أجواء ما قبل اتفاق الرياض تخيم على علاقة الشرعية اليمنية بالانتقالي الجنوبي    عمره 111.. اكبر رجل في العالم على قيد الحياة "أنه مجرد حظ "..    رصاص المليشيا يغتال فرحة أسرة في إب    آسيا تجدد الثقة بالبدر رئيساً للاتحاد الآسيوي للألعاب المائية    وزارة الحج والعمرة السعودية تكشف عن اشتراطات الحج لهذا العام.. وتحذيرات مهمة (تعرف عليها)    سلام الغرفة يتغلب على التعاون بالعقاد في كاس حضرموت الثامنة    حسن الخاتمة.. وفاة شاب يمني بملابس الإحرام إثر حادث مروري في طريق مكة المكرمة (صور)    ميليشيا الحوثي الإرهابية تستهدف مواقع الجيش الوطني شرق مدينة تعز    فيضانات مفاجئة الأيام المقبلة في عدة محافظات يمنية.. تحذير من الأمم المتحدة    الجريمة المركبة.. الإنجاز الوطني في لحظة فارقة    أول ظهور للبرلماني ''أحمد سيف حاشد'' عقب نجاته من جلطة قاتلة    فرع العاب يجتمع برئاسة الاهدل    الإطاحة بشاب وفتاة يمارسان النصب والاحتيال بعملات مزيفة من فئة ''الدولار'' في عدن    صحيفة تكشف حقيقة التغييرات في خارطة الطريق اليمنية.. وتتحدث عن صفقة مباشرة مع ''إسرائيل''    أكاديمي سعودي يتذمّر من هيمنة الاخوان المسلمين على التعليم والجامعات في بلاده    العميد باعوم: قوات دفاع شبوة تواصل مهامها العسكرية في الجبهات حماية للمحافظة    البحسني يكشف لأول مرة عن قائد عملية تحرير ساحل حضرموت من الإرهاب    مأرب: تتويج ورشة عمل اساسيات التخطيط الاستراتيجي بتشكيل "لجنة السلم المجتمعي"    من كتب يلُبج.. قاعدة تعامل حكام صنعاء مع قادة الفكر الجنوبي ومثقفيه    لا يوجد علم اسمه الإعجاز العلمي في القرآن    حزب الإصلاح يسدد قيمة أسهم المواطنين المنكوبين في شركة الزنداني للأسماك    - عاجل شركة عجلان تنفي مايشاع حولها حول جرائم تهريب وبيع المبيدات الخطرة وتكشف انه تم ايقاف عملها منذ6 سنوات وتعاني من جور وظلم لصالح تجار جدد من العيار الثقيل وتسعد لرفع قضايا نشر    ناشط يفجّر فضيحة فساد في ضرائب القات للحوثيين!    المليشيات الحوثية تختطف قيادات نقابية بمحافظة الحديدة غربي اليمن (الأسماء)    "قديس شبح" يهدد سلام اليمن: الحوثيون يرفضون الحوار ويسعون للسيطرة    في اليوم 202 لحرب الإبادة على غزة.. 34305 شهيدا 77293 جريحا واستشهاد 141 صحفيا    خال يطعن ابنة أخته في جريمة مروعة تهزّ اليمن!    