نشعر بالأسى والحزن، ونحن نراقب ونتابع آخر التطورات المقبلة من بلدنا الحبيب اليمن، وقلوبنا تعتصر الماً وحرقة كبيرة، ومرارة في حلوقنا وصدورنا كمغتربين ومهاجرين في المنفى الاختياري بأمريكا وأوروبا، ومواطنين يمنيين في الوقت نفسه، ونحن نشاهد الحرب الأهلية تشتعل في مختلف مدن اليمن، ابتداء بصنعاء، وذمار والحديدة ووصولا إلى مناطق ومحافظات وسط اليمن مثل إب، التي سيطر الحوثيون على مديرية الرسمة يوم الثلاثاء الماضي، التابعة لمحافظة إب، بعد اشتباكات دامية دامت اكثر من اسبوعين مع قبائل الرضمة، خلفت عشرات القتلى ومئات الجرحى معظمهم من التيار الحوثي المسلح، فيما تتواصل حتى ساعة كتابة هذه السطور ، معارك ضارية في مدينة رداع (268كم) تبعد عن العاصمة اليمنيةصنعاء، وسقوط خلالها المئات من القتلى والجرحى، ولازالت ارقام الضحايا في تصاعد. نعود للعنوان الأساسي لمقالنا هذا ، وهو عدم خروج مشاورات المبعوث الأممي إلى اليمن، جمال بن عمر بأي جديد، الذي وصل صنعاء الاثنين الماضي في زيارة له تعد رقم 36 من جولاته المكوكية لليمن منذ تنصيب الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي، خلفا لسلفه الرئيس السابق علي عبد الله صالح. فالحوثيون فوضوا الرئيس هادي خالد محفوظ بحاح رئيس الحكومة اليمنية المكلف، بتشكيل الحكومة التي لم يكتب لها ان تولد، وإن ولدت فلن تولد الا بعملية قيصرية، ولا ندري اي جراح بارع سواء يكون يمنيا أو أمريكياً اجنبياً قد يستطيع أجراء عملية الولادة تلك بأقل الخسائر ودون أن يغضب طرف ضد آخر أو يعلن انسحابه من توليفة حكومة جديدة تواجه معضلات جمة ابرزها الوضع الأمني المنعدم والاقتصاد المنهار، وانتشار السلاح في أيدي مليشيات الحوثيين او أنصار الشريعة تنظيم القاعدة الإرهابي .. في ظل حالة الفرز الطائفي والمناطقي غير المسبوق الذي تعيشه اليمن هذه الأيام ؟ ومع ذلك قام السيد بحاح بتشكيل حكومة وحدة وطنية كما سميت، وسمى الحقائب الوزارية، قبل اكثر من أسبوع ونشر هذا الخبر في موقع العربية والجزيرة نت، وصحف عربية ودولية «القدس العربي»، والرياض السعودية.. وكشف فيه رئيس الحكومة المكلف خالد بحاح عن توزيع الحقائب الوزارية على المكونات السياسية وحصة كل مكون سياسي من عدد المقاعد في الحكومة المقبلة. ويتضمن الاتفاق – بحسب بحاح – توزيع حقائب الوزارات على المكونات السياسية المشاركة في مؤتمر الحوار بواقع تسع حقائب لمكون المؤتمر الشعبي وحلفائه، وتسع حقائب لمكون اللقاء المشترك وشركائه، وست حقائب لمكون الحراك الجنوبي السلمي وست حقائب لمكون أنصار الله (الحوثيين) اما التعيين في الحقائب الوزارية السيادية والمتمثلة بوزارات الخارجية والمالية والدفاع والداخلية فهو متروك للرئيس عبد ربه منصور هادي. ووقع الحوثيون على حقائب حكومة بحاح بموجب ذلك الإتفاق، ثم بعد ايام خرجوا علينا هم والرئيس السابق رئيس حزب المؤتمر الشعبي علي عبد الله صالح، بأنهم لن يشاركوا في توليفة تلك الحكومة ويعلنون انسحابهم منها مكون أنصار الله.. مما يؤكد أن هدف الحوثيين فقط هو كسب مزيد من الوقت، من اجل استمرار زحفهم الطائفي الجغرافي على معظم إن لم نقل جميع مدن اليمن وممراتها الاستراتيجية الجوية والبحرية. في العام 2012، ومن أدبياتهم عدم الالتزام بأي اتفاق يبرمونه مع الحكومة المركزية في صنعاء او ما تبقى منها، ولذلك هذا التفويض الجديد للرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي والسيد خالد محفوظ بحاح رئيس الوزراء اليمني المكلف بتشكيل حكومة كفاءات بعيدا عن الحزبية ، وتمثل كفاءات وطنية حسب تعبير الحوثيين ولا ندري ما المقصود بالكفاءات من منظورهم هم اي الحوثيين وزعيمهم الرئيس السابق صالح؟ وهم من وجه نظرنا الذين يكونون ملكيين أكثر من الملك، وحوثيين أكثر من السيد عبد الملك الحوثي زعيم أنصار الله (الحركة الحوثية) المسلحة الشيعية في اليمن، المدعومة من قبل إيران. ونجزم أن أيام اليمن المقبلة ستكون ساخنة بكل المقاييس، ملتهبة أيضاً ، فهناك تصعيد مستمر وحركة احتجاجات في الجنوب، تطالب بفك الارتباط وانفصال الجنوباليمني عن شماله، وتحظى بمساندة للأسف من بعض دول الخليج التي لها مصالح اقتصادية وسياسية من وراء ذلك ، أعلن عنها قبل اكثر من أسبوعين وسوف تستمر حتى نهاية الشهر الحالي ، وهنالك مخاوف داخلية ودولية من حالة الاحتقان الشعبي التي يعيشها جنوباليمن هذه الأيام ، والتي قد تؤدي النجاح في إعلان الانفصال فعلياً، خصوصاً إذا ما حظي بضوء اخضر بمساندة حكومية او رئاسية في لحظة يأس للرئيس هادي من استمرار الحوثيين عرقلة مسيرة الانتقال السياسي، وتشكيل حكومة وطنية لا يتدخل الحوثيون بعملها والحفاظ بمناصب الوزارات السيادية مثل الخارجية والداخلية، والإعلام والدفاع لشخصيات موالية له، وكذلك اتساع رقعة الحرب الأهلية بين القبائل اليمنية السنية ، وبين الحوثيين، وبين الحوثيين وتنظيم القاعدة من جهة اخرى لمحافظات في اقصى الشمال ووسط البلاد مثل الحديدةوإب، وكذلك جنوب العاصمة صنعاء مثل محافظة البيضاء، ورداع حيث تتزايد العمليات الانتحارية بالسيارات المفخخة والكمائن المسلحة التي يقوم بها تنظيم انصار الشريعة (القاعدة الاسلامي المتطرف) التي تستهدف عناصر التيار الحوثي، والاشتباكات المتبادلة بالأسلحة المختلفة الخفيفة والثقيلة ، يوماً بعد آخر وأسبوع بعد أسبوع وشهر بعد شهر، والدخول في مسلسل حرب أهلية طويلة المدى.