من بوابة الملف الأمني.. إخوان اليمن يحاولون إعادة الصراع إلى شبوة    النعي المهيب..    الذهب يهبط إلى أدنى مستوى في 4 أسابيع    الشيخ الزنداني يروي قصة أول تنظيم إسلامي بعد ثورة 26سبتمبر وجهوده العجيبة، وكيف تم حظره بقرار روسي؟!    كيف تسبب الحوثي بتحويل عمال اليمن إلى فقراء؟    متهم بجريمة قتل يسلم نفسه للأجهزة الأمنية جنوبي اليمن    صحة غزة: ارتفاع حصيلة الشهداء إلى 34 ألفا و568 منذ 7 أكتوبر    رسالة تهديد حوثية صريحة للسعودية .. وتلويح بفشل المفاوضات    هربت من اليمن وفحصت في فرنسا.. بيع قطعة أثرية يمنية نادرة في الخارج وسط تجاهل حكومي    توحيد إدارة البنك المركزي في صنعاء وعدن.. خبير مصرفي يكشف عن حل مناسب لإنهاء الأزمة النقدية في اليمن    الذكرى 51 لجريمة قتل الدبلوماسيين الجنوبيين بتفجير طائرتهم في حضرموت    زيود الهضبة يعملون على التوطين في مأرب وسط ويحابون كوادرها المحلية    برفقة حفيد أسطورة الملاكمة "محمد علي كلاي".. "لورين ماك" يعتنق الإسلام ويؤدي مناسك العمرة ويطلق دوري الرابطة في السعودية    وزير الدفاع يؤكد رفع مستوى التنسيق والتعاون بين مختلف الوحدات والتشكيلات العسكرية لهزيمة الحوثيين    جماعة الحوثي تفاجأ سكان صنعاء بهذا القرار الغير مسبوق والصادم !    التعادل يحسم قمة البايرن ضد الريال فى دورى أبطال أوروبا    حزامٌ ذهبيٌّ يُثيرُ جنونَ لصٍّ: شرطةُ سيئون تُلقي القبضَ عليهِ بتهمةِ السرقةِ!    نجل الزنداني يوجه رسالة شكر لهؤلاء عقب أيام من وفاة والده    روما يسعى لتمديد إعارة لوكاكو    الحوثيون يتلقون ضربة موجعة بعد رسالة قوية من الحكومة اليمنية والقضاء    السفير السعودي يبحث مع بعثة الاتحاد الأوروبي "خارطة الطريق" ومستجدات الأزمة اليمنية    "لا تلبي تطلعات الشعب الجنوبي"...قيادي بالانتقالي يعلق على رفض مخرجات لقاء الأحزاب    شاهد...عمار العزكي يُبهر جمهوره بأغنية "العدني المليح"    انقلاب مفاجئ.. الانتقالي يوجه ضربة قوية للشرعية ويهدد بالحرب بعد يوم تاريخي في عدن.. ماذا يحدث؟    أول تحرك يقوم به أبو زرعة في عدن بعد وصول العليمي مأرب    كأس خادم الحرمين الشريفين ... الهلال المنقوص يتخطى الاتحاد في معركة نارية    دوري ابطال اوروبا: الريال يتجاوز جحيم الاليانز ارينا ويفرض التعادل امام البايرن    توجيهات واحصائية".. اكثر من 40 ألف إصابة بالسرطان في اليمن و7 محافظات الاكثر تضررا    وزير المالية يصدر عدة قرارات تعيين لمدراء الإدارات المالية والحسابات بالمؤسسة العامة لمطابع الكتاب المدرسي    الوزير الزعوري يهنئ العمال بعيدهم العالمي الأول من مايو    بالفيديو.. عالم آثار مصري: لم نعثر على أي دليل علمي يشير إلى تواجد الأنبياء موسى وإبراهيم ويوسف في مصر    برشلونة يستعيد التوازن ويتقدم للمركز الثاني بفوزه على فالنسيا برباعية    تراجع أسعار الذهب إلى 2320.54 دولار للأوقية    اختتام برنامج إعداد الخطة التشغيلية للقيادات الادارية في «كاك بنك»    بيان الرياض يدعو الى اتخاذ خطوات ملموسة لحل الدولتين وإيقاف فوري لإطلاق النار في غزة    تنفيذية انتقالي لحج تعقد اجتماعها الدوري الثاني لشهر ابريل    البكري يجتمع ب "اللجنة الوزارية" المكلفة بحل مشكلة أندية عدن واتحاد القدم    المخا ستفوج لاول مرة بينما صنعاء تعتبر الثالثة لمطاري جدة والمدينة المنورة    ماذا لو أصدرت المحكمة الجنائية الدولية أوامر اعتقال ضد قادة إسرائيل؟    