مسؤول أمريكي يكشف تفاصيل جديدة عن الهجوم الإسرائيلي داخل إيران والموقع المستهدف    اليمن تأسف لفشل مجلس الأمن في منح العضوية الكاملة لدولة فلسطين في الأمم المتحدة مميز    السويد ترسل قوة عسكرية إضافية لحماية الملاحة في البحر الأحمر مميز    لماذا يموتون والغيث يهمي؟    تعز.. قوات الجيش تحبط محاولة تسلل حوثية في جبهة عصيفرة شمالي المدينة    حالة وفاة واحدة.. اليمن يتجاوز المنخفض الجوي بأقل الخسائر وسط توجيهات ومتابعات حثيثة للرئيس العليمي    - بنك اليمن الدولي يقيم دورتين حول الجودة والتهديد الأمني السيبراني وعمر راشد يؤكد علي تطوير الموظفين بما يساهم في حماية حسابات العملاء    الممثل صلاح الوافي : أزمة اليمن أثرت إيجابًا على الدراما (حوار)    خطوات هامة نحو تغيير المعادلة في سهل وساحل تهامة في سبيل الاستقلال!!    بن بريك يدعو الحكومة لتحمل مسؤوليتها في تجاوز آثار الكوارث والسيول    أول تعليق إماراتي بعد القصف الإسرائيلي على إيران    المانيا تقرب من حجز مقعد خامس في دوري الابطال    برشلونة يسعى للحفاظ على فيليكس    الحوثيون يفتحون مركز العزل للكوليرا في ذمار ويلزمون المرضى بدفع تكاليف باهظة للعلاج    اشتباكات قبلية عنيفة عقب جريمة بشعة ارتكبها مواطن بحق عدد من أقاربه جنوبي اليمن    الجنوب يفكّك مخططا تجسسيا حوثيا.. ضربة جديدة للمليشيات    الرد الاسرائيلي على ايران..."كذبة بكذبة"    الأهلي يصارع مازيمبي.. والترجي يحاصر صن دوانز    السعودية تطور منتخب الناشئات بالخبرة الأوروبية    اقتحام موانئ الحديدة بالقوة .. كارثة وشيكة تضرب قطاع النقل    العثور على جثة شاب مرمية على قارعة الطريق بعد استلامه حوالة مالية جنوب غربي اليمن    مسيرة الهدم والدمار الإمامية من الجزار وحتى الحوثي (الحلقة الثامنة)    بعد إفراج الحوثيين عن شحنة مبيدات.. شاهد ما حدث لمئات الطيور عقب شربها من المياه المخصصة لري شجرة القات    تشافي وأنشيلوتي.. مؤتمر صحفي يفسد علاقة الاحترام    طعن مغترب يمني حتى الموت على أيدي رفاقه في السكن.. والسبب تافه للغاية    استدرجوه من الضالع لسرقة سيارته .. مقتل مواطن على يد عصابة ورمي جثته في صنعاء    سورة الكهف ليلة الجمعة.. 3 آيات مجربة تجلب راحة البال يغفل عنها الكثير    عملة مزورة للابتزاز وليس التبادل النقدي!    نقطة أمنية في عاصمة شبوة تعلن ضبط 60 كيلو حشيش    مركز الإنذار المبكر يحذر من استمرار تأثير المنخفض الجوي    إنهم يسيئون لأنفسم ويخذلون شعبهم    مولر: نحن نتطلع لمواجهة ريال مدريد في دوري الابطال    طاقة نظيفة.. مستقبل واعد: محطة عدن الشمسية تشعل نور الأمل في هذا الموعد    الفلكي الجوبي: حدث في الأيام القادمة سيجعل اليمن تشهد أعلى درجات الحرارة    رغم وجود صلاح...ليفربول يودّع يوروبا ليغ وتأهل ليفركوزن وروما لنصف النهائي    شقيق طارق صالح: نتعهد بالسير نحو تحرير الوطن    نقل فنان يمني شهير للعناية المركزة    ريال مدريد وبايرن ميونخ يتأهلان لنصف نهائي دوري ابطال اوروبا    تنفيذي الإصلاح بالمحويت ينعى القيادي الداعري أحد رواد التربية والعمل الاجتماعي    الرئيس: مليشيا الحوثي تستخدم "قميص غزة" لخدمة إيران ودعم الحكومة سيوقف تهديداتها    بمناسبة الذكرى (63) على تأسيس العلاقات الدبلوماسية بين اليمن والأردن: مسارات نحو المستقبل و السلام    قبل قيام بن مبارك بزيارة مفاجئة لمؤسسة الكهرباء عليه القيام بزيارة لنفسه أولآ    وفاة مواطن وجرف سيارات وطرقات جراء المنخفض الجوي في حضرموت    آية تقرأها قبل النوم يأتيك خيرها في الصباح.. يغفل عنها كثيرون فاغتنمها    غرق شاب في مياه خور المكلا وانتشال جثمانه    بن بريك يدعو لتدخل إغاثي لمواجهة كارثة السيول بحضرموت والمهرة    "استيراد القات من اليمن والحبشة".. مرحبآ بالقات الحبشي    دراسة حديثة تحذر من مسكن آلام شائع يمكن أن يلحق الضرر بالقلب    مفاجأة صادمة ....