فجأة تحولت العاصمة الروسية موسكو الى قبلة ومحج للمعنيين بالأوضاع السورية، فيحط بها المبعوث الدولي والعربي الاخضر الابراهيمي، ومساعد وزير الخارجية السوري فيصل المقداد، وايضا وزير الخارجية المصري، ثم يخرج منها وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف داعيا رئيس جبهة المعارضة السورية معاذ الخطيب للتحاور في موسكو، وبعد ذلك يعقد مؤتمرا صحفيا مع الابراهيمي، دعا فيه لاستمرار التواصل من اجل التوصل لحل، وضرورة اشراك السعودية وايران مع دول الحل المعنية، وفوق ذلك دعم مهمة الابراهيمي في سورية، بعد اشارته الى ان موسكو ترى ان المواجهات بدأت تأخذ بعدا طائفيا، وامل روسيا لبداية مرحلة جديدة تبدأ بوقف اطلاق النار، وان الاهمية لمصير الشعب السوري اولا. الابراهيمي بدورة عبر عن خشيته من نتائج الحرب الطائفية وقال انها ستكون مخيفة، وانه لا بديل عن حل سياسي يقوده الشعب السوري وانه يعول على دور كبير لروسيا لحل الازمة. والى جانب كل ذلك التحركات الدولية والاقليمية الاخرى ذات الصلة بالشأن السوري انما تعني تحولا جذريا بالتعامل مع ما يجري في سورية، وتنبئ بمعادلة جديدة للازمة والوقوف عند حل يؤمن الاطراف الدولية اولا، وبالاتفاق على مرحلة ما بعد النظام الحالي. اذ ان التمعن بالمتغير والجديد بالموقف الروسي انما يشير الى ذلك مباشرة، اضافة لما فيه من وضوح بالاستعداد للتخلي عن بشار الاسد. وفي المشهد ما ينبئ عن كون تعاظم قوى المعارضة والثورة والجيش الحر بما يمكنها في لحظة من الحسم بالقوة؛ بانه السبب الاساسي الذي فرض التغير بالموقف الروسي ودفع موسكو الى استعدادات جديدة، اساسها عدم المراهنة على اطالة امد الصراع والاستمرار بدعم النظام، وبدلا من ذلك التفاهم على حلول سياسية جوهرها انهاء النظام الحالي، والاستعداد للعمل مع نظام جديد يعي حقائق الصراع والتنافس الدولي على المصالح المختلفة في المنطقة. وفي هذا السياق يمكن تفسير تحرك الكيان الاسرائيلي واتصالاته بانها في اطار تأمين أمنها، ومنع حدوث مواجهة مع حلفاء النظام السوري، وبالتالي تحقيق مكاسب استراتيجية على المدى الطويل. ما صدر عن موسكو وهي في موقع المحج السياسي الاخير، وما تحدث به الابراهيمي وقبله وزير خارجية مصر، يتحول اولا باول الى خارطة طريق قصيرة الامد لانهاء الازمة في سورية، وامتناع ممثل المعارضة الخطيب عن اجراء حوار مباشر في روسيا لا يعني عدم دخوله المسبق على هذه الخارطة.