في بلادي يتنفس الناس " الهم" شهيقا ويزفرونه غماً ويشرب العامة منهم مقالب الساسة والأحزاب ومراكز القوى المتحاصصة والمتقاسمة للنفوذ والجاثمة على الصدور منذ عقود والتي أعذب مائها" كدراً وطيناً" وجل ينابيعها وعيونها علقماً وزقوماً لا ينبت منه سوى الموت الزؤام كيف لا وفوائض موائدهم وبقاياها التي يمنون بها عل دراويشهم الجياع " موائد من ضريع" لا تسمن ولا تغني من جوع وبهكذا حلت الكارثة وعمت المصيبة أبناء شعبي الذين تحولوا من قوم " تبع " العظيم إلى قوم تبع على موائد كل لئيم داخل البلاد وخارجها!! في بلادي العرض مستمر على الأرض واقعا لمسلسل " الأرض الطيبة" التركي بكل اجزائه وبلاد دراما يعيش الشعب والبلد الموصوف " بلدة طيبة" حلقات ذلك المسلسل بكل مآسية بل وباصنافها الساسة والأحزاب صناع أزمات فقط وبلا حلول الفاشية الدينية المذهبية حلت محل الدولة واستحلت سلاح الجيش وأحتلت الأرض وأحلت الإرهاب واستباحت النظام والقانون وكذلك فعلت النازية المناطقية والجهوية وتصدرت المشاريع الصغيرة على حساب المشروع الوطني الكبير وأنفلت الأمن وتحول الدستور والقانون إلى معلقات نصية مصلوبة على جدران مجلس النواب المتصنّم وعلى غرار معلقات العصر الجاهلي على جدار الكعبة وتحولت البلاد إلى بازارات سياسية كسوق " عكاظ" تتخللها مواجهات دموية عبثية بين " داحس والغبراء" وحروب " بسوس" لا شاة ولا ناقة ولا جمل لأحد فيها!! في بلادي قبائل ينحرها بعض المشايخ الذين يلعبون دور " فأر سد مأرب" الذي يقف وراء تفرق أيادي سبأ كما تقول الأساطير، وسياسيون يستجرون واقعة " ذات الردم" الشهيرة بين قبائل اليمن في الجاهلية التي أعقبها تقاسم الفرس والأحباش للبلاد حتى دخول الإسلام وفي بلادي "معممون" وعميان يقتاتون على دماء شهداء " صفين" و "طف كربلاء" وفتنة منتصف القرن الأول الهجري ومعممون آخرون وعميان يتاجرون بفتح ابن الخطاب وبن أبي وقاص وبن الوليد لبلاد فارس والعراق والشام ويستثمرون في نكبات فلسطين وأفغانستان والبوسنة والشيشان و منهم من يزايد علينا بانجازات " ماليزيا مهاتير" و" تركيا أردوغان". وهنا أيضا من يرى ان الوطنية في سجن البلاد تحت عباءة ودشداشة " البترودولار" وربط قرارها بعقال ملك أو أمير في الجوار ولدينا رعاة إبل وماعز وأغنام يستظلون بمظلة رعاة البقر " الكابوي" من بلاد العم سام ومدوا مظلتهم لأرجاء البلاد وطرزوا السماوات ب " الدرونز" والطائرات بدون طيار والأرض ب " المارينز" وعملاء ال " C I A". في بلادي الزعيم الملهم أقر بعد أن أمضى ثلاثة عقود ونيف في السلطة أنه شيوعي سابق رغم تحالفه مع الإخوان وصداقته للأميركان في عز الحرب الباردة ورئيس مفدى وطني لا ينكر جذوره الاشتراكية الأممية ورئيس حكومة أبرز انجازاته بعد " الدموع أربع أربع" صورة عمرها نصف قرن مع الزعيم الراحل / جمال عبد الناصر.. و ما يربطه بسابقيه نظرية " الاشتراكية العربية الناصرية". ولذلك لا عجب أن تشاهد الطوابير أمام محطات النفط والغاز وآبار المياه وحتى طوابير السيارات في نقاط قطع الطرقات، فاليمن يتم تلقين شعبها اليوم " ثقافة الطابور" وهي إحدى أبرز مظاهر الاشتراكية البلشفية التي انهارت عالمياً مع انهيار سور برلين نهاية ثمانينيات القرن الماضي!! في بلادي يتدخل القاصي والداني القريب والبعيد فهذا شقيق وذاك صديق ومع ذلك لا دخل لنا كيمنيين دولة ومواطنين فيما يتدخلون فيه من شئوننا!! ونحن اليوم أكبر قطيع من البشر على وجه البسطية 25 مليون نسمة ولذل فشل