تصفيات كأس العالم 2026 - أوروبا: سويسرا تتأهل منطقيا    الجاوي ينتقد إجراءات سلطة صنعاء في التعاطي مع التهديدات التي تواجهها    الشهيد أحمد الكبسي .. وعدُ الإيمان ووصيةُ الخلود    فراغ ، حياة وتجربة ناصرية    حلف قبائل حضرموت يصطدم بالانتقالي ويحذر من غزو المحافظة    قراءة تحليلية لنص "في المرقص" ل"أحمد سيف حاشد"    أمن مأرب يحبط مخططاً حوثياً جديداً ويعرض غداً اعترافات لأفراد الخلية    في رحلة البحث عن المياه.. وفاة طفل غرقا في إب    مُحَمَّدَنا الغُماري .. قصيدة جديدة للشاعر المبدع "بسام شائع"    الدفتيريا تغلق مدارس في محافظة شبوة    الدفتيريا تغلق مدارس في محافظة شبوة    أدميرال أمريكي: معركة البحر الأحمر كشفت هشاشة الدفاعات الأمريكية والإسرائيلية    حكم قرقوش: لجنة حادثة العرقوب تعاقب المسافرين ومدن أبين وتُفلت الشركات المهملة    تجربتي في ترجمة كتاب "فضاء لا يتسع لطائر" ل"أحمد سيف حاشد"    وقفة مسلحة لأحفاد بلال في الجوف وفاءً للشهداء وإعلانا للجهوزية    رئيس الوزراء بيدق في رقعة الشطرنج الأزمية    الرئيس الزُبيدي يُعزّي العميد الركن عبدالكريم الصولاني في وفاة ابن أخيه    الأمم المتحدة: إسرائيل شيدت جداراً يتخطى الحدود اللبنانية    سعر برميل النفط الكويتي يرتفع 1.20 دولار ليبلغ 56.53 دولار    إعلان الفائزين بجائزة السلطان قابوس للفنون والآداب    اكتشاف 570 مستوطنة قديمة في شمال غرب الصين    حلف الهضبة.. مشروع إسقاط حضرموت الساحل لصالح قوى خارجية(توثيق)    خطورة القرار الاممي الذي قامت الصين وروسيا باجهاضه امس    شبوة أرض الحضارات: الفراعنة من أصبعون.. وأهراماتهم في شرقها    اختتام بطولة 30 نوفمبر لالتقاط الأوتاد على كأس الشهيد الغماري بصنعاء    هيئة مكافحة الفساد تتسلم إقراري رئيس الهيئة العامة للاستثمار ومحافظ محافظة صنعاء    بوادر تمرد في حضرموت على قرار الرئاسي بإغلاق ميناء الشحر    أمن العاصمة عدن يلقي القبض على 5 متهمين بحوزتهم حشيش وحبوب مخدرة    لحج تحتضن البطولة الرابعة للحساب الذهني وتصفيات التأهل للبطولة العالمية السابعة    انتشال أكبر سفينة غارقة في حوض ميناء الإصطياد السمكي بعدن    دائرة التوجيه المعنوي تكرم أسر شهدائها وتنظم زيارات لأضرحة الشهداء    يوم ترفيهي لأبناء وأسر الشهداء في البيضاء    وسط فوضى عارمة.. مقتل عريس في إب بظروف غامضة    مجلس الأمن يؤكد التزامه بوحدة اليمن ويمدد العقوبات على الحوثيين ومهمة الخبراء    خطر المهاجرين غير الشرعيين يتصاعد في شبوة    وزارة الأوقاف تعلن عن تفعيل المنصة الالكترونية لخدمة الحجاج    مدير مكتب الشباب والرياضة بتعز يطلع على سير مشروع تعشيب ملاعب نادي الصقر    "الشعبية": العدو الصهيوني يستخدم الشتاء "سلاح إبادة" بغزة    الأرصاد: أجواء باردة إلى شديدة البرودة على المرتفعات    بيريز يقرر الرحيل عن ريال مدريد    تنظيم دخول الجماهير لمباراة الشعلة ووحدة عدن    فريق DR7 يُتوّج بطلاً ل Kings Cup MENA في نهائي مثير بموسم الرياض    معهد أسترالي: بسبب الحرب