مانشستر يونايتد يضرب موعداً مع توتنهام في نهائي الدوري الأوروبي    منافس جديد في عالم الحواسب اللوحية من Honor    نائبة أمريكية تحذر من انهيار مالي وشيك    "تل المخروط".. "هرم" غامض في غابات الأمازون يحير العلماء!    واقعة خطيرة.. هجوم مسلح على لاعبي فلامنغو    ليفربول يقدم عرض للتعاقد مع نجم مانشستر سيتي بروين    الأسباب الرئيسية لتكون حصى المرارة    العليمي اشترى القائم بأعمال الشركة اليمنية للإستثمار (وثائق)    الغيثي: أميركا غير مقتنعة بأن حكومة الشرعية في عدن بديل للحوثيين    وطن في صلعة    باشراحيل: على مواطني عدن والمحافظات الخروج للشوارع وإسماع صوتهم للعالم    الطائرات اليمنية التي دمرتها إسرائيل بمطار صنعاء لم يكن مؤمنا عليها    لماذا يحكمنا هؤلاء؟    الجولاني يعرض النفط والتواصل مع إسرائيل مقابل رفع العقوبات    دبلوماسي امريكي: لن ننتظر إذن تل أبيب لمنع اطلاق النار على سفننا    تغاريد حرة .. صرنا غنيمة حرب    عيد ميلاد صبري يوسف التاسع والستين .. احتفال بإبداع فنان تشكيلي وأديب يجسد تجارب الاغتراب والهوية    تحديد موعد أولى جلسات محاكمة الصحفي محمد المياحي    إعلام عبري: ترامب قد يعلن حلا شاملا وطويل الامد يتضمن وقف حرب غزة ومنح قيادة حماس ضمانات    البرلماني بشر: اتفاق مسقط لم ينتصر لغزة ولم يجنب اليمن الدمار    أرقام تاريخية بلا ألقاب.. هل يكتب الكلاسيكو نهاية مختلفة لموسم مبابي؟    تعيين نواب لخمسة وزراء في حكومة ابن بريك    وسط فوضى أمنية.. مقتل وإصابة 140 شخصا في إب خلال 4 أشهر    رئاسة المجلس الانتقالي تقف أمام مستجدات الأوضاع الإنسانية والسياسية على الساحتين المحلية والإقليمية    صنعاء.. عيون انطفأت بعد طول الانتظار وقلوب انكسرت خلف القضبان    السامعي يتفقد اعمال إعادة تأهيل مطار صنعاء الدولي    سيول الامطار تجرف شخصين وتلحق اضرار في إب    القضاء ينتصر للأكاديمي الكاف ضد قمع وفساد جامعة عدن    *- شبوة برس – متابعات خاصة    تكريم طواقم السفن الراسية بميناء الحديدة    صنعاء .. شركة النفط تعلن انتهاء أزمة المشتقات النفطية    اليدومي يعزي رئيس حزب السلم والتنمية في وفاة والدته    السعودية: "صندوق الاستثمارات العامة" يطلق سلسلة بطولات عالمية جديدة ل"جولف السيدات"    . الاتحاد يقلب الطاولة على النصر ويواصل الزحف نحو اللقب السعودي    باريس سان جيرمان يبلغ نهائي دوري أبطال أوروبا    شرطة آداب شبوة تحرر مختطفين أثيوبيين وتضبط أموال كبيرة (صور)    محطة بترو مسيلة.. معدات الغاز بمخازنها    شركة الغاز توضح حول احتياجات مختلف القطاعات من مادة الغاز    كهرباء تجارية تدخل الخدمة في عدن والوزارة تصفها بأنها غير قانونية    الرئيس المشاط يعزّي في وفاة الحاج علي الأهدل    الأتباع يشبهون بن حبريش بالامام البخاري (توثيق)    فاينانشال تايمز: الاتحاد الأوروبي يعتزم فرض رسوم جمركية على بوينغ    وزارة الأوقاف تعلن بدء تسليم المبالغ المستردة للحجاج عن موسم 1445ه    خبير دولي يحذر من كارثة تهدد بإخراج سقطرى من قائمة التراث العالمي    دوري أبطال أوروبا: إنتر يطيح ببرشلونة ويطير إلى النهائي    النمسا.. اكتشاف مومياء محنطة بطريقة فريدة    دواء للسكري يظهر نتائج واعدة في علاج سرطان البروستات    وزير التعليم العالي يدشّن التطبيق المهني للدورات التدريبية لمشروع التمكين المهني في ساحل حضرموت    ماسك يعد المكفوفين باستعادة بصرهم خلال عام واحد!    