يجب طردهم من ألمانيا إلى بلدانهم الإسلامية لإقامة دولة خلافتهم    السامعي: مجلس النواب خاطب رئيس المجلس السياسي الاعلى بشأن ايقاف وزير الصناعة    استشهاد وإصابة أكثر من 100 فلسطيني بمجازر جديدة للاحتلال وسط غزة    هذا ما يحدث بصنعاء وتتكتم جماعة الحوثي الكشف عنه !    بنوك هائل سعيد والكريمي والتجاري يرفضون الانتقال من صنعاء إلى عدن    لماذا نقرأ سورة الإخلاص والكافرون في الفجر؟.. أسرار عظيمة يغفل عنها كثيرون    النخب اليمنية و"أشرف"... (قصة حقيقية)    اعتراف رسمي وتعويضات قد تصل للملايين.. وفيات و اصابة بالجلطات و أمراض خطيرة بعد لقاح كورونا !    مدرب بايرن ميونيخ: جاهزون لبيلينغهام ليلة الثلاثاء    وزارة الأوقاف بالعاصمة عدن تُحذر من تفويج حجاج بدون تأشيرة رسمية وتُؤكّد على أهمية التصاريح(وثيقة)    عودة تفشي وباء الكوليرا في إب    حاصل على شريعة وقانون .. شاهد .. لحظة ضبط شاب متلبسا أثناء قيامه بهذا الأمر الصادم    القرءان املاء رباني لا عثماني... الفرق بين امرأة وامرأت    يونيسيف: وفاة طفل يمني كل 13 دقيقة بأمراض يمكن الوقاية منها باللقاحات    كيف يزيد رزقك ويطول عمرك وتختفي كل مشاكلك؟.. ب8 أعمال وآية قرآنية    - نورا الفرح مذيعة قناة اليمن اليوم بصنعاء التي ابكت ضيوفها    من كتب يلُبج.. قاعدة تعامل حكام صنعاء مع قادة الفكر الجنوبي ومثقفيه    الشاعر باحارثة يشارك في مهرجان الوطن العربي للإبداع الثقافي الدولي بسلطنة عمان    - أقرأ كيف يقارع حسين العماد بشعره الظلم والفساد ويحوله لوقود من الجمر والدموع،فاق العشرات من التقارير والتحقيقات الصحفية في كشفها    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



اليمن تنتقل إلى الحوار الأكبر .. ما هي العوائق التي وقفت امام الحوار؟ وكيف تم تجاوزها؟ وكيف استطاع هادي إدارة اللعبة؟
نشر في الخبر يوم 27 - 01 - 2014

"آن الآوان لندلف جميعاً اليمن الجديد، ولنمضي معاً للمستقبل الأفضل بلا غالب ولا مغلوب"، هكذا خاطب الرئيس هادي جموع المشاركين في الجلسة الختامية لمؤتمر الحوار الذي انتهت جلساته السبت الفائت بعد ثلاثمائة يوم تقريبا قضاها أعضاؤه وهم يناقشون ملفات الماضي والحاضر والمستقبل، كانوا قوماً شتى، وكانت القضايا كثيرة، ومثلما كانت الغايات والطموحات جامحة وكبيرة، كانت العوائق والمصاعب عديدة وقاسية.
فمنذ الثامن عشر من يناير 2013م حين صدر قرار رئيس الجمهورية بإنشاء أمانة عامة لمؤتمر الحوار الوطني، وأنظار اليمنيين ومعهم الأشقاء والأصدقاء تتجه صوب هذا المؤتمر بعين من أمل وأخرى من حذر، وسارت مجريات الحوار بأجواء وفاقية لم تخل من التجاذب والتصلب والانكماش.