الراعي المحلي المباشر في الرئاسة والموكل مع نواب برلمانه ولأهميتنا أصبح لدينا رعاة عشرة خمسة أقليميين وخمسة دوليون يعرفون ب " الكبار" والكبير كبير والنص نص نص والصغير ما نعرفوش على رأي المثل المصري ويعاونهم آخرون تحت مظلة " أصدقاء اليمن " ويمولهم ما نحون " منهم فيهم" وكل هؤلاء أصدقاء لليمن في حين أن ساسة البلد وقادة أحزابها وفعاليتها ليسوا كذلك ولم يعودوا أصحاب ملك بعد أن عبثوا فيها وفشلوا في الحفاظ عليها حتى جلبوا الوصاية ورحبوا بها بعنف وهذا ما يجعل من الصعوبة بمكان تصنيف هؤلاء القيادات وهويتهم التي جرفتها أهواؤهم وحماقاتهم!! في بلادي نصف شعب جائع وثلثاه تحت خط الفقر "معوزين" وثلاثة أرباعه يحتاجون المساعدة جراء النسب المهولة للجهل والأمية ولتفشي الأمراض وأما انتهاكات حقوق الإنسان مولودا فرضيعا فطفلا كان ذكراً أو أنثى ناهيك عن حقوق المرأة والمعاق والعاطل وغيرها من الحقوق الإنسانية غائبة ومضيعة ومع ذلك في بلادي من يقطع الطريق ويفجر أنابيب النفط وأبراج الكهرباء ومن يقتل الجنود ويحتل المعسكرات وينهبها والمضحك المبكي في هذه البلاد أن هؤلاء لا يخشون عاقبة عقوبة لا محلية ولا دولية، ورغم القرار الأممي رقم " 2140″ الصادر تحت البند السابع من مجلس الأمن الدولي الذي ما يزال معطلا على غرار قانون البلاد ودستورها نجد أولئك المفسدين في الأرض ينتظرون التحكيم القبلي والبنادق والسيارات والملايين أما القرار الأممي وعقوبات الفصل السابع لديهم فلا يعدونها ولا يعتدون بها وربما ينظرون إليها كنكته " ذمارية" أو مثل شعبي عابر غير ملزم لهم كأقوال علي ولد زايد أو الحميد بن منصور!! وبذلك يتضح جانباً من صورة الانقسام الحاد المجتمعي عموديا وأفقيا ولا شك أن هذا الانقسام والتشظي وصل إلى مرحلة بلغ السيل " الذقون" والقلوب والنفوس " الحناجر" وهذا ما شاهدته في " صالون حلاقة" الأسبوع الماضي بعد أن تحول إلى صالون سياسي بامتياز وذلك أثناء زيارة قمت بها إلى مدينة عمران، حيث تحول الساسة وقادة الأحزاب إلى نجوم " قصات" في ذلك الصالون رغم أن بعضهم معمم " مقبّع ومدسمن" وفي ذلك الصالون وجدت صور رؤساء وقيادات اليمن خلال نصف قرن من الزمن وحتى أن قائمة الصور ضمت قيادات حزبية من اليمين واليسار ومشايخ قبائل" أبو عصا" ومشايخ دين" أبو لحى" وآخرين بدون لحية وبما يرضي مختلف الأذواق وبكل الألوان.. إنه مشهد اصطفاف وطني للصور وحسب.. صاحب الصالون إياه قال " إنهم يقدمون خدمة للجميع وفي خضم النقاش طرح الحلاق شكل " السكسوكة" كنموذج ووضع مقارنات بين سكسوكات أمين عام المؤتمر المساعد سلطان البركاني وأمين عام الاشتراكي ياسين سعيد نعمان وأمين عام الوحدوي الناصري سلطان العتواني والقيادي الحوثي أبو علي الحاكم والناشط خالد الآنسي وصولا إلى نجل الرئيس جلال عبد ربه منصور!! واستمر الحديث عن تسريحة شعر علي سالم البيض وعبد الفتاح اسماعيل وقعشة وشوارب الزعيم وذقنة الشيخ صادق ولحية حميد والأستاذ / اليدومي ومشطة عبد الملك الحوثي و قصة شعر كهلان وأحمد علي وعبد القادر هلال وعبد الملك المخلافي وواعد باذيب وحفة شوارب باسندوة والغشمي وهيثم قاسم مع حفظ الألقاب للجميع ووصولا لصلعة الارياني وصبغة "حنا" لحية الزنداني وصعتر وختم بمقارنة لافتة مفادها أن الرئيس هادي يلتقي مع الرئيس الراحل الشهيد إبراهيم محمد الحمدي في تصفية الذقن والشارب ومع ذلك يتمنى كل يمني على الرئيس هادي ان يكون خليفة للرئيس الحمدي والايام وحدها هي من ستحدد ذلك..