الكبير يبقى كبيرا والصغير يستمر صغيرا, أمّا النصف نصف فإنّه لا بين العير ولا مع النفير, تلك لازمة من حكاية مصرية في فيلم ظل يرددها الممثل كلما استجدّ أمرا فيه لتأكيد القوة والرجولة والشجاعة بالموقف. ترى أين تقع أمة العرب من أمر الحكاية المقولة وإن هي كبيرة أم أنّها من الصغر المتناهي، أو فيما هي نصف وحسب؟ يا أمة ضحكت من جهلها الأمم، والآن فوق الجهل ضعف وهزالة وتردٍ يصل درجة النذالة، لم في كل ذلك من خنوع وموافقات تصل حد المساومة على الشرف الذي ما عاد رفيعا منذ دهر، استمر حتى أعاد سوق النخاسة بقالب أخس وأبخس ليؤم اليوم على رقيق من دم المشتري والمتفرج والسمسار الذي لا يهمّه إن هو قواداً أو وكيلا عنه كي يحسب الدم أو الشرف أو ليهتمّ لكرامة. لقطاء من كل صوب وحدب يتصدروننا فوق مساند مخاطة من شراييننا, وقد شيّدوها من ظهور منهكة, يجلسون على مفارش مفصّلة من عضام صدورنا ليرتقونها ارتفاعا من أرجل بلحم ودم ليسيروا بها علينا. ومن أبناء زيجات حرام مسجلة بطوابع واردات عثمانية وربما مملوكية ارتقى الجالسون على عقول الناس وصولا إلى إباحة النفس بلا نفس, وقد استبيحوا هم أنفسهم من قبل ومن بعد, وقد توارثونا جيلا لمفخرة المرارة فجيلا. ومن الخليج إلى المحيط, ومن مراكش للبحرين ومن شرم الشيخ إلى سعسع، وهذه كانت حكاية أمة وليست فيلما هنديا، وهي الآن رواية ما عاد فصلها الأول موجودا منذ ذاك الدهر الذي راكم فوقنا وداخل حلوقنا قذارة ما بعد القيح, وأكثر من سفالة شيلوك وما يفوق عفن الذين خانوا لتفتح بلادهم للغير فنالوا المال والاحتقار معا. وإن استمر الوقت لهم أكثر فستكون ملحمة لأمة نالتها النخاسة بلا هوادة والرق مصيرا بلا توقف. بغداد تموت طوال الدهر, وكلما دبّت فيها حياة تغتال منّا أكثر، وقاهرة المعز لا تعزّ أحدا, ودائرة الخليج لخلاعة في الغرب والشرق على حد سواء وتعيش عصر زيت الكاز بامتياز، ومغربنا إلى أكثر وما بعد الأسوأ رغم سقوط القذافي, والخرطوم ماتت وهي الآن رميم ليس من يحييها بعد, وعمان في القاع أنت الجمر من جلة تحرق وتخنق من روث وسناء, وقد تكشّفت دمشق عارية بلا ثوب أو ورقة توت. ترى من نحن الآن على وجه الدقة طالما نسترزق كفافنا قوت يومنا وليس صلاة من أجله!