إجراءات الحكومة كشفت مافيا العملة والمتاجرة بمعاناة الناس    ترتيبات لاقامة مهرجان زراعي في اب    مهما كانت الاجواء: السيد القائد يدعو لخروج مليوني واسع غدًا    محافظ إب يدشن أعمال التوسعة في ساحة الرسول الأعظم بالمدينة    عصابة حوثية تعتدي على موقع أثري في إب    السيد القائد يكشف الموقف من "احتلال كامل غزة وحل الدولتين"    الرئيس الزُبيدي يشدد على أهمية النهوض بقطاع الاتصالات وفق رؤية استراتيجية حديثة    إصابة 2 متظاهرين في حضرموت وباصرة يدين ويؤكد أن استخدام القوة ليس حلا    رصاص الجعيملاني والعامري في تريم.. اشتعال مواجهة بين المحتجين قوات الاحتلال وسط صمت حكومي    منتخب اليمن للناشئين في المجموعة الثانية    هائل سعيد أنعم.. نفوذ اقتصادي أم وصاية على القرار الجنوبي؟    الصراع في الجهوية اليمانية قديم جدا    عساكر أجلاف جهلة لا يعرفون للثقافة والفنون من قيمة.. يهدمون بلقيس    الأمم المتحدة: استمرار الاشتباكات في السويداء وعدد النازحين بلغ 191 ألفا    الأرصاد الجوية تحذّر من استمرار الأمطار الرعدية في عدة محافظات    عاجل: من أجل الجبايات.. الجعيملاني والعامري يأمران بانزال المدرعات إلى تريم واستخدام العنف    وفاة وإصابة 9 مواطنين بصواعق رعدية في الضالع وذمار    محاضرات قانونية بالعاصمة عدن لتعزيز وعي منتسبي الحزام الأمني    خبير طقس يتوقع أمطار فوق المعدلات الطبيعية غرب اليمن خلال أغسطس الجاري    طيار هيروشيما الذي لم يندم.. كيف تقتل 140 ألف إنسان بلا رحمة؟    الريال اليمني بين مطرقة المواطن المضارب وسندان التاجر (المتريث والجشع)    سون نجم توتنهام يصبح أغلى صفقة في الدوري الأميركي    سلة آسيا.. لبنان يكسب قطر    خسارة موريتانيا في الوقت القاتل تمنح تنزانيا الصدارة    آسيوية السلة تغيّر مخططات لمى    الفساد حين يهاجم الشجعان .. الفريق سلطان السامعي نموذجًا    من هي الجهة المستوردة.. إحباط عملية تهريب أسلحة للحوثي في ميناء عدن    الفصل في 7329 قضية منها 4258 أسرية    وزارة الدفاع ورئاسة هيئة الأركان العامة تنعيان الشيخ محسن عطيفة    جامعة لحج ومكتب الصحة يدشنان أول عيادة مجانية بمركز التعليم المستمر    خطر مستقبل التعليم بانعدام وظيفة المعلم    من الصحافة الصفراء إلى الإعلام الأصفر.. من يدوّن تاريخ الجنوب؟    طالت عشرات الدول.. ترامب يعلن دخول الرسوم الجمركية حيز التنفيذ    ناشطون يطلقون حملة إلكترونية للإشادة بالتحسن الاقتصادي ودعم القيادة الجنوبية    صنعاء تفرض عقوبات على 64 شركة لانتهاك قرار الحظر البحري على "إسرائيل"    الهيئة التنفيذية المساعدة للانتقالي بحضرموت تُدين اقتحام مدينة تريم وتطالب بتحقيق مستقل في الانتهاكات    الاتحاد الأوروبي يقدم منحة لدعم اللاجئين في اليمن    دراسة أمريكية جديدة: الشفاء من السكري ممكن .. ولكن!    أربع مباريات مرتقبة في الأسبوع الثاني من بطولة بيسان    هيئة الآثار تنشر قائمة جديدة بالآثار اليمنية المنهوبة    بسبب خلافات على الجبايات.. قيادي حوثي يقتحم صندوق النظافة في إب    موظفة في المواصفات والمقاييس توجه مناشدة لحمايتها من المضايقات على ذمة مناهضتها للفساد    تعز .. ضغوط لرفع إضراب القضاة وعدم محاسبة العسكر    عدن.. البنك المركزي يوقف ترخيص منشأة صرافة ويغلق مقرها    اجتماع بالمواصفات يناقش تحضيرات تدشين فعاليات ذكرى المولد النبوي    مجلس الوزراء يقر خطة إحياء ذكرى المولد النبوي للعام 1447ه    الاتحاد الآسيوي يعلن موعد سحب قرعة التصفيات التأهيلية لكأس آسيا الناشئين    زيدان يقترب من العودة للتدريب    الأبجدية الحضرمية.. ديمومة الهوية    لا تليق بها الفاصلة    حملة رقابية لضبط أسعار الأدوية في المنصورة بالعاصمة عدن    ( ليلة أم مجدي وصاروخ فلسطين 2 مرعب اليهود )    رئيس الوزراء: الأدوية ليست رفاهية.. ووجهنا بتخفيض الأسعار وتعزيز الرقابة    تضهر على كتفك اعراض صامته..... اخطر انواع السرطان    رجل الدكان 10.. فضلًا؛ أعد لي طفولتي!!    مرض الفشل الكلوي (15)    من أين لك هذا المال؟!    تساؤلات............ هل مانعيشه من علامات الساعه؟ وماذا اعددناء لها؟    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ساحة التغيير.. ليلة ممطرة وتفكير بالتصعيد
نشر في المصدر يوم 08 - 03 - 2011