الدوري الانجليزي ... السيتي يكتسح برايتون برباعية    فشل عملية تحرير رجل أعمال في شبوة    الزنداني.. مسيرة عطاء عاطرة    مأرب.. تتويج ورشة عمل اساسيات التخطيط الاستراتيجي بتشكيل "لجنة السلم المجتمعي"    إيفرتون يصعق ليفربول ويعيق فرص وصوله للقب    ارتفاع عدد الشهداء الفلسطينيين جراء العدوان الإسرائيلي على غزة إلى 34305    انخفاض الذهب إلى 2313.44 دولار للأوقية    المكلا.. قيادة الإصلاح تستقبل جموع المعزين في رحيل الشيخ الزنداني    ذهبوا لتجهيز قاعة أعراس فعادوا بأكفان بيضاء.. وما كتبه أحدهم قبل وفاته يُدمي القلب.. حادثة مؤلمة تهز دولة عربية    مفاوضات في مسقط لحصول الحوثي على الخمس تطبيقا لفتوى الزنداني    تحذير أممي من تأثيرات قاسية للمناخ على أطفال اليمن    الجهاز المركزي للإحصاء يختتم الدورة التدريبية "طرق قياس المؤشرات الاجتماعي والسكانية والحماية الاجتماعية لاهداف التنمية المستدامة"    لابورتا يعلن رسميا بقاء تشافي حتى نهاية عقده    مقدمة لفهم القبيلة في شبوة (1)    نقابة مستوردي وتجار الأدوية تحذر من نفاذ الأدوية من السوق الدوائي مع عودة وباء كوليرا    نبذه عن شركة الزنداني للأسماك وكبار أعضائها (أسماء)    الإصلاحيين يسرقون جنازة الشيخ "حسن كيليش" التي حضرها أردوغان وينسبوها للزنداني    طلاق فنان شهير من زوجته بعد 12 عامًا على الزواج    الشاعر باحارثة يشارك في مهرجان الوطن العربي للإبداع الثقافي الدولي بسلطنة عمان    سيئون تشهد تأبين فقيد العمل الانساني والاجتماعي والخيري / محمد سالم باسعيدة    اليونايتد يتخطى شيفيلد برباعية وليفربول يسقط امام ايفرتون في ديربي المدينة    دعاء الحر الشديد .. ردد 5 كلمات للوقاية من جهنم وتفتح أبواب الفرج    - أقرأ كيف يقارع حسين العماد بشعره الظلم والفساد ويحوله لوقود من الجمر والدموع،فاق العشرات من التقارير والتحقيقات الصحفية في كشفها    برشلونة يلجأ للقضاء بسبب "الهدف الشبح" في مرمى ريال مدريد    دعاء قضاء الحاجة في نفس اليوم.. ردده بيقين يقضي حوائجك ويفتح الأبواب المغلقة    أعلامي سعودي شهير: رحل الزنداني وترك لنا فتاوى جاهلة واكتشافات علمية ساذجة    كان يدرسهم قبل 40 سنة.. وفاء نادر من معلم مصري لطلابه اليمنيين حينما عرف أنهم يتواجدون في مصر (صور)    السعودية تضع اشتراطات صارمة للسماح بدخول الحجاج إلى أراضيها هذا العام    مؤسسة دغسان تحمل أربع جهات حكومية بينها الأمن والمخابرات مسؤلية إدخال المبيدات السامة (وثائق)    لحظة يازمن    وفاة الاديب والكاتب الصحفي محمد المساح    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الفقيه الوقشي: تغيير النظام في اليمن أصبح ضرورة حتمية
نشر في المصدر يوم 09 - 03 - 2011

