950م، مشروع بنجر 1952م، مشروع جونستون 1953م ، وباختصار يقوم المشروع المائي الإسرائيلي - الذي نشر كدراسة متكاملة عام 1990م، وبعد محاولات عديدة لطرْحِه وتطويره منذ عام 1974م - يقوم على الأركان الأربعة التالية:
1 - تزويد الضفة الغربية وقطاع غزة بالمياه من مصادر خارجية، ويطرح المشروع النيل أو اليرموك أو الليطاني أو جميعها؛ كمصدر رئيسي خارجي.
2 - نقل مياه النيل إلى شمال النقب؛ حيثُ يَزعُمُ المشروع أنَّ كمياتٍ ضئيلةً منَ المياه بالمقياس المصري (0. 5 % من الاستهلاك) لا تشكل عنصرًا مهمًّا في الميزان المائي المصري. كما أن هناك مشروعًا مصريًّا حاليًّا لتزويد سيناء بالمياه يمكن مده.
3 - مشروعات مع لبنان تتضمن الاستغلال الكهربائي لنهر الحاصباني، ونقل الليطاني إلى إسرائيل واستغلاله كهربائيًّا.
4 - هيئة مائيَّة مُشتركة أردنيَّة - إسرائيلية للتنمية المشتركة، واقتسام موارد المياه.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.