من (همفر) الى البترودولار بريطانيا والوهابية وصناعة الانقسام    واشنطن ترسل 10 طائرات مقاتلة إلى بورتوريكو وسط تصاعد التوتر مع فنزويلا    صحيفة امريكية تكشف عملية سرية فاشلة لواشنطن في كوريا الشمالية    الأمم المتحدة تعلن ارتفاع عدد موظفيها المحتجزين لدى سلطات صنعاء    تغيّر لون المياه في مدينة الحديدة مصحوبًا برائحة كريهة    ابين.. استهداف دورية لقوات الانتقالي في مودية    "ميناء ينبع" .. في ذاكرة التاريخ بوابة للغزاة !    أمسية للجانب العسكري بمحافظة إب بذكرى المولد النبوي الشريف    عشرات الشهداء بغارات على غزة والاحتلال يصعد بقصف الأبراج السكنية    بالالاف .. صنعاء تكشف عدد المفرج عنهم خلال اسبوع .. (قائمة)    اسعار الذهب ترتفع لمستوى قياسي جديد اليوم الجمعة    هيئة الآثار تطلق موقعها الإلكتروني الرسمي (goam.gov.ye)    مليشيا الحوثي تختطف أكاديميا بارزا أثناء زيارته لوالده في منطقة الحوبان بتعز    اللواء المهدي يبارك نجاح الاحتفال بذكرى المولد النبوي في محافظة إب    انتشار وباء الحصبة في إب وسط تكتم المليشيا    الوحدة التنفيذية تدعو إلى توفير مأوى للنازحين بمأرب    تفاصيل الهجوم الإرهابي بمودية وقواتنا الجنوبية تهاجم معاقل الارهاب    احباط محاولة إنشاء أول مصنع لإنتاج المخدرات في محافظة المهرة    من عدن إلى أبوظبي.. منحة إماراتية تفتح آفاق المستقبل لطلاب الجنوب المتفوقين    ضمن استراتيجية بناء جيل متسلح بالعلم.. 100 طالب وطالبة يبتعثهم المجلس الانتقالي للدراسة في الخارج بدعم من دولة الإمارات    المَنَحُ الإماراتية ومحاولات إثارة الفتنة    تأهل الأوروغواي وكولومبيا والباراغواي إلى نهائيات كأس العالم 2026    وزارة الاقتصاد تطلق مبادرة خيرية لمرضى المستشفيات بمناسبة المولد النبوي    ميسي يعلن غيابه عن مباراة الإكوادور    10 علامات تحذيرية تدل على انسداد الشرايين وتهدد صحتك    حادث مروري مروع في أبين يخلف وفاة وسبعة جرحى من أفراد اللواء الثالث دعم وإسناد    مجتمع حضرموت يحمّل بن حبريش مسئولية قطع الكهرباء    الربيزي: سينهزم القابعين في الزوايا المظلمة ولن تنطفئ فرحة الجنوب    الملخص الأسبوعي لتحركات فريق التوجيه والرقابة الرئاسي ورئيس انتقالي حضرموت    لقاء تنسيقي بعدن يضع ضوابط صارمة على حركة الغاز للحد من عمليات التهريب    ترقب يمني لعودة الأمطار في هذه المحافظات    للمعاندين: هل احتفل الصحابة بالمولد بعد موت النبي عليه الصلاة والسلام    اليمن يواجه عمان في نصف نهائي كأس الخليج للشباب    تصعيد عسكري وتوتر سياسي في لبنان مع مناقشة حصرية السلام    الصمود والمواجهة: إرادة تصنع النصر    الرأس الأخضر تقترب من المونديال.. وليبيا تتمسك بالأمل    بجزائية هالاند.. النرويج تكسب فنلندا تجريبيّا    وفاة طفلين يتيمين في ظروف غامضة بمحافظة إب    بعد 25 عاما.. ليفي يودع رئاسة توتنام    الشجن قتل العجوز.. الوزير الوصابي: تصريح أم كلام نسوان    رئيس الهيئة العليا للإصلاح يعزي إبراهيم الحائر في وفاة والده    الشرق الأوسط بين مؤامرة "الكيان الصهيوني الكبير" وصمود محور المقاومة    البيت الهادئ يدعو للقلق .. قراءة في تجربة طه الجند    القيصر    فريق التوجيه والرقابة الرئاسي يطلع على جهود مكتب التجارة والصناعة في لحج    الصقر والرشيد ...قمة مبكرة تشعل ربع نهائي بطولة بيسان    لماذا قال ابن خلدون العرب إذا جاعوا سرقوا وإذا شبعوا أفسدوا    حلاوة المولد والافتراء على الله    مدينة الحب والسلام (تعز)    المنتخب الوطني للشباب يتأهل لنصف نهائي كأس الخليج    تراجع طفيف في الاسعار بعدن رغم تحسن قيمة العملة الوطنية    بدء صرف معاش شهر إبريل 2021 للمتقاعدين المدنيين    كهرباء عدن ترفع عدد ساعات الانطفاء والمواطن ينتظر    حل طبيعي .. شاي أعشاب يثبت فعاليته في السيطرة على سكر الدم    التكدس في عدن وإهمال الريف.. معادلة الخلل التنموي    انهض ايها الجبل    تحذيرات من تزايد وفيات الحصبة والكوليرا بتعز    اكتشاف يعيد فهم ممارسات طب الأسنان القديم    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



من ضياع الجولان... إلى ضياع سوريا
نشر في الخبر يوم 11 - 04 - 2017

كشفت الضربة التي وجهتها الولايات المتحدة إلى النظام السوري أن دونالد ترامب ليس أسير العلاقة مع روسيا، إضافة بالطبع إلى أنّه ليس باراك أوباما الذي كان أسير العلاقة مع إيران وملفّها النووي.