يؤكد الشيخ والفقيه محمد بن أحمد الوزير الوقشي، أستاذ الفقه وأصوله في جامعة الإيمان بصنعاء، أن تغيير النظام في اليمن أصبح ضرورة حتمية، وليس لدى الرئيس صالح أي خيار في ظل الظروف الراهنة إلى أن يتنحى عن السلطة.
وقال الوقشي وهو من أبناء مديرية (سنحان) منطقة الرئيس صالح، إن أرجى المصالح في الوقت الراهن باليمن أن يُقال الحاكم ويُحاسب، لأنه مشكلة هذا البلد، و"ما لم فإن الملكية في اليمن ستستمر إلى ما لانهاية وستصل البلاد إلى ما لا يحمد عقباه".
وتحدث الوقشي، وهو أحد أبرز طلبة العلامة محمد بن إسماعيل العمراني، في حواره مع "إسلام أون لاين" عن مشروعية المظاهرات السلمية، وعن ضرورة التغيير في اليمن، وموقف الشرع من الفتاوى المانعة للتظاهرات وإجبار الموظفين على التظاهر، وأشياء أخرى فإلى الحوار:

حاوره - فهمي العُليمي - صنعاء
* نبدأ من الإعتصامات والتظاهرات الإحتجاجية المطالبة بإسقاط النظام، ، ما هو الموقف العام منها؟
- العلماء يقولون الحكم على الشيء هو فرعٌ عن تصوره، الاعتصامات هي وسيلة سلمية للمطالبة بالحقوق من الحكام ليس فيها خروج عنهم، لأن الفقهاء عندما يتكلمون عن مسألة الخروج يتكلمون عن الخروج بالسيف، أما شخص يخرج يطالب بحقه، ، هذا لديه حق بالتوظيف قُدم عليه غيره أو مكث بغير وظيفة، وهذا رجل أُخذت أرضه وهذا رجل عُزل بدون وجه حق، وهذا لديه حقوق مالية، وهذا صودر حقه في التعبير عن رأيه، ، فهذه حقوق شرعية لا يوجد فيها أي غضاضة و لا أي حرج شرعي للخروج من أجل المطالبة بها، بل شيء كفله الدستور والقانون خاصة بالنسبة لنا في اليمن لأن الدستور والقانون هو أصلا منبثق من الشريعة الإسلامية، ولا يمكن حتى عقلاً أن يقوم الإنسان بمنع شخص من الخروج للشارع للمطالبة بالحقوق.

وهناك أدلة كثيرة تدل على مسألة الإعتصامات أو أي وسائل جماهيرية سلمية، منها قول الله تعالى: "لا يحب الله الجهر بالسوء من القول إلا من ظلم.." لأن كل من يخرج للتظاهر لديه قضية سياسية أو شخصية أو غيرها فهو إذاً ظُلم، والمظلوم أجاز الله له الجهر بالسوء يعني الإعلان به، فلا بأس للإنسان أن يخرج للإعلان عن مظالمه، ومن حيث السنة فقد وردت أحاديث كثيرة منها حديث أبي داوود عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رجلاً كان يؤذي جاره فأمر الجار أن يخرج بمتاعه إلى الشارع في قارعة الطريق وبدأ الناس يسألوه عن سبب خروجه فأخبرهم بأذية جاره، فبدأ الناس يلعنون الجار المؤذي حتى دفعه إلى القسم بعدم إيذائه في مقابل أن يترك بقاءه في الطريق، كذلك ورد حيث عند النسائي من حديث أم خارف أن رجلاً جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم وقال يا رسول الله: الرجل يريد أن يأخذ حقي ماذا أصنع؟ قال: عظه فإن لم يتعظ، قال فاستعن عليه بالناس، يعني أخرج إلى الناس وأقول لهم غني ظلمت، فأي إنسان أخذ حقه أو ماله فلا بد أن يخرج للمطالبة بحقه، هذا بالنسبة للشيء الشخصي أما بالنسبة للشيء العام أو الحقوق العامة وهي تقصير من جهة الحاكم للقيام بالواجبات فإنها تدخل في باب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر التي فيها أدلة كثيرة من كتاب وسنة وهو معلوم من الدين للضرورة ومسألة مجمع عليها بالنسبة لأقوال الفقهاء.

*هناك علماء ينظرون إليها على أنها خروج عن طاعة ولي الأمر، ويعتبرها آخرون دعوة للفتنة والفوضى.. ما ردك على ذلك؟
ليسوا كثير من العلماء، لأن بعضهم في الحقيقة ليسوا بعلماء وفقهاء شرعيين، وهذا هو رأي الشواذ أو النوادر من العلماء، وسنظلم العلماء عندما نقول أنهم يمنعون المظاهرات إنما هم بعض قريبي النظر ممن لا يوجد عندهم بُعد نظر فقط، والجواب عليهم، أنا قد دللت على المشروعية، وبعض النشرات التي ينشرونها الخلل فيها يكمن في تحديد محل النزاع، ما هي المسألة، لذلك أنا قلت في أول كلامي أن الحكم على الشيء فرع عن تصوره.