على اليمن.. جيل كامل لا يستطيع القراءة والكتابة    ضبط وكشف 293 جريمة سرقة و78 جريمة مجهولة    وديا: السعودية تهزم كوت ديفوار    توخيل: نجوم انكلترا يضعون الفريق فوق الأسماء    محافظ عدن يكرّم الأديب محمد ناصر شراء بدرع الوفاء والإبداع    المقالح: من يحكم باسم الله لا يولي الشعب أي اعتبار    الصين تعلن اكتشاف أكبر منجم ذهب في تاريخها    نمو إنتاج المصانع ومبيعات التجزئة في الصين بأضعف وتيرة منذ أكثر من عام    الإمام الشيخ محمد الغزالي: "الإسلام دين نظيف في أمه وسخة"    الحديدة.. مليشيا الحوثي تقطع الكهرباء عن السكان وتطالبهم بدفع متأخرات 10 أعوام    وداعاً للتسوس.. علماء يكتشفون طريقة لإعادة نمو مينا الأسنان    عدن.. انقطاعات الكهرباء تتجاوز 15 ساعة وصهاريج الوقود محتجزة في أبين    جراح مصري يدهش العالم بأول عملية من نوعها في تاريخ الطب الحديث    اليونيسيف: إسرائيل تمنع وصول اللقاحات وحليب الأطفال الى غزة    قيمة الجواسيس والعملاء وعقوبتهم في قوانين الأرض والسماء    الشهادة .. بين التقديس الإنساني والمفهوم القرآني    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



المختطف «جمال المعمري» شاهدٌ حي على وحشية الحوثيين وما يدور في غياهب سجونهم واقبيتهم السرية «حوار»
نشر في الخبر يوم 06 - 04 - 2018

أكثر من ثلاث سنوات قضاها الشيخ القبلي جمال المعمري في سجون جماعة الحوثيين بصنعاء ذاق خلالها صنوفاً من التعذيب انتهت بتحويله إلى كتلة لحم غير قادر على تدبر شؤونه.
نيرقد مشلولاً فاقداً للقدرة على الحركة في مقر إقامته الجديد بمدينة مارب (شرق العاصمة صنعاء)، بعد أيام من الإفراج عنه من سجون الحوثيين بصفقة تبادل، بعد الفترة التي قضاها جمال وغيره من المختطفين في السجون بالسنوات، بينما ومن خلال الاستماع إلى التعذيب الوحشي الذي مر به والمعاملة غير الإنسانية، هي أكثر من ألف ومئة يوم بل أكثر من (26400) ساعة ألم وقهر وتعذيب مرت عليه كوابيس ثقيلة ومرعبة.
في السطور التالية يروي المعمري رحلة الألم بما استحضر من تفاصيلها :
الحوار:
* كيف بدأت قصة اختطافك؟
– اختطفت من فندق في صنعاء وكنت مع إحدى زوجاتي، وكنت متوجهاً في اليوم التالي الى نهم للمشاركة في عزاء، بتاريخ 13/ 3/ 2015 الساعة 12 ليلاً.
* إلى أين نقلت بعدها؟
– أخذوني الى خلف المستشفى اليمني الألماني (شارع حدة)، كان نحو 50 حوثي متجمعين في انتظاري وكان شخص يدعى «المرتضى» يقول: «أهلا بنصرة المظلومين، وأهلا بنصرة المستضعفين، أهلاااا بقول الحق ولو كان مراً.. ».
* هذه عبارات مدونة في صفحتك بالفيس بوك؟
– نعم، كان قد حفظها، وزاد قال: «أخيرا، الشيخ جمال المعمري في قبضة أنصار الله». بعدها أخذوني الى بيت علي محسن (سيطروا عليه عقب اجتياحهم صنعاء)، بمجرد وصولي، بدأوا بسحلي في الدرج، والضرب المباشر بأعقاب البنادق واستمريت على هذا الحال حتى أغمي علي، ولم أشعر إلا وأنا في مستشفى الشرطة في اليوم التالي الساعة الثامنة صباحا، كانت الدماء تملأ ملابسي، وقد أصابوا فقرات العنق وأصبت بجروح خطيرة.
