انفجرت خلافات حادة وصلت الى تبادل الاتهامات ب"الخيانة" بين التيار الصدري في العراق وحزب الله اللبناني على خلفية الحرب السورية، بعد أن رفض مقتدى الصدر طلبا من الحزب بإرسال مقاتلين يُعتبر وجودهم حاسما لتماسك الجبهة الشيعية المتحالفة مع نظام الرئيس بشار الأسد. وبحسب مصادر رفيعة داخل التيار الصدري، يواجه الحزب معضلة حقيقية تهدد قدرته على مواصلة تقديم الدعم العسكري للقوات السورية في معارك القصير، في مؤشر على خشية متزايدة لدى الامين العام للحزب الشيعي اللبناني حسن نصرالله بأنه سيكون "الرأس الثاني الذي سيتدحرج" بعد سقوط الأسد. ويريد حزب الله من "جيش المهدي"، الجناح العسكري للتيار الصدري الذي يتجاوز تعداده ستين الف مقاتل، السيطرة على مواقع حيوية قام مقاتلو الحزب بانتزاعها من المعارضة السورية المسلحة في القصير. وقال قيادي بارز في التيار الصدري إن الخلافات مع نصر الله "بلغت مستويات خطيرة وعدائية"عندما رفض الصدر ارسال مقاتلين الى سوريا بطلب من حزب الله كما أن التيار الصدري نجح في اقناع الكثير من مقاتلي جماعة "عصائب أهل الحق" بزعامة قيس الخزعلي (المنشق عن جيش المهدي) بالعدول عن الذهاب الى سوريا بدعوة من قيادة حزب الله. وأدى ذلك الى اثارة غضب الحزب الذي بدأ يشن حملة اتهامات ضد الصدريين، بينها واتهامهم بالخيانة عندما وصلت رسائل من نصر الله الى الصدر بهذا المعنى الواضح. واوضحت قيادات صدرية ايضا إن "حزب الله يواجه مشكلة في عدد مقاتليه لأنه لا يستطيع ترك المواقع الحيوية التابعة له في جنوب لبنان وبيروت وبالتالي يخشى نصر الله أن يخل توازن القوة بين حزبه من جهة والجيش اللبناني وبقية التنظيمات اللبنانية شبه العسكرية من جهة ثانية". وتابعت المصادر قائلة ان "هذا هو السر في أن قيادة الحزب تريد من الجماعات العراقية الشيعية تصدير العناصر البشرية ليقوم حزب الله بتدريبهم واعادة تنظيمهم و توزيعهم على جبهات القتال ضد الثوار السوريين داخل المدن السورية". ويبدو ان نصر الله كان يراهن على انضمام جيش المهدي الذي يعادل تعداده ثلاثة اضعاف تعداد مقاتلي حزب الله لأن هذا العدد يحتاجه الحزب لتغطية بعض الجبهات السورية بسبب المعلومات الميدانية التي تفيد ان مقاتلي الحزب يشكون من معضلتين. وتتعلق الاولى، وفقا لهذه المصادر، بالعدد القليل لمقاتلي الحزب مقارنة بعدد افراد الجيش السوري الحر وبعدد جبهات القتال الواسعة التي تتطلب اعدادا كبيرة من المقاتلين. اما المعضلة الثانية فتكمن بخطة نصر الله الرامية الى تشكيل جيش كبير من المقاتلين الشيعة حصراً الذين تدربوا على حرب المدن والعصابات ويكون هذا الجيش تحت امرته حسب الاتفاق مع القيادتين السورية والايرانية. وربما يبلغ تعداد هذا الجيش اذا قبل ‘جيش المهدي' بالانضمام اليه اكثر من 110 الاف مقاتل في تعداد ضروري وربما حاسم لشن هجمات داخل ريف دمشق وحمص لانتزاع السيطرة عليها من الجيش الحر. كما ان هذا العدد من المقاتلين حيوي لبدء عمليات "تطهير طائفي واسعة" في المدن والارياف السورية وفق ما يخطط له الحزب، بحسب القيادات الصدرية التي قالت ان المراجع الشيعية في العراق ومعظم الاطراف السياسية الشيعية ترفض التورط على الأرض في النزاع السوري. ويبدو ان الموقف الصدري يستند الى موقف شيعي عام بعدم الانخراط في خطط حزب الله لأن الصدريين يعتبرون ان من غير المسموح لنصرالله فرض رأيه على المراجع السياسية والدينية الشيعية في العراق. وشددت القيادات الصدرية على ان القرار الشيعي الرسمي العراقي يعتبر المشاركة في القتال داخل سوريا "عملا خطيرا" وعلى الجميع عدم التورط به بأي ظرف وبأي حال من الاحوال. ومن الواضح ان حزب الله يعاني نقصا في عدد مقاتليه بعد ان تكبد خسائر بشرية كبيرة، ما دفعه الى ارسال تعزيزات اضافية ترافقت مع توافد قوات خاصة من الحرس الجمهوري السوري الى جبهات القصير. ويخوض حزب الله معارك طاحنة الى جانب القوات السورية والميليشيات الموالية لها في مدينة القصير الاستراتيجية التي تربط دمشق بالساحل السوري ذي الغالبية العلوية ومناطق نفوذ الحزب في شرق لبنان. وينتمي الرئيس الاسد الى الاقلية العلوية التي تشكل قرابة 10 بالمئة من عدد سكان سوريا وتعتبر قريبة المذهب الشيعي الاثني عشري، في حين يشكل السنة غالبية السكان والمؤيدين للمعارضة.