عاشت مديرية حيس الجمعة الماضية ذعر ورعب، وهرع أبناؤها -رجالاً ونساء وأطفالاً- إلى المرافق الصحية مذعورين لما حل بهم من وباء فتك بثلاثة أطفال وشاب صومالي وأصاب العشرات أغلبهم من الأطفال. الوباء الخطير الذي حل بهم والذي لا يزال مجهولاً وسط تكهنات طبية أن يكون مرض "الكوليرا" الوبائي لما صاحبه من أعراض لدى مصابين، جعلهم ينفذون بجلودهم وأرواحهم متدفقين على المستشفيات ذات الإمكانات البسيطة بالمديرية بعد أن وجدوا حالات وفاة لذات المرض وبذات الأعراض. وفي زيارتها لمديرية حيس، وتحديداً ما يدعى "مستشفى حيس الحكومي الريفي"، رصدت المصدر حالة العشرات من المواطنين من أبناء قريتي المراويد والمصيبير اللتين حل بهما الوباء، كل واحد منهم مصطحب أبناءه من الأطفال بحثاً عن دواء ناجع ينقذ أطفالهم من هذا المرض المفاجئ الذي أزهق أرواح أربعة أشخاص خلال يوم واحد فقط. يقول فتيني حيدر صالح، أحد أبناء قرية المصيبير في حديثه ل"المصدر" إن المرض بدأ في القرية لدى الأطفال منذ ظهر يوم الجمعة وذلك بإصابة عدد من الأطفال بإسهالات وطرش وغثيان، أدى ذلك إلى وفاة ثلاثة أطفال من الإناث يتراوح أعمارهن بين 5 و13 و14 عاماً. ويواصل فتيني: "بعد حدوث وفاة فزع أهالي القرية وأصابهم الذعر والخوف وانتقل المصابون وعددهم 60 مصاباً إلى مستشفيات المديرية. وفي مستشفى حيس الحكومي الذي كان يعج بالمصابين وتم فتحه عصر يوم الجمعة لاستقبال الحالات، قال المواطن محمد جبلي (يقف ولديه طفلان مصابان بذات الوباء أحدهما عمره 6 سنوات والآخر 5 سنوات) يقول: "أتاهم إسهال حاد وطرش وتم نقلهما إلى المستشفى وأعطيا تحاليل وبدأت صحتهما تتحسن. ومثلهما أصيب الطفل صخر عبدالوهاب (7 سنوات) وكان حينها لا يزال على سرير المستشفى يتعاطى محاليل. وفي حين قال فتيني حيدر- معلم- إن هذا الوباء قد يكون عدوى إما عن طريق الصوماليين المهاجرين غير الشرعيين الذين يمرون بالمنطقة ويعطيهم الأهالي الطعام والماء، أو تسمم في الماء أو تغير في الجو. فيما أكد مدير مستشفى حيس الحكومي د. ثابت حسن عكيش أن الوباء لم يتم كشفه وقد تم أخذ عينة للتعرف على نوعية الوباء عن طريق مكتب الصحة. مضيفاً في حديثه ل"المصدر" أنهم في المستشفى قاموا باستقبال معظم الحالات وعددهم 59 حالة وتم إعطاؤهم تحاليل ومضادات حدت من الوفاة، وذلك بعد أن توفي إثر ذلك ثلاث بنات صغار وشاب صومالي. ويشير عكيش إلى أن أعراض الوباء تكون إسهال شديد وطرش لدى المصاب، وقد زودهم مكتب الصحة بالمحافظة بكمية من العلاجات لذلك. ويضيف مدير مستشفى حيس "أنه وعقب الإصابة قام فريق من مكتب الصحة مع فريق طبي بالنزول إلى القريتين لتقصي المرض ومعرفة أسبابه وأخذ عينات من أطفال تعد حالتهم حرجة وأخذها لفحصها إما في مدينة الحديدة أو صنعاء. وأكد د. ثابت أنهم عملوا على التعامل مع الحالات بشكل إيجابي، وقاموا بتوزيع العلاجات على المصابين من خلال محاليل وريدية للإسهال والجفاف الشديد وكذا مواد تحليلية. ودعا مدير مستشفى حيس الحكومي إلى عدم الاختلاط بالمصابين كون هذا المرض يعتبر مصدراً وبائياً إلا أنه عاد وجدد تأكيده أنه لم يتم كشف ما إذا كان وباء الكوليرا. تضارب في الأسباب: أثناء المرور على غرف مستشفى حيس لزيارة الحالات المصابة والاطلاع عليها، كان هناك على صالة المستشفى شاب أسمر البشرة وقد وضع عليه قطعة كرتون فخلته شخصاً نائماً، إلا أن المواطنين المتواجدين أخبروني أنه الشاب الصومالي المتوفى، حيث وجده رجال الأمن على قارعة الطريق متوفياً ثم أتوا به إلى المستشفى. وهنا لم يتأكد ما إذا كان ذلك الشاب الصومالي هو من نقل العدوى إلى أبناء المنطقة أم أن العدوى انتقلت منهم إليه! إلا أن فتيني حيدر يقول وهو أحد أبناء القرية المصابة إن السبب هم الصوماليين الذين يأتون من المخا مروراً بالمنطقة ويعطيهم الأهالي ما يأكلون ويشربون، وقد يكون ذلك أحد الأسباب. وفي الوقت الذي لا يزال الوباء مجهولاً، تعتكف مختبرات صنعاء المركزية لفحص حالات أصيبت بذات المرض، وسيتم الإعلان عن ذلك.