أسعفوني الى المستشفى لأنه كان قد أغمي علي ويظنون أني مت، ولما تأكدوا أني لم أمت أعادوني الى منزل «علي محسن»، وأنا لا أستطيع الحركة.
واستمروا في تعذيبي ثمانية أيام متتالية، وأنا بلا نوم، ولا شيء سوى التعذيب، التعذيب بوحشية لا مثيل لها لا ما شاهده العالم في سوريا ولا في أي مكان آخر.
* ما طبيعة التعذيب الذي كنت تتعرض له؟
– في الثمان الساعات الأولى ضرب وركل ولا أدري بالكثير مما حدث، لأني دخلت في حالة إغماء نتيجة الضرب على مؤخرة الرأس وعلى العمود الفقري، وبعدها استمر الضرب بأسلاك الكهرباء «الكيبلات» وإحراق لبعض الأعضاء من جسمي.
هذه القدم (قدمه اليسرى التي يشير لها) أحرقوها حتى تناثر لحمها، عندما كان يحرقها قلت له: «تعشى ويهنأ»، قال: ماذا قلت؟ قلت له رأيتك تحرق رجلي حسبتك جائع تريد أن تأكل، هذا الفعل ما سمعنا عنه الا في بورما.. فغضب مني وجاء ب «الدريل» وثقب في فخذي ثقبين، سيبينها الطب الشرعي. وبعدها بدأوا بتعذيبي ب«المدكى».
* كيف؟
– يربطك على كرسي ويضع «المدكى» في حضنك، ويشد يديك للنهاية، ويربط رجلك للخلف، ويضعك بوضعية تشبه الحلزون، وضعية تصيب العمود الفقري، وبعدها خذ نصيبك من الركل والضرب، ومعظم الضرب على مؤخرة الرأس.
أنا قاموا بشدي بشكل عنيف حتى فصلوا لي عصب اليد والرجل اليسرى، من شدة التعذيب كنت أفقد الوعي كثيراً، وكنت غالباً أصحو فأجد الدماء تتدفق مني.
من طرق التعذيب أنه يحرمك من النوم، ويتعاقب عليك مسلحون ليسوا بمحققين يطلب منك كل فرد أن تعطيه سيرتك الذاتية، ولو لأربعين مرة، لا زم تكررها.
من التعذيب أنهم لا يسمحون لك بدخول الحمام إلا ومعك مرافق يشاهدك وأنت تقضي حاجتك، وهذا واحد من أسباب ميلي الى الإضراب عن الطعام.
*متى حدثت الإصابة؟
– أصبت في اليوم الأول في ساعات التعذيب الثمان الأولى، بسبب الضربات المتتالية في مؤخرة الرأس والعمود الفقري، والتي أدت الى الإغماء والى الإصابة بشلل طرفي ارتخائي، الشلل النصفي الذي تراه.
وكنت أعيش الى ما قبل 5 أشهر حالات غيبوبة بشكل يومي تستمر ل5 أو 6 ساعات، نتيجة للتعذيب. وشاهد ذلك أطباء كثر كانوا مختطفين منهم الدكتور الجنيد، والدكتور معتز السوري. وغيرهم كثير.
* من هم الأشخاص الذين يقومون بالتعذيب.. من أين هم؟
– من قاموا بتعذيبي والتحقيق معي معظمهم من صعدة (معقل الجماعة الحوثية).
* لم كل هذه الوحشية ضدك تحديدا؟
– الوحشية ضد الجميع، معي شخصيا كانت أسئلتهم متخبطة جداً، وتنوعت تهمهم، منها تهمة أني ناشط وأدير مواقع إخبارية وأنشر مواد ضد ثورتهم، ومنها أنني قيادي في الثورة الشبابية، ومنها أنني عندما أصبت وسافرت للعلاج في القاهرة كانت تجرى معي لقاءات تلفزيونية وأتحدث عنهم.
