يخوض الجيشُ منذ يومين مواجهات مسلحة مع عناصر تنظيم القاعدة، التي تلوذ بمراكز حصينة في كل من محافظتي شبوةوأبين، وفي بعض مديريات مأرب والبيضاء، ويبدو من سير المعركة، أن هذه العناصر اكتسبت خبرةً واسعةً في القتال، وتُحسن في استخدام المخابئ لنصب الكمائن، مما يؤثر على خط الإمداد العسكري الذي يسلكه الجيش ومعداته ومؤنه. الجيش يخوض هذه المعركة نيابة عن الشعب اليمني، ويستحق من الشعب، ليس الفُرجة، بل المساندة بكل أشكال المساندة بما في ذلك التأييد والدعاء، والإيمان بأن المعركة التي يخوضها الجيش، هي موجهة فعلاً ضد أحد أخطر المهددات التي تعترض مسيرة شعبنا اليمني نحو الدولة الاتحادية والتغيير والبناء والاستقرار والسلام. التحية المستحقة للجان الشعبية في محافظتي أبينوشبوة على الجهد المساند الذي تقدمه للجيش والأمن في هذه المعركة الفاصلة، وهو جهد متصل بجهود جبارة وعظيمة قدمتها هذه اللجان، في المعارك السابقة التي أدت إلى إنهاء إمارة القاعدة في زنجبار والعديد من مديريات محافظة أبين. اليوم تابعت ما كتبته الصحف والمواقع الإليكترونية، هناك تغطية واسعة للمعركة ضد القاعدة، ولاحظت تفاوتاً في أساليب التغطية. ففي حين تتماهى بعض الصحف والمواقع الإليكترونية مع الموقف الوطني، مساندة للجيش وللمعركة التي يخوضها تماماً مثلما تفعل الصحافة في البلدان المتقدمة، نجد أن بعض الصحف والمواقع الإليكترونية، خصوصاً تلك التي يتم تمويلها من المال السياسي للفلول الذين ما يزالون جزءاً من السلطة، تصطف للأسف ضد الجيش وتنال من معنوياته على نحو ما فعلت صحيفة (اليوم اليمن)، التي تؤذي اليمن مرتين: مرة لأنها تحمل اسمه ومرة لأنها تفيض في محتواها بما يؤذي اليمن ويتناقض مع مصالحه. هذه الصحيفة نشرت صورة احتلت معظم صفحتها الأولى، وتظهر جنوداً محتجزين في سيارة تابعة لتنظيم القاعدة، وما أعتقد أن الجيش يحتاج إلى هذا النوع من التعريض الرخيص والمبتذل، ولكنها صحيفة غلبتْ على صاحبها شقوتهُ وحقدهُ وانعدامُ بصره وبصيرته. الجيش اليوم يخضع لقيادة عسكرية عُليا لا تخونه، بل تسانده، وتقف مخلصة وراءه، لم يعد هذا الجيش يُطعن في الخاصرة أو يُضرب من الخلف كما كان يحدث في المعارك التي شهدتها صعدة ضد عصابة مسلحة خطيرة أخرى في شمال غرب البلاد، هي العصابة الحوثية المسلحة. ما من تجاوزات مقصودة، تقف خلف بعض الصعوبات التي واجهها الجيش في مسار المعركة التي خاضها بالأمس مع عناصر تنظيم القاعدة الإرهابي، ليست إلا عوامل وأسباب تقنية وتكتيكية، وبالتأكيد، هذه المعركة ستكسبه خبرات جديدة في التعامل مع عصابات بهذا القدر من العنف والمراس. إن المعركة التي تجري اليوم في جنوب البلاد ضد القاعدة، هي اختبار جديد لإرادتنا الوطنية، فالتهديد لا يأتي فقط من تنظيم القاعدة، الذي لم يعد تنظيماً متماسكاً كما كان، بل أصبح دكاكين للبيع والشراء وللإيجار، أصبح عصابات مسلحة، تتوزع على العديد من مراكز القوى في داخل البلاد وخارجها، ويسيرها أكثر من جهاز مخابرات. إن عناصر القاعدة بتشكيلاتها العديدة والمتنوعة الولاءات والانتماءات، تشكل اليوم جزءٌ من تنظيم أوسع لا يقل إرهاباً وبطشاً ونكاية بهذا البلد، تنظيم له جذورٌ في الداخل وله امتدادات إقليمية ودولية، وأطراف هذا التنظيم الأوسع، تريد اليمن أن يظل ساحةً للفوضى، وتعتقد أن بإمكانها أن تُبقي اليمن أيضاً مسرحاً لإعدام غير المرغوب فيهم من مواطنيها، حتى ولو كانت بعض عمليات الإعدام هذه تحصد معها العشرات من الأبرياء والفقراء والمعدمين من أبناء هذا البلد..