السعوديّة وأمريكا توقّعان صفقة أسلحة بقيمة 142 مليار دولار هي الأكبر في التاريخ    عقد أول جلسة لمحاكمة سفاح صرف    ميلان يواجه بولونيا في نهائي كأس إيطاليا غدا    الخيال المستبد: صناعة الطغيان بسطوة الخيال المسموم    "البكري" يستقبل السفيرة البريطانية "شريف" ويبحثان سبل التعاون ودعم الشباب    إنتخاب اللاعب طه المحاقري رئيساً للجنة الرياضيين باللجنة الأولمبية اليمنية    مناقشة أوجه التعاون بين وزارة النفط والمركز الوطني للوثائق    وزير النقل يعلن جهوزية مطار صنعاء لاستقبال الرحلات    مصر تستعيد 25 قطعة أثرية من واشنطن    برعاية وزير الأوقاف.. وكالات الحج والعمرة تقيم اللقاء السنوي مع الحجاج في العاصمة عدن    حكيمي رابع مغربي يتوج بجائزة أفضل لاعب أفريقي بالدوري الفرنسي    تراجع العقود الآجلة الأميركية مع ترقب المستثمرين لبيانات التضخم    البغدادي يكشف عن اخفاء قسري لمحامي في صنعاء ويطالب بالاسراع في كشف مصيره    مليشيا الحوثي تختطف عمال محلات تجارية ك"رهائن" لإجبار أصحابها على دفع جبايات    الداخلية المصرية توجه ببحث شكاوي اليمنيين والافراج عن الموقوفين وبكري يطالب بمساواتهم والسفارة تبدو ملكية اكثر من الملك    اعتقال 132 مهاجراً قبالة سواحل اليمن    مركز نهم الجمركي يحبط محاولة تهريب كمية من الزبيب الخارجي    مقتل 3 نساء في رأس الخيمة    هيئة البث الإسرائيلية: الأسير عيدان ألكسندر يرفض مقابلة نتنياهو    المكسيك.. مقتل شخص وإصابة اثنين في حادث سقوط منطاد    البعثات الطبية الصينية في وادي حضرموت    وزير داخلية مصر يصدر أمرا ببحث شكاوى اليمنيين والافراج عن المحتجزين    كفى عبثًا!!    علماء يحققون اكتشافا مذهلا عن الأصول الحقيقية لليابانيين    ألونسو يطلب صفقات لترميم دفاع الريال    نقابة الصحفيين والإعلاميين الجنوبيين تتضامن مع الصحفي عدنان الأعجم    تدشين دليل الخدمات المرورية في مركز الإصدار الآلي الموحد    الحكومة اليمنية تحظر المظاهرات دون ترخيص مسبق    بقايا وطن..    نعم للمسيرات السلمية المنضبطة.. لا للفوضى    الترب: بحكمة أبناء اليمن سنتجاوز تدخلات دول العدوان    عودة الهدوء إلى طرابلس بعد اشتباكات أودت بحياة عسكريين منهم ضابط كبير    "اليونيسيف" تطلق مبادرة للحد من نقص التغذية في اليمن    المناخ الثوري..    اللواء ناصر رقيب يشيد بإنجازات القوات الخاصة في مأرب    وصول أول دفعة من ستارلينك إلى عدن تمهيداً لتوفير الإنترنت الفضائي بالمناطق المحررة    فتاوى ببلاش في زمن القحط!    تأملات في التأمل    الاعلام الاخضر يحذر: "شجرة الغريب" التاريخية في تعز على شفير الانهيار "تقرير علمي يكشف الاسباب والعوامل ويضع المعالجات"    اللجنة الأولمبية اليمنية تجري انتخابات الطيف الواحد للجنة الرياضيين        وزيرا الخارجية والنقل وأمين رئاسة الجمهورية يطلعون على أعمال الترميم بمطار صنعاء    قراءة نقدية في كتاب موت الطفل في الشعر العربي المعاصر .. الخطاب والشعرية للدكتور منير فوزي    النفط يرتفع بعد محادثات تجارية بين الولايات المتحدة والصين    الكشف عن شعار كأس العالم للناشئين 2025    هندي يهاجم وزير المالية بصنعاء ويطالبه التعامل بمساواة    بن بريك لن يستطيع تنفيذ وعوده التي تحدث عنها لصحيفة عكاظ السعودية    اكتشاف رسائل سرية مخفية على مسلة مصرية في باريس    وداعاً...