اتهموني أيضا بأن لي علاقة في الإبلاغ عن السفينتين الإيرانيتين «جيهان 1/ جيهان2» وأنني مخبر وأعمل في جهاز عسكري، والتقيت بالسفيرة البريطانية، وأعمل لصالح علي محسن وفي القصر الجمهوري وأعمل لصالح أولاد الأحمر وخاصة حمير، وأني أرعى مجموعات قتالية لمواجهتهم، وأني في مارب حرضت المواطنين في خطبة جمعة أن يخرجوا إلى مخيم السحيل لقتال الحوثيين، وهلم جرا من هذه التهم، حتى انهم اتهموني أن لي دور في الثورة المصرية ضد مبارك، وسألوني لم سافرت لبنان والتقيت خالد مشعل.
* وكيف كنت ترد عليهم؟
– قلت لهم إنه بعد ما رأينا التهجير الذي حصل والذي يشبه ما حدث في فلسطين عام 1948، رأينا نفس الوضع ورأيناكم أسوأ منهم، لم تتركوا لأحد مجالا للعيش بكرامة، وبعدها بدأتم باجتياح القرى والمدن وتريدونا أن نسكت! ما تركتم لنا مجال.
لذلك تحدثنا وقلنا الحقيقة. حتى النساء داخل عمران أهنتوهن، بلا قيم ولا أخلاق ولا أعراف ولا دين، لم تتركوا مساجد ولا شجر ولا حجر الا وآذيتموه ثم أتيتم الينا وقلتم نحن المذنبون نحن المجرمون، أصبحنا نحن المجرمون وأنتم الضحية!
* كم استمر هذا الوضع؟
– استمر 13 يوماً إلى أن جاءت عاصفة الحزم.
* بعدها ما الذي حدث؟
– بدأت عاصفة الحزم، تركوني مقيداً وهربوا، ولم أكن أدري ما الذي يحدث خارجاً، كنت أسمع مضادات الطيران عرفت أن هناك طيران يقصف.
* ولكن، من الذي يقصف؟ كيف عرفت خبر العاصفة؟
– وقت الفجر رجع أحد المحققين، وسألته: ما الذي حدث؟ قال أمريكا و«إصرائيل» يقصفون اليمن، قلت له: ما موقف القوى السياسية بما فيهم الاصلاح؟ قال: كلهم يدينوا ويستنكروا، وهذا لتعرف ان احنا على ثقافة قرآنية لذلك هم ضدنا.
بعدها تركوني في غرفة بالبدروم، لا تصلها الشمس رائحتها معفنة وكريهة، ثم جاؤوا بمضاد الطيران ليضرب من جوار النافذة، ما جعلني اعيش أسوأ أيامي، أصواتها لا تتوقف وبسببها لا زالت أذني اليمنى تؤلمني ولا زلت أستخدم العلاج حتى اليوم. كانت أياماً أسوأ من أيام التعذيب.
في اليوم التالي جاؤوا وحققوا معي، ثم جاؤوا بأوراق يريدوني أن «أبصم» عليها، فرفضت إلا بعد أن أقرأها، فقالوا سنبصمك رغماً عن أنفك.
وفعلاً بصموا من خلفي بعض الأوراق، فقطعتهن، فأتوا ب«هراوة» وضربوني. ثم جاء آخرون وقالوا: الليلة سننهي معك، طمنوني أن أهلي بخير وأطفالي، وأن زوجتي التي حرموني من وداعها ليلة خطفي – تم نقلها الى بيت الأهل، سألوني تلك الليلة أيضا، عن جيهان1 وجيهان2، وعن مصير الإيرانيين الذين كانوا على متنهما، واتهموني أني كنت مصدر للرئاسة وووو، الكلام يطول في هذا الباب.
