ضمن آلة الحرب الدعائية الإسرائيلية في حرب غزة، تنشر صحف ومجلات تل أبيب، خصوصًا الناطقة باللغة العربية، تقارير دعائية عن دور المسلمين في الجيش الإسرائيلي، ودور كتائب الجيش التي تضم أغلبية من البدو العرب المسلمين داخل إسرائيل، في الحرب على غزة وقتل أبنائها بدعاوى أنهم إرهابيون . وضمن الدعاية الحربية الصهيونية، تقول صحف ومجلات إسرائيل إنّ هؤلاء الجنود "يفخرون أنهم صهاينة"، وأن خدمتهم في الجيش الإسرائيلي "مصدر فخر واعتزاز لهم"، ويؤكدون أنهم يقاتلون بشراسة لا تقلّ عن زملائهم في الجيش إن لم يتفوقوا عليهم في العنف، وأن لديهم استعدادًا للقيام بأيّ دور يطلب منهم من قادتهم، ولم يعرف عن أحدهم أنه تقاعسَ أو كسّر أمرًا بالقتال أو إطلاق النار على عرب أو فلسطينيين، وبعضهم يقود القاذفات الإسرائيلية المقاتلة، ومنهم مَن يقود الدبابات وراجمات الصواريخ، ومنهم من يعمل في القوات الخاصة والقناص، ويفخرون أنهم يشاركون في تدمير غزة، وقتل النساء والأطفال، وهدم المساجد والبيوت والمستشفيات والمدارس ويقولون إنهم إسرائيليون مسلمون. مجلة "المصدر" الإسرائيلية قالت إن إحدى الكتائب المهمة التي شاركت في العملية العسكرية في قطاع غزة هي كتيبة الاحتياط التابعة لكتيبة الاستطلاع الصحراوي، والتي تتكوّن بشكل أساسيّ من ضباط ومقاتلين بدو مسلمين ومسيحيين من الشمال، وأن مقاتليها المسلمين لم يترددوا في المشاركة في عدوان غزة رغم أجواء شهر رمضان وعيد الفطر، وقالت: "استجاب جميعهم دون استثناء للدعوة إلى الحشد العسكري". ونقلت عن مؤسسها الرائد (يوني يتسحاق) قوله عن المشاكل التي يواجهها مرتدو الزي العسكري الاسرائيلي من العرب: "أحد أفضل جنودي من وادي عارة، إنّه يخرج دون أن يرتدي زيًّا عسكريًّا لأنّ التجوّل في وادي عارة بالزي العسكري ليس أمرًا مريحًا، وخصوصًا في هذه الفترة". ويقول آخر هو المقدم (زاهي رحال) عن الجنود المسلمين بالجيش الإسرائيلي من البدو العرب: "هم مقاتلون من جميع الطوائف، ويتواجدون في الجبهة الأكثر سخونة وتعقيدًا في الجيش الإسرائيلي، ويعرفونها أفضل من الجميع، ولم يحتفل الكثير منهم بالعيد وفضلوا القتال" . وتنقل عن أحد الجنود العرب المسلمين ويدعي (حسين سعيدة) قوله: "جئتُ من قرية فيها الكثير من أبناء الأسرة ممّن يخدمون في الجيش الإسرائيلي وفتيات يخدمن في الخدمة الوطنية الإسرائيلية والاشتياق للأهل هو الأمر الوحيد الذي يضايق، ولكن من الواجب علينا الالتزام بذلك" . ويقول أبناء الحركة الإسلامية في فلسطينالمحتلة 1948 (التي يطلق عليها إسرائيل حاليًا) أن هناك صنفين من "الخونة" من أصل عربي يشاركان في المجزرة الصهيونية في غزة وفي الآلة الحربية الصهيونية لأسباب مختلفة : (الصنف الأول) هم مسلمون من بدو النقب دخلوا الخدمة في الجيش الصهيوني بهدف تحسين أوضاعهم المعيشية والحصول على خدمات أعلى، وفي الوقت نفسه الفوز بفرصة عمل جيدة بعد الجيش لأن أصحاب الأعمال الصهاينة يرفضون تعيين العرب إلا لو حصلوا على شهادة الخدمة بالجيش الإسرائيلي، وبحسب الجيش الصهيوني فإنهم "مئات المسلمين" لكنه يرفض إعلان رقم محدد . أما (الصنف الثاني) فهم (الدروز) الذين يشاركون بأريحية مع قوات الاحتلال ولديهم آلاف الجنود والضباط في الجيش الصهيوني ومنهم رئيس لواء جولاني الشهير الذي يشارك في العدوان على غزة وقتل منهم عشرات الجنود، وقد