لوحة بيتا اليمن للفنان الأمريكي براين كارلسون… محاولة زرع وخزة ضمير في صدر العالم    لوحة بيتا اليمن للفنان الأمريكي براين كارلسون… محاولة زرع وخزة ضمير في صدر العالم    وزير الصحة يدشن حملات الرش والتوعية لمكافحة حمى الضنك في عدن    يادوب مرت علي 24 ساعة"... لكن بلا كهرباء!    صرخةُ البراءة.. المسار والمسير    المصلحة الحقيقية    أول النصر صرخة    أمريكا بين صناعة الأساطير في هوليود وواقع الهشاشة    أطباء تعز يسرقون "كُعال" مرضاهم (وثيقة)    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



غزوة القاعدة «العدين» .. نشأة التنظيم .. والجهة المستفيدة
نشر في الخبر يوم 22 - 10 - 2014

لم تكن العدين يوما ما ملاذا ومكانا لعناصر تنظيم القاعدة، وبعد الثورة الشعبية التي اندلعت مطلع العام 2011م بدأت الأخبار تتوالى عن هروب عناصر من تنظيم القاعدة إلى مواقع في مديرية العدين والمناطق المجاورة لها كشرعب ووصاب والحديدة.
في ذلك العام توسعت القاعدة في مناطق واسعة بمحافظة أبين، وأعلنت قيام إمارة إسلامية مستغلة انشغال البلاد بالثورة وأحداثها. وبعد الانتخابات الرئاسية التوافقية التي أجريت في 21 فبراير 2012م بدأت الدولة تلتفت نحو تنظيم القاعدة وتسعى لمواجهته واستئصاله، فشنت حربها على التنظيم، وحققت انتصارا ميدانيا كبيرا في عملية عسكرية نوعية أطلق عليها عملية السيوف الذهبية، وقادها الراحل اللواء سالم قطن قائد المنطقة العسكرية الجنوبية حينها في يونيو 2012م.
تلك العملية التي ذهب اللواء قطن نفسه ضحية لها عندما اغتاله التنظيم في الثامن عشر من نفس الشهر، دفعت أنصار الشريعة للبحث عن ملاذات جديدة للتمركز فيها، وكانت مديرية العدين وما جاورها أحد تلك الأماكن التي راقت للتنظيم الانتقال إليها، نظرا لاستمرار الحرب عليه في غالبية المحافظات الجنوبية.
النشأة في العدين واسبابها
تدهور الوضع الأمني، وحالة التفكك التي تعاني منها الدولة، وأسلوب النكاية الذي تعاملت به بعض الأطراف السياسية، مثلت عوامل رئيسية استغلها انصار الشريعة في تسللهم الى العدين، فهذه المدينة التي انتفضت شعبيا لأول مرة في تأريخها بذلك المستوى إبان الثورة ضد مشائخ المنطقة بعد مقتل احد ابنائها بسلاح احد المشائخ، تعرضت للعقاب الجماعي والإهمال المتعمد من قبل القائمين عليها، وهم الطرف النافذ فيها والمتحكم فيها منذ عقود، فرفعوا يدهم عنها لتتحول الى ساحة مفتوحة للصراع والاقتتال، وألقى ذلك الوضع بظلاله على وضع المدينة التي بدأت تشهد تدهورا ملحوظا في شوارعها وتغرق في مستنقع القمامة التي يكتظ بها سوقها الرئيسي، وفشل مدير عام المديرية اكثر من مرة في إلزام مشروع النظافة برفع مقالب القمامة المتراكمة، بسبب تدخل نافذين في المجلس المحلي لمحافظة إب وعرقلتهم لإقرار ميزانية مالية يتطلبها الوضع لرفع القمامة والتخلص منها.
وفي سياق مسلسل العقاب الجماعي والانتقام من أبنائها عاشت المديرية حالة من الفراغ لمؤسسات الدولة ومجلسها المحلي، الذي بدا غير مهتم بما يجري، وأغرى هذا الوضع أنصار الشريعة للتمدد والتوسع والانتشار داخلها.