ما هي المظاهرات؟ أن أخرج إلى الشارع لي حقوق أطالب بها الحاكم وأضغط عليه بقوة الشارع للوصول إلى الحق، هذه هي المظاهرة وكذا الاعتصام، زيادة على هذا أن الاعتصامات ليست مسألة تعبدية بل مسألة عادية والأصل في العادية الإباحة وليس المنع، فالنبي صلى الله عليه وسلم والصحابة في حنين عندما وزع الغنائم بين مسلمة الفتح الذين كانوا قريبي عهد اعتصم المهاجرين في مكان وأرسلوا سعد بن عباده لمفاوضة النبي صلى الله عليه وسلم، ولم ينكر النبي عليهم هذا الفعل.

أما هؤلاء الكتّاب الذين يعتبرون الاعتصامات فتنة نقول لهم الفتنة معروفة وهي لا يتضح فيها الحق من الباطل، كلام العلماء والأحاديث والنصوص الواردة في الفتن المقصود فيها الذي لا يميز فيها الحق من الباطل، لكن عندما يكون الحاكم مستبداً يتصرف بعبثية ويأكل أموال الناس، وخرج الناس للمطالبة بتلك الحقوق، هل نقول أن المسألة هنا مسألة خروج فتنة لم يتضح فيها الحق من الباطل، فلا يصح أن تقول أنها فتنة ولا يصح أن نسميها خروج لأن كلام الفقهاء كل من يقرأ كلامهم في الخروج عن الحاكم الظالم الخروج بالسيف يعني بقتال وقطع الطرق وقتل الأبرياء، لذلك هي سلمية خروج للشارع للمطالبة، لو قلنا بمنع المظاهرات سنٌغلق باب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر الوارد فيه أدلة كثيرة في الكتاب والسنة، فكيف إذا سنأمر بالمعروف وننهى عن المنكر، لأنه إذا أمرنا بالمعروف ونهينا عن المنكر تكلمنا أمام الناس لا بد أن نخاطب الجماهير، عندما نقول أنها ستكون فتنة إذا نُغلق كل النصوص الواردة (كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف) (من رأى منكم منكرا فليغيره ً..) كل النصوص الواردة في وجوب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وهذا سيكون مخالفاً لما هو مجمع عليه في الأمة من الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، إذا نصحت الحاكم سيقولون هذا سيؤدي إلى فتنة وإلى خروج الناس.

* ما تعليقك على من يرى بأن هنالك محاولة لتوظيف الدين لأغراض سياسية؟ وكيف ترى إلى لجوء السلطة إليه في أوقات الأزمات عبر لجوئها إلى العلماء؟
- عندي تحفظ على مسألة توظيف الدين لأغراض سياسية، لأن هذا جاري على نمط الخلفية العلمانية على أن الدين لا دخل له في السياسة ولا في الأنظمة المعاصرة، نحن ديننا الإسلامي ما من أمر من الأمور سواء من المظاهرات أو الإعتصامات إلا للشرع حكم فيه أما بالمنع أو بالجواز أو بالإباحة أو بالإكراه، فالشريعة فيها من السعة والمرونة ما يفي بجميع الحوادث الشرعية، لا نقول أن هذا توظيف للدين، ونقول للذين ينظرون بمنع التظاهرات من ناحية دينية المشكلة أنكم تدخلون في أمور لا معرفة لكم بها معرفة جيدة، أنت كالعالم الأصل فيك أن تُكيف المسألة أنت، ولا تستمع لأحد لا لحاكم ولا لأي جهة تٌكيف لك الحكم، فلو نظرنا مثلاً لمن يسأل عن حكم إثارة الفتن والقلاقل وضياع الأمر، سنقول له حرام، لماذا لأنه قد وصف لي الحكم، هل هناك عالم أو حتى شخص عادي سيُجيب بغير ذلك، لكن الأصل أن تسأله ما هو الموضوع، لا بد وأن أوصف وأكيِّف الحكم.