* ما هي قصتك مع جيهان 1 وجيهان2؟ ولماذا كانوا يسألونك عنهما؟
– لا علاقة لي بهما، هم اتهموني ببلاغات، لا أدري من أين جاؤوا بها. لم يدلوا بأي أدلة، فقط كل يوم تهمة. في اليوم الخامس عشر، جاؤوا بأوراق وفيها أيضاً أني عميل للشيخ حمير الأحمر، وعلي محسن، والشهيد القشيبي.. قلت لهم هؤلاء أبناء بلدي وأنا شيخ ولي علاقات، كنت أذهب والتقي بهم مثل كل المشايخ.
قال: ضروري تبصم.. فبصمت لهم، وقلت: بلوها واشربوا ماها. والله هذا ما قلته لهم.
* بعد ذلك، الى أين تم نقلك؟
– نقلوني بعدها إلى مبنى الأمن القومي في صرف (منطقة تتبع مديرية بني حشيش شمال شرق العاصمة صنعاء).
* كم مكثت هناك؟
– حوالي سنة وثلاثة أشهر، في زنزانة شبه انفرادية، لا هواء ولا كهرباء إلا 4 ساعات في اليوم، ولا شمس، كان ممنوع علي الخروج ورؤية الشمس أنا واثنين أو ثلاثة من بين بقية السجناء.
* متى التقيت بالدكتور الجنيد؟
– التقيت به هناك في سجن الأمن القومي في «صرف»، بعد 5 أشهر من انتقالي إلى السجن، وكانوا يتعمدون ألا يراني أحد خصوصاً جلال الشرعبي (صحفي مختطف) الذي كان في زنزانة بجواري ولا يعلم عني شيئا، لكن أثناء غياب المناوبين الرسميين قام بعض الجنود المبتدئين بنقل «الجنيد» الى زنزانتي. وكان له الفضل بعد الله في أني خرجت من الزنزانة للشمس، بعد أن قال لهم أن بقائي سيسبب لي الكساح وتستاء حالتي، وقال لهم ان إصابتي بسبب التعذيب وليست بسبب جلطة، هم خافوا وأعطوه ورقة وقالوا له: اكتب تقرير خطي، فكتب تقريراً شجاعاً قال لهم فيه: أنا عبد القادر الجنيد، فحصت الضحية المختطف، ووجدت على جسمه آثار التعذيب وتأكد لي من خلال الفحص السريري أن المريض يعاني من شلل طرفي ارتخائي.
عندها قالوا له: اكتب وعلى مسؤوليتي التامة.
فكتب لهم: وأنا أتحمل مليون دولار إذا كان التقرير مغايرا للواقع، بعدها استمر الجنيد 11 شهراً في الاختطاف، وأخشى أنه طالت مدة سجنه بسببي. خلال سنة وثلاثة أشهر هناك.
* ما الذي كنت تفعله داخل السجن، ما الذي يفعله السجين؟
– ما الذي أفعله! مرمي هناك، جثة هامدة.
* هل رأيت أحداً تعرفه داخل السجن؟
– تعرفت على الكثير من بينهم شخص في السفارة الأمريكية يدعى الدكتور «معتز السوري» درس في اليمن واشتغل مع منظمة أمن السفارات، والأمريكي مارك الذي خرج في جنيف 2، والعديد من اليمنيين غيرهم الكثير.
* هل يوجد هناك مختطفين غير يمنيين؟
– هناك الكثير، من بينهم حتى يهود.
* هل عانى أحد مثلما عانيت؟
– هناك الكثير ممن تعرضوا للتعذيب حتى الموت، منهم الأمريكي «جون» وهناك يمنيون تعرضوا للتعذيب حتى الموت، أتحفظ على ذكر أسمائهم لأن أقارب لهم لا يزالون في المختطف.
بعد سنة وثلاثة أشهر نقلونا إلى مبنى آخر في صرف بالقرب من المبنى السابق، مبنى جديد فيه شاشات تبث قنواتهم فقط، ومن يدخل فيه لا يرى الشمس نهائيا، رأيت فيها أناس لهم من سنة وأكثر لم يتعرضوا للشمس.
