مرور ليلة 30 يونيو على هذه الشاكلة يشكل مؤشرا ايجابيا على احتمالات راجحة بأن تعبر الديمقراطية المصرية الشرعية الازمة، ونرى استقراراً في المشهد المصري. المعارضة هذه المرة دفعت بكل ثقلها نحو الشارع، ولا اعتقد انها تملك بعد ذلك قوة دفع مماثلة؛ لأن ما جمعهم سيفرقهم بسهولة. الاقباط استنفروا خيلهم ورجلهم، والفلول من انصار النظام السابق كان له الحضور الفاعل، أما القوى السياسية والمواطنون العاديون فقد ساروا بالركب بطريقة غريبة. الإخوان خصوصا، والتيار الاسلامي بعمومه، نجحوا في اختبار السلمية، وتحملوا الاذى الى الحد العميق الذي لا يطيقه أي كان، لاسيما بعد سقوط الشهداء واحداث المقطم. الجيش المصري حتى ما قبل بيان الامس، نجح في الاختبار فلم يتدخل ولزم معسكراته، ولم يتأثر بكل اصوات التحريض التي حاولت جره للصدام مع الشرعية والاسلاميين. لكن مفاجأة الامس كانت غريبة؛ فقد اعلن الجيش المصري من خلال بيانه الذي سمعناه البارحة انه يمهل الاطراف 48 ساعة كي تنهي خصومتها السياسية، وإلا كان لهم رأي آخر. هذا الموقف يعد تدخلا سافرا من الجيش، ويعمل على صب الزيت على النار لتشتعل الازمة هناك أكثر فأكثر، وليبلغ المشهد المصري مرحلة نستطيع ان نخاف امامها. بيانك يا سيسي سيجعل المعارضة تخرج اكثر، ويشتد تصلبها في رفض الحوار؛ لأنها ستظن أنك معها، وهي في الاصل تريد ان يتدخل الجيش على قاعدة «العسكريتاريا افضل الاسلاميين»، بالمقابل سينزل الاسلاميون وانصارهم الى الشارع بزخم غير مسبوق لتمتلئ الشوارع بالناس، وتحتقن النفوس وتصبح مصر وشعبها في الميدان. هَبْ جدلا هنا أن الجيش قرر النزول الى الشارع، ووضع الحكم بيده، فماذا سيفعل امام هذا التدافع الكبير؟ والى اين سيوصلنا غباء العسكر في هذه المحنة؟ كان بالامكان ان يضغط الجيش على الرئيس مرسي دون طلاق مشوه ارعن، وكان بالامكان ان يفرض الجيش بثقله المعنوي على الجميع للجلوس الى الطاولة، دون ان يُعقِّد الموقف الى الحد الذي نراه بعد بيان الامس. تسرع الجيش وتأخر الرئيس محمد مرسي، ومصر تدخل من الباب الحقيقي اليوم للازمة، لتعلن أننا أما م نفق يحتاج إلى رعاية الله وعقلانية المصريين، وهنا تتوقف قلوبنا نحوك يا محروسة.