نستيقظ في الصباح والهّم يشغلنا بلقمة العيش .. ويا فتاح يا عليم .. يا رزاق يا كريم .. وما أن يأتي المساء .. لنرتاح قليلاً حتى تشغلنا أشياء كثيرة .. وتظل مسيطرة على التفكير حتى وان استلقت الذاكرة على مخدة النوم .. ومنها .. الأولاد .. الإيجار .. المواصلات .. الديون .. الماء .. الكهرباء .. وغير ذلك من هموم الحياة .. ومتاعب العيش.. أما إذا ما حكم القدر .. وأصيب أحد من العائلة .. كبيراً .. أو صغيراً بمرض .. فهي الكارثة .. وقوة الإيمان هنا تظهر لتخفف من المعاناة.. ما أقساها هذه الحياة .. وما أشدها من قسوة عندما تختفي الرحمة من القلوب .. وتتهرب الوجوه من مواجهة مواقف العون والمساعدة ولو بكلمة طيبة!. الفقر .. آفة .. والإمام علي بن ابي طالب كرم الله وجهه لخص خطورته في كلمات بسيطة وقوية عندما قال : لو كان الفقر رجلاً لقتلته!!. حتى الموظفين .. ومن لهم مرتبات يتسلمونها نهاية كل شهر - حكومي أو خاص- ما عادت تجدي .. ولا تنفع .. فكل شيء تتصاعد قيمته .. والأسعار تشتعل يوماً بعد يوم .. والرقابة غير قادرة على فعل شيء .. والخوف يسيطر علينا جميعاً من القادم المجهول. الموظف ينتظر راتبه الشهري .. فيتأخر أياماً وربما أسابيع .. ووزارة مهمة وكبيرة .. كنت شاهداً على عودة شيك مرتبات موظفيها للشهر الماضي من أحد البنوك التي تقدم خدمة الصرف .. ولولا أن المدير المسئول وجه بكشف رصيد تلك الوزارة .. لما استلم موظفوها المرتبات!. بالمقابل .. المؤجر لا يعرف شيئاً اسمه (تأخر) ولا يؤمن بأن هناك صعاباً مالية تواجه كثيراً من الوزارات والمؤسسات .. ورأسه وألف سيف .. أن يستلم الإيجار أو فإنه سيغلق الشقة!. أحد المؤجرين استغل خروج أحد الزملاء من الشقة المستأجر لها في يوم جمعة مع أولاده .. وقام بلف باب الشقة المحاط ببوابة حديدية بالسلاسل وأحكم الإغلاق (بقفل) كبير .. ولم يرحم المستأجر ولا أولاده عندما عادوا ليلاً ووجدوا أنفسهم مهددين بالنوم في الشارع!. شخص آخر أعرفه جيداً .. اتصل بي أحد أولاده وأخبرني بأن والده (محجوز) في قسم الشرطة .. ذهبت لأعرف الأمر .. فوجدته محملاً بديون متراكمة لصاحب (البقالة) بمبلغ خمسة وتسعين ألف ريال .. وإذا لم يدفع النصف سيرحل إلى النيابة لتفصل في الأمر!!. هذا ما يحدث عند من لديه مرتب شهري .. فكيف ستكون الحكاية مع من لا يمتلك عملاًً .. ولا مصدراً يقتات منه قوت يومه؟! لنحرص جميعاً على التراحم في ما بيننا .. لنكون أكثر اهتماماً بمد يد العون متى ما استطعنا .. وليتقِ الله من يزرع الشوك ليجني المال الحرام من يد المغلوبين على أمرهم .. واللهم لطفك .. ورحمتك .. ورزقك .. ومغفرتك!!.