لن تكون أول زيارة للبيت الأبيض من قبل زعيم شرق أوسطي منذ تأمين الرئيس أوباما دعماً كافياً في الكونغرس لتمرير الاتفاق النووي مع إيران حول النظر إلى الوراء، بل حول التطمينات والتعهدات المستقبلية التي ستقدمها الولاياتالمتحدة. وفي حين تهيمن إيران على الأرجح على محادثات يوم الجمعة بين أوباما والعاهل السعودي الملك سلمان، يقول الخبراء الإقليميون إن الاتفاق النووي لن يكون جوهر هذه المحادثات في الواقع. ولا يزال الملك السعودي يمتلك الرغبة في إحباط حصول إيران على السلاح النووي، وهو الأمر الذي يؤجل حدوث الاتفاق لمدة عشر سنوات على الأقل. ولكن الأمر الأهم من ذلك هو هدفه المتمثل في الحفاظ على طموحات إيران وتدخلاتها الإقليمية تحت الاختبار والضغط. وسوف يرغب السعوديون أيضًا في معرفة أن أوباما لا يرى في الاتفاق مع إيران تذكرة لخروج الولاياتالمتحدة من الشرق الأوسط، وفقًا لما يقوله البعض. وفي الوقت نفسه، لا يريد السعوديون رؤية العلاقات بين الولاياتالمتحدةوإيران تتطور لتصبح ودية جدًا. ويقول جيمس فيليبس، وهو أحد كبار الباحثين في شؤون الشرق الأوسط في مؤسسة التراث في واشنطن: "سوف يتطلع الملك للحصول على تطمينات بأن اتفاق إيران النووي لن يؤدي إلى تغيير في سياسة الولاياتالمتحدة من حيث التعامل مع إيران كحليف محتمل في المنطقة، بدلاً من خصم كما كان الحال منذ عام 1979". ويضيف: "السعوديون، جنباً إلى جنب مع غيرهم من دول الخليج، يشعرون بأنهم مهددون من قبل أعمال إيران في المنطقة. وهذا السياق هو ما يعطي السعوديين الكابوس المتمثل في رؤية هذا الانفراج الناشئ بين الولاياتالمتحدةوإيران يتحول إلى وفاق في نهاية المطاف". ويقول فيليبس إن السعوديين، وغيرهم من العرب، قلقون من أن الولاياتالمتحدة عازمة على الخروج من المنطقة. ويضيف: "إنهم قلقون من أن الولاياتالمتحدة قد تستثمر علاقاتها الجديدة مع إيران في تسهيل هذا الانسحاب". لتبديد هذه المخاوف، سوف يكون على أوباما تقديم التزامات تكثف من تورط الولاياتالمتحدة في الصراع في كل من سورياواليمن، وفي مواجهة النفوذ الإيراني في المنطقة. ولكن قلة من المحللين يتوقعون حدوث هذا، سواءً في زيارة يوم الجمعة أو في أي وقت آخر. وأشار مسؤولون في البيت الأبيض، خلال مناقشة لزيارة الملك سلمان مع الصحفيين في مؤتمر عبر الهاتف يوم الأربعاء، إلى أنه في حين ستظل الولاياتالمتحدة شريكاً ثابتاً لحلفاء مثل المملكة العربية السعودية، تريد الإدارة أيضاً تشجيع سياسة إقليمية أقل اعتماداً على الولاياتالمتحدة، وهو شيء شرع السعوديون به بالفعل. وقال جيف بريسكوت، وهو المدير الأول لإيرانوالعراقوسوريا في مجلس الأمن القومي، للصحفيين إن إدارة أوباما "تتطلع لدعم الجهود السعودية لتعزيز إمكانياتها، وبناء قدراتها على التصرف". ويقول محللون إن سلمان قادم إلى واشنطن مع شكوك لن يتم حلها بسهولة في أي حال. وأشار المحللون إلى أن الملك، الذي وصل إلى العرش في يناير، أعرب عن استيائه من سياسات أوباما في الشرق الأوسط، وخاصةً تجاه سوريا، من خلال امتناعه عن حضور قمة دول الخليج التي عقدها أوباما في كامب ديفيد في شهر مايو. ويمتلك السعوديون مخاوفهم حول الآثار المترتبة على الاتفاق النووي. إنهم يخشون من أنه سوف يشجع إيران، من خلال تزويدها بمليارات الدولارات كنتيجة لتخفيف العقوبات، على زيادة أنشطتها في المنطقة. وتشمل هذه الأنشطة حالياً دعم إيران لبشار الأسد في سوريا، وكذلك دعمها للمنظمات الإرهابية والجماعات الوكيلة، من حزب الله في لبنان، إلى المتمردين الحوثيين في اليمن. ولكن لدى إدارة أوباما بالمقابل قلقها أيضاً إزاء الإجراءات السعودية في المنطقة. وواحدة من نقاط القلق هذه هي أن السعوديين يستخدمون منهج الاعتماد على أنفسهم فقط في سوريا من خلال تقديم الدعم لجماعات ثائرة إسلامية تعتبرها الولاياتالمتحدة متشددة جدا. وتتمثل نقطة القلق الأخرى في أن التدخل السعودي في اليمن يعمق الصراع الذي يضيف أزمة إنسانية أخرى إلى المنطقة، ويعطي فرع تنظيم القاعدة في اليمن حرية أوسع للعمل. وقال بريسكوت: "إننا قلقون للغاية، لا سيما بشأن الأزمة الإنسانية المتدهورة في اليمن". ورغم أن هذه المخاوف قد تكون مشروعة، يقول البعض إن الولاياتالمتحدة بحاجة إلى بذل المزيد من الجهد لتوضيح أنها لا تقطع شراكتها الفضفاضة مع المملكة العربية السعودية، ولا تقوم بالتخلي عن المنطقة. وتساعد الولاياتالمتحدة السعوديين في اليمن من خلال منع شحنات الأسلحة الإيرانية من الوصول إلى الصراع، وفقاً لما يلاحظه أنتوني كوردسمان من مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية (CSIS) في واشنطن. ولكن، كما يقول كوردسمان أيضاً، يجب على الولاياتالمتحدة بذل المزيد من الجهد لطمأنة السعوديين بأنها تعترف بالمصالح المشتركة بينها وبينهم في اليمن. ويضيف: "إن احتمال قيام نظام موال لإيران ومعاد في البلاد التي تشترك بحدود طولها 1300 كيلو متر مع المملكة العربية السعودية ... [يؤثر] على المصالح الاستراتيجية السعودية الحيوية، وكذلك على مصالح الولاياتالمتحدة". وبدوره، يقول فيليبس إنه يتوقع أن أوباما لن يمنح الملك سلمان ما هو أكثر من "تفاهات الدعم"، لأن أي شيء أكثر سوف يكون ضد نهج الرئيس الحذر تجاه المنطقة. ورغم ذلك، يتوقع كوردسمان أن أوباما قد يقطع شوطاً طويلاً في طمأنة السعوديين فقط من خلال الإعلان عن أنه مصمم على مواجهة أي محاولة إيرانية لاستخدام الاتفاق النووي في إثارة المزيد من الأذى في المنطقة. وكما يقول كوردسمان، "يستطيع أوباما أن يجعل من الواضح علناً، ومن دون لبس، أن الولاياتالمتحدة ستنضم إلى حلفائها العرب لتعويض أي سوء استخدام إيراني للموارد المتاحة من رفع العقوبات". ويضيف الباحث أن هذا يشمل "جهود إيران لتوسيع نفوذها في لبنان، سوريا، العراق، واليمن".