سردت صحيفة دي فيلت الألمانية كواليس عودة الرئيس السوداني عمر حسن البشير إلى بلاده، بعد حضوره القمة الإفريقية بجوهانسبرج استخفافا بالمحكمة الجنائية الدولية، التي طالبت رسميا سلطات جنوب إفريقيا بإيقافه لضلوعه في جرائم حرب. وقال تقرير أعده الصحفي "كريستيان بوتش": "شارك الرئيس السوداني البشير فى قمة جوهانسبرغ، وسافر بطائرته العسكرية الخاصة من أراضى جنوب إفريقيا إلى وطنه السودان بدون أى توقيف من السلطات الأمنية هناك على الرغم من مذكرة الاعتقال العالمية الصادرة ضده من المحكمة الجنائية الدولية". وانتقدت الصحيفة الاتحاد الإفريقي، وحديثه عن الحصانة التي يتمتع بها الرؤساء، واتهمته بالتودد إلى حكام طغاة، أمثال الأوغندي موجابي، أو الأوغندي موسيفيني، والبشير. وضربت أمثلة على ذلك التضامن، فعندما هددت حكومة ملاوي التى استضافت القمة في عام 2012 باعتقال البشير، تم نقل الحدث بسرعة إلى إثيوبيا. واتهم الكاتب البشير بالتقليل من شأن المحكمة الجنائية الدولية بمشاركته فى القمة ومغادرته البلاد. وكانت محكمة "بريتوريا" بجنوب إفريقيا قد أصدرت قرارا أمس الأحد، يفيد بأن الرئيس السوداني غير مسموح له بمغادرة البلاد، لحين البت في تسليمه للجنائية الدولية من عدمه، ولكن سلطات الدولة الإفريقية ضربت بالحكم عرض الحائط. وسافر البشير في السنوات الأخيرة إلى بلدان أعضاء في المحكمة الجنائية الدولية مثل نيجيريا وتشاد. وأوضح "بوتش" أن المؤتمر الوطني الإفريقي، الحزب الحاكم في جنوب افريقيا أصابه الفزع إثر حكم المحكمة، ولذلك وجه كلمات العداء للجنائية الدولية، متهما إياها بالتركيز في المقام الأول على بلدان في أفريقيا بشكل غير مبرر. ونوه الكاتب أن الحصانة لا يمكن أن تفيد البشير حسب قوانين نظام روما الأساسي حيث تنص المادة 27، في فقرتها الثانية، بوضوح، على أن الحصانة لا تفيد على الإطلاق بغض النظر عما إذا كان الًأمر في إطار القانون المحلي أو الدولي، ولا تمس حق المحكمة الجنائية الدولية فى ممارسة ولايتها القضائية. وبما أن المحكمة الجنائية الدولي ليس لديها رجال شرطة، فإن السلطات الأمنية في الدول الأعضاء هي المسؤولة عن الاعتقال. وفي هذه الحالة فإن جنوب أفريقيا هى المسؤولة. واستطرد التقرير: "ظهر البشير هادئاً يوم الأحد مع عدد من رؤساء الدول في قمة الاتحاد الأفريقي. وقد سلمه ديكتاتور زيمبابوي روبرت موغابي شرف رئاسة المؤتمر. وكان رئيس جنوب أفريقيا "جاكوب زوما" واقفًا على بعد أمتار قليلة". وأصدرت المحكمة الجنائية الدولية مذكرة اعتقال بحق البشير، واتهمته بارتكاب جرائم حرب، وخاصة في إقليم دارفور، وحملت سياسته مسؤولية قتل 300 ألف شخص وإجبار 2.5 مليون على الفرار. يأتي ذلك بالرغم من أن جنوب أفريقيا لم تكتف بالتوقيع على نظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية، ولكنها قامت أيضاً بوضع تشريعات محلية تتعلق بجرائم الحرب. لكن التغير الذي حدث لجنوب إفريقيا فى عدم تنفيذ قوانين المحكمة الدولية يتمثل في أن الأفارقة يعتبرون أنفسهم ضحايا المحكمة الدولية. وأضاف "بوتش" أن الانقلاب الأفريقى ضد المحكمة الجنائية الدولية بدأ منذ تحقيقات المحكمة الجنائية الدولية ضد الرئيس "اوهورو كينياتا" في كينيا ونائبه "وليام روتو" بتهمة التحريض على القتل في فترة الانتخابات عام 2007. ومن منطلق هذا، عمل الاتحاد الإفريقي المحكمة وطالب في تلك الأحيان بخروج الدول الأعضاء منها. وذكرت وسائل إعلام أنه تم توزيع منشورات ناقدة للمحكمة الجنائية الدولية في أروقة مركز المؤتمرات في جوهانسبرج. وكان البشير يتجنب دائما زيارة جنوب افريقيا. ففي عام 2009، وجهت دعوة للبشير من "زوما"لحضور مراسم تنصيبه رئيسا للبلاد. وكذلك تلقى دعوة لحضور حفل افتتاح مونديال 2010 في جنوب أفريقيا. وفي كلتا الحالتين، رفض البشير تلبية الدعوة، خوفا من اعتقاله. واعتبر "بوتش" أنه مشاعر العداء تجاه المحكمة الجنائية الدولية جعل مسألة اعتقال البشير بجنوب إفريقيا مستحيلة. وأكتسب البشير شرعية جديدة منذ أسابيع قليلة بفوزه بالانتخابات الأخيرة وحصوله على نسبة أصوات الغالبية العظمى. وكانت الانتخابات موضع انتقاد حيث قاطعتها المعارضة وقامت على الترهيب من قبل الحكومات الغربية، بحسب الصحيفة.