* كم كان عدد السجناء؟
– في السجن الجديد أكثر من 100، وفي القديم 28 زنزانة تضم نحو 160 سجيناً. أو أكثر.مما حدث في المبنى الجديد أنهم استخدمونا كدروع بشرية، وكانوا يجندون ويدربون في مبان بالجوار، جندوا كتائب، ولم يتنبه لها الطيران الا بعد شهرين الى ثلاثة أشهر، فقام بضرب المباني كلها الا السجن، فقام الحوثيون بتلغيم السجن وحاولوا تفجيره ليتهموا الطيران، لكن شخصاً من محافظة ذمار كان يعمل محامياً، وكان معنا بالسجن.
وكان بعض السجناء قد كسروا باب المخزن فوجدوا هناك في المخزن هاتفاً أرضياً واتصلوا بأصدقاء لهم، والأخيرين اتصلوا بمنظمات من بينها الصليب الأحمر وقنوات فضائية، الأمر الذي منع الحوثيين من تفجير السجن. لكنهم استهدفونا بطريقة أخرى.
* كيف؟
– قاموا بنزع الألغام وأمروا كل الناس بالخروج للصالة، وأغلقوا الأبواب، وأطلقوا قنابل الغاز المسيل للدموع في مكان لا نافذة فيه، عانينا الاختناق كثيرا، وفي ضحايا كثر سقطوا.
* تقصد أنهم سقطوا في حالة إغماء؟
– حالات إغماء كثيرة وحالات وفاة، حيث أنهم بعد ذلك أمروا من لم يغمى عليه من المختطفين بنزع الملابس والجلوس في الصالة، وقام المسلحون بإطلاق النار الى داخل السجن من جميع الاتجاهات.
ضربونا ضرب لو أقول لك 20 ألف طلقة أكون قللت. استشهد أناس كثير بمن فيهم شريك فارس مناع شيخ من صعدة يدعى «الحسوي» كان بالقرب مني وطلب مني أن أربط له مكان الإصابة، ولم أستطع لكوني مشلول.
* كم عدد القتلى؟
– ما أعرفه أنا ما بين الثلاثة إلى السبعة، غير المصابين الذين أخرجوهم من عندنا ولم نعرف عن مصيرهم شيئا.
* ثم ما الذي حدث بعد ذلك؟
– جاؤوا الينا وقاموا بإخراجنا من السجن على أساس أنهم من الصليب الأحمر، ونقلونا إلى مبنى الأمن السياسي، وصلنا هناك استقبلونا بالركل والإهانات بمجرد دخولنا المبنى، وشاهدت بعيني شخصاً جريحاً اسمه «سالم» كان مصاباً بطلق ناري في فخذيه، كان يصيح من الألم، وطلب منهم معالجة الجرح، فقالوا له: تعال نعالجك، فقاموا بضربه في مكان الإصابة الجرح ب«الهراوة» أربع أو خمس ضربات، والله رأيت الدماء تطير منه الى مسافة. بوحشية لا يفعلها اليهود.
* كم مكثت في سجن الأمن السياسي؟
– حوالي سنة وسبعة أشهر.
* وهل كان التعذيب مستمراً خلال هذه الفترة؟
– نعم مستمر، خصوصا الدور الأسفل منا الدور الأول، هناك كنا نسمع أصوات السلخ والتعذيب بشكل دائم. كانت الأصوات تؤلمنا.
* هل عرفتم من الذي كان مسجوناً هناك؟
– نعم، الدكتور يوسف البواب ومن معه، ال36 الذين يحاكمونهم. حدثني أشخاص انتقلوا الى عندنا أن الدكتور البواب كسر ضلعه، وتلقى ضرباً في كليته حتى إنه بال دما، تلقوا التعذيب ليعترفوا زورا أن 36 شخصا اشتركوا في عبوة ناسفة واحدة انفجرت فقتلت حوثيا واحدا!
* أنتم هل تعرضتم للتعذيب مجددا؟
– نعم، أنا تعرضت للتعذيب أربع مرات، منها مرة طلبت السماح لأهلي بزيارتي لأني كنت ممنوعاً دون الكثيرين، فقاموا بضربي أكثر من 80 ضربة، حتى أشرفت على الهلاك، وكنت أنزف الدماء من كل جسمي، من أخمص قدمي حتى رأسي، وكان الصحفي يحيى الجبيحي حاضراً وشاهداً على هذا، وكثيرين آخرين. في الليل جاؤوا إلي وأعطوني علاجاً استمريت عليه 3 أيام حتى خفت حالتي.
