بعد الضغود الهائلة التي تعرض لها رئيس لجنة التحقيق الأممية في حرب غزة الأخيرة الحقوقي الكندي "وليام شاباس" أعلن استقالته، وهو الأمر الذي رحب به رئيس الوزراء الإسرائيلي في بيان له أعرب فيه عن "ارتياحه" لاستقالة "شاباس"، ووصف رئيس الوزراء الإسرائيلي الرئيس المستقيل للجنة الأممية للتحقيق في الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة بأنه كان "منحازًا ضد إسرائيل"، وكانت إسرائيل عارضت بقوة تعيين "شاباس"، رئيسًا للجنة وشنت حملة سياسية وإعلامية ضده، وقابل "شاباس" هذه الحملة بالتأكيد أكثر من مرة أنه لن يستقيل وسيكمل مهمته، ولكن من الواضح أنه لم يستطع الاستمرار، فأعلن استقالته. حملة واسعة ضد «شاباس» وقال "شاباس" الخبير في مجال حقوق الإنسان والذي عيّن رئيسًا للجنة في آب/أغسطس المنصرم، في رسالة استقالته التي قدمها للمفوضية العليا لحقوق الإنسان إن استقالته ستدخل حيز التنفيذ على الفور؛ ليمنع أي تأثير لهذه القضية على إعداد تقرير اللجنة ومستجداته، والذي يتوقع أن يصدر في آذار/مارس المقبل. وكانت وزارة الخارجية الإسرائيلية شنت حملة واسعة ضد "شاباس" منذ البداية، وأعلنت عن استيائها من اختياره رئيسًا للجنة مجلس حقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة للتحقيق في مجريات حملة "الجرف الصامد" العسكرية الإسرائيلية في غزة الصيف المنصرم 2014، وقالت الخارجية الإسرائيلية آنذاك إن "التقرير قد كُتب بمجرد تعيين شخص يحمل آراء ضد إسرائيل مثل شاباس، والعنوان بات معروفًا قبل البدء بالتحقيق". نتائج تقرير لجنة «جولدستون» أما الخبير الحقوقي "وليام شاباس" فقد قال في مؤتمر Russell Tribunal on Palestine اشترك فيه العام الفائت، إنه يود أن يرى رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في قفص الاتهام أمام محكمة لاهاي الدولية، المكلفة بالتحقيق في جرائم الحرب، وتطرق إلى نتائج تقرير لجنة "جولدستون" التي حققت في عمليات الجيش الإسرائيلي في غزة قبل أربع سنوات عقب انتهاء حملة عسكرية إسرائيلية أطلق عليها "الرصاص المصبوب"، وقال إن أعضاء اللجنة لم يتراجعوا عن استنتاجاتهم الواضحة والتي تشير بوضوح إلى حصول جرائم حرب في غزة. "شاباس" وتهمة العداء لإسرائيل ونفى "شاباس" الاتهامات الإسرائيلية بأنه "معاد لإسرائيل"، وقال: "هل أصبح معاديًا لإسرائيل بمجرد أني أختلف مع نتنياهو بالآراء؟"، واعترف "شاباس" أنه يتعرض لضغوط شديدة من الحكومة الإسرائيلية، لكنه أكد انه لن يستقيل "إلا إذا رأى مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، أن وجودي على رأس اللجنة سيعطل سير التحقيق، وإلا فلن أستقيل"، وأضاف: "أنا لم أسمع هذه الدعوات إلا من الإسرائيليين، وإعلامهم ومن المؤيدين لهم، ولن أفسح المجال لأي منهم ليزعجني، فأنا هنا من أجل القيام بعمل كلفت به ولن أتراجع، والتحقيق يجب أن يجري". قرار مجلس الأمن الدولي وكانت لجنة التحقيق تشكلت بموجب قرار صادر عن مجلس الأمن الدولي في 23 تموز/يوليو للنظر في انتهاكات محتملة للقانون الدولي الإنساني في العمليات العسكرية، التي بدأت في 13 حزيران/يونيو الماضي، ولتحديد المسؤولين عنها من أجل ملاحقتهم، وبدأت إسرائيل حملة عسكرية في قطاع غزة في 8 تموز/يوليو استمرت 51 يومًا حتى 26 آب/أغسطس، خلفت أكثر من 2200 قتيل وآلاف الجرحى والمشردين، والتزمت إسرائيل والفصائل