لعل ابرز صور السقوط الاخلاقي ل"الانتلجنسيا العربية" اليوم ما نلحظه من تحول رموز اليسار القومي العربي الي لطائفية. وقد كشفت التحولات الاخيرة أن نسبة كبيرة من مثقفياليسار القومي كانوا "عبدة أصنام" اكثر من كونهم مدافعين عن قضية. وقد قضوا شبابهم في تصنيم وتأليه صدام حسين ومعمر القذافي وحافظ الاسد وتبرير استبدادهم وجرائمهم وفشلهم، وعندما خلت الساحة من هؤلاء بحثوا عن صنم جديد ليمجدوه فلم يجدوا امامهم الا الزعامات الشعبوية الطائفية التي حاولت اختطاف خطاب المقاومة والممانعه. انتقل هؤلاء من منابر بروباغندا الشعبوية والقومجية العربية بتجلياتها البعثية والناصرية والقذافية الي منابر الممانعة الطائفية قي قنوات الميادين والعالم والمنار والمسيرة وصحف الأخبار والمسار والأولي ليمارسوا نفس الهواية:الكهانة وحرق البخور للصنم الاكبر والزعيم المعصوم والملهم. صار حسن نصرالله و عبدالملك لحوثي انبعاثا لعبد الناصر بعمامات سوداء، وتحول الاحتلال الداخلي للميليشيا الي بناء للدولة، والنزعة الفاشية التسلطية تاسيسا للنظام والقانون، وهيستيريا "الموت لإسرائيل" استعادة لروح المقاومة والعروبة. نزعة التصنيم عند هؤلاء الكهنة حولت القضايا الكبري مثل الوحدة و الاشتراكية الي اصنام شمولية بوليسية قبيحه دمرت الإنسان واسقطت شرعية القضية. وبعد ان افنوا شبابهم في تحويل القضايا العادلة الي اصنام مستبدة، ها هم يستثمرون كهولتهم في تحويل الطائفية والاحتلال الداخلي والعنصرية السلالية الي قضايا قومية ولاهوت سياسي. هؤلاء هم اخطر طوائف عبدة الأصنام. لا يستطيعون العيش دون صنم فاشي دموي مستبد يحرقون له البخور ويغسلون جرائمه ويبشرون الناس بعبادته.