لذلك نشأت القاعدة في العدين كنتيجة مباشرة لنفوذ النافذين في المنطقة، وصراعهم المستمر مع المواطنين تارة، وفيما بينهم تارة أخرى، فقبل سنوات اندلع خلاف بين الشيخ صادق باشا وبين آل الابعون في حزم العدين على أرضية لمحطة بترول في العدين، ودفع هذا الخلاف كثير من المتضررين من سياسة الشيخ الباشا الى الانضمام للشيخ البعني والوقوف بجانبه، ولم يكن حينها للقاعدة أي وجود أو تواجد.
كان ذلك كافيا للشعور بمرارة الخيبة من قبل الباشا، ودافعا كبيرا للانتقام من خصومه، وكانت القاعدة التهمة الجاهزة والمفصلة مسبقاً لتلبيسها لأولئك الخصوم، فألصقها بهم وأبلغ السلطات الأمنية أن القاعدة تتواجد في الأبعون والأسلوم بمنطقة الحزم من العدين، وعلى إثر ذلك البلاغ خرجت حمله أمنية إلى حزم العدين وبمساعدة الباشا، وتمكنت من طرد تلك المجاميع المناهضة لسلطة الشيخ، وبدأت عملية الملاحقة لهم عبر النيابة المتخصصة بأمن الدولة، وتعرض الكثير من المواطنين للسجن والملاحقة والتشريد مستغلا مكانته بالدولة باعتباره أحد المشائخ المحسوبين على نظام صالح.
وجاءت ثورة فبراير 2011م لتعيد قليلاً من الأمل للمواطنين في تلك المناطق، وكانت صدمتهم كبيرة حينما أعلن الشيخ جبران باشا انضمامه للثورة، ففي حين رأوا أن ذلك سيعزز من قيم العدالة والكرامة لدى الشيخ، لم يخفوا توجسهم من مشاركة الشيخ في الثورة والانقضاض على الناس مجددا تحت راية الثورة، غير أن ذلك لم يدم طويلا فقد خرج الباشا من الثورة وعاد إلى حضن النظام السابق كما ولدته أمه.
وهذا السيناريو تكرر من قبل في العام 2005م من أحد مشائخ مذيخرة حين قام بالإبلاغ عن مجموعة من الشباب المعارضين له إلى إدارة الأمن بمحافظة إب متهما إياهم بالانتماء لتنظيم القاعدة، وخرجت حملة أمنية إلى المنطقة عاثت بالأرض فسادا، فقد اقتحمت المنازل وذبحت المواشي وخربت مشاريع المياه رغم أن المُبلَغ عنهم كانوا قد سلموا أنفسهم للدولة، وبعد التحقيق معهم من قبل الأمن السياسي أفرج عنهم لعدم وجود ما يدل على ارتباطهم بالقاعدة، وأن الأمر لم يكن سوى بلاغ كيدي للانتقام من أولئك الشباب المخالفين له سياسياً.
تواجد القاعدة والتحذيرات الرسمية
سأتناول هنا بعضاً من التسلسل الزمني لتنامي وانتشار القاعدة في مديريات العدين، وكيف أن عناصر التنظيم تواجدت فيه منذ وقت مبكر، ولم تلتفت الدوله إليه، رغم الخراب الذي مارسه ذلك التنظيم في تلك المناطق، وكيف تغاضت عنه السلطة المحلية لمديريات العدين وجعلت منه ورقة ابتزاز سياسية، ثم وسيلة لتفجير الوضع هناك.
فمنذ نهاية العام 2012م بدأت عناصر تنظيم القاعدة الانتشار والتموضع في محافظة إب، وكانت مديريات السدة والعدين وحزم العدين والسلسلة الجبلية التي تطل على القفر السافل ووصاب السافل المناطق المناسبة للتنظيم، ولتلك المناطق خصوصية واضحة تتميز بجبالها الممتدة والشاهقة، وغياب تواجد الدولة سواء على المستوى الأمني أو التنموي.
