مع ولوج عام 1971م من القرن الماضي أخذت دول الخليج العربي تنال استقلالها الواحدة تلو الأخرى، وأخذ النفوذ البريطاني بالانحسار، أو هكذا تهيأ للاتحاد السوفيتي آنذاك الذي بدأ بإعداد تغيير في استراتيجيته بشأن منطقة الخليج والجزيرة العربية على ضوء الواقع الجديد الذي أخذ يسطع، وحتَّم هذا التغيير على الاتحاد السوفيتي التعميم على المرتبطين به من الدول والأحزاب إدخال تعديلات في سياساتهم تجاه المنطقة التي تعدُّ المصدر الأول للنفط في العالم. وقد لوحظ أنه منذ العام 1974م أخذ النظام الحاكم في الشطر الجنوبي من الوطن الذي كان مرتبطاً بعجلة الاتحاد السوفيتي بإدخال تعديلات في سياسته الخارجية تجاه دول المنطقة، وأخذ الاتحاد السوفيتي يعيد بناء القوات المسلحة لهذه الدولة الانفصالية الصغيرة حتى تتمكن من القيام بمهمات خارج أراضيها كما حدث عام 1977م عندما أرسل نظام عدن وحدات من قواته للقتال إلى جانب القوات الأثيوبية في حربها ضد الصومال. وفي حقيقة الأمر فإن موقف نظام عدن يومذاك لم يكن بالمستغرب فقد صرح الحاكم البريطاني في عدن قبل حصول عدن على الاستقلال في 30 نوفمبر 1967م أنه بعد رحيل بريطانيا عن عدن يجب أن يقوم فيه نظام مشاغب يحمي المصالح البريطانية في منطقة الخليج والجزيرة العربية، وقد تمثل ذلك الدور بعد الاستقلال بالتحرش والاستفزاز لدول المنطقة لارغامها على الاحتفاظ بالحماية البريطانية من التهديدات القادمة من عدن. وفي ظل الهيمنة السوفيتية عمد النظام الحاكم في عدن إلى تشكيل عدد من المكاتب السياسية تكون مسؤولة عن النشاط الايديولوجي التخريبي في دول المنطقة وعلى النحو التالي: 1. مكتب الشطر الشمالي من الوطن. 2. مكتب سلطنة عمان. 3. مكتب الخليج العربي، وضم دول الكويت والامارات والبحرين والعراق. 4. مكتب الجزيرة العربية، وكان مختصاً بالمملكة العربية السعودية. وكانت كل هذه المكاتب تعمل ضمن إطار الحزب الاشتراكي اليمني ولجنته المركزية التي أعطيت لها صلاحيات واسعة للقيام بالنشاط السياسي والايديولوجي والدعائي والتخريبي في هذه الدول بالإضافة إلى تجنيد شباب الخليج والجزيرة العربية في الداخل والخارج وتنظيم دورات عسكرية لبعضهم، كما جرى افتتاح مكتب لجبهة تحرير عمان في عدن وآخر لجبهة تحرير البحرين، وبذلك أصبحت منطقة الخليج العربي من أشد مناطق العالم اشتعالاً وأكثرها سخونة. وقد أكد قادة مجلس التعاون الخليجي في البيان الختامي الصادر عن قمتهم في الرياض في نوفمبر 1981م على ثلاث قضايا أساسية: 1. رفض دول المجلس لمحاولات القوى الكبرى التدخل في المنطقة. 2. التأكيد على ان أمن الخليج واستقراره من مسؤولية دوله. 3. التوضيح لمن لا يريد أن يفهم ان الضرورة تفرض على الجميع إبعاد المنطقة عن صراعات الدول الكبرى. ذلك كان موقف نظام عدن الشمولي المنهار من منطقة الخليج والجزيرة العربية.. فما هو دور النظام الإيراني في هذا الشأن؟!.. وكيف تحول هذا النظام عن دور شرطي الخليج إلى فزاعة تحافظ على التواجد الأجنبي في المنطقة؟!.. ذلك هو موقفنا في الحلقة القادمة.