* هل يمكن أن تذكر لنا أبرز الحالات التي تعرضت للتعذيب هناك؟
– أعتذر عن ذكر الأسماء.
* أنت أضربت عن الطعام، كم استمر هذا الإضراب؟
– استمر ألف وسبعة وستون يوما. من فترة ألف ومائة وأربعة عشر يوم اختطاف، منها نحو 8 أشهر قضيتها داخل الأمن السياسي على الأكسجين «تنفس صناعي» وانخفض وزني إلى نحو 40 كجم. يعني أصبحت هيكل عظمي.
* متى رفعت الاضراب؟
– بعد أن سمح لي بالزيارة، قبل عام من الآن، ودخلت الأغراض من أهلي الذين يأتون لزيارتي.
* ماذا عن الطعام في السجون؟
– كلها سيئة، ليس هناك تغذية بمعناها، لا تحصل على اللحوم ولا النشويات البروتينات، فقط قليلا من «مرقة البطاطا» والفول الذي لا تميزه هل هو مرقا أم فول. سيئة للغاية. حتى الأكسجين كان على حسابي الشخصي، من فلوس يرسلها أهلي.
* كيف عاشت أسرتك خلال فترة بقائك في السجن؟
– عاشت أوضاعاً صعبة، ولم أكن أريد إعلامهم بحالتي، حتى إن إحدى زوجاتي لم تر حالتي حتى الآن، لكن كانت تصلهم بعض الأخبار من مختطفين يفرج عنهم.
* استمريت في سجن الأمن السياسي حتى الإفراج عنك؟
– نعم.
* كيف تم الإفراج عنك؟
– قبائلي وأصحابي من أبناء نهم، تمكنوا من أسر «قنديل» حوثي من السلالة، فلاحظت أن طريقة التعامل معي تغيرت، وجاء يحيى الحوثي لزيارتي، وكان يقول لي: أنت انسان غالي ونحن لسنا من فعل بك هذا، هناك من اختطفك وفعل بك هذا قبل أن تنتقل إلينا بعد «العدوان» وقال: هل قصرنا معك في شيء منذ انتقلت الينا؟ أنا لم أتحمل أي جدل، قلت له: لا، أعتقد أنهم بعد المؤتمر الصحفي ستبث المسيرة هذا التسجيل.
* من كانوا يتهمون باختطافك؟
– لا أحد، هي فقط واحدة من ألاعيبهم الإعلامية، هم يعرفون أني كنت داخل الزنزانة أنشط من محقق، وان لدي الكثير من التفاصيل لما حدث ويحدث داخل سجونهم، ويعلمون أني سأقول للعالم ما يدور فيها، لذلك قاموا بعمل هذا.
* ما الذي تريد إضافته؟
– طبعاً، تم نهب سيارتين ومبالغ مالية وجنبيتين إحداهما غالية الثمن ثمنها ما بين 200 الى 300 الف سعودي، وصورها لا تزال معي، وحوالي 13 آلي بعضها لمحافظ صنعاء طرحها في قضايا قتل كنت محكماً فيها، وذخائر وأثاث، وجاؤوا بصموني بالقوة اني استلمتهن.
* وهل بالفعل استلمتهن؟
– لا.. بالأمس اتصلوا بي يساوموني على ألا أتكلم وهم سيعطونني حقي، قالوا إنهم لا زالوا يجمعون هذه الأشياء وسيرسلونها لي بشرط ألا أتكلم. فقلت لهم: الموعد مغرب شمس غد مالم فلا أريدها.
* رسالة أخيرة ؟
– نحن على الطريق، لن نميل ولن نتراجع عن مواجهة هذه الجماعة السلالية الظلامية كل بما يستطيع، والنصر حليفنا ولا شك بإذن الله.
│المصدر - المصدر أونلاين


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.