ففي ديسمبر من العام 2012م كانت الأخبار تتوالى عن تمركز القاعدة في تلك المناطق وسيطرتها على مناطق واسعة، ولم يكن هذا بعيدا عن أجهزة الأمن بل إن عناصر القاعدة نفسها كانت تعمل في وضح النهار وأمام أعين ومرأى الجميع، ففي السابع من ابريل 2013م قامت عناصر تنظيم القاعدة في مديرية العدين والحزم ووصاب السافل بقطع الطريق الرئيسي بين العدين ومحافظة إب في منطقة حدبة السفلى، للمطالبة بإطلاق سراح اثنين من عناصر التنظيم، كانت أجهزة الأمن في العدين قد ألقت القبض عليهما قبل أسبوع من الحادثة.
وفي منتصف أكتوبر من العام 2013م أبلغ جهاز الأمن السياسي بصنعاء الجهات الأمنية عن تجييش القاعدة بقيادة شخص يدعى "أبو العلاء" للسيطرة على السيارات التي تنقل أموال البنوك بين المحافظات، كما عقد جهازا الأمن العام والأمن السياسي في محافظة إب اجتماعاً بمدراء البنوك الأهلية والحكومية، وحذّرهم من إرسال المبالغ المالية إلا بحراسات أمنية. وفي اليوم الأخير من شهر أكتوبر من العام 2013م لقي سائق مدير مكتب الإعلام في مديرية حزم العدين طه محمد محمد الشعوري 35 عاما مصرعه إثر تلقيه عيارا ناريا في أعلى الرقبة من الجهة اليسرى أثناء قيادته سيارة مدير المكتب.
حينها تم تفسير الحادثة على وسائل الإعلام بأنها خلافات سابقة مع العصابة التي لها سوابق متعددة مستغله للانفلات الامني الذي تعيشه مديريات العدين، وقامت بنصب كمين لمدير إعلام الحزم مما أدى إلى مصرع سائقه الشخصي.
غير ان الحقيقة ميدانيا كانت مختلفة حسب روايات شهود عيان من ابناء المنطقة الذين يعرفون طه الشعوري ويسكنون في نفس منطقته، فحسب روايتهم فإن الشعوري اعترض سيارة كانت تحمل أسلحة ومتفجرات للقاعدة ورفض السماح بمرورها، وابلغ مدير أمن العدين العقيد عبده الحالمي، والذي حضر للمكان وصادر الشاحنة بما عليها، وبسبب ذلك الموقف للشعوري أقدمت القاعدة على اغتياله.
تلك الحادثة جعلت مدير أمن العدين هدفاً مقصودا لتنظيم القاعدة، تسعى لتصفيته انتقاما منه على الإجراءات الأمنية التي اتخذها لمواجهة مخططات التنظيم، وبحسب مقربين من الحالمي فقد كان يعيش وسط إجراءات أمنية مشددة بعيدا عن الأعين تخوفا من أي عملية قد تستهدفه.
وفي الاول من ابريل من العام الجاري سقط عدد من القتلى في اشتباكات بين جنود حملة أمنية ومسلحي القاعدة في وصاب السافل بمحافظة ذمار، ووقعت الاشتباكات بعد مقتل جنديين برصاص مسلحين يعتقد انتماؤهم لتنظيم القاعدة، بمنطقة وصاب السافل في أحد الجبال الواقعة بين وصاب وجبل رأس التابعة لمحافظة الحديدة.
وتحدثت الكثير من المواقع الإعلامية عن تحليق مكثف لطائرات امريكية بدون طيار تحلق فوق أجواء مديريات العدين بإب خلال ابريل من العام الجاري وذلك لمتابعة عناصر تنظيم القاعدة الذي يتمركزون بمديرية حزم العدين، وبنفس الوقت كانت قناة السعيدة قد بثت تقريرا لها في العشرين من مايو الماضي عن نشاط القاعدة ببعض قرى العدين بإب – ضمن برنامج حصاد السعيدة الإخباري
ويعتبر شهر يونيو الماضي الشهر الأكثر دموية وتصادماً بين أجهزة الأمن وتنظيم القاعدة في تلك المناطق، وفي الثامن من يونيو قامت عناصر القاعدة بقتل جندي وإصابة ثاني من أفراد نقطة القاسمية الأمنية بمديرية حزم العدين، بعد ملاحقة عناصر تنظيم القاعدة لطقم امني تابعة للنقطة بدراجة نارية على الخط المؤدي باتجاه مديرية العدين ثم أطلقوا النار بكثافة على الطقم الأمني ما أدى إلى مقتل الجندي.
