إذ أنك عندما تقترب من بقايا المبنى ( المدرسي ) لا تكاد تصدق ان هنا كانت مدرسة يتلقى فيها التلاميذ دروسهم ويتعلمون في مشهد يبعث على الآسى وكأنك المدرسة ليست في اليمن بل في بلد شهد أغارت عليه طائرات العدو ، وتشعر كأنك في العراق أو سوريا أو ليبيا أو في احد البلدان التي أنهكها القضف الصاروخي والمدفعي .. لكنك ما أن تقترب أكثر من ذالك الجو الذي يتلقى فيه الطلاب دروسهم رغم كل ماسبق تكتشف أنك أمام إحدى مدارس قرية الشرف بمديرية الصلو بمحافظة تعز .. وأن قضفا مدفعيا أو صاروخيا لم يطلها وإنما تعرضت لقصفٍ من نوع آخر .. تكاد اليمن تشتهر به عالميا وتكون في الصدارة .. إنه قصف مدافع فساد السلطة المحلية الذي لم يبقِ حتى على مدرسة تحفظ الراغبين في التعليم من حر الشمس .. وصقيع برد الشتاء .. وتقيهم من المطر… ولمزيد من التفاصيل عن "أطلال مدرسة الشرف" نترككم مع هذا التقرير الذي أعدته مراسلة « الخبر» على ضوء زيارتها للمدرسة: معاناة مستمرة في البداية يستوقفك موقع المدرسة حيث نجد انها لا تبعد عن الخط الإسفلتي العام أكثر من عشرة أمتار ، مما يعني أنها أمام مرأى ومسمع من الجميع ويشاهدها كل أبناء المديرية وأعضاء السلطة المحلية ومدير عام المديرية ومدير مكتب التربية والتعليم بالمديرية وكذلك عضو المجلس المحلي بالمحافظة – ورئيس لجنة الخدمات وكل من قدر له المرور من ذلك الخط الذي تمر فيه يوميا عشرات السيارات، إلا أن كل هؤلاء يقفون أمامها ويمرون من جوارها دون أن تأخذهم شفقة او الرحمة لحال أولئك الطلاب ، والمعاناة التي يتكبدونها، جراء مكوثهم أكثر من ست ساعات يوميا تحت أشعة الشمس الحارقة صيفاً وصقيع البرد. فالفصول التي يفترض بها أن تكون دراسية دون أبواب أو نوافذ أو كراسي كي يقعدون عليها ويضعون فيها كتبهم، لذا ليس غريبا أن يعود الطلاب في نهاية اليوم إلى منازلهم بالأمراض كالزكام والتهابات الجهاز التنفسي والصداع بدلا من التحصيل العلمي أو المعلومة المفيدة. غياب المسئولية شاهدنا طلاب وطالبات في عمر الزهور يلتحفون السماء ويفترشون الأرض، فيما أضطر آخرين ممن لديهم القدرة إلى غير أن الكثير منهم قد هجر تلك المساة مدرسة والتوجه إلى مدارس أخرى أحسن حالا من مدرسة الشرف ، وذلك هروبا من الوضع المزري الذي تعاني منه مدرستهم القريبة، وتأثير تلك الأوضاع السيئة على مستوى و تدني مستوى التحصيل العلمي للطلاب. بعض اهالي المنطقة ممن إلتقينا بهم أفادوا بأنهم عولوا كثيراً على أمين عام المجلس المحلي إلا انهم لم تلقوا سوى الوعود وللعام الرابع على التوالي، بل إن المجلس المحلي وبدلا من أن يعمل على إضافة فصول دراسية اخرى، وترميم الموجودة عمد إلى هدم الفصول القائمة وتركها دون ترميم ، في تخلٍ واضح عن المسؤولية ودون حسيب أو رقيب. تُشاهد أطفال صغار"براعم" وهم يفترشون ولساعات طويلة البلاط ، وتجد بعضهم يتأوه ويتلوى من شدة البرد القارس ، كما انهى لا يستطيع التعامل مع ما يقال له او ما يتم تلقينه إياه من الكتاب المدرسي كل ذلك من ويلات السلطة المحلية وعبثها. إدارة من الصفيح أما الإدارة المدرسية : فهي عبارة عن (( غرفة من الصفيح) او كما تسمى "صندقة" لا يتعدى طولها وعرضها ثلاثة أمتار، ومع هذا ليست من منجزات السلطة المحلية أو مكتب التربية ، بل من مخلفات المؤسسة العامة للاتصالات السلكية واللاسلكية، حيث كانت تستخدم ك"كبينة" اتصالات قبل وصول تقنية الهاتف السيار إلى بلادنا. وها هي اليوم تصبح في مديرية الصلو إدارة واستراحة معلمين وسكرتارية وأرشيف لكن بشرط عدم الزحام والى جوارها غرفة كانت مخصة لتخزين أجهزة المؤسسة العامة للاتصالات وأصبحت اليوم تستخدم ( مخزن للكتب المدرسية ). أربع سنوات .. والمعاناة مستمرة مرت أربع سنوات ومدرسة الشرف على حالها ، دون معرفة الأسباب التي أدت إلى هدمها وتشريد طلابها وطالباتها الذين زرعوا الأشجار في ساحة المدرسة بأناملهم الطاهرة والبريئة وسقوها بعرقهم ولازالت باقية في ساحة