لم يكن الانقلاب الذي نفذته الجماعة الحوثية الذراع الإيراني في الجمهورية اليمنية وليد الإعلان الدستوري الذي أصدرته اللجنة الثورية التابعة لجماعة أنصار الله الحوثي يوم الجمعة 6 فبراير 2015، الذي تضمن حل البرلمان وتشكيل مجلس وطني انتقالي ومجلس رئاسي من خمسة أعضاء، وذلك لتنظيم الفترة الانتقالية التي حددتها اللجنة بعامين وتنصيب رئيس اللجان الثورية التابعة لجماعة أنصار الله محمد علي الحوثي حاكما فعليا على اليمن خلال المرحلة الانتقالية المقبلة. الإعلان الدستوري في يوم الجمعة 6 فبراير 2015 جاء ليعلن اكتمال ملامح الانقلاب الحوثي الذي كانت بدايته التحرك خارج محافظة صعدة وإسقاط محافظة عمران في شهر رمضان الماضي، ومن ثم التوجه نحو العاصمة اليمنيةصنعاء والسيطرة عليها حيث جاء اتفاق السلم والشراكة ما بين الجماعة الحوثية والرئيس اليمني المستقيل عبدربه منصور هادي ليضفي الشرعية على تحركات الجماعة الحوثية في الأراضي اليمنية وبسط السيطرة والتمدد إلى بقية محافظاتاليمن. جاءت استقالة الرئيس اليمني هادي ورئيس حكومته خالد بحاح قبل أسبوعين لتحدث فراغا في السلطة، الأمر الذي كان في صالح جماعة أنصار الله الحوثي التي تحركت إلى ملء الفراغ الناتج في السلطة باعتبارها الجماعة المنظمة والقوة المسيطرة على الأرض وبخاصة على العاصمة اليمنيةصنعاء. من جهة أخرى، الانقلاب الذي نفذته الجماعة الحوثية في الجمهورية اليمنية سعى إلى إحداث تغيير في موازين القوى في المنطقة لصالح الجمهورية الإسلامية الإيرانية، وبذلك يكون قد اقترب تحقيق ما حذر منه الملك الأردني عبدالله الثاني أثناء زيارته للولايات المتحدةالأمريكية في ديسمبر العام 2004 من إنشاء هلال يخضع للنفوذ الشيعي يمتد إلى لبنان ويخل بالتوازن القائم مع السنة. أما عن مصير منطقة الخليج العربي التي لا تمتلك أي خيارات للرد على ما يحدث في اليمن وهذا ما ظهر جليا في البيان الخليجي عقب الانقلاب الحوثي في اليمن، ففي ظل استمرار النفوذ الإيراني في العراق وتزايد نفوذها في اليمن أصبحت المنطقة الخليجية تعيش وسط الكماشة الإيرانية الأمر الذي يجعل أمنها واستقرارها على كف عفريت. أما عن الموقف الدولي، فليس هناك حتى اللحظة وجود لبوادر تحرك ولن يكون هناك، فالدول الغربية وبخاصة الولاياتالمتحدةالأمريكية التي سبق وأن صرحت إبان محاصرة الحوثيين لمنزل الرئيس اليمني هادي منصور قبل أن يقدم استقالته، بأن محاربة تنظيم القاعدة الإرهابي وسلامة الأمريكيين من أولى أولوياتها في اليمن، هذا يجعلنا نقول إن الإدارة الأمريكية لن تسعى إلى تغيير ما يحدث في اليمن، بل ستسعى إلى القبول به والتعاون معه، بخاصة أن زعيم الجماعة عبدالملك بدر الدين الحوثي بعد إعلان الانقلاب في اليمن، سعى إلى ذكر محاربة تنظيم القاعدة الإرهابي في كلمته، وكأنه بذلك أراد أن يقدم نفسه وجماعته للدول الغربية باعتبارها الجماعة المنظمة والقوة المسيطرة على الأرض لمواجهة تنظيم القاعدة الإرهابي.