أما جهود إدارة الأمن في العدين فقد توزعت بين الملاحقة الأمنية والرصد لمتابعة التنظيم، لكنها لم تستطع أن تلجم جموح عناصر التنظيم التي تتوسع وتتزايد باستمرار، ولم تكن إدارة الأمن بالعدين مجهزة بالإمكانيات التي تمكنها كي تكون بمستوى الحدث، ولذلك سقطت بعض الأخطاء، ومن تلك: بلاغ وزارة الداخلية الصادر بتأريخ 19 مايو الماضي والذي اخبر بأن عناصر الأمن بالعدين تمكنت من القبض على 10 مشبوهين بانتمائهم لتنظيم القاعده في العدين، وبعد يومين من ذلك البلاغ نشرت الداخلية تصريحا آخر قالت فيه ان المقبوض عليهم مسلحون من شرعب بتعز ولا ينتمون للقاعدة وقد تم إطلاق سراحهم.
الإعلام المؤتمري مبشر ومبتز
ومنذ بدء الحديث عن تواجد القاعدة في العدين، أولى الإعلام المؤتمري تلك القضية اهتماماً خاصاً، وبدلا من مساندته للدولة في جهود الحرب على القاعدة، سعى الإعلام المؤتمري إلى استغلال ذلك التواجد للنيل من خصومه السياسيين وتحديدا الإصلاح، محاولا تصوير الوضع بأن القاعدة امتداد له وتحظى بتشجيعه، ولم يكن ذلك سوى ابتزاز سياسي رخيص وردة فعل كيدية على الإصلاح ردا على مشاركته في الثورة الشعبية.
ففي الثالث من مايو من العام الجاري أصدرت وزارة الداخلية اليمنية بلاغا حذرت فيه من تمدد عناصر تنظيم القاعدة إلى محافظتي تعز وإب بعد تضييق الجيش الخناق على هذه العناصر في محافظتي أبين وشبوة، وتشديد الإجراءات الأمنية في مناطق الحزام الأمني المحيط بالمحافظتين ونشر النقاط الأمنية داخل المدن مع اتخاذ كافة الإجراءات والاحتياطات اللازمة لضبط أي عناصر إرهابية مشبوهة، وقالت قيادة الوزارة في توجيهها إلى «احتمال فرار العناصر الإرهابية من محافظتي شبوة وأبين بفعل الضربات القاسية الموجعة التي وجهت لهم من قبل القوات المسلحة والأمن ومعهم القوات الشعبية إلى مديريات محافظتي تعز وإب مستخدمة المواصلات العامة وعبر الطرق الرئيسية والفرعية"، وتحدثت الوزارة عن رصد تحركات وأنشطة لعناصر من تنظيم القاعدة في مديريتي العدين والسدة التابعتين لمحافظة إب وكذلك في منطقة وصاب بمحافظة ذمار.
بعد أقل من عشرة أيام على بلاغ الداخلية اتهم المؤتمر الشعبي العام عبر صحيفة الميثاق حزب الإصلاح بالتحالف مع القاعدة وأنهم في حالة استنفار ويقومون بتكديس الأسلحة والأغذية وغيرها بحزم العدين ووصاب السافل استعداداً لمواجهات مسلحة ضد الدولة.
وجاء ذلك الاتهام بمثابة رد على تصريح مصدر عسكري أن ثلاثة من قتلى القاعدة في محافظة شبوة من حراسة الرئيس السابق، وبحسب الميثاق حينها فإن خطباء المساجد في مديرية الحزم من حزب الاصلاح كرسوا خطبتي الجمعة للمناشدة للتبرع بالأموال لما أسموه دعم أعمال الخير وإطعام المساكين والفقراء وإصلاح المدارس وغيرها.. بينما يتم جمع تلك التبرعات وتسليمها لقيادات تنظيم القاعدة في المديرية وكذلك لقيادة القاعدة في مديرية وصاب السافل القريبة من مديرية حزم العدين.