انتصر الشعب أخيراً، وعلت راية الوطن في سمائه البهيج مرفرفة سامقة تزف بشرى الانتصار في شموخ وكبرياء، وتساقطت دموع الفرح من رجال أوفياء صدقوا ما عاهدوا الوطن عليه وطالما انتظروا تلك اللحظات بفارغ الصبر وعميق الانتظار.
تناسى الجميع أحقاد الأمس، ومؤامرات السياسيين الدنسة، وأفعال القتلة المأجورين، ووقفوا صفا واحداً بقلوب تنبض وطنية، وعقول ممتلئة بالإخلاص، وأرواح شفافة تهتز شوقا للمستقبل على أنغام النشيد الوطني الصادح بعبارات الولاء والاعتزاز والأمجاد والماضي التليد.
الحوار تجربة فريدة
مثل مؤتمر الحوار نموذجا متميزا للمآلات التي انتهت إليها ثورات الربيع العربي بعد ثلاثة أعوام من اندلاعها، ولايزال حتى اللحظة المصير الأفضل لجميع تلك الثورات، بيد ان الخطر والمخاوف من انحرافه وعدم الالتزام بمخرجاته لايزال قائماً، مادامت الأطراف المعرقلة والمعيقة حية تتربص بالوطن والحوار، وتحيك المؤامرات والدسائس، ولم تفتر بعد أو تضمر.
فما تحقق من نجاح باختتام مؤتمر الحوار يعد المحطة الأولى والمداميك الصلبة من مرحلة طويلة الأمد، وما ينتظره اليمنيون اليوم هو تنفيذ تلك المخرجات وترجمتها على أرض الواقع، حتى يتم الخروج من مرحلة التنظير والنصوص إلى مرحلة التنفيذ والتكوين، ومن الجلوس حول الطاولات إلى الالتقاء في الميدان حاملين فؤوس الوطنية ومعاول الحرية ومتدثرين بأهداف الثورات سبتمبر واكتوبر وفبراير لبناء اليمن الجديد، وذلك هو الحوار الأعظم والأكبر.
فقد أعاد مؤتمر الحوار الوطني للحوار قيمته بعد سنوات قضاها اليمنيون في حوار عقيم وممسوخ، مع نظام صالح السابق، وعادت إلى الواجهة مجدداً مظاهر الفخر والاعتزاز بالحكمة اليمانية كشهادة نبوية مسجلة، بعد أن فقدت ألقها وانفصلت عن كينونيتنا كيمنيين طوال العقود الثلاثة الماضية، نتيجة بروز الحكم العائلي، والاستئثار السلطوي، والاحتراب الداخلي.
كانت أبرز إيجابيات الحوار هي تلاقي اليمنيين من مختلف المشارب والتيارات والأفكار في مكان واحد، مكثوا فيه لما يقارب العام، وهم يناقشون العديد من القضايا والملفات، وتلك المدة كفيلة بإزالة الموانع النفسية التي تكونت داخل الأنفس من بعض الأطراف تجاه الأطراف الأخرى، وتفتيت كل حواجز الخوف والرهبة، وبناء علاقة جديدة قائمة على الثقة والتقارب، ولذلك لن يكون مؤتمر الحوار ناجحاً ما لم تتحقق عملياً على الأرض توصياته ومخرجاته، حتى لو أعلنت بعض القوى موافقتها على ما جاء في توصياته الأخيرة، فلدينا تجربة من اللحظات التي سبقت إعلان مؤتمر الحوار حين أعلنت بعض القوى دخولها في الحوار لكنها ظلت تعمل على تقويضه من الخارج.
نوعين من العوائق وعثرات اخرى
واجه الحوار والمتحاورون طوال فترة الانعقاد عدة عوائق وصعوبات كادت بعضها أن تعصف بالحوار وتوقف مسيرته، تلك العوائق كانت نوعين الأولى من داخل مؤتمر الحوار وتتعلق بالاختلاف حول بعض القضايا كالقضية الجنوبية وقضية صعدة وغيرها من القضايا المتصلة بطبيعة نقاشات المؤتمر، كوثيقة العزل السياسي لمن شملتهم الحصانة، وتقرير العدالة الانتقالية، والفريق المصغر لحل القضية الجنوبية، وطبيعة نظام الحكم وهوية الدولة، ووثيقة حل القضية الجنوبية، وهذه القضايا كانت خلافية من ناحية التصور للحلول ووضع المقترحات والمعالجات المناسبة، وكانت تنتهي بإعلان الانسحاب لبعض القوى ثم لا تلبث أن تعود مرة أخرى للحوار بعد التفاهم معها خاصة ممثلي الحراك و المؤتمر.