كابتن عبدالله مكيش وداعاً...ايها الحصان الجامح    نساء عدن: صرخة وطن وسط صمت دولي مطبق.!    صبحكم الله بالخير وقبح الله حكومة (أملصوص)    حقيقة استحواذ "العليمي" على قطاع وادي جنة5 النفطي شبوة    أمريكا.. وَهْمٌ يَتَلَاشَى    مرض الفشل الكلوي (4)    البرنامج الوطني لمكافحة التدخين يدشن حملة توعوية في عدن تحت شعار "فضح زيف المغريات"    شركات أمنية رافقت نساء المنظمات والشرعية يوم أمس    تسجيل 17,823 إصابة بالملاريا والأمراض الفيروسية في الحديدة منذ بداية 2025    - كيف ينظر وزير الشباب والرياضة في صنعاء لمن يعامل الاخرين بسمعه اهله الغير سوية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ثورات الربيع العربي بين المصالح والمفاسد
نشر في الخبر يوم 30 - 03 - 2014

انطلقت أولى ثورات هذا الربيع من تونس ثم امتدت إلى مصر وليبيا واليمن وسوريا ونجحت ظاهراً في بعض هذه البلدان واخفقت في بعضها ، واستبشرت الشعوب العربية بهذه الثورات وظنت أنها المخلص الوحيد لها من الدكتاتوريات الجاثمة على صدورها من عشرات السنين ، غير أن ما حدث كان خلاف ذلك ولا شك ، أن هذه الثورات نجحت نوعا ما في إزاحة بعض هؤلاء الدكتاتوريين من الحكم ، وقضت تماماً على نظام التوريث الذي كانوا يعدون له ، ويهيئون الشعوب له وأوجدت هامشاً من الحرية لم تكن تحلم بها بعض الشعوب إلى درجة أنها خرجت عن المألوف وأخيراً من المصالح في هذه الثورات أنها أبرزت الإسلاميين كقوة في المجتمع لا يستهان بها وجاءت ببعضهم إلى سدة الحكم ولو إلى فترة قصيرة ، لكن هل هذه المصالح وغيرها مما لم يحضرني كافٍ في الدلالة على نجاح هذه الثورات ؟ للجواب على هذا السؤال وأتركه للقراء ، أستعرض المفاسد التي نتجت عن هذه الثورات ليستخلص القارئ الذكي الجواب بعد ذلك ، فمن هذه المفاسد على وجه العموم :
1- قتل عشرات الآلاف من الناس من قبل الأنظمة الدكتاتورية السابقة في سبيل الحفاظ على حكمها .
2- بقاء تلك الأنظمة في جميع مفاصل الدولة وإن كان سقط رأسها – تدير شئون الحكم وتمسك بزمام الأمور مما يعرف بالدولة العميقة – .
3- وجود الفوضى الأمنية التي تتسع وتضيق من بلد إلى آخر .
أما المفاسد في هذه الثورات على وجه الخصوص .. ففي مصر :
1- القضاء على ثورة 25 يناير بانقلاب عسكري وعودة النظام البوليسي السابق بل عودته أشد مما كان .
2- قتل ثمانية آلاف أو أكثر من المعتصمين في ميداني رابعة والنهضة رجالاً ونساء وأطفالاً وحرق جثث بعضهم .
3- سجن خمسة وعشرين ألفاً أو أكثر من الدعاة وغيرهم من الأبرياء .
4- إيقاف جميع القنوات الإسلامية .
5- إعلان جماعة الإخوان المسلمين جماعة إرهابية ومصادرة جميع مقراتها وممتلكاتها .
6- مصادرة جميع المؤسسات والجمعيات الخيرية التي تكفل آلاف الفقراء وتنشر الخير في جميع ربوع مصر .