ووفقا للميثاق ذكرت المصادر أنه من خلال متابعة تحركات العناصر الارهابية في مديرية حزم العدين، فقد لوحظ خلال الايام الماضية وصول مجاميع كبيرة إلى المديرية قادمين من تعز وإب ويجري ضمهم إلى معسكرات التدريب التابعة لهم في المديرية، وكشفت المصادر عن اجتماع عقد الجمعة بالحزم ضم قيادات من تنظيم القاعدة مديرية وصاب وكذلك قيادة من جماعة الاخوان وقيادة العناصر الارهابية في عزلة الاسلوم.
وتابعت الميثاق: ناقش الاجتماع ضرورة استقطاب طلاب المدارس في مديريتي حزم العدين ووصاب السافل للانضمام الى معسكرات القاعدة لتدريبهم على القتال.
موقع براقش نت التابع للمؤتمر الشعبي العام نشر خبراً في السابع عشر من ابريل 2013م قال فيه إن عناصر تنظيم القاعدة بدأت بالتوسع بشكل علني في مديريات العدين وترفع أعلامها هناك، ونقل الموقع عن مصادره أن عناصر القاعدة تقوم بتحركات مكثفة ونشطة في منطقة المقربة مديرية حزم العدين بقيادة اثنين من قيادات التنظيم العائدة من جوانتانامو وهما (عنتر علي عبدالله البعني وعمار سيف لطف)، وأن عناصر التنظيم قامت برفع علم تنظيم القاعدة على مسجد في المنطقة وأنهم يتواجدون في المنطقة بشكل علني, وبعلم الأجهزة الأمنية.
والخبران السابقان يعكسان كيف استغل ذلك الإعلام تلك القضية وسعى لتضخيمها في وجه خصومه، وعلى منوال الميثاق سارت وسائل إعلام المؤتمر الأخرى كوكالة خبر والميثاق موبايل وجميعها ركزت على تواجد القاعدة وربط حضورها في تلك المناطق بالإصلاح.
اقتحام إب وغزوة العدين
مساء الأربعاء الماضي الخامس عشر من الشهر الجاري، فوجئ المواطنون بمدينة العدين بسماع انفجارات وتبادل لإطلاق النار ومواجهات لم يعلموا حقيقتها ومن هي الأطراف التي تخوض تلك الحرب، الأمر الذي تسبب بإثارة الفزع والرعب بين السكان، وأدى إلى اخلاء المدينة وإقفال المحال التجارية، وتحول الشارع الرئيسي فيها إلى مكان مقفر خلافا لما تعود عليه الناس.
تبين لاحقا ان تلك المواجهات كانت بين القاعدة وعناصر الأمن في مديرية العدين، ولم يصدر أي توضيح أو بيان من اللجنة الأمنية العليا أو مكتب محافظ إب أو إدارة الامن بالمحافظة حول المواجهات التي شهدتها العدين حتى كتابة هذه المادة.
فالعملية من حيث توقيتها تعكس أنها لم تأت بمحض الصدفة أو في سياق الأحداث التلقائية العادية التي نشهدها يوميا في أنحاء متفرقة باليمن، التي تعيش هشاشة أمنية وموتاً سريرياً للدولة، بل إنها تشير إلى أيادٍ خفية عملت على تأجيج الوضع مستخدمة العنف لتحقيق مآربها، والتوسع على الأرض لفرض بقائها وتبرير تواجدها، والتسلسل الزمني في هذه المادة يشير إلى تطورات الاحداث وحقيقة الوضع هناك.
ففي صباح الأربعاء الخامس عشر من اكتوبر الجاري وصلت مجاميع حوثية مسلحة إلى مدينة إب عاصمة المحافظة في سياق تمددها نحو المحافظات، وقوبل وصولها بالاستنكار والرفض خاصة من مشائخ المحافظة الذين دعوا إلى لقاء موسع كان يفترض أن ينعقد صباح الخميس لتدارس الرد على دخول الحوثيين للمحافظة.
ونشر الصحفي مختار الرحبي منشورا في حسابه على الفيسبوك قال فيه إنه تلقى اتصالا هاتفيا من أحد مشائخ إب أكد له أن محافظة إب لم تسلم ولم تسقط بيد الحوثيين، وأن ماحصل هو دخول بعض المسلحين من خارج المحافظة واجتماعهم في الصالة المغلقة، وأن مشائخ إب سيجتمعون في المحافظة لرفض دخول مليشيات الحوثي تحت أي مسمى، كون المحافظة تعيش أوضاعاً أمنية طبيعية.