الفنانة بلقيس فتحي ترغب بالعودة إلى اليمن والعيش فيه    تصحيح التراث الشرعي (24).. ماذا فعلت المذاهب الفقهية وأتباعها؟    10 أشخاص ينزحون من اليمن إلى الفضاء في رواية    وللعيد برامجه التافهة    السيد الحبيب ابوبكر بن شهاب... ايقونة الحضارم بالشرق الأقصى والهند    ظهر بطريقة مثيرة.. الوباء القاتل يجتاح اليمن والأمم المتحدة تدق ناقوس الخطر.. ومطالبات بتدخل عاجل    أبناء المهرة أصبحوا غرباء في أرضهم التي احتلها المستوطنين اليمنيين    وزارة الأوقاف تعلن صدور أول تأشيرة لحجاج اليمن لموسم 1445ه    تأتأة بن مبارك في الكلام وتقاطع الذراعين تعكس عقد ومرض نفسي (صور)    النائب حاشد: التغييرات الجذرية فقدت بريقها والصبر وصل منتهاه    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



قراءة إسرائيلية ل «عاصفة الحزم» في اليمن.. الرابحون والخاسرون
نشر في الخبر يوم 29 - 03 - 2015

لم تكن العملية العسكرية الجوية التي نفذتها طائرات تحالف "عاصفة الحزم" ضد أهداف حوثية في اليمن فجر الخميس 26 مارس شأنا عربيا داخليا، فإلى جانب الاصطفاف الإقليمي والدعم الدولي كانت العين الإسرائيلية ترقب عن كثب تطورات الموقف الميداني في اليمن، دون أن يهمها من سينتصر في النهاية في هذا الصراع السياسي الداخلي بصورة مباشرة، بقدر ما وضعت أهمية فائقة لمآلات هذا الصراع على البيئة الإستراتيجية في المنطقة التي تشهد سيولة غير مسبوقة في الأحداث.
* خارطة القوات
فوجئ الإسرائيليون كما يبدو من القرار السعودي العربي بتنفيذ العملية العسكرية "عاصفة الحزم" ضد الحوثيين في اليمن على اعتبار أن ذلك يرفع من وتيرة التوتر القائم أصلا في المنطقة مع إيران التي تعتبر نفسها وصية على الحوثيين الذين نفذوا انقلابهم الأخير في اليمن، وقد جاءت المفاجأة الإسرائيلية لأن السلوك السعودي بقي في السنوات الأخيرة رتيبا هادئا دون الانتقال بقفزات نوعية كبيرة.
فقد أشار الخبير الإسرائيلي في الشؤون العربية تسفي بارئيل إلى أن السعودية باتت متخوفة من تبعات تقدم الحوثيين في اليمن، لأن ذلك قد يفتح شهية شيعة المملكة وجارتها البحرين، وهو ما جعلها تبادئ الحوثيين -ومن ورائهم إيران- بعمليتها هذه دون ضجيج كبير سبقها.
القراءة الإسرائيلية ليوميات العملية العسكرية الحاصلة في اليمن يرافقها رصد لتوزيع خارطة القوات السياسية والمليشيات العسكرية التي تعمل في البلاد، وتظهر كم هي معقدة بشكل لا يقل عن سوريا، ففي جنوب اليمن يعمل بجانب جزء من قوات النظام، ومجموعات كبيرة من نشطاء القاعدة المدعومين من قبل جزء من القبائل السنية، وفي نفس المنطقة تعمل قوات تابعة لتنظيم الدولة الإسلامية.
وفي معاقل الجنوبيين تنشط مليشيات سنية تطالب مجددا بإعادة تقسيم اليمن (جنوبي وشمالي)، وقبائل مسلحة تطالب بتقسيم عادل لموارد النفط في البلاد التي يتواجد معظمها في الجنوب.
وهناك مخاوف إسرائيلية متزايدة من تعاظم أنشطة تنظيم القاعدة الذي جعل من اليمن نقطة الارتكاز الأقوى له، ولنشاطاته في شبه الجزيرة العربية، ولا سيما بعد أن أخرجت الولايات المتحدة جميع جنودها من القاعدة الجوية في عدن في الأيام الأخيرة، وأغلقت سفارتها بصنعاء، وتم تعليق الهجمات على مواقع تنظيم القاعدة.