في كل يوم في ساحة التغيير بالعاصمة صنعاء تجد المفاجآت الكثيرة التي تشد من عزائم الشباب وتدفعهم للاستمرار في اعتصامهم المطالب بإسقاط نظام الرئيس صالح غير مبالين بما يواجهونه كل يوم من مضايقات ومشكلات وإشاعات تحاول تفريقهم وثنيهم.

ثوار عقدوا العزم على تحقيق ما خرجوا من أجله، تركوا بيوتهم وأهاليهم، فارق كثير منهم الفراش النظيف ووجبات الطعام المنزلية وراحة البدن والبال في حياة بعيدة عن المشاكل، وأقسموا أن لا يعودوا لحياتهم الأولى حتى يسقط النظام.

بالأمس القريب كانت رصاصات "بلطجية" الحزب الحاكم وحجارته وهراواته تلاحقهم وتعتدي عليهم ليل نهار، فزادهم إيماناً بقضيتهم وتيقنوا بأن حقوقهم لن ينالوها إلا بتقديم التضحيات الجسيمة.

توقفت المعاناة من البلطجية، فوجدوا أنفسهم بعد منتصف ليل أمس الأول الأحد في مواجهة محنة جديدة لكن هذه المرة لا علاقة للبشر بها حيث وجد المعتصمون أنفسهم عرضة لزخات مطر غرقت على إثرها خيامهم وفراشات النوم ودفعهم المطر للنوم على الأرصفة.

شائعات يروجها عناصر من الأمن القومي ومخبرون للنظام يعملون ليل نهار بداخل ساحة التغيير وخارجها، وتهديدات عبر التلفون المحمول تلقاها الكثير من الأشخاص، ووسائل الإعلام الحكومية تروج لأكاذيب بهدف إحباط عزيمة المعتصمين. ومع كل ذلك تجد الساحة ممتلئة بعشرات الآلاف من المحتجين غير المبالين بكل ما يحدث، فأحدهم يعقد لشاب معتصم على ابنته، وآخر يبيع بقرته ويدفع نصف المبلغ لصالح الثوار، وعلماء ومحامون ومهندسون ومحامون ودكاترة واعلاميون وممثلون عن شرائح مختلفة يتوافدون يومياً إلى المكان، والأبرز في ذلك انضمام عشرات الجنود والضباط إلى ساحة التغيير.

