لم ندرك حجم الخراب والفساد الذي وصلت إليه مصر في زمن الأنظمة البائدة إلاّ بعد ثورة يناير التي كشفت المستور, ولم يكن ممكنا إدراك حقيقة هذا الفساد لولا وجود مرسي الذي حاول جادا وجاهدا أن يضع الأمور في نصابها, لك الله يا مصر كم أنت مصابة بهؤلاء الذين لا يزالون يريدونك في غير المكان الذي ينبغي أن تكوني فيه. خراب في الذمم, خراب في المؤسسات, خراب في الجهاز الأمني الذي هو عصب الدولة الحساس, خراب في الجهاز القضائي الذي هو ملجأ الدولة الأخير حين تداهمها الخطوب, خراب في الإعلام الذي هو الأداة الأهم في أيّ مشروع نهضوي يمكن أن يكون مخرجا لمصر العظيمة, إعلام مأجور يطبّل ويزمّر بلا توقّف, والأعجب من ذلك أنّه قادر على تحريك الغوغاء والفلول ويشكّل لهم غطاء لتحركهم في الميادين بحرية, بلطجية بمطاوي وآخرين بطبنجات وغيرهم بخراطيش ولكل سعره وهم بالآلاف وجاهزين لتنفيذ أيّة مهمّة مهما كانت درجتها من القذارة. مستعدين للضرب والقتل والسحل وحرق المباني واغتصاب النساء وتسلّق الأسوار, لا قيمة للحياة عندهم, ولا أيّ شعور بالانتماء للوطن أو الإنسانية, هؤلاء هم أدوات أعداء مصر الذين يسعون لتدميرها وحرقها تنفيذا لمخطط أمريكي صهيوني أدواته أنظمة عربية مرعوبة من الإصلاح, مرعوبة من نموذج مصري متوقع يكشف زيفها وتآمرها على قضايا الشعوب والأمة, فهي تدفع بغير حساب للمجرمين وخريجي الشوارع المظلمة والخلفية والعشوائيات التي تفتقر إلى أدنى درجات الحياة الإنسانية وتشكّلت في ظل الأنظمة الفاسدة التي امتصّت دماء الشعب المصري ولم تقدّم له سوى الفقر والجوع والجريمة والتطرف والخراب. جبهة الخراب التي يقودها رموز سياسية فاشلة بعيدة عن الشعب, ضالعة في التآمر ضد قضاياه الوطنية وتتوسّل بكل وسيلة قذرة لتحقيق أهدافها, هذه الجبهة اجتمعت مكوناتها وهي من المفترض أن تكون أبعد ما تكون عن الاجتماع والتوافق, ولكن جمعها جميعا إرادة معادية للأمة, معادية للإسلام معادية للوطن والشعب وحريصة على تفكيك مصر وإضعافها وإبقائها خارج دائرة التأثير, كي تضمن أمن «إسرائيل» وأمن المشروع الغربي الاستعماري الذي يسعى لإبقاء الأمة ضعيفة ومفككة لتبقى السيادة للمشروع الغربي المعادي, فلا تقوم للأمة قائمة, وهو السيناريو الذي يتكرر في سوريا وتركيا وتونس, مستعدون لتكراره في أيّ مكان من العالم العربي والإسلامي, إنّه المشروع الذي يرتكز على عدائه للإسلام وللأمة ويحول دون نهوضها وتحررها وانطلاقها إلى آفاق التنمية والتقدم والازدهار. لماذا يرفض أعداء مصر الحوار؟ لماذا يرفضون الاحتكام لرأي الشعب؟ لماذا يلجؤون إلى العنف؟ لماذا رفضوا المشاركة مع الإسلاميين؟ الأمر واضح, إنّهم يتهمون الأخوان بالإقصاء وهم أكثر من يمارسه, هم لا يريدون شريكا إسلاميا, ولا يريدون أن يروا مسلما ولا محجبة ولا من يفكّر بالجهاد لتحرير فلسطين والأقصى, هم امتداد للجبهة المعادية للدين, ولو تلبّسوا بالعلمانية والمدنية زورا وكذبا, هم ليسوا قوميين, لو كانوا كذلك لأدركوا أنّ قواسم كثيرة مشتركة مع الإسلاميين تمنعهم من هذه السلوكات الشاذة التي تضع أهم بلد عربي على فوهة بركان, تقوده إلى مجهول يخدم في محصلته المشروع الصهيوني الذي يعمل جاهدا ومن وراء الكواليس لإثارة الفتنة والتفريق بين أبناء الوطن الواحد. لن يفلحوا ولو أنفقوا كل أموال الخليج وأمريكا والفلول المتخفية بأثواب الوطنية الزائفة, لن يفلحوا في اختطاف مصر العروبة والإسلام, ففي مصر ليوث وجنود صادقون صالحون لن يسلّموها لهؤلاء الأذناب الذين يأتمرون بأوامر أعداء الأمة, لن تخضع مصر العظيمة للعملاء والأذناب, فليس هذا هو شأنها, مصر عظيمة بإسلامها وعروبتها وحضارتها, مصر كنانة الإسلام, وقاعدة التغيير في الوطن العربي والأمة الإسلامية ومصر أكبر من أن تقاد بمثل هؤلاء الأقزام التافهين, الساعين لمصالحهم الشخصية ببرنامج مرتبط بمصالح أعداء مصر والعرب والمسلمين, ويخدم في النتيجة المشروع الصهيوني المتربّص بنا جميعا.