جاء الفيتو الروسي على اقتراح دول مجلس التعاون الخليجي لقرار في مجلس الأمن يدين الانقلاب الحوثي في اليمن، ليثير تساؤلات كبيرة حول الظهور الروسي المفاجئ في القضية اليمنية بعد التطورات الكبيرة التي شهدتها صنعاء مؤخرا، والتي أفضت إلى تسلم جماعة الحوثيين لزمام الأمور، خاصة بعد إعلانهم الدستوري الذي قرروا فيه حل البرلمان اليمني وتشكيل مجلس وطني من 551، ويتولى تشكيل مجلس رئاسي وحكومة يقودان اليمن خلال الفترة الانتقالية التي حددت في الإعلان الدستوري الحوثي بعامين. الفيتو الروسي وأسعار النفط: وجاء الفيتو الروسي على قرار مجلس دول التعاون الخليجي الذي تمثله قطر حاليا في مجلس الأمن بمثابة رد – حسب مراقبين – على قيام دول الخليج وعلى رأسها السعودية برفض خفض إنتاج النفط مما أدى إلى هبوط حاد في أسعار النفط عالميا، حيث انخفضت من 110 دولارات في يونيو الماضي إلى أقل من 45 دولارا خلال الشهر الماضي، قبل أن يرتفع ارتفاعا طفيفا الأسابيع الماضية. وكانت روسيا قد اتهمت المملكة العربية السعودية بالتآمر على اقتصادها مع الولاياتالمتحدةالأمريكية، حيث عبر الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، عن ذلك في أحد المؤتمرات الصحفية، حيث انخفض سعر الروبل الروسي كثيرا أمام الدولار الأمريكي عالميا، فيما دخل الاقتصاد الروسي المعتمد على النفط والغاز بالدرجة الأولى مرحلة الانكماش رسميا حسب تقديرات لمؤسسات اقتصادية دولية. واتهمت إيران أيضا – الحليف الإقليمي لروسيا وللحوثيين في اليمن – المملكة العربية السعودية بالوقوف خلف هبوط أسعار النفط في العالم، للتأثير على الاقتصاد الإيراني المعتمد على النفط، في إطار الصراع الإقليمي بين إيران والسعودية في عدة ملفات من أبرزها الملف السوري واليمني. ولا تخفي إيران دعمها للحوثيين في اليمن، حيث عبر عدد من القيادات السياسية والدينية والعسكرية عن اغتباطهم بسيطرة الحوثيين الشيعة على مقاليد الأمور في العاصمة صنعاء، وإعلانهم الدستوري، حيث اعتبروه مكملا للمبادرة الخليجية. بوتين يطلب وساطة السيسي لدى الخليج دعما للحوثيين: وكانت مصادر قد قالت إن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الذي كان يزور مصر منذ أيام طلب من عبد الفتاح السيسي رئيس النظام الانقلابي في مصر التوسط لدى دول الخليج لتغيير موقفها من الحوثيين والضغط عليهم. ويوضح مراقبون أن الطلب الروسي من مصر يوضح اتجاه روسيا الواضح لدعم الحوثيين في اليمن في ظل الموقف الدولي الذي يكاد يجمع على فرض عزلة سياسية واقتصادية على الحوثيين، خاصة بعد إعلان تسعة دول على الأقل منهم دولتان خليجيتان سحب سفرائهم من صنعاء. ويفتح الدعم الروسي للحوثيين في اليمن – حسب محللين – الباب أم فتح جبهة جديدة من الصراع الدولي الدائر بين أمريكا والغرب وحلفائهم في الدول العربية من جهة وبين روسيا والصين وحليفتهما إيران وحلفائهم الإقليميين في سوريا ولبنان والبحرين واليمن. الموقف المصري ضعيف: وتوقع مراقبون أن تفشل الوساطة المصرية لصالح الروس لدى الخليجيين، في ظل التوتر الذي يخيم على العلاقات المصرية السعودية تحديدا، والفتور في الدعم الذي تقدمه دول الخليج بشكل عامل للنظام الانقلابي في مصر. وفي وقت سابق أشار محللون وكتاب إلى أن النظام السعودي الجديد بقيادة الملك سلمان بن عبد العزيز لا يدعم النظام المصري الانقلابي كما كان يدعمه نظام الملك السعودي الراحل الملك عبد الله بن عبد العزيز اقتصاديا وسياسيا، مدللين على ذلك بعدم حضور السيسي لجنازة الملك عبد الله بن عبد العزيز بعد القرارات التي اتخذها الملك سلمان بعد ساعات من توليه الحكم بإبعاد رئيس الديوان الملكي السابق خالد التويجري من منصبه. وكانت وزارة المالية المصرية قد أكدت أن المساعدات الخليجية وخاصة السعودية قد توقفت بشكل شبه كامل منذ وصول الجنرال عبد الفتاح السيسي لحكم مصر في الانتخابات الرئاسية التي جرت في يونيو الماضي. وأوضحت مصادر مطلعة أن السعودية أوقفت دعمها لصفقة سلاح روسي لمصر كانت قد قررت دعمها في فبراير 2014 في عهد الملك عبد الله بن عبد العزيز، وهو الخبر الذي جاء بعد ساعات من الفيتو الروسي ضد قرار مجلس الأمن المقدم من دول مجلس التعاون الخليجي مساء الخميس الماضي، وهو ما اعتبره مراقبون رسالة مزدوجة للجانبين المصري والإسرائيلي.