ليلة ممطرة وصيحات حماسية لإسقاط النظام
بعد أن غادر الكثير من المنصة الرئيسية إلى خيامهم للنوم عند الساعة الثالثة من فجر أمس الاثنين، بدأت زخات المطر تهطل على المكان أدت إلى انطفاء مفاجئ للكهرباء في المنطقة الجنوبية للساحة. وتداعى المعتصمون لمواجهة المشكلة.

أسرع محمد شيبان إلى الخيمة التي ينام فيها أصدقاؤه ويبدءون بجمع البطانيات والملابس استعداداً لساعات ممطرة ويتوزعون ليذهب بعضهم لمساعدة الآخرين في رفع خيامهم من مجرى السيول وينتشر آخرون في المداخل لحمايتها تخوفاً من حدوث هجوم مباغت، خصوصاً بعد انطفاء الكهرباء فجأة على الساحة تزامناً مع سقوط المطر.
حميد ناصر (أحد أبناء مديرية همدان) يحفر في المنفذ الوحيد لتصريف المياه التي تجاهلتها وزارة الإشغال العامة والطرق ولم تقم بتنظيفها حيث كانت تتجمع مياه الأمطار بشكل كبير بعد انسداد تلك الفتحة المجاورة للمنصة، ويقول ل"المصدر أونلاين" وهو منهمك في عمله: "مياه المطر تتجمع من منطقة مذبح ويأتي من اتجاهين إلى هنا والحكومة لم تقم بدورها في عمل حلول لتصريف المياه واكتفت بجعل الماء يتجمع هنا، وهذا ما يحدث دائماً ويسبب مشاكل في الأيام العادية فكيف الآن ونحن معتصمون!".

وقريب من المكان قال عبدالقادر أحد المعتصمين لمن كانوا حوله: "إنها رسالة من رب العالمين أن لا نكثر في النوم والكلام وأن نكثر في هذه اللحظات من الدعاء والتقرب إلى الله وأن ندعوه بإزالة هذا النظام الظالم الذي كان سبباً في خروجنا إلى هنا".

وفي مختلف الشوارع الموجودة في الساحة كان العشرات ينظفون الأرصفة مستغلين هطول المطر لتنظيفها من الأوساخ، وقد كان ذلك واضحاً في صباح الاثنين حين بدت الساحة وكأنها لأول مرة تبدو بذلك الجمال.

بدأت مياه الأمطار تخف وتجمع المئات حول المنصة ورفعوا أيديهم إلى السماء يدعون رب العباد: "يا الله يا الله، أسقط علي عبدالله.. يا الله يا الله، أهلك علي عبدالله.. يا حنان يا منان، أسقط كما سقط الاثنان" (في إشارة إلى زين العابدين بن علي وحسني مبارك)، بينما الحواجز الأمنية يحتشد بجوارها المئات استعداداً لأي شيء مفاجئ.
سليمان العزي عندما سألناه عن سبب بقائه مع غيره من المعتصمين في ساحة التغيير رغم ما يواجهونه من مشكلات وتهديدات ومضايقات قال: نحن خرجنا إلى هنا من أجل هدف إسقاط النظام ورحيل الرئيس، ولن يخيفنا أي شيء يقومون به، وسنقدم صدورنا لطلقات الرصاص، وهذا المطر هو نعمة من الله لنا وليس ابتلاء كما يقول البعض".

وأضاف: اليوم تلقيت رسالة من رقم غريب فيه تهديد لي بسبب مشاركتي في هذا الاعتصام، وعندما أتصل بالرقم يكون مقفلاً، ولكني أقول لهؤلاء المرجفين الذين يحاولون تخويفنا: لن تثنونا من أن نواصل مسيرتنا لإسقاط نظامكم المفلس وإزاحة هذا الحاكم الذي حولنا إلى عبيد لديه.

وأفاد أكثر من واحد تلقيهم مكالمات من أرقام "خاصة" ومن أرقام محلية ثابتة من اتصالات عامة، تحذرهم من الاستمرار في الاعتصام بساحة التغيير وتطلب منهم العودة إلى منازلهم أو "تقرح رؤوسهم" بحسب قولهم.

