من شأن مؤامرة محاولة تفجير طرود ناسفة خرجت من اليمن أن يفاقم المخاوف الامنية بشأن الدولة العربية التي تعاني من عدم الاستقرار والتي ينظر اليها الغرب باعتبارها موطن أحد أكثر أجنحة القاعدة ابداعا وجرأة.
وشن تنظيم القاعدة في جزيرة العرب بقيادة ناصر الوحيشي - المساعد اليمني السابق لاسامة بن لادن زعيم تنظيم القاعدة - ونائب سعودي له سلسلة من الهجمات ضد أهداف غربية وعربية خلال الشهور الثمانية عشر الماضية.
وقال الرئيس الامريكي باراك أوباما يوم الجمعة ان المسؤولين الامنيين في بريطانيا ودبي اعترضوا طردين ناسفين أرسلا من اليمن الى الولاياتالمتحدة في "تهديد ارهابي فعلي."
وأضاف أن الطردين كانا في طريقهما الى "مكاني عبادة يهوديين في شيكاجو."
ولم تعلن أي جهة مسؤوليتها عن ارسال الطردين على الفور.
لكن أوباما قال ان مسؤولين أمريكيين يشتبهون في أن تنظيم القاعدة في جزيرة العرب - الذي يقاتل للاطاحة بالحكومة اليمنية - وراء ارسال الطردين .
واكتسبت الجماعة بفضل أنشطتها سمعة كأشد أجنحة تنظيم القاعدة المتناثرة في أنحاء العالم عدوانية.
وكانت الجماعة أعلنت مسؤوليتها عن محاولة فاشلة في 25 ديسمبر كانون الاول 2009 لتفجير طائرة ركاب فوق ديترويت قام بها متشدد نيجيري. الا أن الشحنة الناسفة التي كانت مخبأة في الملابس الداخلية للرجل الذي يدعى عمر فاروق عبد المطلب لم تنفجر.
وكان عبد المطلب زار اليمن كما أجرى اتصالات مع متشددين هناك.
وقبل ذلك بعدة شهور قامت الجماعة بعملية عبر الحدود في السعودية كادت خلالها أن تغتال الامير محمد بن نايف أحد أفراد الاسرة الحاكمة والذي يقود حملة مكافحة الارهاب في المملكة.
وفي العام نفسه نفذ التنظيم هجوما انتحاريا قتل فيه أربعة سياح كوريين جنوبيين في اليمن. كما استهدف في العام الحالي مسؤولين أمنيين يمنيين مرارا.
ولم تكن الهجمات وحدها هي التي أكسبت القاعدة في جزيرة العرب تلك السمعة السيئة.
ويرجع الفضل في ذلك أيضا الى كونها منتج نشط لدعاية القاعدة كما أنها تنشر مجلة للتنظيم باللغة الانجليزية بعنوان "انسباير" أدهشت الكثيرين بشكلها الاملس والذي يضاهي المجلات التي تستهدف المراهقين.
كما تستضيف أبرز دعاة التنظيم الذين يتقنون الانجليزية وهو أنور العولقي الداعية الامريكي المتشدد الذي ترجع أصوله الى اليمن والذي يستخدم في جداله بفاعلية مصطلحات وأفكار غربية وهي موهبة نادرة في صفوف القاعدة.
ويعد العولقي ورفاقه المساهمون في اصدار "انسباير" أبرز نماذج موجة جديدة من المعلقين الناطقين بالانجليزية والذين يؤثرون في بعض الشبان المسلمين في الغرب.
وكان العولقي القيادي الوحيد في القاعدة الذي ذكره بالاسم رئيس المخابرات الخارجية البريطانية جون سويرز عندما عرض التهديدات التي تواجهها بريطانيا يوم الخميس الماضي في أول كلمة على الاطلاق يلقيها رئيس للجهاز الامني البريطاني أثناء تواجده في الخدمة.
ويشعر المسؤولون الامريكيون بالقلق بشأن ظهور ما يسمى بالمتشددين الذين ينشأون محليا داخل الولاياتالمتحدة والذين يتبنون النهج المتشدد على ما يبدو من خلال زيارة مواقع الكترونية تنشر تعليقات اسلامية مناهضة للغرب مكتوبة باللغة الانجليزية.
وقال مسؤولون أمريكيون ان واشنطن فوضت وكالة المخابرات الامريكية (سي.اي. ايه) لقتل أو اعتقال العولقي. وهدد تنظيم القاعدة في جزيرة العرب الولاياتالمتحدة بمزيد من الهجمات اذا أصيب العولقي بسوء.
وتنظيم القاعدة في جزيرة العرب واحد من بين عدة أجنحة تابعة لتنظيم القاعدة ظهرت خلال السنوات الثلاث الماضية وتحاول اجتذاب متشددين من الغرب الى صفوفها يشجعها على ذلك فيما يبدو زعيم التنظيم أسامة بن لادن.
وتحت ضغط هجمات الطائرات دون طيار لجأ ابن لادن وهو سعودي من أصل يمني الى تبني استراتيجية تقوم على شن هجمات أصغر وأسهل تنظيما تنفذها فروع بعيدا عن منطقة الحدود الافغانية الباكستانية التي يعتقد انه مختبيء فيها.
وقال رئيس جهاز المخابرات الداخلية البريطاني "ام.اي.5" في 17 سبتمبر ايلول ان مؤامرات يشتبه انها من تدبير القاعدة ضد بريطانيا تنشأ بشكل متزايد في الصومال واليمن فيما يرجع لاسباب من بينها ضغوط اجراءات مكافحة الارهاب على زعماء التنظيم في باكستان.
وقال جوناثان ايفانز "هناك خطر حقيقي من أن يستجيب أحد أتباع (العولقي) لدعوته الى العنف ويشن هجوما في المملكة المتحدة .. وربما يتحرك بمفرده ودون تدريب منهجي يذكر."