وكان واضحا أن القضية الجنوبية وشكل الدولة سيمثلان القضية الأكثر عقدة أمام المتحاورين، وهو ما تطرق إليه الرئيس هادي في الجلسة الافتتاحية الاولى للمؤتمر حين قال "إن القضية المحورية لمعالجة سائر القضايا هي القضية الجنوبية"، وتبعا لذلك فقد هيمنت القضية الجنوبية بشكل لافت على باقي القضايا داخل المؤتمر.
بالنسبة للعوائق الثانية كانت من خارج مؤتمر الحوار، وهي تلك الاحداث التي كانت تستهدف تعطيل المؤتمر وإيقاف مجرياته، من خلال استهداف أعضائه، أو إثارة العنف والفوضى، والمواجهات المسلحة التي أثارها الحوثيون في الرضمة ودماج والجوف وعمران وحجة.
وفي ثنايا هذا النوع برزت أحداث كثيرة كانت بمثابة عوائق واضحة أمام المؤتمر، على مختلف الجوانب السياسية والاقتصادية والأمنية والإعلامية، والتي نشطت بشكل ملفت طوال فترة الحوار، كالمواجهات المسلحة التي سبق الإشارة إليها، وانبعاث نشاط تنظيم القاعدة في البيضاء وحضرموت، والاعتداء على الكهرباء والنفط وكابل الألياف الضوئية، حتى وصل عدد مرات استهداف ابراج الكهرباء إلى ما يقارب الخمسين مرة طوال فترة الحوار، ومثلها تفجير أنابيب النفط، أما الاعتداء على الألياف الضوئية وكابلات الاتصالات فقد كانت جديدة كليا ولم تنشط إلا خلال مؤتمر الحوار.
ومن العوائق أيضا استهداف الضباط العاملين في الدفاع والداخلية خاصة أولئك المنتسبين لجهاز الأمن السياسي، والذين تم اغتيالهم تباعا وفي أكثر من محافظة، إضافة إلى افتعال أزمة المشتقات النفطية، وعودة ظاهرة خطف الأجانب، وكانت حادثة اقتحام مقر وزارة الدفاع الحدث الأكبر من ناحية التأثير الذي كانت ستحدثه في إعاقة الحوار، في حال كتب لها النجاح.
الإعلام التابع للنظام السابق ومن تحالف معه كان له دور سلبي في غرس الإحباط النفسي لدى المواطن من خلال التشكيك بقدرة هادي على إنجاح مؤتمر الحوار، والتقليل من شأن مخرجاته في حال نجاحه، والاستهداف الإعلامي المتواصل للحكومة والوزراء المحسوبين على اللقاء المشترك، وخلق الأكاذيب والمعلومات المضللة للرأي العام.
وفي كل الأحوال فحينما نسترجع تلك الأحداث التي واجهها مؤتمر الحوار باعتبارها عوائق، نستجلي بوضوح أن المخلوع صالح وجماعة الحوثي كانا أبرز المعرقلين لمؤتمر الحوار وسعا بوجه أو آخر إلى خلق الصعوبات وزراعة الألغام في طريقه، فصالح ورد اسمه أكثر من مرة في جلسات وتقارير مجلس الأمن عن الجهات التي تعرقل الحوار، وأشير إلى اسمه صراحة مع نائبه السابق علي سالم البيض، واتهم محللون عسكريين صالح أنه من يقف وراء سقوط الطائرات الحربية في العاصمة صنعاء.
وعلى مستوى الداخل ظل المؤتمر الشعبي العام عاملا مقوضاً للحوار ففي الثامن عشر من يونيو صدر بيان للمشترك والمجلس الوطني يتهم المؤتمر بتقويض العملية السياسية ويدعو الرئيس هادي ورعاة المبادرة الخليجية للتدخل.
