مكالمة بين الرئيسين الامريكي باراك أوباما والإيراني حسن روحاني هزت عروش دول المنطقة، ووضعتها في موقف حرج للغاية. بل وعملت على تغيير استراتيجياتها. خلال العقود الثلاثة الماضية عمل الرئيس روحاني في إدارة دفة الدولة الايرانية، قبل أن يتسنم رئاستها بعد فوزه في الانتخابات الأخيرة التي جرت في الرابع عشر من شهر/ يونيو المنصرم. آمن الرجل بضرورة تحصين الدولة الايرانية، ومؤسساتها، كمصلحة وطنية عليا، لا تخضع لرهانات ورغبات الخارج. فمهما كان الرجل منفتحاً إلا أنه لن يتخلى عن مصالح ايران. لهذا يمكن القول: إن العمل على فهم شخصية الرجل، أولى من فهم مبادراته، واتصالاته، القائمة على فتح ابواب التقارب مع واشنطن على مصرعيها، مما فاجئ المرقبين، خصوصاً المؤمنين بنظريات الصدام الحتمي مع واشنطن. من هؤلاء يتصدر السيد ناصر جودة وزير الخارجية الأردني الركب، حيث صرح أكثر من مرة: ان الأردن يختلف مع إيران بملفات عديدة: الملف النووي، والبحرين، وسوريا، ولبنان، والربيع العربي ". هذا الخلاف ارتفعت وتيرته في بعض الاحيان إلى حدود العداء المعتمد على إنتاج خطاب الكراهية. أسلوب جودة السوداوي، استثمر لوناً واحداً، ولم يقدم بديلاً مقنعاً في حال فشله. الغريب في الأمر أن الحكومة خلال الاسابيع الماضية سمحت للحجاج الإيرانيين بزيارة الأردن، مع أن عمان رفضت ذلك قبل أشهر، دون إبداء الأسباب التي دعتها إلى اتخاذ مثل هذا القرار. إن مبررات فشل السياسة الخارجية، واضحة، لا يمكن تبريرها، لاعتمادها على إرضاء ( الأخر ) الممول والمستثمر الذي يسيطر على الداخل الأردني مقابل إسقاط ( الأنا ) التي هي أولى بالإرضاء، نتيجة غياب الرؤيا الاستشرافية عن مخيلة وأفكار راسمي السياسة في الداخل. هذا الأسلوب عمل على إنبات أعداء كانت الدولة بغنى عنهم، ما يعني ضمنياً تعريض الأمن القومي الأردني للحرج، والتهديد، والخسارة. سيما وأن هذه السياسة عملت على استبدل العدو الحقيقي، وأقصد هنا اسرائيل، بأخر افتراضي ممثلاً بإيران. الأسلوب اللامعقول الذي اتبعه جودة باعتباره ممثلاً للسياسية الخارجية الأردنية سقط وأثبت عدم فاعليته. بناء على ذلك، هل تمتلك السياسة الخارجية الأردنية طريقاً لاستعادة العلاقات مع طهران في حال تم ترتيب حزمة الملفات العالقة مع الغرب؟ ختاما : إن كانت العلاقة الأردنية السعودية تعاني من الركود لأسباب عده، تستغلها الرياض باتجاه استغلالي يخدم مصالحها ، كما لا يمكن حصر نتائجها من قبل الأردن. وفي السياق عينه، العلاقة مع طهران مصابة بشرخ عميق، نتيجة سواء التقدير والفشل الدبلوماسي. لذا يمكن القول: إن الأردن يقترب أكثر فأكثر من الحلف المقدس الذي تطبل له إسرائيل، كرد على التقارب الغربي الإيراني الذي هز أركان المنطقة فقط جراء 15 عشر دقيقة تحدث بها أوباما مع روحاني ! لكن ماذا لو تمخضت هذه الاتصالات عن لقاء بينهما في واشنطن مثلاً ؟ من المؤكد أن الحج سيكون إلى تل ابيب هذه المرة، لا إلى واشنطن !