في عصر تبوأت في المرأة القيادة، وامتلاك زمام المبادرة، هل تصل امرأة إلى منصب الأمين العام للأمم المتحدة لأول مرة في تاريخ هذه المنظمة، خلفا لأمينها العام الحالي "بان كي مون"، التي تنتهي فترة ولايته أواخر العام الحالي، ومن المقرر اختيار مجلس الأمن الدولي الأمين العام الجديد في أكتوبر القادم، بعد الاستماع إلى آراء المرشحين للمنصب والتعرف على شخصياتهم وقدراتهم ورؤاهم حول القضايا العالمية. "أنجيلا ميركل"، التي تقود ألمانيا، واختيرت أقوى امرأة في العالم، و"تيريزا ماي"، التي تقود بريطانيا في ظروف عصيبة، بعد الاستفتاء بخروجها من الاتحاد الأوربي، فيما تتجه الأنظار إلى انتخابات الرئاسة الأمريكية، والمتوقع أن تحقق "هيلاري كلينتون"، فوزا كبيرا لتصبح أول امرأة تتولى رئاسة الولاياتالمتحدة، فهل يتم اختيار أمرأة للمرة الأولى أمينا عاما للأمم المتحدة، المنصب الأرفع سياسيا في العالم؟ الأمين العام للأمم المتحدة، "بان كي مون"، قال إنه يرغب شخصيًا بأن يرى امرأة تقود الأممالمتحدة، لأول مرة منذ تأسيسها قبل أكثر من 70 عامًا، ومع اقتراب نهاية ولايته الثانية في 31 ديسمبر/كانون الأول، أشار كي مون إلى "أنه حان الوقت لأن تشغل إمراة منصب الأمين العام، عقب تولي 8 رجال رئاسة المنظمة الدولية"، ويتنافس حاليًا 11 مرشحًا (6 رجال و5 نساء) على خلافة كي مون. الأمين العام، أكد أن قرار الاختيار ليس بيده، إنما متروك لمجلس الأمن، المؤلف من 15 عضوًا، الذي بدوره يقدم مرشحًا إلى الجمعية العامة المكونة من 193 عضوًا للموافقة عليه، وفي معرض ردّه على سؤال بشأن إمكانية تولي امرأة منصب الأمين العام، خلال رحلة له إلى كاليفورنيا الأسبوع الماضي، أكد " أن النساء يشكلن نصف سكان العالم، فينبغي تمكينهن وإعطائهن فرصًا متكافئة". "كي مون"، قال، في مقابلة مع وكالة "أسوشييتد برس"، خلال زيارته منزل "ليبا باترسون" البالغة من العمر 99 عامًا، "لدينا العديد من النساء القياديات والبارزات في الحكومات الوطنية، أو في منظمات أخرى، أو حتى في المجتمعات السياسية والاقتصادية والثقافية، وفي كل جانب من جوانب حياتنا"، مشيرًا إلى أنه "ليس هناك سبب لعدم وجودهن في الأممالمتحدة". أضاف "أن هناك قياديات متميزات يستطعن فعلًا تغيير هذا العالم (دون أن يسمهن)، يمكن أن يشاركن بشكل فعال مع زعماء العالم"، واستدرك، "هذا اقتراحي المتواضع، إلا أن الأمر متروك للدول الأعضاء"، ويشغل كي مون منصب الأمين العام للأمم المتحدة، منذ 1 يناير /كانون الثاني 2007، وقبل ذلك كان وزيرًا لخارجية كوريا الجنوبية، وتولى المنصب الأممي لدورتين مدتها 10 سنوات. ويجري اختيار الأمين العام للأمم المتحدة، عمليا بالتوافق بين الدول الخمس دائمة العضوية، التي تمتلك حق النقض (الفيتو) في مجلس الأمن: أمريكاوبريطانياوفرنسا وروسيا والصين، على رغم أنه ليس موظفًا لدى هذه الدول الخمس فقط، بل لكل الأعضاء ال193 في المنظمة الدولية. وينص