تعرض مدينة دوربان في جنوب افريقيا على سكانها دفع المال في مقابل الحصول على بولهم في محاولة لتشجيع الناس على استخدام مراحيض لا تحتاج الى مياه صرف. ويؤكد نيل ماك ليود، رئيس مصلحة المياه في المدينة الساحلية الواقعة على ضفة المحيط الهندي (شرق البلاد) "ان كان بإمكاننا ان نجعل من المراحيض التي لا تحتاج الى مياه صرف مصدر دخل، سيرغب الناس في استعمالها".
حفاظا على النظافة ولاسباب اقتصادية، زودت دوربان الاحياء الفقيرة بنحو 90 الف من هذه المراحيض التي لا تستعمل فيها قطرة مياه واحدة.
لكن الناس يتذمرون. في قطاع ايناندا، المشهد مؤسف: ابواب وسطوح مقتلعة، والحجرات تستعمل كملحقات للمنازل او تجرد من كل محتوياتها.
موضوع السوائل الجسدية محرم لدرجة ان لا احد يريد ان يأتي على ذكره. عندما سئلت ام شابة عن الموضوع، اتهمت "لصوصا" بسرقة "الباب والمرحاض".
ويشرح لاكي سيبيا من مصلحة المياه في دوربان "الناس يقارنون هذه المراحيض بتلك المزودة بدورة مياه ولديهم انطباع بأننا زودناهم بنظام اقل جودة".
حالما تتوافر لديهم الامكانات، يتخلون عن المراحيض التي لا تحتاج الى مياه وحيث يجب رمي التراب بعد كل استعمال، والحرص على فصل البول عن البراز وافراغ المراحيض بشكل منتظم.
هذا النظام الذي ابتكر في اليمن قبل قرون "فعال جدا في المناطق الريفية لأن السماد الذي يتم انتاجه من البول والبراز يستعمل محليا" كما يقول بيار ايف اوجي، المستشار في شؤون المياه والنظافة والمقيم في جنوب افريقيا.
ويشير "لكن في المناطق المدينية، ثمة فاصل بين منتج (البراز) ومستخدم المنتوجات التي يعاد تدويرها، ومن الصعب تخطي العوامل النفسية".
لهذا السبب، لم تعمد سوى قلة من المدن الى انشاء مراحيض لا تحتاج الى مياه صرف على نطاق واسع. وقد اتخذت دوربان هذا الخيار في العام 2002، عندما اظهر تفشي وباء الكوليرا ان المدينة تفتقر الى شروط النظافة، كونها تضم ما بين 1,3 و4 ملايين شخص لا يستعملون اي نوع من المراحيض.
يقول تيدي غوندين، المسؤول عن المشروع "في جنوب افريقيا، المياه نادرة. لا يمكننا ان نسمح لأنفسنا برمي هذا المورد الثمين في المجارير".
بغية اقناع السكان، تنوي المدينة وضع حاويات تتسع لعشرين لترا من اجل الحصول لقاء بدل مالي على البول الغني بالأزوت والفوسفور والبوتاسيوم من اجل تحويله الى سماد.
لا يزال يتوجب تحديد تفاصيل المشروع بالشراكة مع المختبرات السويسرية "اياواغ" ومؤسسة بيل ومليندا غيتس.
لكن تم الاتفاق على المبدأ الأساسي. كل عائلة "منتجة" تحصل على 30 راند (3 يورو) اسبوعيا، وهو مبلغ لا يستهان به في بلد حيث يعيش 43% من الشعب بأقل من دولارين يوميا.