(بصوت جهوري قوي واضح، نتوجه به لكل أشقائنا في اليمن، وأشقائنا من أبناء العروبة أجمعين، أن يهبوا هبة الصادقين المخلصين، للتصدي لكل محاولة تستهدف وحدة يمننا بالخطر..) يمثل قيام الوحدة بين شطري اليمن السابقين أحد أهم الانجازات العربية في التاريخ المعاصر. يوازيه في ذلك، الانتصار الذي حققته القيادة اليمنية في المعركة التي خاضتها ضد التهديد الذي واجه استمرار مشروع وحدة شعبها ووطنها، التي شهدتها اليمن عام 1994م. وتمثل الوحدة الوطنية لأي شعب عربي، ضرورة حياتية له، كمقدمة لتحقيق وحدة شعوب الأمة العربية جميعها، وكضرورة يحتاجها العرب، لاستعادة حضارتهم التي انتهت إلى السقوط، لأسباب كثيرة، منها انهيار الوحدة التي ظلت لقرون عديدة، حقيقة ماثلة في التاريخ. وتعي القوى العالمية المناهضة لمشروع استعادة الوحدة العربية، الأهمية القصوى، لهذه الاستعادة، الأمر الذي يفسر، بوضوح، إصرار القوى المعادية على ضرب الوحدة العربية كلما ظهر هنا أو هناك، مشروع يحققها، كما كان ذلك واضحا في ضرب مشروع الوحدة العربية الذي تحقق بقيام الجمهورية العربية المتحدة بقيادة الزعيم العربي السابق جمال عبد الناصر، لدى انضواء كل من مصر وسوريا، تحت راية الوحدة، التي استعادت تجربة القائد الإسلامي صلاح الدين الأيوبي، عندما حقق وحدة القطرين، كمقدمة لتحرير فلسطين، من الاحتلال الصليبي لها. ولم تقف جهود القوى المعادية عند حدود الهجوم على المشروع الوحدوي العربي الرامي لتحقيق وحدة الشعوب العربية، ولكنها تجاوزت ذلك، إلى الهجوم على وحدة كل شعب عربي على حدة، الأمر الذي تم بتقسيم بلاد الشام إلى عدد من الدول العربية، كمقدمة لزرع الدولة الصهيونية في فلسطين. وكما قام الاستعمار البريطاني أيضا، باحتلال جنوباليمن، لسنوات طويلة، ما نتج عنه، تقسيم اليمن إلى بلدين، أحدهما في الشمال والآخر في الجنوب، وهو الأمر الذي انتهي بتوحيد الشطرين، وبتعزيز هذه الوحدة، بعد حرب قادتها القيادة اليمينية الراهنة، لإسقاط مشروع العودة للانفصال. وتمارس قوى العدوان حربها على وحدة كل وطن عربي على حدة، كما نشهد ذلك في العراق الشقيق، الذي تسعى قوى العدوان إلى تقسيمه قسمة بائنة بين الأكراد في الشمال، والسنة في الوسط، والشيعة في الجنوب.. والتقسيم كذلك، خطر امتد للساحة الفلسطينية، التي تشهد انقساما سياسيا بين أراضي السلطة الفلسطينية، فصل قطاع غزة عن الضفة الغربية. وقد رأى الصهاينة في هذا الانقسام، انتصارا كبيرا في حربهم ضد الشعب الفلسطيني، الذي سجل أعلى مستويات النضال ضد الاحتلال الصهيوني لوطنه. وتتوارد تقارير، تشير إلى محاولات تستهدف وحدة اليمن، وتسعى إلى العودة بالوطن الشقيق، وطن العروبة الأصيل، إلى ما كان عليه من شقاق قديم، يمهد لانقسامات بين مكونات الشعب اليمني التي ظلت ملتحمة عبر التاريخ، التحاما عضويا.. وقد أزعجني، أن يوجد من بين أبناء الشعب اليمني، من يجعل من نفسه، مطية يمتطيها أعداء وحدة اليمن، العزيز على قلبي وعلى قلب كل عربي حر كريم.. ونحن نرى في اليمن، نموذجا قوميا استطاع أن يحقق الحلم العربي بالوحدة، من خلال استعادة وحدته الوطنية، ومن خلال انتصاره في معركته ضد الانفصال، التي شهدتها تسعينات القرن الماضي.. وكنت أنا ونفر محب مخلص لليمن، من أبناء العروبة التي احتضنتهم اليمن، قد قمنا للدفاع عن وحدة اليمن، عندما هددها شبح الانفصال، وقمنا حينئذ، بتأسيس اللجنة العربية للدفاع عن الوحدة اليمنية، وساهمنا بما استطعناه من جهد، أن نؤكد على واجب كل عربي، بضرورة الدفاع مشروع استعادة الوحدة العربية، من طريق استعادة اليمن لوحدتها.. والدفاع عن استمرار هذه الوحدة.. وأعلن اليوم، ومن غزة التي يحاصرها العدوان الصهيوني، ويكبلها انفصال سياسي، تعاني منه المرحلة الوطنية الفلسطينية الراهنة، أعلن دعوة متجددة، نصرخ بها بأعلى ما نستطيع من صوت جهوري قوي واضح، نتوجه به لكل أشقائنا في اليمن، وأشقائنا من أبناء العروبة أجمعين، أن يهبوا هبة الصادقين المخلصين، للتصدي لكل محاولة تستهدف وحدة يمننا بالخطر.. ونحن على ثقة عالية، أن وحدة اليمن ستبقى في مأمن في حصن منيع، بفضل إيمان أبناء شعب اليمن الشرفاء، وقيادتهم الوطنية الوحدوية، وإيمان أبناء العروبة المخلصين لأمتهم.. وستصمد وحدة اليمن، في مواجهة كل خطر يأتيها من قوى العدوان الخارجية والداخلية.. وحدة اليمن، هي القاعدة لاستعادة وحدتنا العربية.. وهي القاعدة لبناء مشروعنا الحضاري العربي الجديد.. وهي القاعدة لهزيمة كل القوى التي تتربص بوحدة أوطان الأمة العربية، وهي القاعدة التي نتطلع لأن تنطلق منها جحافل الحق المبين، لهزيمة جيوش الظلام والعدوان، التي تستهدف كل قوة تجاهد من أجل تحقيق العدالة العالمية والسلام العالمي الأصيل، لا سلام العدوان، الذي يسلب حق الشعوب المغلوبة، في أن ترقى بحياتها من مستوى التخلف الحضاري إلى مستويات تليق بحياة إنسانية كريمة.. ستبقى راية وحدة اليمن مرفرفة في أعالي المجد.. وسنهزم كل عدوان بإذن الله، وبجهاد قوى الخير من أبناء اليمن، وأبناء العروبة، وأبناء الأمم الشرفاء أجمعين.. فلسطين - غزة 23/9/2008 * رئيس اللجنة العربية للدفاع عن الوحدة اليمنية التي قامت في صنعاء خلال حرب الدفاع عن وحدة اليمن عام 1994م. [email protected]