كشفت الضربة أيضا أن روسيا تعيش في عالم آخر لا علاقة بحقيقة ما يدور في سوريا. هناك صورة لسوريا في مخيلة الرئيس فلاديمير بوتين والمحيطين به تختلف كلّيا عن سوريا الواقع. لولا ذلك، لما قرّرت روسيا بكل بساطة أن تكون عدوا للشعب السوري. انضمّت إلى النظام الأقلّوي وإلى الميليشيات المذهبية التابعة لإيران في عملية تهجير الشعب السوري من أرضه وإجراء تغييرات في العمق على التركيبة السكانية السورية عبر طريقتين. الأولى المساهمة في تدمير المدن الكبيرة، أو تطويقها، بصفة كونها مدنا سنّية، والأخرى ربط مناطق حدودية سورية مع مناطق يسيطر عليها "حزب الله" في لبنان. أي مع المناطق التي تتشكّل منها دويلته، التي هي أقوى من الدولة اللبنانية، وذلك خدمة للمشروع التوسّعي الإيراني.
الأخطر من ذلك كلّه، أن اللغة الخشبية التي يستخدمها وزير الخارجية الروسي سرغي لافروف أو المندوب الروسي في الأمم المتحدة، تشير إلى أن الاتحاد السوفياتي، الذي شبع موتا، بُعث من جديد في العام 2017، أي بعد ربع قرن على انهياره وانكشاف أنّه لم يكن يوما سوى نمر من ورق. ما الذي فعله الاتحاد السوفياتي لسوريا باستثناء تحويلها إلى دولة ديكتاتورية تحكمها عصابة همّها الأوّل والأخير استرضاء إسرائيل؟ من يتحمّل مسؤولية توريط سوريا – البعث، التي سلّمت الجولان على صحن من فضّة إلى إسرائيل، لجمال عبدالناصر في حرب الخامس من حزيران يونيو 1967؟
ضرب الأميركيون حيث يجب أن يضربوا. استهدفوا بصواريخ "توماهوك" القاعدة الجوّية في الشعيرات، قرب حمص، التي انطلقت منها الطائرة التي قصفت أهل خان شيخون، بما في ذلك النساء والأطفال، بالسلاح الكيميائي.
لم تمض ساعات على الضربة الأميركية حتّى بدأت كل الأطراف التي تُعتبر جزءا لا يتجزّأ من الحرب الدائرة على الأرض السورية تعيد حساباتها. بدأت إيران تتحدّث عن مزيد من التنسيق مع روسيا، وبدأت روسيا تستنجد بإسرائيل باعثة بإشارات إيجابية إلى بنيامين نتانياهو. استعادت تركيا حماستها في التصدي للنظام السوري بعد فترة طويلة بدت فيها مجرّد تابع لروسيا.
كانت صواريخ "توماهوك" ال59 كافية لتغيير قواعد اللعبة في سوريا ولكن إلى متى؟ هل ضربة مطار الشعيرات مؤشر إلى سياسة أميركية طويلة النفس تجاه سوريا والمنطقة تعيد كلّ طرف فيها أو خارجها إلى حجمه الحقيقي، بما ذلك إيران ذات الطموحات التي لا حدود لها، فضلا بالطبع عن روسيا التي سمحت لنفسها بان تتصرف كقوّة عظمى؟
يبدو أن روسيا لم تأخذ علما بانتهاء الحرب الباردة. صارت تعتقد أن سوريا ملك لها، إلى أن جاء من يقول لها أنّه لم يعد في استطاعتها أن تفعل ما تشاء ساعة تشاء بمجرّد أنها أخذت في الاعتبار مصالح إسرائيل. دخلت الولايات المتحدة اللعبة السورية من بابها الواسع في ظلّ إدارة جديدة مازالت في مرحلة بلورة سياستها الشرق الأوسطية.
