المواطن اليمني معروف بقناعته في كل شيء ، فتجده يستلم راتبه ويحمد الله ، ليس لأن راتبه سيكفيه إلى آخر الشهر ولا حتى إلى نصفه أو ثلثه ، ولكن لأنه سوف يسدّد ديون البقالة ، والإيجار ، وسيشترى دجاجة لأولاده …و… يغرق العامل اليمني في العمل من الصباح حتى المساء ، ليجد في نهاية يومه أجراً زهيداً مقابل عمله ، لايسد رمق الجوع لأولاده ، لثلاث وجبات يومية مع أهم المتطلبات … ومع ذلك تجد كثيرا من العاملين الذين يفترشون الأرصفة والجولات منذ الصباح الباكر يعودون إلى منازلهم من غيرالحصول على فرصة عمل ، وتجد بعض الموظفين يماطلون في أعمالهم ، لأنهم يريدون أن يحصلوا على بعض النقود من المراجعين بغير وجه حق لأنهم لايجدون في بيوتهم ما يغنيهم عن مد أيديهم إلى الرشوة ولا في رواتبهم ما يكفيهم عن ابتزاز الآخرين …وتجد بعض الملاحظين في أيام الاختبارات يجمعون من الطلاب من خمسين ريالاً مقابل أن يسمحوا لهم بالغش …إلخ والأقسى من ذلك كله أن تجد كثيرا من الناس يهدرون إنسانيتهم وهم يتسولون بأوجاعهم ، يمدون أيديهم لمن هم في مثل حاجتهم لكنهم صامتون ، ويمدون أيديهم لمن يدوس على جراحاتهم ويبصق عليها أيضا من دون رحمة. بالمختصر هل يا ترى يضع المقنّنون والقائمون على السياسة في اليمن في حسبانهم أن الرواتب التي يستلمها الموظفون لم تعد تناسب غلاء المعيشة …وهل يعلمون أن خططهم في إلهاء المواطن بلقمة عيشه وإشغاله عن وضع اليمن خطة ناجحة جدا …إذ أصبح المواطن يفكر بالخدمات الأساسية التي كان يفتقدها من قبل الثورة ، وأصبحت أسوأ حالا بعد الثورة ، وذلك ضمن برنامج ممنهج لإقناع المواطن أن حال اليمن قبل الثورة أفضل من بعدها . كثير من الأمور أصبحت تشغل المواطن ، وهو مازال ذلك الحالم بغد أفضل وبالرغم من كل الظروف التي يعانيها مازال حليما صابرا يتمنى أن يجد نفسه في وضع أفضل من ذي قبل..ربما وربما ..لكن يا من تسيسون وتمنهجون ، ويا أصحاب مراكز القرار في اليمن ، اتقوا شر الحليم إذا غضب …واحذروا ثورة الجياع التي ستأكل الأخضر واليابس إن استمر الوضع كما هو عليه ، طالما وأن المواطن يجد أغلب راتبه يذهب للمؤجر الذي لا يحكمه قانون ولا عُرف ، وما تبقى من الراتب يتوزع بين شراء الماء «وايتات» والبترول أو الشموع أو .. وبقيته الباقية لا تكفيه لخبز ناشف مع أولاده . أيها الساسة لاتظنون أن صمت الشعب في هذه الفترة هو اقتناع بالواقع ، ولكنه ينتظر ما الذي سيخرج به حواركم وما الذي سيقدمه له على المستوى العام في أمنه واستقراره ، وشكل دولته ، …..وحقه في العيش الكريم ، بوصفه مواطنا له حق المواطنة المتساوية في كل شيء .