7- الغاء الدستور السابق في عهد مرسي الذي حاز على الأغلبية الشعبية وعمل دستور آخر علماني .
8- تجميد أرصدة كثير من الدعاة والعاملين في الحقل الإسلامي .
9- الحاق كل المساجد والزوايا بوزارة الأوقاف والتشديد عليها وإزاحة الخطباء المؤيدين للثورة وتعيين آخرين مكانهم .
10- التضييق على حركة حماس في غزة وغلق معبر رفح وتدمير جميع الأنفاق التي كانت شريان حياة لأهل غزة ، وغلق مكاتب حماس في مصر ، والعمل جار لتوصيفها حركة إرهابية .
11- الغاء مشروع قناة السويس الذي أعدته حكومة هشام قنديل في عهد مرسي والذي سيدر دخلاً مقدراً للبلاد يزيد على مئة مليار دولار سنوياً .
إلى غير ذلك ، أما في ليبيا ففوضى أمنية غير مسبوقة حيث لا تزال الجماعات المسلحة التي شاركت في إزاحة حكم القذافي تحتفظ بسلاحها الثقيل وتسيطر على مناطق من البلاد ، وتسيطر على موانئ تصدير البترول وتصدره لحسابها الخاص وما حادثة السفينة الكورية الشمالية عنا ببعيد ، ولا يزال النظام السابق كذلك عميقاً في أجهزة الدولة .
وأما في تونس وإن كانت أحسن حالاً من غيرها إلا أن النظام السابق لا يزال ممسكاً بأجهزة الدولة الدنيا وكذلك عملوا دستوراً علمانياً ثم إنه لم يتغير الوضع العام عما كان عليه في عهد ابن علي سوى في اتاحة الحرية الدينية التي كان النظام السابق مضيقاً فيها على الناس .
وأما في سويا مأساة القرن فلا تسأل عن أحزانها وجراحها وألآمها فقد مضى على الثورة الحالية فيها ثلاث سنين ولم تحرز أي تقدم يذكر ، وإذا أحرزت تقدماً في جهة ، أحرز النظام تقدماً في جهة أخرى بل قد يتقدم أحياناً في بعض الجهات التي تسيطر عليها المعارضة ثم أنظر إلى آثار هذه الحرب التي لا أفق في الظاهر لنهايتها أكثر من 150 ألف قتيل و 9 ملايين نازح ولاجئ وأكثر من 70% من البيوت والمدارس والمصانع والمستشفيات وغير ذلك من البنى التحتية مهدم إضافة إلى الحصار الشديد لبعض المناطق مما أدى إلى موت العشرات جوعاً والضرب بالكيماوي والبراميل المتفجرة وصواريخ سكود ثم ماذا بعد ؟ لا حل في الأفق قريباً المعارضة تصر على موقفها مع عدم قدرتها على الحسم ، والنظام يصر على موقفه مع عدم قدرته على الحسم والنتيجة هي استمرار هذه الحرب سنوات أخرى قيل إنها عشر سنوات وذلك حتى تتضاعف المأساة وينهك أحد الطرفين والمتوقع أنه المعارضة ثم بعد ذلك لعله أن يأتي الحل إما بالتقسيم أو التدخل أوالمصالحة .
أما في اليمن فلا تقل المأساة فيها عن مثيلاتها في البلدان الأخرى حيث إن نظام علي صالح لا يزال :
1- يسيطر على أكثر من 90% من أجهزة الدولة سواء في الحكومة ، أو البرلمان أو مجلس الشورى أو المحافظين أو غير ذلك من المؤسسات الحكومية أو المدنية .
2- قام النظام السابق بإحداث فوضى أمنية على مستوى البلاد تتمثل في السيطرة على الحرس الجمهوري بكامله ويقال انه لا يزال تحت إمرة أحمد على إلى الآن ما يقارب من أربعين الفاً من الحرس وبهذا العدد كانت يهدد العاصمة والمعارضين له ، وانتشرت في هذه الفترة الاغتيالات لكبار الضباط وبعض المعارضين والتقطعات القبلية والهجومات المسلحة على الوزارات والسجون إلى غير ذلك من الاختلالات .