في السياق ذاته، يوضح بارئيل أن الهجوم السعودي العربي على مواقع الحوثيين سبقه انقضاض الحوثيين على السلطة، بحيث تحولوا رافعة سياسية لصالح إيران التي باتت تفرض عليهم تأثيرها، وجعلت منهم رعاياها: تمولهم وتسلحهم وتدربهم، حتى أنها استقبلت بعثة عسكرية من ستمائة مقاتل حوثي يتلقون تدريبات متقدمة، وبقيت السعودية تدير معارك "شد حبل" لكبح تأثير إيران دون جدوى!
السعودية -وفقا للقراءة الإسرائيلية ذاتها- كانت تقف قبيل بدء ضرباتها الجوية باتجاه الحوثيين أمام معضلة صعبة، فمن أجل محاربتهم وكبح إيران عليها دعم القوات السنية، ولكن من بين السنة التي يتوجب عليها دعمهم يوجد تنظيم القاعدة وتنظيم الدولة، وجزء من قوات الجيش الذين يدعمون الرئيس المخلوع صالح، وجزء من القبائل التي تدعم القاعدة، لكن "عاصفة الحزم" فاجأت الجميع على ما يبدو، بمن فيهم إسرائيل وإيران!
صحيح أن إسرائيل تفرك يديها فرحا بما تراه من حرب بين العرب وإيران قد تمتد إلى مختلف دول المنطقة، لكنها في ذات الوقت لا تخفي قلقها من أن تصاب ببعض شظايا الحريق المتوقع.
* باب المندب
لعل الهم الأكبر الذي يراود صناع القرار الإسرائيلي ودوائر البحث ومراكز الدراسات يتعلق بالمدخل الجنوبي للبحر الأحمر، وهو مضيق باب المندب، كونه يكتسب أهمية دولية لأنه طريق حيوي تشقه ناقلات النفط في طريقها من منابع الجزيرة وإيران إلى باقي دول العالم عبر قناة السويس، ويقدر عدد السفن وناقلات النفط العابرة منه بالاتجاهين ب21 ألف سفينة، تساوي 30% من حمولات النفط في العالم.
إسرائيل تعلم أكثر من سواها أن إيران الساعية لترسيخ نفوذها الإقليمي ستتوج هذا النفوذ بالوصول لميناء الحديدة على المدخل الجنوبي للبحر الأحمر عبر وكيلها الحوثي في صنعاء، وربما تعني لها السيطرة على باب المندب، مما يجعلها تبدي رخاوة في مفاوضات الملف النووي، نظرا لأهمية هذا الكنز التي وضعت يدها وأقدامها عليه.
وفي المقابل، يعتبر انتكاسة لدول الخليج، والسعودية على رأسها، لأنه يعني تطويقا لها، شمالا عبر العراق الذي أوشك أن يتحول محافظة إيرانية، وجنوبا الذي يعتمد بالكلية على دعم الحرس الثوري.
لكن محرر الشؤون العربية آفي يسسخاروف اعتبر أن الضربة السعودية للحوثيين مردها لشعورها بأن استمرار سيطرتهم على معظم أنحاء اليمن يعني منح إيران أوراقا تفاوضية ميدانية حول مشروعها النووي، وكلما تعاظم النفوذ الإيراني في العراق وسوريا واليمن تتعاظم قدرتها على مساومة الأميركيين والأوروبيين.
وهنا يستذكر الإسرائيليون ما أعلنه أكثر من مسؤول إيراني مؤخرا أن طهران باتت تضع يدها على أربع عواصم عربية: بغداد، ودمشق، وبيروت، وصنعاء! وهي تصريحات تظهر غرورا لا تخطئه العين قد تدفع إيران ثمنه قريبا!
الضربة السعودية ضد الحوثيين -كما يشير يسسخاروف- تعكس إحباطا عربيا من عدم التحرك الأميركي لكبح جماح التمدد الإيراني في المنطقة، وآخره في اليمن، وكأن هناك انطباعا يسري في الرأي العام العربي مفاده أن واشنطن قد تمنح طهران مواطئ قدم إضافية في المنطقة!
إسرائيل تفرك يديها فرحا، ولا تخفي ابتهاجها، وهي ترى أن المنطقة العربية تدخل مرحلة استنزاف غير مسبوقة منذ عقود، وقد تصل ذروتها في دخولها حربا جديدة قد يطلق عليها "حرب الخليج الثالثة" على غرار حرب الثماني سنوات بين العراق وإيران.