وقال الرحبي وهو أحد أبناء المحافظة نقلا عن الشيخ: لا توجد أملاك لعلي محسن أو آل الأحمر، ولا يوجد منافذ بحرية، ولا يوجد داعي لتواجدهم، كون ذلك سيشكل ثغرة امنية، تتيح المجال أمام تنظيم القاعدة المتواجد في المناطق الوسطى وبعض قرى العدين، وستكون هذه التحديات أبرز ما سيناقشه اجتماع المشائخ الذين يرفضون أي محاولات لجر المحافظة إلى أتون صراع هي في غنى عنه.
وبعض من هذه التفاصيل كان الزميل مأرب الورد قد أشار إليها في حسابه بتويتر ذكر فيها أن قيادات من حزب المخلوع خاصة المسئولين في السلطة المحلية في إب منحت الحوثيين صاله حكومية لعقد اجتماع ودعمتهم بالرجال لتسهيل تواجدهم في المدينه، ومن تلك القيادات أحمد الحجري محافظ إب السابق وعبدالواحد صلاح رئيس فرع الحزب بالمحافظة وجبران باشا وكيل المحافظة وعلي قعشة عضو البرلمان، وذكر ناشطون آخرون أن قائد شرطة النجدة في المحافظة وضباط بالجيش من معسكر الحمزة ومجموعة من القيادات الحوثية بالمحافظة انضمت إلى الفريق السابق، وتم استحداث نقاط أمنية في مداخل المدينة بحجة حماية المتظاهرين، وإلى هنا مضت الأمور بشكل طبيعي بانتظار ما سيسفر عنه اجتماع المشائخ.
ولأن ذلك الإجتماع كان متوقعاً له أن يتخذ قراراً حاسماً بوجه المليشيات المسلحة، سعت شخصيات وأطراف لفرض واقع جديد، والالتفاف على ذلك الاجتماع عبر تفجير الوضع باستخدام العنف، لتمرير دخول الحوثيين إلى إب، وكان استحضار القاعدة والدفع بها الى واجهة الأحداث العملية الأسرع تأثيراً والأجدر لتولي تلك المهمة.
بصمات القاعدة والجهة المستفيدة
من حيث الطريقة التي تمت بها العملية يبدو واضحاً أنها تحمل بصمات القاعدة بامتياز من حيث السطو على البنوك واقتحامها ونهبها، وهو فعل مطابق لما ارتكبته القاعدة في سيئون والمكلا سابقاً، لكن تزامن تلك المواجهات المسلحة التي شهدتها مدينة العدين بمحافظة إب مع قدوم أتباع الحوثي إلى المحافظة أثار الشكوك حول الجهة التي تقف خلف هذه العملية، التي بدت عملا مفتعلا لمنح الحوثي شرعية البقاء في محافظة إب والتمدد نحو تعز.
والسؤال هنا، لماذا تحركت القاعدة في العدين بهذا التوقيت المفاجئ؟ وبتلك الإمكانية من السلاح لتسطو على بنك التسليف؟
فمن المعلوم أن القاعدة بالعدين أصبح وجودها لدى الناس هناك أمرا طبيعياً، وتعلم إدارة الأمن ووجهاء المديرية أن هناك عناصر محسوبة على القاعدة تتواجد في مناطق محددة داخل العدين وحزم العدين، لكنها لم تكن تقم بأي أعمال إرهابية أو عمليات سطو ونهب، كغيرها من عناصر التنظيم في مناطق أخرى بمحافظة إب كالسدة، فكيف تحركت القاعدة لتقدم على عملية بهذا الحجم وهذا التكتيك المفاجئ، وتقتحم مركز مديرية العدين، وتقوم بكل تلك الأعمال الإرهابية والتدميرية مرة واحدة؟
توحي مؤشرات الأحداث وتتابعها أن تنظيم القاعدة قدم خدمة تأريخية كبيرة لجماعة الحوثي، فحتى ساعات من لحظات اقتحام محافظة إب، لم يكن واردا ان تنزلق المحافظة نحو هذا السيناريو الخطير، وبتلك العملية الاقتحامية للعدين أعطت القاعدة جماعة الحوثي المبرر المناسب الذي تبحث عنه للبقاء في إب، وهو ما أفصح عنه الناطق باسم الحوثي محمد عبدالسلام في تصريحه لصحيفة السياسة الكويتية، حين سئل عن أسباب تمدد جماعته إلى محافظة إب والحديدة وذمار، حيث قال: "إن المسألة الصحيحة التي لا يريد البعض أن يراها هي أن أبناء إب والحديدة وذمار قاموا بواجبهم في حماية أنفسهم وبالتنسيق معنا وتشجيعهم في أن يكون لهم دور في مصارعة المستبدين وأن لا يظلوا مستهدفين من قبل القاعدة أو غيره".