المدرسة شاهدة إلى الآن على حبهم لمدرستهم الذي تعلموا فيها كل شيء. نظرات الطفولة .. تستحث الخيريين تلاحظ وأنت تتطلع في تقاسيم وجوه الأطفال الذي يرتادون ذلك الفناء الذي مازالوا يعقلون آمالاً في أن يصبح يوما ما مدرسة وصرح علمي يحتضنهم ويحتضن كل أبناء المنطقة .. نظرات الطفولة البريئة (( أحباب الرحمن )) وهي ترنوا نحو كل زائر يأتي عل الخلاص والفرج يكون على يديه .. إذ لا ذنب لأولئك الطلاب سوى أنهم يريدون أن يتعلموا كي يخدموا أمتهم ووطنهم. أما المواطنون فيرون أنه لا حول لهم ولا قوة واكتفوا بترديد عبارة " إذا غريمك الدولة فمن تشارع" … هذه العبارة هي التي وجدنا أحد المواطنين يرد بها علينا عند سؤاله عن دورهم في إنقاذ أبنائهم وحقهم في التعليم .. حيث سألناه: لماذا انتم صامتون طيلة أربع سنوات ؟ رد قائلا :ماذا نفعل فالشيخ (ع . م . ) هو مدير المدرسة، وهو شيخ المنطقة وأمين عام المجلس المحلي بالمديرية تربطه به صلة قرابة أيضا، فمن سينصفنا لكن مثل ما قالوا ( اذا غريمك الدولة من تشارع ). نقص في كادر المعلمين ورغم إصرار الطلاب على التحصيل العلمي في ظل كل تلك الأجواء إلا أن المدرسة تفتقد أيضا للمعلمين ، فوكيل المدرسة ومدرس الرياضيات توفي العام الماضي، كما تم نقل مدرسي اللغة الانجليزية والتربية الإسلامية والقرآن الكريم دون توفير البديل ، وقد حاول مدير المدرسة التعاقد مع آخرين لسد الفجوة ومعالجة المشكلة إلا ان الأمر لم يستقم .. مع أن هناك مدارس اخرى تعاني من فائض في المدرسين وبحاجة إلى توزيع. إلى محافظ تعز والمجلس المحلي بالمحافظة وقد وجه احد المواطنين رسالة إلى وزير التربية والتعليم ومحافظ المحافظة شوقي أحمد هايل والى مدير عام المديرية ومدير مكتب التربية والتعليم بالمديرية والى عضو المجلس المحلي بالمحافظة رئيس لجنة الخدمات وأمين عام المجلس المحلي بالمديرية الذي تربى وتدرس المرحلة الابتدائية في هذه المدرسة ناشدهم فيها بالإحساس بما يعانيه الطلاب الذين إعتبر تعليمهم أمانة في أعناق هؤلاء المسؤولين وسيسألون عنهم آجلا أم عاجلا. داعيا إياهم إلى النظر للمشكلة ومعالجتها والتعامل معها بمسؤولية كاملة حتى لا يضيع مستقبل الطلاب . معوقات لم تكن المدرسة وحدها هي من يفتقد إليه طلاب منطقة الشرف بمديرية الصلو بل هناك معوقات أخرى ومنها: عدم توفر الوسائل التعليمية كالكتاب المدرسي والمقاعد الدراسية وعدم توفر المدرسين المتخصصين حيث هناك أكثر من خمس مواد لا يوجد لها معلمون ( 5 ) مدرسين. فهل تعجز وزارة التربية والتعليم والسلطة المحلية وقيادة محافظة تعز عن تلبية احتياجات الطلاب في هذه المنطقة .. حتى لا يقتل حماسهم وإصرارهم على طلب العلم بالرغم من الوضع الكئيب الذي يعانون منه. على اعتبار أن هؤلاء الطلاب ومن خلفهم أسرهم المكافحة .. تغلبوا على معاناتهم المادية كون المجتمع فقير وبعض الأسر فيه تعجز عن توفير المستلزمات المدرسية لكل أبنائها حيث يصل عدد الملتحقين بالتعليم في الأسرة الواحدة لأكثر من خمسة أولاد في مراحل دراسية مختلفة وهو ما يشكل عبئاً إضافيا على رب الأسرة في توفير مستلزمات أبنائه ناهيك عن المصاريف الأخرى .. ومن الواجب على الجهات المعنية تقدير إصرارهم على تعليم أبنائهم وتوفير مبنى مدرسي ملائم يحتضنهم. لفتة كريمة إن حرص الطلاب في منطقة الشرف رغم عدم توفر الظروف الملائمة للدراسة في منطقتهم إلا أنهم ورغم هذا يحرصون على التعلم تراهم يأتون من قرى بعيدة ويقطعون المسافات الطويلة سيرا على الأقدام ينتظرون على الاقل تحرك إيجابي من الجهات المعنية لمساعدتهم على إكمال مشوارهم التعليمي .. كما أن المعلمون الذين يثابرون في سبيل أداء رسالتهم بأمانة وإخلاص وتفان وإيصال المعلومات المفيدة للطلاب ينتظرون من الجهات المعنية كلمة شكر وتقدير يتم بلورتها إلى جهد ملموس لانتشال الطلاب من واقعهم الذي يعانون منه .. إتماما لجهود اولئك المعلمين طيلة أربع سنوات في سبيل إنجاح العملية التعليمية.