وربما كانت هذه الليلة هي من أجمل الليالي بحسب وصف الكثير لأنها قوت عزائمهم للمواصلة في مشوار ثورتهم التي يطمحون فيها للوصول إلى القصر الجمهوري وينصبون حاكماً للشعب يختاره الشعب ويتغير بعد ذلك عبر الصندوق بانتخابات حرة ونزيهة.


حين رهن الرئيس صالح بطاقته عند المقوت
في ساحة التغيير حيث تجد المفاجئات، كان الحاج محمد الكريت وهو كبير في السن ومن الذين عاصروا الرؤساء السابقين لليمن والرئيس صالح، يحكي لعدد من الأشخاص المتواجدين حوله عن الأحداث التي عايشها مع الحمدي والإرياني والغشمي.

كان يروي قصص أقرب للخيال ولكنها حقائق عاشها الأجداد والآباء، وسرد قصة الرئيس صالح مع بائعة القات في تعز، مخبرا بأن صالح رهن بطاقته العسكرية مقابل خمسة آلاف ريال قيمة القات الذي كان دين عليه لدى تلك العجوز.

الكريت الذي جاء من محافظة إب للتضامن مع المعتصمين في ساحة التغيير قال ل"المصدر أونلاين": بعت بقرتي وأتيت إلى صنعاء وقدمت نصف المبلغ للجنة جمع التبرعات هنا، والنصف الآخر احتفظت به لأصرف على نفسي خلال تواجدي هنا. وأضاف: "عندما يكمل المبلغ الذي معي ساعود إلى بلادي وأبيع البقرة الثانية والأخيرة وأعود إلى صنعاء، ولن أغادر الساحة حتى يرحل الإمام علي عبدالله صالح ونظامه". واستغرب الكريت من كلام صالح عن القضاء على الإمامة التي حكمت اليمن وقال: "كيف يتكلم عن الإمامة والإمام أحمد لم يحكم اليمن سوى 15 عاما بينما هو حكم اليمن 33 سنة ولم يكتف بذلك"؟

ومساء الجمعة الماضية تفاجأ المعتصمون في ساحة التغيير بإعلان أحد المعتصمين عقد قران ابنته على شاب معتصم آخر، وتم عقد القران بشهادة عشرات الآلاف في جمعة الغضب. وأكد الشاب أن لن يقيم العرس إلا بعد أن يسقط النظام.

وفي نفس المنصة بعد إعلان عقد القران، وصل شاب من منطقة نقم للاحتفال بزفافه وسط الجمهور، وسبق أن شهدت الساحة عشرات الاحتفالات بالزفاف.


مكاتب تخصص مساحات لبيع المواد الغذائية
أحد عمال النظافة قال ل"المصدر أونلاين" إن المبلغ الذي يتقاضونه من هذه الوظيفة مقابل تنظيفهم الشوارع لا تكفيهم، وأنهم وجدوا في ساحة التغيير مكانا لكسب المال بجمع العلب الفارغة. وأضاف: "لأول مرة أجد أشخاص يساعدونني في جمع تلك العلب وتسليمها لي وكأنهم يجمعونها لهم، وربما ننضم إلى المعتصمين خلال الأيام القادمة إذا لم تستجب الحكومة لإضرابنا".

ولم يكن استثناء أصحاب المكتبات والمحلات والأكشاك في تخصيص أجزاء من أماكنهم لبيع المواد الغذائية، إضافة إلى مالكي العربيات الذين يبيعون أنواعا مختلفة من البطاط والبيض والرومي وغير ذلك.


التفكير ببرنامج تصعيدي
ويوما بعد يوم تكشف لنا ساحة التغيير أمام جامعة صنعاء عن عزم المعتصمين مواصلة المسيرة نحو إسقاط النظام، والاستعداد لبدء مراحل جديدة من التصعيد عبر الإضراب العام وشل الحركة العامة والتفكير ربما لما هو أكبر من ذلك.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.