وبغض النظر عن كون القاعدة لم تدرك هذا البعد أو لا، تكشف تطورات الأحداث التي شهدتها محافظة إب بعد أحداث العدين، أن ذلك السيناريو كان عملا مخططاً للإطاحة بالمحافظة من البوابة الأمنية، كانت القاعدة فيه الشماعة التي تعلقت عليها جميع تلك المخططات.
فمنذ تعيينه مديراً لأمن إب، ظل العقيد فؤاد العطاب هدفاً مباشراً للإعلام المؤتمري الذي فتح النار عليه، وجعله في مرمى الاستهداف مقللا من أي جهود يقوم بها ومعتبراً أنه لا يعمل لمصلحة المحافظة بل لمصلحة حزب الإصلاح، ولم تكن تلك التهم نابعة من الفراغ، فالعطاب منذ اليوم الأول لتكليفه وجد نفسه وجها لوجه في مواجهة قطيع واسع من النفوذ المشائخي المغلف بحزبية الانتماء للمؤتمر لكنه يمارس الاستبداد والانتهاكات، مما أدى إلى تفجر الأوضاع الأمنية ذات الطابع الحقوقي بأكثر من مديرية داخل المحافظة.
ولأن تعيين العطاب كان في عهد وزير الداخلية السابق اللواء عبدالقادر قحطان، فقد لعب المؤتمر على هذه الورقة كثيراً، واتهمه أكثر من مرة بتهمة الانتماء للإخوان، بل وصل الأمر حد إخراج المظاهرات المنددة والمطالبة بإقالته من منصبه.
وبدا هذا الهدف المؤتمري واضحا في استغلال التدهور الأمني للإطاحة بالعطاب، وحين وصلت مليشيات الحوثي إلى المحافظة كان أول شروطها هو إقالة العطاب، واتفقت بذلك المطلب مع مطلب المؤتمر الشعبي العام.
ويترجم منشور عبدالله الحضرمي رئيس تحرير صحيفة اليمن اليوم التابعة للزعيم على الفيسبوك تلك الرغبة بين الجانبين فقد قال في منشوره بنفس الليلة التي وقعت فيها الأحداث ما يلي: "جماعة انصار الله اتفقت مع محافظ اب على عدد من الاصلاحات العاجلة وحددت الاولوية للامن وطلبت اقالة مدير الامن فؤاد العطاب الذي انفلت الامن في عهده انفلاتا غير مسبوقا كما تتهمه الجماعة بدعم (الدواعش) وتسهيل انتشارهم في المحافظة وفي عاصمتها بالتحديد كما وردني.
وأضاف: وافق المحافظ على تلك المطالب التي كان يحتاج لمن يدعمه في تنفيذها، وفي المساء هاجم مسلحون في مديرية العدين ادارة الامن والمجلس المحلي فيما توجه فريق اخر من المهاجمين لنهب كاك بنك ومكتب البريد وفي الاثناء كان الناهبون يرددون الصرخة الحوثية، غير معروف ما اذا كانت الخطوة التي حدثت في مديرية العدين ذكية ام على درجة كبيرة من الغباء للرد على انصار الله الذين انتزعوا سلطة الاصلاح على امن محافظة اب".
تصريح الحضرمي وضح كل الغموض وأزال اللبس وصار واضحاً للعيان من هو المستفيد من إستقدام الحوثي؟ أصبح العطاب هدفاً مشتركاً للمؤتمر والحوثي وتحقق لهما ما ارادا، فقد قدم إستقالته الى وزير الداخلية من أجل سلامة المحافظة وابنائها وحقناً للدماء حسبما جاء في رسالة الإستقالة.
[email protected]


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.