أعلن العاهل الإسباني الملك خوان كارلوس عن تنازله عن العرش لصالح ابنه الأمير فيليبي بعد ان بدأت صورته تتراجع في ظل عدة فضائح شهدتها السنوات الاخيرة من حكمه، وأبرز في خطاب له بالمناسبة أن داوعي سياسية هي التي حملته على اتخاذ قرار التنازل عن العرش لصالح ابنة و ليس بسبب صحته التي كانت في قلب الجدل السياسي والاجتماعي في البلاد. وبذلك تدخل إسبانيا مرحلة يواجه فيها الملك الجديد تحديات كبرى يشبه وضعه فيها وضع والده حينما اعتلى العرش في ظروف سياسية صعبة في 1976 حيث كان يتعين الانتقال من العهد الديكتاتوري إلى الحقبة الديمقراطية . وقال الملك خوان كارلوس في كلمة موجهة إلى الشعب الإسباني يشرح فيها دواعي تنازله عن العرش ظهر اليوم: "عندما بلغت في يناير الماضي 76 سنة اعتبرت ان الوقت قد حان لاعداد الظروف من أجل فسح المجال لمن يوجدون في شروط فضلى لتأمين الاستقرار". وأضاف ملمحا إلى أن أسباب قرار التنازل ليست مرتبطة بظروفه الصحية التي كانت محط جدل سياسي في البلاد قائلا:" لقد قررت مهتديا بقناعة ضرورة اسداء خدمة للاسبانين، بعدما استعدت عافيتي ونشاطي المؤسساتي، قد قررت وضع نهاية لحكمي كملك والتنازل عن عرش إسبانيا". وكان العاهل الإسباني الملك خوان كارلوس قد لعب دورا كبيرا في توثيق العلاقة بين الملكية الإسبانية وملكيات العالم العربي و الخليج العربي. وأعلن رئيس الحكومة الإسبانية ماريانو راخوي صباح اليوم أن العاهل الإسباني أبلغه بقرار التنازل عن العرش لصالح ابنه الأمير فيلبي دي بوربون، ودعا على إثر ذلك إلى احداث مجلس طارئ للوزراء للتنظيم القانوني لنقل العرش من الملك إلى وريثه بسب غياب تشريع دستوري ينظم ذلك. وأشاد في ذات الوقت بالامير فيلبي وارث عرش أبيه على إسبانيا مشيرا إلى انه "تلقى تكوينا وتجربة طويلة في الشؤون العامة تشكلان ضمانة قوية تجعل تحمله منصبه رئيس الدولة تكون في مستوى التطلعات". واستغرق حكم العاهل الإسباني خوان كارلوس 39 سنة، حيث تولى العرش في العام 1975 عقب وفاة الدكتاتور الجنرال فرانسيكو فرانكو، وساهم في الانتقال بالبلاد من الحقبة الدكتاتورية إلى العهد الديمقراطي . وعلى الرغم من أن الملكية في إسبانيا كانت هي الأكثر شعبية بين قريناتها في اوروبا إلا أنها في السنوات الاخيرة تأثرت شعبيتها سلبيا، بسبب تورط مفترض لزوج ابنة الملك وابنته الاميرة كريستنا في ملفات فساد مازال ينظر فيها القضاء الإسباني، وكذاك بسبب رحلة صيد إلى بوتسوانا قام بها العاهل الإسباني بينما كان شعبه يعاني أسوء ظروف الأزمة الاقتصادية، واضطر في موقف غير مسبوق إلى الاعتذار إليه في كلمة متلفزة. ناهيك عن تنامي تيارات سياسة تطالب بالجمهورية. ويجد الملك الجديد فيليبي دي بوربون نفسه امام تحديات كبرى أبرزها، تحسين صورة المؤسسة الملكية امام الراي العام الإسباني وإعادة الثقة إليها، وهو الذي يتمتع بصورة إيجابية امام الراي العام الإسباني حسب استطلاع راي أخير، ومواجهة تداعيات الازمة الاقتصادية وملفات ساسية كبرى منها فقد الاحزاب السياسة الكبرى الشعبي الحاكم والاشتراكي المعارض ثقة الناخبين الإسبان، إضافة إلى التحديات التي يولدها مطالب استقلال إقليم كتالونيا عن إسبانيا. وتجعل كل هذه التحديات الظروف التي يتسلم فيها الأمير فيلبي عرش إسبانيا شبيهة ،من حيث جسامة الأحداث، بالظروف التي أحاطت بتسلم والده الملك خوان كارلوس دي بوروبون العرش في 1975.