قال مصدر خليجي مطلع إن تراجع وزير الشؤون الخارجية بدولة الإمارات أنور قرقاش عن تصريحاته التي أطلقها قبل أيام خلال محاضرة ألقاها في أبوظبي بحضور ولي العهد محمد بن زايد حول نهاية الحرب في اليمن وسحب جنود الإمارات منها والذي أثار جدلا واسعا في الأوساط اليمنية والخليجية، إنما جاء عقب اتصال تلقاه المسؤولون في الإمارات من مسؤول سعودي كبير طلب بشكل واضح التراجع عن تصريحات قرقاش. وأوضح أن المسؤول السعودي طلب بشكل واضح التراجع عن تصريحات قرقاش وتوضيحها بعد أن كان قد فُهم منها أن الإمارات أنهت دورها ومشاركتها في التحالف العربي باليمن. واستدعى التصريح الذي جاء على نحو مفاجئ توضيحا آخر لوزير الخارجية السعودي عادل الجبير الذي كان يرافق ولي ولي العهد محمد بن سلمان في زياراته إلى واشنطن والذي علق عليه بالقول إن موقف دولة الإمارات من التحالف العربي لم يتغير، مشيرا إلى أن الإمارات أساسية في التحالف العربي وشاركت بقوة سواء لدعم الشرعية أو لمواجهة الإرهاب. وكان قرقاش قد أعلن خلال محاضرة في أبوظبي بحضور ولي عهد الإمارة الشيخ محمد بن زايد أن الحرب باليمن في حكم المنتهية، وهو ما أثار جدلا حول ما إذا كانت الإمارات ستواصل العمل إلى جانب السعودية في التحالف العربي من أجل إعادة الشرعية إلى اليمن أم لا، إلا أن قرقاش سرعان ما تراجع عن تصريحاته وأوضح بأن الإمارات ستظل تقاتل إلى جانب السعوديين، وأنها مستمرة في الوقوف إلى جانب التحالف. وقال باحث خليجي مطلع إن محاضرة قرقاش وتصريحاته التي أثارت الجدل حول نهاية دور الجنود الإماراتيين في اليمن كانت رسالة داخلية للمواطنين في الإمارات، خاصة أنها جاءت بعد يومين على سقوط مروحيتين عسكريتين إماراتيتين ضمن القوات المشاركة في قوات التحالف العربي، وهو ما أدى إلى مصرع طيارين اثنين ومساعديهما. ويُرجح الباحث في الشؤون الخليجية أن يكون ارتفاع خسائر الجنود الإماراتيين في الحرب اليمنية واستمرار سقوط العديد منهم قد أثار الكثير من التساؤلات داخل الإمارات حول جدوى الاستمرار في الحرب وانتقادات مستمرة لدور القوات المسلحة الإماراتية فيها. الجدير بالذكر أن دور الإمارات في اليمن وأنشطتها في بعض المناطق يثير جدلا واسعا في أوساط اليمنيين، فيما يسود الاعتقاد في أوساط العديد من المراقبين والمحللين السياسيين أن ثمة خلافات بين الإمارات والسعودية بشأن اليمن، خاصة بعد أن سيطرت قوات إماراتية بشكل شبه كامل على مدينة عدن. وكانت مصادر إعلامية قالت إن الخلافات التي نشبت سابقا بين الإمارات والحكومة الشرعية في اليمن لا تزال مستمرة، وقد تكون وراء تصريحات قرقاش. وأوضحت أن تصريحات قرقاش ربما جاءت كرد فعل على الخلافات مع الحكومة اليمنية الشرعية، حيث لا تزال الإمارات غاضبة من الرئيس عبد ربه منصور هادي ورئيس حكومته أحمد عبيد بن دغر بعد إقالة خالد بحاح المقرب من أبوظبي، والذي كان يشغل منصبي نائب الرئيس ورئيس الحكومة. ويقول مسؤولون يمنيون إن فاعلية الإمارات في الجوانب الخدمية والتنموية أصبحت أقل من السابق خاصة بعد انتقال الحكومة اليمنية برئاسة أحمد عبيد بن دغر إلى عدن بكاملها في ظل تأكيدات رئيس الحكومة بأنه انتقال نهائي. وأضاف المسؤولون أن السلطات الإماراتية عبرت بطرق مختلفة عن عدم رغبتها في دعم الحكومة التي يرأسها بن دغر ويقولون إنها لا زالت تضغط على الرئيس هادي وعلى المسؤولين السعوديين من أجل إعادة بحاح إلى الحكومة. وكان أنور قرقاش نقل عن ولي عهد أبوظبي محمد بن زايد قوله إنه أدرك مبكرا بأن الشرعية اليمنية ليست في البقاء بالمنافي والفنادق وإنما داخل اليمن ومواجهة الانقلابيين- في إشارة واضحة إلى بقاء الرئيس هادي وحكومته في المملكة العربية السعودية. ولا يبدو أن علاقة هادي وأبوظبي ستشهد انفراجا خلال الفترات القادمة خاصة أن الإمارات تعتبر إقالة بحاح إساءة لها وتهميشا لدورها في اليمن. وقال مسؤول يمني إن المسؤولين الإماراتيين المتواجدين في عدن يعبرون بشكل واضح عن عدم ارتياحهم لرئيس الحكومة الجديد بن دغر وأن الوعود الإماراتية بحل مشكلة الكهرباء ليست كما تتحدث عنها وسائل الإعلام. وأضاف المسؤول أن التصريحات التي أطلقها بن دغر فيما يخص التزامه بالوحدة اليمنية ووعيده بمحاسبة المتسببين في ترحيل مواطنين شماليين من عدن لا تروق لأبوظبي ولا المسؤولين الموالين لها الذين يشجعون التحركات الانفصالية التي تدعو إلى تقسيم اليمن. وأضاف أن الإمارات أصبحت تعتمد اعتمادا كاملا في عدن على الوزير السلفي هاني بن بريك وقيادته لقوات الحزام الأمني التي تسيطر على عدن، وهو ما ينذر بانفجار الوضع في أي وقت بين الحكومة والمسؤولين الموالين للإمارات في عدن في ظل أحاديث عن عودة قريبة ونهائية للرئيس اليمني إلى عدن.