تطور "عاصفة الحزم" إلى مواجهة عسكرية برية بين العرب وإيران يساعد من وجهة النظر الإسرائيلية على إنهاك دول المنطقة بلا استثناء من جهة، ويساعدها على ترحيل الملف الفلسطيني سنوات أخرى قادمة من جهة أخرى، ويريحها من دفع الأثمان المطلوبة منها من جهة ثالثة.
ولذلك اعتبر بوعاز بيسموت محرر الشؤون الخارجية والسفير الإسرائيلي السابق في موريتانيا أن الضربة السعودية للحوثيين تعبير جديد عن الفشل الأميركي في الشرق الأوسط بعد أن بات اليمن يعيش ما يمكن اعتباره فوضى شاملة رغم أن سيطرة الحوثيين على البلاد باتت تضاف لسلسلة الإنجازات الإيرانية في المنطقة.
* الحرب الطائفية
الخبير العسكري الإسرائيلي أليكس فيشمان أكد أن مصلحة إسرائيل تكمن في مراقبة ما يحدث في اليمن عن كثب، مستذكرا ما أصدرته الأجهزة الأمنية قبل أسابيع عديدة من تحذيرات للسفن التجارية الإسرائيلية بالتعاطي مع الشاطئ اليمني على أنه تابع لدولة معادية، ولهذا التحذير آثار على مسارات الإبحار، ومستوى التأهب والحراسة للسفن الإسرائيلية التي تجتاز مضائق باب المندب، وتدخل البحر الأحمر.
وأضاف إن الضربة السعودية الجوية -التي لا يعلم أحد مآلاتها حتى كتابة هذه السطور- جاءت عقب سيطرة الحوثيين على مدن رئيسة في اليمن، وهو ما حمل صورة إستراتيجية تشير لبداية انهيار النظام في اليمن، وإقامة نظام جديد يستند إلى إيران التي أنزلت في ميناء الحديدة سفنها ورجال حرسها الثوري ووسائلها القتالية، بما فيها طائرات قتالية، وهددت بحسم المعركة.
أوساط عسكرية إسرائيلية نقلت عن دوائر صنع القرار في تل أبيب تسريبات مفادها أن السعوديين استعدوا لإمكانية المواجهة مع الحوثيين على مدى أسابيع، وحشدوا قوات بحرية وبرية على طول الحدود مع اليمن، وانضم الأسطول المصري ليعطي جوابا لمقتضيات حماية الشواطئ، لأن حجم القوات التي حشدتها السعودية والتحالف يقدم دليلا على أنهم لا يخططون لخطوة عسكرية محدودة.
وهو ما دفع المستشرق اليهودي رؤوفين باركو للقول صراحة إن ما يحدث اليوم من صراع محتدم في اليمن قد يكون فرصة لاندماج إسرائيل سرا في المخططات الجيوإستراتيجية لدول المنطقة.
الملفت في المتابعة الإسرائيلية للعملية العسكرية الجارية في اليمن -وهي نابعة من خلافات سياسية بحتة- أن وسائلها الإعلامية وتعليقات كتابها تمنحها اللبوس الطائفي، وتصبغها باللون المذهبي، وتجعلها صراعا بين السنة والشيعة، لتيقنها أن ذلك يساعد على تفتيت ما تبقى من أجزاء متماسكة في هذه المنطقة، وإسرائيل حريصة على إيقاظ كل ما من شأنه إشاعة مزيد من أجواء التوتر والتصعيد بين مكونات دولها ومجتمعاتها.
أخيرا.. تعتقد إسرائيل أن الضربة الجوية لمواقع الحوثيين لن تتوقف عند هذا الحد، بل قد تمتد لعمليات برية متلاحقة، وتستغرق مدة زمنية طويلة، سواء في ضوء التحضيرات العسكرية الميدانية للدول العربية، أو رد فعل إيران وحلفائها في المنطقة التي تخشى أن يكون تمددها الذي أصابها بالنشوة المؤقتة بداية لانحسارها عن أول عاصمة عربية تصاب فيها بانتكاسة لم تتوقعها!
وإسرائيل -التي تناصب العداء لكل مكونات المنطقة- تأمل أن يكون غرور إيران ب"تمددها" في سوريا والعراق ولبنان -وأخيرا اليمن- مقدمة ل"تبددها" دون أن يكلف الإسرائيليون أنفسهم عناء إطلاق رصاصة واحدة، وفي الوقت ذاته يسعون لأن تتورط الدول العربية في مستنقع حروب داخلية، تبدأ ولا تنتهي في قادم الأيام، كي يتسنى في النهاية فرض الوصاية الإسرائيلية على المنطقة، وتعيد من جديد طرح شعارها القديم الجديد بأنها "واحة الأمان في غابة الخوف العربية"!


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.