لم يكن الشيخ حميد الأحمر حصيفاً وهو يختم تناولته عن الجزء الخاص بصعدة - في برنامج "بلا حدود" من قناة الجزيرة الأربعاء الماضي - بالقول إن الحوثي وجماعته لم يواجهوا حتى الآن إلا الدولة الفاسدة!! وكما لم يكن حصيفاً في كثيرٍ مما قاله على طول الحلقة حيال مختلف القضايا الوطنية إلا أن هذه الكبوة في التبرير لتمرد الحوثي أبانت عن أن الشيخ الأحمر، وهو الذي لا يشكك في أهداف التمرد التوسعية، ليس على خلاف معها مهما استطالت آثارها العدوانية طالما والحوثي لا يقصد بها إلا الحرب على النظام القائم بمختلف مؤسساته المدنية والعسكرية!! وبالقدر الذي أظهر معه الشيخ حميد اتخاذه لمعاداة الرئيس علي عبدالله صالح منطلقاً، هو على أتم الاستعداد للتوافق فيه "حتى مع السفاحين والقتلة" فإنه بذلك يُعرّي كل ما بدر منه من تباكي على الوطن عن أية مصداقية، ويجعل من هذه الحنيّة "التي أظهرها فجأة" على من أسماهم المتظاهرين في الجنوب مثار شك وجدل كبيرين، فحميد الأحمر الذي يستقبل أنباء سقوط الشهداء من أبناء القوات المسلحة والمواطنين على أيدي تمرد الحوثي بدم بارد، لا يمكن أن يكون- بأي حال من الأحوال- معنياً بشؤون البسطاء والمظلومين.. وإذا كان على شيء من الغرابة أن يأتي بيان زعيم المتمردين- في رده على حميد الأحمر- محتداً حدّ الصراخ فإن الأمر لا يمكن فهمه إلا في إطار العلاقة بين القاتل المأجور ومن اعتاد استئجاره في حالة انحرافها عن الود الذي قد يكون من أحد أسبابه طلب المستأجر من المأجور مزيداً من عمليات القتل مع هضمه في الأجر والتقتير عليه في العطاء. ومع ملاحظه أن اللعبة في معادلة العلاقة بين القاتل المأجور ومستأجره لا تستثني القاتل المأجور ذاته من الاستهداف بقاتل مأجور آخر حينما يشب عن الطوق ويشكل تهديداً للمستأجر، أو حين تنتهي الحاجة إليه.. فإن وضع الشيخ حميد الأحمر، سواء في مقابلة خراب ما يسمى بالحراك في الجنوب أو تمرد الحوثي في الشمال، لا يبعد به عن تفاعل أطراف تلك المعادلة في المقدمات والنتائج على حدٍ سواء..