اما الحوثيون فأعمالهم الارهابية والقتل والفوضى التي احدثوها باتت واضحة، ولا تحتاج لمزيد توضيح.
وينبغي الإشارة هنا أن مؤتمر الحوار وُلد وبدأ فعالياته في بيئة مشتعلة تسودها الفوضى والتوجس، فمنذ الشهر الأول لانطلاقه برزت بشكل واضح حملات تصدير السلاح إلى اليمن، وتصدرت السفن الإيرانية المحملة بالأسلحة الموقع الأول في نسبة الأسلحة التي وصلت لشواطئ اليمن واستلمها الحوثيين.
عوامل التغلب على الصعوبات
تضافرت عدة عوامل ساعدت في التغلب على الصعوبات التي واجهت مؤتمر الحوار، ومنها ضغوط المجتمع الدولي خاصة الدول الراعية للمبادرة الخليجية والاتحاد الاوروبي ومساندته للرئيس هادي من خلال البيانات العديدة التي أصدروها والمواقف التي سلكوها، فبريطانيا دعت أكثر من مرة القوى الفاعلة في اليمن إلى المشاركة في مؤتمر الحوار من دون شروط مسبقة، ومثله جاءت مواقف وتصريحات السفير الأمريكي، فقد قال في أحد تصريحاته لقناة سكاي نيوز العربية إن المجتمع الدولي يرصد بدقة تحركات صالح والبيض ولن يسمح بفشل المرحلة الانتقالية، وقوله إن نجاح مؤتمر الحوار يشكل العائق السلبي لإيران في اليمن، وفي العشرين من نوفمبر قالت مسؤولة بالخارجية الأمريكية إن واشنطن لن تتهاون أو تقبل بأي محاولة لعرقلة المرحلة الانتقالية في اليمن، وأضافت هناك عرقلة للمرحلة الانتقالية من قبل رموز النظام السابق وسياسيين انتهازيين يطمحون لتعزيز مكانتهم.
ومن تلك العوامل المسؤولية التي تحملها جمال بنعمر في مجلس الأمن كممثل للأمين العام للأمم المتحدة عن ملف اليمن، وقد لعب الرجل دورا كبيرا في ضبط إيقاع مسيرة الحوار وخلق التوازن بين كافة الأطراف، ولم يسلم رغم ذلك من الاستهداف والانتقاد، ولم تكن مواقف الرجل منحصرة على فعاليات الحوار فقط، بل إنها كانت تمتد لتشمل التحرك الدولي خارج اليمن من خلال تقاريره التي كان يرفعها لمجلس الأمن عقب كل زيارة، ووصل عدد الجلسات التي عقدها المجلس بشأن اليمن الى 4 جلسات.
ولعب تنظيم فعاليات دولية متزامنة مع مؤتمر الحوار دورا مهما في إعطاء الحوار والمتحاورين دفعاً نفسياً كبيراً، كاجتماع أصدقاء اليمن في لندن يوم السابع من مارس بمشاركة وفود 38 دولة ومنظمة إقليمية ودولية مانحة. حيث أكد الاجتماع على دعم اليمن في مختلف المجالات خلال المرحلة الانتقالية، وقال وزير خارجية بريطانيا حينها إن المجتمع الدولي سيواجه بكل حزم وقوة أي محاولات لعرقلة العملية الانتقالية باليمن، وفي السادس والعشرين من يونيو أصدر الاتحاد الأوروبي 6 توصيات حول اليمن ورحب بالتقدم المحرز من قبل مؤتمر الحوار، وفي السابع والعشرين من سبتمبر استضافت نيويورك اجتماعات أصدقاء اليمن بمشاركة أكثر من 40 دولة ومنظمة دولية مانحة، والذي دعا الحكومة والمانحين إلى مواصلة الالتزام بتنفيذ خارطة الطريق التي تمخض عنها الحوار الوطني.
