ما يحدث في الكويتبشأناليمن ليس أكثر من متاهة، أُريد لليمنيين الدخول فيها عن سابق إصرار وترصد، ويبدو ذلك واضحاً في مواقف المتشاورين، ومواقف الأممالمتحدة المتناقضة. هناك من يريد استمرار الحال على ما هو عليه، في محاولة لإطالة أمد الصراع والحرب، وأيضاً لضرب التحالف العربي العسكري الذي ظهر على حين غرة، ولا تريد القوى العظمى له الاستمرار، بل يُراد قبره في اليمن، من خلال التناقضات التي برزت بين بعض أقطاب هذا التحالف، لعل أبرزها الإمارات والسعودية، هذا التحالف الذي أوجدته ظروف المرحلة، وأهمية المنطقة التي تدور في رحاها الحرب. التوقف عن استكمال العملية العسكرية لتحرير اليمن من قبضة الميليشيات الطائفية، وإعادة السلطة الشرعية، ودعم السلطة المحلية في عدن خارج إطار السلطة الشرعية في محاولة لتهيئة الجنوب للإنفصال، أو ما يسمى فك الارتباط، وإنهاء عملية ( نصر الحالمة) التي كانت مهمتها مساندة المقاومة الشعبية والجيش الوطني في تعز في تحرير المحافظة من حصار مليشيات الحوثي وعلي عبدالله صالح، والتوقف عند حدود العاصمة صنعاء، وعدم استكمال عملية تحرير العاصمة، ووضع التحالف العربي في قائمة العار الخاصة بانتهاكات حقوق الأطفال في اليمن، واستبعاد المليشيا الإنقلابية من هذه القائمة، على الرغم من جرائمها الفظيعة في هذا المجال، وخصوصاً في تعز.. كل هذا يعتبر من المؤشرات الدالة على وجود هذه المتاهة المقصودة في مشاورات الكويت. يصرح ناطق الحوثيين وكل مسؤوليهم أن مشاورات الكويت لن تنجح، إذا لم تشكل حكومة شراكة وطنية كما يقولون، أي قبل أي انسحاب من المدن وقبل تسليم السلاح، وطبعاً وكما أشرنا مراتٍ، فإن تشكيل حكومة بهذا الشكل سيكون تنازلا واضحا عن شرعية السلطة الشرعية، والتشريع للإنقلاب وسلطته الطائفية. الأممالمتحدة، وعبر خريطة الطريق التي أعلنتها تستغفل الشعب اليمني ودول التحالف العربي، فهي تقوم على القرار الأممي 2216، لكن سلطة الانقلاب ترفض هذا القرار وبشكل واضح وعلني، وإذا كانت الأممالمتحدة صادقة في خارطتها، فيجب أن تتحول ضغوطها باتجاه من يرفضون كل ما يتعلق بعودة الشرعية، من قرارتٍ دولية وإجماع شبه تام من العالم. تستنزف هذه المتاهة اليمنيين، وتعمل على تقوية المليشيات وتوسعها، كما حدث من تقدم في جبهة القبيطة وسيطرتها على جبل جالس الاستراتيجي المطل على قاعدة العند، والسيطرة على معظم مديريات منطقة الوازعية، وهي مناطق تعتبر السياج الحامي لمحافظات الجنوب من أي توغل للميليشيات باتجاهها. للقوى السياسية اليمنية، بمختلف توجهاتها، دور في إطالة أمد هذه المتاهة، في صمتها وعدم وضوح مواقفها، وتقوقعها في إطار الشرعية، وهذا لا يعني مطالبتها بتشكيل مسار آخر، لكن المطلوب منها تعزيز موقف السلطة الشرعية بمزيد من المبادرات والمواقف والفعاليات التي تشعر اليمنيين في الداخل أن لها دور في كل ما يحدث، وأن تساعدنا في الخروج من هذه المتاهة، وأنها تعمل من أجلهم، ومن أجل الحلم الذي نسعى إلى تحقيقه، وهو هنا الدولة المدنية الحديثة .