في مستهل العام الشمسي الجديد ينفتح كتاب العمر على الماضي والآتي بحساب الأيام وعدد السنين لنكتب في صفحة الآتي ما نريده لنا من تصحيح الماضي وتجديد اللحظة المتحركة بنا نحو آفاق الموعود ورحاب المأمول للأرض والناس. الأرصدة الزمنية تتعفن إن هي بقيت حساباً مجمداً ومدخراً وتزدهر إن هي انفتحت حساباً جارياً، ينقص ويزيد, يأخذ ويضيف, يصحح ويبتكر، ومصيبتنا كعرب أن كل أرصدتنا الزمنية مجمدة ومنفتحة على الماضي ومسكونة به غير آبهة بالحاضر والآتي. لا نعلم عدد السنين والحساب ولا نفقه تداول الايام ولا نتفكر في تدافع الاقوام، فنحن على هامش الزمن واقفين حتى بلا حركة اندهاش من عجائب ما نبصره من حركة الكوكب والأمم الحية بين الأمواج المتلاطمة في بحور التجدد والإبداع والبهجة التي تشع كل عام. صنعاء عاشت ليلة رأس السنة في ظلام وموت فهي لا تقلد الكفار ولا تتبع بدعهم ولا تحس بحركة الزمن والعالم من حولها وكيف تحتفي بمجيء عام جديد وهي لاحس لها في تليد أو وليد وكيف تضيء ليلة رأس السنة وهي التي يسكنها كل الظلام كل السنة :ظلام القتل والإرهاب وظلام الفساد وظلام الفقر والجهل وظلمات اللثام وصالح سميع. صنعاء مدينة لا تعشق ولا تتحرك فيها الشمس, فرض عليها لثام القهر واغتيلت فيها أحاسيس الفرحة وقيل لها تديني فجاءها الدين قتلاً واقتتالاً وتفرقة مذهبية وتفرقا طائفيا وفرقاً يحركها الريال وتأكلها الرمال وتدعي طهراً لا تراه في ملامح قوم أفسدوا فيها الهواء والماء وعاثوا خراباً في كل الفجاج والثباب. صنعاء لم يشرق فيها العام الجديد ولم يتحرك فيها النهار الوليد فهي حبيسة شيوخ ورهينة مشايخ شاخ فيهم حس الزمن وتحجر بهم جهل السنين والحساب وجهالة الاختلاف بين ليل ونهار فتلك آيات الله لقوم يعلمون ويتفكرون ويعقلون والملأ في صنعاء غرقى جهالة تظللها اللحى والجنابي والكروش والقروش. الفرحة بما أنجزوا كانت أنغام وأضواء العالم في رأس السنة والفرحة بما يعدون كانت حركة العالم الذي يحس الحياة ويحياها بفرح يودع أمسه وهو يستقبل غده أما الموتى في صنعاء فكانوا خارج المشهد والمعبد وفي دهاليز الجريمة وفواحش تطرف يقترف القتل باسم الله ويسميه جهاداً… فيا صنعاء ثوري فإنك لم تثوري..