يعجب المرء أيما إعجاب من أناس يرتكبون خطاياهم ويقارفون فحشهم ويلبسونه لباس الدين، وهم بالمناسبة ليسوا جهلة ولا مجانين، يشيعون الفاحشة في الناس بأشكالها المختلفة باسم التحرر والطرب، لا تعرف من ممارساتهم أَهُمْ من المسلمين أم المنافقين. ماجنة تتراقص تبدأ يومها بتلاوة القرآن، وآخر يتمايل على الأنغام المختلفة يدعوك للفضيلة والإحسان، وآخر يشتت شمل رمضان بالسفر إلى بلاد الشرق والغرب ويدعوك لحب الأوطان، وآخر ينقل لك أخبار كثيرٍ من السفهاء والمنحلين والفنّانين ويقابلهم ويتغنى ببر الوالدين وصلة الرحم والإحسان للجيران. « ما جعل الله لرجلٍ من قلبين في جوفه « فكيف لهؤلاء أن تستقيم في قلوبهم الطاعات والرذائل، وكيف يستطيعون السهر على المعاصي والدعوة للفضائل، يقضون لياليهم في مهرجانات العري ونشر الفاحشة والتحلل ويقتنصون وقتاً للتبتل والدعاء، يقابِلون ويقابَلون فتسمع منهم ما يحَيِّر الحكماء ويُلَبَّس على الدهماء، في الحفلات الماجنة يتمايلون وإخوة قريبون منهم ينزفون ويموتون، تُدْفع لهم الأموال بالآلاف، ويوصفون بشتّى الأوصاف، وآخرين حولهم من الفقراء والمساكين لا يجدون مستلزمات الكَفاف. كل العجب من الإنسان الذي يبرر الرذائل، وهو يسمع قول الله عز مِن قائل « إن الذين يحبون أن تشيع الفاحشة في الذين آمنوا لهم عذاب أليم «، وكيف له أن يرضى بالعري والتبرج وهو يسمع قول النبي عليه السلام ( صنفان من الناس…. ونساء كاسيات عاريات رؤوسهن كأسنمة البخت المائلة لا يدخلن الجنة ولا يجدن ريحها…)، وربنا جل في علاه يأمر المسلمات بأن يدنين عليهن من جلابيبهن ولا يتبرجن تبرج الجاهلية الأولى، وكيف يرضى بالطرب والمجون وهو يسمع الحق تبارك وتعالى ينهى المسلمات عن الخضوع بالقول لكي لا يطمع الذي في قلبه مرض، فكيف بالرقص والتمايل وما يرافقهما من ,,, يمكن للمرء أن يتوقع من الإنسان أن يقارف الأفعال المشينة، في المقابل لا يفضح نفسه على رؤوس الأشهاد بل يستتر ويستحيي، أما أن يكون داعية للفساد ووسيلة للإفساد بالتسويق لمقارفة الفواحش والترويج لها فهذا ما لا يستقيم مع النفس القويمة، وما يتقاضاه مال سُحْتٍ وليس غنيمة، وسَيُسأَل عنها يوم القيامة ويحاسب، وما نبت من سحت فالنار أولى به كما أخبر عليه الصلاة والسلام. ارحموا أنفسكم ولا تبحثوا عن غطاءٍ لتحللكم وانحرافكم، ومن يقترف الفواحش مع سبق إصرار فليس له من مآل إلا النار، ودرب الفضيلة واضح جَلِيّ، وهذه مريم البتول عليها السلام تتمنى الموت على أن يتقول عليها الناس بألسنتهم بغير حق، فكيف بمن قبلت على نفسها أن تكون داعية فتنة ومعرض إفساد متنقل، وطريق الحق أبلج ودرب الباطل لجلج، فاغتنموا شهركم.