3- دخل النظام السابق في تحالف مع الحوثيين وسلمهم جميع المعسكرات السابقة للجيش أو الحرس في شمال اليمن بجميع معداتها الثقيلة مما أصبح لهذه الحركة قوة لا يستهان بها وأصبحت خطراً على اليمن كله ولا أدل على ذلك من أن هذه الحركة استطاعت أن تتسلل إلى ضواحي صنعاء وتحاصرها من جهة همدان ( الشمال ) ولولا أن ذلك تم بخيانات وتحالفات لم يتم لهذه الحركة هذا التوغل المريب .
4- تفاقم الحراك المسلح الجنوبي وأعمال القاعدة خلال هذه الثلاث السنوات مما يدعو للشك والريب .
5- تفاقم أعمال التخريب التي طالت أنابيب النفط وأبراج الكهرباء وغيرها مما كلف الدولة مليارات الريالات وقد أشارت إحصاءات وزارة الكهرباء أنه تم أكثر من 200 اعتداء على خطوط الكهرباء وأبراجها خلال 3 أعوام كلف أكثر من 52 مليار ريال .
6- التآمر على اليمن ووحدته وشريعته من خلال مؤتمر الحوار الوطني الذي أدت مخرجاته إلى ما يلي :
1- إلغاء المرجعية العليا للكتاب والسنة وجعل الشريعة مصدر التشريع بدل أن كانت في الدستور السابق مصدر جميع التشريعات ولولا أن في هذه الصيغة المعدلة مدخلاً لمصادر تشريعية أخرى لأبقوا عليها كما هي في الدستور السابق .
2- إقرار حرية المعتقد أي حرية الكفر والردة مما يترتب عليه إلغاء حد الردة وسائر الحدود الأخرى .
3- قسموا البلاد إلى ستة أقاليم لكل إقليم دستوره وحكومته وبرلمانه ، وهذا يعني تقسيم البلاد إلى ست دول لأن الإقليم شبه مستقل عن الدولة المركزية يبرم العقود ويستورد ويصدر ويستقبل دون الرجوع إلى المركز وهذا أول الطريق إلى الاستفلال خاصة وأنهم أعطوا الشعب حق تقرير المصير .
4- الالتزام بميثاقي الأمم المتحدة والجامعة العربية والعمل بالإعلان العالمي لحقوق الإنسان والمواثيق والمعاهدات الدولية التي صادقت عليها اليمن وملاءمة جميع التشريعات والقوانين مع هذه المواثيق وهذا معناه إلغاء المرجعية العليا للكتاب والسنة والالتزام بالكفر لأن هذه المواثيق والإعلانات لحقوق الإنسان قائمة على خمسة أمور جميعها مناقضة للشريعة الإسلامية وهي : إلغاء حق الإسلام في التقنين والمساوة بين الناس جميعا مسلمهم وكافرهم وذكرهم وأنثاهم ، والحرية الدينية ، والحرية الشخصية لكل فرد ، والعدالة الاجتماعية التي لا تعني العدل الذي جاء به الإسلام وإنما من منظور علماني أو اشتراكي .
5- فرض الكوتا النسائية في جميع الحياة العامة والخاصة .
6- حظر قيام أي حزب على أساس ديني .
7- منع الزواج المبكر للنساء دون سن 18 سنة وتجريم ذلك .
8- إعطاء النساء الحق في ممارسة الرياضة والتزام الدولة بدعمها .
فهذا بعض ما حققته ثورات الربيع العربي من مصالح وما اشتملت عليه من مفاسد وأترك الحكم فيها للقارئ الفطن في ضوء القواعد الشرعية التي تقول : درء المفاسد أولى من جلب المصالح ، ولا ضرر ولا ضرار ، وإذا تعارضت مفسدتان روعي أعظمها ضرراً بارتكاب أخفهما ، والضرر لا يزال بمثله ، ولا يعني هذا أني أقف مع الأنظمة السابقة فالذي يؤيد هذه الأنظمة هو مجرم مثلها ولكني أطرح هذه القضية من منظور المصالح والمفاسد وهل أخذت هذه الثورات بالأسباب الشرعية لنجاحها أم لا ؟.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.