ومن العوامل أيضا تآزر مختلف المؤسسات الرسمية في الدعوة لإنجاح مؤتمر الحوار، فعلى سبيل المثال ناقشت الحكومة في اجتماعها الاستثنائي يوم التاسع من مارس إجراءات مؤتمر الحوار الوطني واعتبرته الفرصة الأخيرة أمام جميع اليمنيين، كما أن أغلب الأطراف المشاركة في الحوار كانت لديها رغبة قوية بإنجاح المؤتمر وهي أغلب المكونات باستثناء مكون الحوثيين وتيار الرئيس السابق صالح.
هادي.. دور محوري فاعل
لعب الرئيس هادي دورا كبيرا في إنجاح مؤتمر الحوار، وقد أعطت له المبادرة الخليجية صلاحيات واسعة في معالجة قضايا الحوار واعتبرته المرجع الأساسي لأي خلاف ينشأ خلال مرحلة الحوار.
استند هادي في مواقفه خلال مؤتمر الحوار إلى الفعل الثوري منذ أول لحظة حين وصف مجزرة الكرامة التي صادفت يوم انعقاد مؤتمر الحوار بزلزال هز ضمير العالم أجمع، واعتبرها البذرة الأولى للحل السياسي، وانتهز هادي المناسبات الوطنية طوال العام الماضي لإرسال رسائل قوية وحساسة لخصومه، وفي نفس الوقت لأنصار الثورة وشبابها، ففي خطابه بمناسبة إعادة تحقيق الوحدة في الثاني والعشرين من مايو الماضي خاطب هادي الشباب قائلا إن الثورة الشبابية الشعبية جاءت لتصحيح مسار الثورتين 26 سبتمبر و14 أكتوبر وأمامنا فرصة تاريخية نادرة لتصحيح مسيرة نصف قرن من مسار الثورة، وكذلك فعل في خطابه بذكرى ثورة سبتمبر حين قال: أحلام شعبنا تحولت إلى كوابيس بتصدر المشاريع الصغيرة للأولويات وبروز ملامح الحكم العائلي، أما في خطابه بمناسبة ذكرى ثورة اكتوبر فقد أكد هادي أن العودة إلى الوراء كارثة، وقال: التأريخ لن يرحم من يؤثرون مصالحهم على مصالح الوطن وتنفيذ مخرجات الحوار من مهامنا المستقبلية.
وبمناسبة عيد الجلاء 25 فبراير الذي هدد فيه معرقلي التسوية بمحاكمة دولية ويهاجم قنواتهم الإعلامية في الداخل والخارج، ومحاكمتهم في محكمة الجنايات الدولية، وهو نفس التصريح الذي أعاده في الثاني من مارس 2013م حين هدد معرقلي المرحلة الانتقالية بمحاكمتهم في محكمة الجنايات الدولية.
أما تصريحات هادي التي أطلقها من حين لآخر فقد عكست شخصيته وساهمت في توضيح الكثير من القضايا للراي العام، ففي العاشر من أكتوبر أثناء حضوره حفل تخرج دفعات جديدة من الكليات العسكرية قال: إن ما تحقق من مبادرة الخليج يمثل رسالة واضحة لمن يعيشون وهم عودة التأريخ للوراء، وخاطب عناصر التخريب أكثر من مرة قائلا: رهاناتكم خاسرة وأعمالكم الهمجية لن تعيق التسوية السياسية.
هادي استند أيضا إلى دعم المجتمع الدولي وإلى المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية فقد قال في حفل افتتاح الجلسة العامة الثانية: لاعودة إلى الوراء وتطبيق مبادرة الخليج مفتاح التغيير، وعندما قرر مجلس النواب استدعاء وزراء حكومة باسندوة ألغى هادي هذا الإجراء وقال إنه مرجعية لأي خلاف بموجب مبادرة الخليج، وينبغي أن نشير هنا إلى أن إعلان مؤتمر الحوار سبقه انعقاد جلسة مغلقة لأعضاء مجلس الأمن مع رئيس الجمهورية في صنعاء بحضور بنعمر والزياني في السابع والعشرين من يناير 2013م.