الملفت أنّه في مقابل الخطاب الروسي المنفصل عن الواقع السوري، هناك خطاب أميركي واضح كلّ الوضوح يصدر عن نيكي هايلي مندوبة الولايات المتحدة لدى الأمم المتحدة. تضع هايلي النقاط على الحروف عندما تذكّر بمسؤولية إيران وروسيا عن الجرائم التي يرتكبها النظام السوري. فروسيا ضمنت في نهاية المطاف الانتهاء من ترسانة السلاح الكيميائي السوري بعد استخدامه صيف العام 2013 وتراجع باراك أوباما عن توجيه ضربة كانت كفيلة بالقضاء على النظام. وروسيا غطت بعد ذلك إلقاء البراميل المتفجّرة على المدنيين السوريين، فيما كانت الميليشيات المذهبية التابعة لإيران تنفّذ عمليات تطهير ذات طابع مذهبي، خصوصا في دمشق وعلى طول الحدود اللبنانية – السورية. وروسيا تدخلت مباشرة في مطلع أيلول – سبتمبر 2015 كي تمنع سقوط النظام. وروسيا وراء تدجين تركيا وجعلها شريكا في الحرب على حلب التي انتهت بعودة النظام إلى المدينة أواخر العام الماضي.
لعلّ أهم ما قام به دونالد ترامب هو الاستهزاء ب"الفيتو" الروسي في مجلس الأمن. عندما وجد أن المندوب الروسي يعمل كلّ شيء من أجل كسب الوقت، وجه الضربة إلى المطار العسكري السوري.
ما يشجّع على بعض التفاؤل بالموقف الأميركي ليس بداية استيعاب إدارة ترامب لحقيقة أن لا حرب ناجحة على الإرهاب "الداعشي" من دون القضاء على إرهاب النظام السوري والميليشيات المذهبية التابعة لإيران فقط. هناك عملية إعادة تشكيل للإدارة الأميركية الجديدة، بعيدا عن أولئك المنظرين أصحاب الأفكار الغريبة، لمصلحة عسكريين محترفين يعرفون جيدا ما هو النظام السوري وما هي إيران وما الذي تفعله في العراق وسوريا ولبنان... واليمن وحتّى البحرين.
ليس صدفة أن ستيف بانون، الذي كان كبير منظري الإدارة، وُضع على الرفّ عشية قرار توجيه الضربة إلى قاعدة الشعيرات. لم يعد سرّا أن الإدارة الأميركية أعلمت روسيا بالضربة قبل حصولها مؤكدة بذلك أنّها لا تريد صداما مباشرا معها في سوريا. لكنّها أكدت في الوقت ذاته أنّها صارت لاعبا أساسيا في بلد يعاد تشكيله. لم يعد سرّا أيضا أن هناك صعودا لنجمي وزير الدفاع جيمس ماتيس ولجنرال آخر هو مستشار الأمن القومي هربرت ماكماستر. كذلك، هناك حضور أقوى لقادة الأجهزة الأمنية في صنع القرار الأميركي.
ماتيس وماكماستر يعرفان سوريا والعراق عن ظهر قلب، ويعرفان جيّدا دور النظام السوري وإيران في التحريض على الأميركيين في العراق، وذلك بعد وصول قادة ميليشيات مذهبية إلى السلطة في بغداد على ظهر الدبابة الأميركية. يعرفان، خصوصا، من وراء "داعش" ومن أطلق إرهابيين من السجون العراقية والسورية لخلق حالة يظهر من خلالها النظام السوري أنّه يحارب الإرهاب، علما أنّه مشارك أساسي في صناعة التطرّف والإرهاب بكلّ أشكالهما.
ثمّة ميل إلى التفاؤل بدور أميركي أفضل في المنطقة. لكنّ هذا التفاؤل يبقى حذرا، لا لشيء سوى بسبب تعقيدات الوضع السوري. على روسيا المتحالفة مع إسرائيل إيجاد صيغة للتعاون مع إيران. على تركيا التي ارتبطت بمصالح مع روسيا إيجاد طريقة لإعادة العلاقات الجيدة مع الولايات المتحدة التي تراهن في الوقت ذاته على الأكراد. يحصل كلّ ذلك في وقت صار الوجود العسكري الأميركي ثابتا في سوريا والعراق وفي وقت تعاني روسيا وإيران من أزمة اقتصادية عميقة جعلت منهما دولتين مفلستين.
الثابت أن النظام السوري، في عهد الأسد الابن، يبدو وكأنّ المدّة الافتراضية لصلاحيته صارت في حكم المنتهية بعدما أدّى المطلوب منه. أي تحوّل سوريا إلى مناطق نفوذ أميركية وروسية وإيرانية وتركية وإسرائيلية. يأتي ذلك في وقت تقترب فيه الذكرى الخمسون لاحتلال إسرائيل الجولان في مرحلة كان فيها الأسد الأب وزيرا للدفاع في سوريا – البعث قبل أن تتحوّل إلى سوريا الأسد!
من سوريا الأسد الأب، إلى سوريا الأسد الابن... في خمسين عاما، ضاعت سوريا بعدما ضاع الجولان.
│المصدر - العرب


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.