هذا الذي يتحدث اليوم أنه لا يجوز، كل الأدلة التي يستدل بها صحيحة من حيث الاستدلال، لكن الخلاف في محل النزاع، هل الذي تتكلم فيه اليوم من المظاهرات والإعتصامات والمطالبة بالحقوق هو الكلام الذي تقصده في الفتن فكلامك في غير محل النزاع، لا يمت إلى المسألة بصلة لا من قريب ولا من بعيد، فهو كمن يقول لك بأن صلاتك باطلة وعندما تسأله عن الدليل يقول لك قول الله عز وجل "إن أعطيناك الكوثر" الدليل في وادي والاستدلال في وادي، المشكلة أنه يسمح لأي شخص أو جهة أن يكيف له الحكم.

هناك شروط للدليل عند الفقهاء لابد أن يكون دليلاً صحيح من كتاب وسنة، ولا بد أن يكون هناك وجه دلالة على المطلوب، لا يصح أن نستدل بآية على موضوع لا صلة لها به، والفقهاء يقولون "المفتي أسير المستفتي" لذلك فينبغي للعالم أن يحتاط في مثل هكذا حكم، وهؤلاء كانوا يسمونهم قديماً علماء السلطة وهم من يصدرون فتاوى بطلب من الحاكم ومن يفعل ذلك ليس بعالم، لأن العالم الأصل فيه أن يفتي بحكم الشرع في أي مسألة، وهؤلاء مثل بعض علماء الأزهر عندما خرجت مظاهرات في مصر، قالوا إن الرئيس فعل مشكلة والمسألة كانت هينة، وكان بالإمكان أن يأتي إلينا وسنصدر له فتوى وتنتهي المشكلة، فهؤلاء الذين يُسوقون مثل هذه الأشياء قد يدخل في (الذين يشترون بعهد الله وأيمانهم ثمناً قليلا) وهؤلاء يعتبرون فسّاق، والعلماء يشترطون في المفتي والمستفتي أن لا يكونوا عالم سلطة، فعالم السلطة في نظر الفقهاء فساق لا يجب أخذ الفتوى منه.

* هل هناك مبررات شرعية لإسقاط نظام الرئيس صالح؟ أو الخروج للتظاهر ضده؟
- في ظل الوضع الراهن لا يوجد حل إلا أن يتنحى رئيس الجمهورية، سدت الطرق والفساد قد تغلغل والبطانة الفاسدة قد استولت على كل شيء، حتى علي عبدالله صالح أصبح عاجزاً عن إصلاح الأمور، منذ عام 94م وهو يقول سنقول للمحسن أحسنت وللمسيء أسأت وسنفعل وسنأخذ لكنه في الحقيقة قد عجز ولم يستطع فعل شيء، وهناك قاعدة ذكرها العلامة ابن خلدون في المقدمة قال إن الدول تهرم مثل الإنسان تبدأ ضعيفة طفلة وبعدها تنمو وتصبح شابة قوية ثم تصبح شيخة ثم تموت ثم تأتي دولة جديدة تولد.

عندما نستقرئ التاريخ سنجد شيئين: الدول تضعف في حالتين إما أن يولى أمرها طفل أو أن يكون الوالي قد تجاوز السبعينات والثمانينات والتسعينات فلا يستطيع أن يضبط الأمور، وهذا يشير إليه قول الله تعالى: (الله الذي خلقكم من ضعف ثم جعل من بعد ضعف قوة ثم جعل من بعد قوة ضعفا وشيبه..) ففي الصغر يقع ضعف وفي الكبر يقع ضعف، وأنا ألحظ أن علي عبدالله صالح قد ضعف وعجز عن ضبط الأمور بسبب شلل الفساد والبطانة الفاسدة، هذا لو أحسنا الظن وقلنا أنه لا يريد لكنه لا يستطيع أن يصلح ولا يستطيع أن يزيل هذه البطانات إلا بإزالته، ولذلك لابد وأن يتنحى ومن حق الشعب أن يطالبه بالتنحي، في الشريعة الإسلامية الحاكم هو وكيل عند الأمة أو أجير أو يكون بينهما، والوكيل يُعزل بأمر الموكل، الشعب اختاره يكون رئيس، لكن الشعب الآن يقول لا أريدك، واعتقد أن 33 عاماً (ثلث قرن) من حكم الرئيس علي عبد الله صالح كافية، ولذلك فلا يمكن إزالة البطانة الفاسدة وشللها التي نهبت المال العام وظلمت الناس إلا بإزالة الرئيس نفسه فلا بد وأن يزال.