النظام الداخلي للأمم المتحدة على أن الأمين العام ينتخب من الجمعية العامة، بناء على توصية من مجلس الأمن. "فاينانشيال تايمز"، قالت إن "إيرينا بوكوفا"، تعد المرشحة الأوفر حظًا من بين المرشحين على منصب الأمين العام كافة لسببين: أولهما أنها "بلغارية" الجنسية، وأنه مراعاةً للتوزيع الجغرافي في التعاقب على هذا المنصب، فإنه من المنتظر أن يأتي الأمين العام القادم من شرق أوروبا، وثانيهما أنه إلى اليوم ومنذ سبعين عامًا لم تُتح أي فرصة للنساء لتولي هذا المنصب، وهذه الأسباب ذاتها أكدتها الرسالة، التي وُزعت على دول الجمعية العامة في ديسمبر/كانون الأول الماضي، إذ ينبغي مراعاة التنوع في التوزيع الجغرافي، كذلك اختيار مرشحة من بين النساء. وبالنظر إلى الثمانية أمناء السابقين للأمم المتحده، نجد من إفريقيا بطرس غالي وكوفي عنان، ومن أمريكا اللاتينية خافيير بيريز، ومن أوروبا الغربية أمناء من السويد والنمسا والنرويج، وعن الكتلة الآسيوية "بان كي مون" الكوري الجنوبي، ويو ثانت من ميانمار، وليس هناك من اعتلى المنصب من الكتلة الأوروبية الشرقية، كذلك لم تتولى المنصب امرأة بعد ثمانية أمناء، ما يؤكده "ماثيو ريكروفت"، السفير البريطاني في الأممالمتحدة، في تغريدة له على موقع التواصل الاجتماعي "تويتر". "إيرينا بوكوفا" 64 عاما، دبلوماسية بلغارية، عُينت سفيرة لبلادها في المملكة المغربية، ثم فرنسا، ومن بعدُ وزيرةً للخارجية، وهي أول امرأة تتولى رئاسة منظمة اليونسكو، "منظمة الأممالمتحدة للتربية والثقافة والعلوم"، باختيارها للمنصب في 2009، ولعبت دورًا مهمًا في انضمام فلسطين للمنظمة، وتجيد بوكوفا الإنجليزية والإسبانية والروسية والفرنسية بجانب لغتها الأم. والعقبة الوحيدة، التي قد تقف في طريق "بوكوفا" إلى منصب الأمين العام، أنها تُعد لدى كثير من السياسيين الغربيين مرشحة موسكو، وأنها "المفضلة" لدى الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، ولخلفيتها الشيوعية، إضافةً لحصولها على درجة الماجستير من معهد موسكو للعلاقات الدولية، غير أن دبلوماسيين غربيين آخرين يرون في هذا امتيازًا يضاف إلى سيرة المرشحة الذاتية، فكونها تنتمي لإحدى بلاد أوروبا الشرقية، وعلى صلة جيدة بموسكو، فهي إذن لديها القدرة بخلاف غيرها من المرشحين على التوسط في الأزمات بين المعسكر الروسي والأوروبي. واحتل رئيس الوزراء البرتغالي السابق، "أنتونيو غوتيريس"، المركز الأول في المرشحين لمنصب الأمين العام للأمم المتحدة، بعد الجولة الأولى من التصويت في مجلس الأمن الدولي، وتقدّم "غوتيريس" على بقية المرشحين، فيما احتل المركز الثاني في الاقتراع السري رئيس سلوفينيا السابق، دانيلو تورك، ويعتقد الدبلوماسيون أن يكون الاختيار بين المرشحين طويلًا ومعقدًا، بالنظر إلى المنافسة الكبيرة بينهم، ويتولي منصب الأمين العام الجديد في المنظمة الدولية، مهامه بحلول الأول من يناير/كانون الثاني المقبل.