الفلسطينية في غزة بهدنة بعد الحرب، وجرت مفاوضات غير مباشرة برعاية مصرية في القاهرة لم تتمخض عن أي نتائج. وتضم لجنة التحقيق إلى جانب "شاباس" كلًا من "دودو ديين" من السنغال، الذي شغل سابقًا مراقب الوكالة الدولية للعنصرية بعد صراع ساحل العاج، والحقوقية النيويوركية السابقة "ماري ماكغاون ديفيس". قال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، إنه بعد استقالة ويليام شاباس من رئاسة اللجنة الأممية لتقصي الحقائق "يجب وضع تقرير اللجنة على الرف"، وأكد نتنياهو وجوب "إخضاع حماس ومنظمات أخرى وأنظمة حكم ارهابية للتحقيق وليس إسرائيل التي التزمت بالقانون الدولي"، وشدد على "أن إسرائيل تواصل الدفاع عن النفس بوجه الإرهاب الممارس ضدها في جميع الجبهات". فرحة نتنياهو ووصف رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، الرئيس المستقيل للجنة الأممية للتحقيق بأنه كان "منحازًا ضد إسرائيل"، وفي تصريح مكتوب قال نتنياهو: "بعد استقالة رئيس اللجنة الأممية الذي كان منحازًا ضد إسرائيل، يجب الآن شطب تقريره الذي كُتب بمبادرة مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، الذي يعرف بكونه معاديًا لإسرائيل، وأثبت بقراراته بأن لا علاقة له بحقوق الإنسان لا من قريب ولا من بعيد". إطلاق الصواريخ على إسرائيل وأضاف نتنياهو: "في العام 2014، مرر هذا المجلس قرارات ضد إسرائيل، كان عددها أكثر من جميع القرارات التي مررها ضد كل من إيران، وسوريا، وشمال كوريا"، وتابع: "يجب إجراء تحقيق حول ممارسات حماس، والتنظيمات الإرهابية الأخرى، والأنظمة الإرهابية التي توجد من حولنا، وليس حول ممارسات إسرائيل التي عملت أيضًا أثناء الصيف المنصرم، وفقًا للقانون الدولي، حينما دافعت عن نفسها من مجرمي الحرب الحمساويين الذين استخدموا سكان غزة دروعًا بشرية من أجل إطلاق الصواريخ على إسرائيل"، واستطرد: "إسرائيل ستواصل الدفاع عن نفسها من الإرهاب الذي يوجّه ضدها من كل الجبهات". بدوره اعتبر وزير الخارجية الإسرائيلي، أفيغدور ليبرمان، أن استقالة "شاباس" تبرهن "أنه حتى الهيئات الدولية الأشد نفاقًا لا تتمكن من التغاضي عن كون تعيين شاباس يشابه تعيين قابيل للتحقيق في مقتل هابيل"، فيما دعا رئيس لجنة الخارجية والأمن لدى الكنيست الإسرائيلي، ياريف ليفين، إلى حل لجنة التحقيق الأممية كليًا معتبرًا "أن تعيين شاباس رئيسًا لها كان خطأً من أساسه"، وأكد ليفين "أن خطوة شاباس هذه هي دليل آخر على أن جهودًا دبلوماسية حازمة وإصرارًا حكوميًا على إثبات الحقيقة يؤديان في نهاية المطاف إلى تحقيق نجاحات في الحلبة المعادية التي يشكلها مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة"، ورحب نائب وزير الخارجية الإسرائيلي، تساحي هانغبي، باستقالة شاباس، وقال: "لا ضلع لإسرائيل في الضغوط التي مورست عليه لتقديم الاستقالة"، مرجحًا أن يتم اختيار رئيس آخر للجنة "بهدف إضفاء صبغة الشرعية على نتيجة حددت مسبقًا ضد إسرائيل". وكانت إسرائيل قبل ذلك امتنعت عن التعاون مع بعثة الأممالمتحدة لتقصي الحقائق والمعروفة ب" لجنة غولدستون" التي شكلها مجلس حقوق الإنسان، عقب الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة (2008-2009) وترأسها القاضي الجنوب إفريقي اليهودي ريتشارد غولدستون، وكشفت عن ارتكاب إسرائيل "جرائم حرب ضد المدنيين الفلسطينيين" خلال تلك الحرب.