"بأي حال عدت يا عيد"، مقولة تختزل عيد الفطر السعيد في قطاع غزة الذي يُعاني سكانه من أتون أزمات مستمرة، دفع بها الحصار الإسرائيلي والأوضاع المصرية الأخيرة. ينقضي شهر رمضان ويهل العيد على غزة وسط أزمات لا بوادر في الأفق لمخرج قريب لها، تكتظ الأسواق بأناس قادتهم إليها طقوس معينة اعتادوا عليها في هذه المواسم لتبدو الحياة وكأنها طبيعية، إلا أنّ الحقيقة تُغاير واقع هذا العيد المُحكم بالحصار والإغلاق وسوء الأوضاع المعيشية. الحصار والإغلاق ومع ذلك، لم تستطع ويلات الحصار والإغلاق تغييب طقوس العيد في بيت محمود حسنية وسط غزة، وإن كان يجد صعوبة في توفير لقمة العيش وحاجيات العيد لأطفاله. يقول حسنية لوكالة "صفا" إنّ هذا العيد يختلف عن غيره من الأعياد السابقة في طبيعة الأوضاع المعيشية لدى سكان القطاع، نتيجة الحصار الإسرائيلي والأزمات السياسية في مصر وإغلاق معبر رفح والأنفاق الحدودية التي يعتاش عليها المئات. الأحداث المصرية وطوال ساعات اليوم الأول للعيد، كان حسنية يُتابع أوضاع مصر وما ستؤول إليه الأحداث في الميادين العامة، ويعتبر أنّ "الإنسان الفلسطيني في غزة أصبح عيده يتمثل بفتح معبر رفح واستقرار مصر لكي تنتهي غزة من أزماتها". ويُعاني قطاع غزة من أزمات وقود وكهرباء متكرر، منذ إعلان قيادة الجيش المصري عزل الرئيس محمد مرسي في 3 يوليو/ تموز الماضي، وما صاحب هذا الإعلان من هدم الجيش المصري للأنفاق الحدودية مع غزة، والتي يدخل عبرها الوقود والمواد الغذائية. الانقسام التجاذبات السياسية الأخيرة بين حركتي فتح وحماس، تُنّغص العيد على الأربعيني محمد الربايعة، ويرى أنّ الانقسام الأزمة الأكبر التي تتسبب بأزمات متتالية. ويُبدي هذا الرجل تخوفه خلال حديثه لمراسل"صفا" من استمرار إغلاق معبر رفح إذا لم يتحرك الرئيس محمود عباس لإنهاء هذه الأزمة بشكل جدي ورسمي. ويوضح أنّ الوثائق الأخيرة التي نشرتها حركة "حماس" والتي تؤكد فيها أنّ "فتح" متورطة بالتحريض على غزة، "تُشير إلى أنّ المصالحة باتت أبعد مما نتمنى". الأسرى ويقضي الأسرى في سجون الاحتلال هذا العيد كعشرات الأعياد التي قضوها داخل السجون، محرومين من أدنى حقوقهم الإنسانية كالزيارة وتلقي العلاج، كما تقول الأسيرة المحررة فاطمة الزق. وتسرد تجربة حلول العيد في الأسر قائلة "العيد في السجن يصحبه غصة في القلب تتمثل بالفراق عن الأبناء والأهل والأحبة ولكننا كنا نسموا علي هذه الجراح، ولم نجعل سجانينا يهزموننا لأننا كنا نواري ما بقلوبنا من حرمان وفراق". تتابع لوكالة "صفا" "كنا في أيام العيد نعمل الحلويات والمعمول ونفرح قدر ما نستطيع، ولكن سجانينا كانوا يحاولون طمس فرحتنا، وإن تعدينا قانونهم الظالم بفرحتنا كنا نعاقب ونقمع في داخل الزنازين، فإن سمعونا ننشد أو نصفق كان السجانات تصرخ علينا وإن لم نصغي إليهم يتم إدخالنا من ساحة الفورة إلى الزنازين". الأوضاع الاقتصادية أما أحمد زقوت –صاحب سوبر ماركت- فيصف الإقبال على شراء حاجيات العيد المتمثلة بالكعك والحلوى ضعيف بسبب الأوضاع المعيشية الصعبة لسكان القطاع. ويقول لوكالة "صفا": "من يشتري تلك الحاجيات يشتري بكميات قليلة، ورغم توافد عدد كبير من المواطنين على المحل ورخص الأسعار والبضائع المتنوعة، إلا أنّ البيع قليل ومحصور وليس بالحجم المطلوب. أحد زبائن زقوت رأى أن رغم كل هذه الأوضاع إلا أن هدوء الأوضاع من جانب هجمات الاحتلال العسكرية على القطاع يعطي شعورًا بالراحة أيضًا، رغم أن الاحتلال لا يؤمن جانبه ويمكن أن يعكر الأجواء بهجوم مفاجئ أي لحظة. وفي خضم الأزمات المتتالية التي يمر بها القطاع، ينتظر المواطنون هدوء ما بعد الأزمات لتعود الحياة إلى طبيعتها بعد أن تستعيد مصر قوتها ودورها في تحقيق المصالحة الداخلية وإنهاء الأزمات الإنسانية.