في هذا العصر الرديء عصر الليبرالية الغربية اللااخلاقية الجديدة نتعايش على الرغم منا مع نماذج من القادة والسياسيين غريبي الأطوار، جردتهم هذه الليبرالية الكاسحة من أخلاقيات التعامل الانساني، ليس مع شعوب وأمم الدول النامية والدول الفقيرة فحسب، بل ومع شعوبهم كذلك، فمنهم "صائدو الجوائز" ومنهم "آكلوا الثوم بفم غيرهم" ومنهم "مصاصو عرق وثروات الشعوب"، وعلى رأسهم قادة ماما أمريكا وربيبتها إسرائيل. إن معظم من أشرنا إليهم من مسكونون بأوهام وأفكار العالم الأمريكي، سيئ الصيت، "فرانسيس يوكوياما" القائلة ب "نهاية التاريخ"، والتي جوهرها الحقيقي "فكرة التقدم" القائلة بانتصار الديمقراطية الليبرالية نهائياً، وظهور نسق سياسي اجتماعي يمكن ان يساعد على ترسيخ الحرية كما توهم ذلك "يوكوياما"، فكان من مخرجات هذه الأفكار تخلّق النظام المالي الدولي الجديد الذي ارتكز على "هاجس" تحرير أسواق المال في الدول النامية بسطوة حامية النظام العالمي الجديد الولاياتالمتحدةالأمريكية، والتي راح ضحيتها ابتداءً من عام 1997م عدد من دول شرق آسيا مثل تايلاند، ماليزيا، كوريا، اندونيسيا، وعدد من الدول الأخرى في العالم مثل يوغسلافيا وتركيا والارجنتين وغيرها. وفي الوطن العربي بدأت بالعراق في عام 2003م مستخدمة القوة العسكرية بغزوها، ثم استبدلتها مؤخراً بأسلوب الغزو من الداخل، أو ما اسميه "الغزو بالقوة الخفية"، والذي تمثل في اخضاع الأنظمة العربية لشروط وإملاءات "صندوق النقد الدولي" الذي تسيطر عليه الإدارة الأمريكية، ومنها القبول بالخصخصة وهذا يعني طريق البطالة ورفع الدعم عن المواد الغذائية الرئيسية، وكذلك المشتقات النفطية، وتخفيض الأجور ورفع معدلات الفائدة إلى الحد الذي يجهز على أي نمو اقتصادي لبلدانها، بعد ذلك يأتي تحريك الشارع نتاج البطالة وتردي الأوضاع المعيشية، وتحت إغراء المليارات من الدولارات التي تصرفها أمريكا على ضعاف النفوس في هذه البلدان، كما جرى ويجري حالياً. فإذا كانت الديمقراطية إرادة الشعوب الحرة والتي لا تقبل بأن تفرضه عليها أية دولة خارجية مهما عظمت قوتها، فان شعبنا اليمني ونظامه الحاكم وأحزابه المعارضة ومنظمات المجتمع المدني وشبابه مطالبون اليوم بألا يسمحوا لأمريكا وإسرائيل ان تفرض عليهم إرادتها بهذه القوة الخفية، والتي ستركع الشعب اليمني تحت أقدامها في نهاية الأمر. إن الحل لدرء خطر الاستعمار الجديد في نسخته الثانية هو الحوار والاصلاحات الوطنية والاصطفاف معاً لتجفيف منابع الفساد وإخماد الفتن، بدلاً عن الاحتجاجات وإثارة الفوضى والشغب والانسياق وراء الحماس الأعمى، والذي يحدد فيه خطط وأجندة هذا الاستعمار العلماني الخبيث المستهدف إسلامنا الحنيف وأمتنا العربية. قال الشاعر: سيف اللاجدوى يهوى ما بين الرغبة والعقل صحراء اللافعل تتمدد ما بين الرغبة والجدوى (صلاح عبدالصبور) ALi S15@ hotmail. Com