كلّما رآه …أصرّ عليه أن يقبل دعوته للعشاء … كان يرفض بأدب.. وذاك يصرّ بفجاجة …تكرّرت الدعوة عدّة مرّات … لم يستجب لأيٍّ منها … فهو لايريد أن ( يُكلِّفه ) … وذاك يصرّ بأن قبوله ( مَكْسب ) وأنه يجب أن يقبل حتى يقوم ( بواجبه ) …كانت دعوة على العشاء وبإلحاح غريب … فأراد صاحبنا أن يُلبّي الدعوة أخيراً.. ليرتاح فقط من تنطّع صاحب الدعوة وليكسبه شرف الزيارة … أصر عليه أن يأتي للعشاء بمعدة فارغة … لأنه يريده أن يأكل حتى ( يَنْصطِحْ ) … صارت الساعة الثامنة مساءً ولم يأتِ العشاء … زادت ساعة … والعشاء « المُرتقب « لم يحضر … صار يلتفت كثيراً للساعة … ليلفتَ نظر « المضيف « بأن العزومة « زادت عن حدّها « … ساعة أخرى .. ها قد حضر العشاء … علبة سردين وحبة بندورة … ورغيف ونص بايتات … صُعِق صاحبنا … فصاحب العزومة ( برجوازي ) … وما هكذا تُكْرم الرجال … وما هكذا تكون عزومة الإلحاح …. كل دعوات الحكومات للحوار مع شعوبها هي على علبة سردين … كلها تأتي بإلحاح منها والمضيف لا يُكرم ضيفه … إذا أرادت الحكومات أن يكون الحوار دسماً و(مِدْهِنْ ) فيجب أن يكون العشاء دسماً و(مدهن أيضاً ) فلا حوار بدون مناسف أو كبسة أومقلوبة أو ملوخية بالأرانب أو سمك بلا حسك …. كل دعوات الإصلاح والتغيير لن تجدي … إذا كانت الانتقال من الحمص إلى الفول … أو منهما إلى الفلافل ….!! نسيت أن أذكر لكم … أن صديقي المعزوم أكد بأنه يشك في صلاحية علبة السردين … لأن لها طعماً ورائحة … غير الطعم والرائحة التي عهدها دائماً ….!! * كاتب مقال يومي ساخر في صحيفة ( الدستور ) الأردنية .. وناشر موقع (تنفيس) الإخباري الساخر [email protected]