ذكرت صحف إسرائيلية أنّه تم تسليم أسر هؤلاء الدروز القتلى مبالغ مالية كبيرة كتعويض وكي يلزموا الصمت . وخلال الحرب الأخيرة علي غزة، سلّط الإعلام الصهيوني الأنظارَ على هؤلاء الضباط والجنود المسلمين والدروز الذين يقاتلون في صفوف الجيش الإسرائيلي، لسببين: الأول محاولة الإيحاء بأنه ليس كل مسلمي فلسطين ضد الاحتلال، واستخدام هذا إعلاميًّا؛ والثاني هو سقوط العديد منهم مصابين وقتلى ما أثار تساؤلات حول طرق دفنهم والصلاة عليهم بسبب إصدار الحركة الإسلامية في فلسطينالمحتلة عام 1948 (الشيخ رائد صلاح) فتوى بعدم الانضمام للجيش الصهيوني وعدم الصلاة على مَن يموت من هؤلاء الجنود المسلمين وهو يخدم في الجيش الصهيوني . وهؤلاء الجنود والضباط الإسرائيليون من ضمن مئات البدو الذين يدعون أنهم مسلمون، وحسب مصدر عسكري إسرائيلي، فإنّ هؤلاء يعدون بالمئات، ويخدمون في صفوف الجيش، ومنهم من شارك في الحروب على غزة، مثل (فهد فلاح) وهو ضابط في الجيش الإسرائيلي برتبة رائد يقول إنّه مسلم من بدو إسرائيل، ويؤكد أنّه فخور بخدمة وطنه إسرائيل، ومستعد للقتال في غزة رغم أن القانون الإسرائيلي لا يجبر المسلمين الإسرائيليين على الخدمة . وطبقًا لتصريحات الجيش الإسرائيلي، يخدم المسلمون في كل الوحدات العسكرية، وهناك مسلم تقدم منذ حوالي سنتين بطلب للانضمام لقسم طيران النخبة في الجيش، إلا أن طلبه قوبل بالرفض لتحفظات أمنية، وقيل له إنه لم ينجح في امتحان الدخول. وليس كلّ جندي "مسلم" خدم في الجيش الإسرائيلي يشاطر الرائد "فلاح" رأيه وتجربته الإيجابية؛ فالكثير من الجنود المسلمين الحاليين أو الذين خدموا سابقًا انضمّوا للجيش الإسرائيلي من أجل تحسين فرص عملهم أو دراستهم، حيث إن الجيش يقدم لهم إعانة مالية لدراستهم الجامعية؛ كما أن الكثير من أرباب العمل اليهود يشترطون الخدمة العسكرية رغم أن ذلك غير قانوني. ومن هؤلاء (ماهر بدوي) مسلم في العشرين من عمره يعيش في قرية في الناصرة، يعمل مدرسًا للرياضيات نصف وقته ومزارعًا في النصف الآخر، يقول: عندما كنت في الجيش وعدوني بأنه سيكون سهلًا بالنسبة لي الحصول على عمل، لكن تقدمت بعدة طلبات عمل ولم أحصل على شيء، قائلًا: "إن أرباب العمل المسلمين لا يريدون توظيفي لأنني قمت بالخدمة العسكرية في الجيش، وأرباب العمل اليهود يفضلون منح الوظائف لليهود". ويقول ماهر: في القرية التي أعيش فيها، قد ينظر لك البعض باستياء لأنك تخدم في الجيش، لكن في قرى أخرى معروفة بعدائها للجيش، مثل أم الفحم، قد يتعرض الجندي الذي يلبس زي العسكر إلى اعتداء كلامي أو جسدي، ويواصل ماهر: "إنهم ينادونهم "خونة". ويواجه البعض من المسلمين الذين يجرؤون على الانضمام إلى الجيش اعتراض المجتمع الذي يعيشون فيه على الخدمة في الجيش، إلى درجة تصل في بعض الأحيان إلى الاعتداء الجسدي أو الكلامي، كما يعتبرونهم خونة . لا جنازة.. ولا صلاة عليهم بالمساجد وقد أدانت الحركة الإسلامية في شمال إسرائيل التي يرأسها الشيخ رائد صلاح خدمة المسلمين في الجيش الإسرائيلي، وأصدرت الحركة منذ سنوات فتوى تحرم خدمة المسلمين في الجيش الإسرائيلي، وأكدت أن من يفعل ذلك ويقتل في المعارك، تمنع الصلاة عليه في المساجد. ويقول الشيخ كمال الخطيب نائب رئيس الحركة إن "أي مسلم يقتل في حقل المعارك مع الجيش الإسرائيلي لن تقام الجنازة عليه في مساجد المسلمين".