وكان للقرارات التي أصدرها هادي في المؤسسة العسكرية والمدنية سواء تلك التي سبقت مؤتمر الحوار، أو التي صدرت أثناء انعقاد المؤتمر تأثير كبير في التهيئة لمؤتمر الحوار وإثبات جديته في التغيير، كتلك القرارات التي صدرت في العاشر من ابريل بشأن هيكلة القوات العسكرية وتعد الأقوى والتي شملت إعادة تشكيل وتسمية المناطق العسكرية وتعيين قياداتها وتكوين مستشارية القائد الأعلى للقوات المسلحة والتعيين فيها والإعلان عن تحويل مقر الفرقة الأولى مدرع إلى حديقة 21 مارس.
ومن ذلك ايضا إصدار بعض القرارات المتعلقة بحل المظالم السابقة كالقرارات الجمهورية التي قضت بإعادة ضباط وجنود من التقاعد إلى الخدمة وإنشاء صندوق جبر الضرر لضحايا الانتهاكات، والقرار الجمهوري بإنشاء صندوق لرعاية أسر شهداء وجرحى ثورة 11 فبراير الشبابية والحراك السلمي الجنوبي، وجاء قرار الاعتذار من الحكومة والرئاسة عن الحروب السابقة التي شنها النظام السابق ليساعد في حلحلة المواقف المتصلبة التي أبدتها بعض القوى.
ولم يتوقف الأمر عند هذا الحد فقد بذل الرئيس هادي جهودا كبيرة لإنجاح المؤتمر من خلال التحركات واللقاءات التي كان ينظمها من وقت لآخر، ففي التاسع والعشرين من يونيو عقد هادي اجتماعا استثنائيا مع رئيس مجلس النواب ورئيس الحكومة وهدد بكشف ملفات الفساد المرتبطة بالنظام السابق، وفي التاسع من يوليو دعا هادي إلى ترشيد الخطاب الإعلامي ويحذر معرقلي التسوية والتغيير بطوفان الغضب الشعبي.
وفي الأول من سبتمبر عقد هادي اجتماعا استثنائيا لرئاسة هيئة الحوار الوطني وقادة الأحزاب والمكونات السياسية ولجنة التوفيق، وفي الرابع عشر من سبتمبر عقد الرئيس هادي اجتماعا استثنائيا مع هيئة رئاسة مؤتمر الحوار، وفي السابع عشر من سبتمبر التقى الرئيس هادي سفراء الدول العشر الراعية للمبادرة الخليجية وهاجم معرقلي التسوية السياسية.
وفي الخامس من اكتوبر اجتمع هادي بهيئة رئاسة مؤتمر الحوار حيث جرى تحديد موعد الجلسة الختامية وأقر العزل السياسي لمن شملتهم الحصانة، وفي الثالث والعشرين من أكتوبر رأس اجتماعا استثنائيا لمجلس الوزراء وأكد أن المركزية لم تعد مقبولة وكانت أحد اسباب ثورات الربيع العربي، وفي الثاني والعشرين من ديسمبر اجتمع الرئيس باللجنة المصغرة للقضية الجنوبية والقيادات السياسية ورئاسة مؤتمر الحوار.
وإضافة إلى ذلك سعى هادي إلى احتواء الأطراف التي أبدت تمنعا من المشاركة في الحوار كالحراك الجنوبي ولقائه مع فصائله يوم الثالث من مارس 2013م، وترغيبه الأطراف السياسية بضرورة المشاركة في الحوار وأن المؤتمر يمثل فرصة تاريخية أمام اليمن لن تتكرر والعالم إلى جانبنا في أسلوب لم يسبق له مثيل، وأكد خلال تلك اللقاءات أن القضية الجنوبية واقعية ولا نريد من أحد أن يزايد بمعاناة أبناء الجنوب.
ولذلك أصبح هادي هو المرجع الأساسي والأخير للمتحاورين، ففريق بناء الدولة أقر إحالة مقترح لجنة التوفيق بشأن نظام الحكم إليه، وكذلك فريق العدالة الانتقالية الذي رفع تقريره النهائي إليه بعد فشل التصويت عليه، وفريق بناء الدولة الذي رفع قضيتي مصدر التشريع وهوية الدولة إلى الرئيس هادي.
وخلال مؤتمر الحوار زار هادي كلا من روسيا وقطر والسعودية وأمريكا والصين والكويت، وعلى مستوى الداخل زار محافظات عدن والحديدة وسقطرى.
* سكرتير تحرير أسبوعية الناس
[email protected]


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.