* كيف يتم تقييم الصالح والمفاسد في مثل هكذا ظروف؟
- الوضع الذي وصل إليه الناس لا يسمح لك حتى أن تقارن بين المصالح والمفاسد، كما قلت سابقاً رئيس الجمهورية يشكو أصلاً من الفساد فهو غير قادر على مكافحته، فلا نستطيع حقيقة أن نوازن في مثل هذه الأمور، ماذا نوازن؟ نقول مثلاً حفاظاً على الأمن، الأمن أصلاً غير موجود إلا أمن للسلطة والمسئولين فقط، إذا أنت قوي حقوقك تحفظ وإذا أنت ضعيف وهذا غالب الشعب فلا تستطيع أن تصل إلى حقوقك، وإذا لجأت إلى القضاء تخسر كل ما تملكه دون أن تُنصف، ولا تستطيع أن تصل حتى إلى الحاكم وإن وصلت لن يفهمك، فعندما نريد أن نوازن ما هو الأمر الذي سنصل إليه من الموازنة في مثل هكذا أمور.

وعندما نريد أن نوازن بين مسألة خروج الناس للمطالبة بالحقوق وما قد يترتب على ذلك من فتنة ولدينا تجارب في مصر وتونس وزاح الحاكم، وإذا سار الأمر في اليمن كما سار في تونس ومصر فسيكون وضعنا في اليمن أحسن إن شاء الله.

لأن مشكلتنا الحقيقية في اليمن هي في الحاكم (رئيس الجمهورية) بغض النظر عن صلاحه أو فساده لماذا؟ لأنه هو القائد الأعلى للقوات المسلحة فهو مسئول عن النظام العسكري، ولأنه رئيس الجمهورية فهو مسئول عن النظام المدني، ولأنه رئيس المؤتمر الشعبي العام (الحزب الحاكم) فهو مسئول عن حزب السلطة، لذلك فكل مؤسسات الدولة مرتبط به ولو تفكك هو لتفككت الأمور، وأصبحت اليمن دولة مؤسسية، فالمؤسسة العسكرية ستصبح مؤسسة لحالها والحزبية كذلك لذلك ما يورث له خليفة، ولهذا يرفض الناس التوريث لأن الفساد الموجود حالياً سيستمر في حال وجود توريث، نحن في اليمن بحاجة إلى الفصل بين المؤسسات الموجودة لكي يحدث نماء وازدهار؛ ما لم فستصل اليمن إلى ما لا يحمد عقباه.

ووفقاً للشريعة المبنية على "جلب المصالح وتكثيرها ودرء المفاسد وتقليلها" فإن أرجى المصالح الآن لكي يتحسن الوضع وتنفصل مؤسسات الدولة وتُرفع المظالم هو أن الشعب يأخذ حقه، ومن حقه أن يُقيل الحاكم وأن يحاسبه ويقاضيه ويعزله.

وبالنسبة للمفاسد فإن وضع اليمن إذا ما سارت الأحداث كما في تونس ومصر سيكون أحسن إن شاء الله، أقل شيء أن الشعوب تستطيع أن تراقب حكامها بحيث إذا زاغوا أو مالوا أو ضلوا تستطيع أن تحاسبه، أي شخص غير علي عبد الله صالح سيستطيع الشعب أن يحاسبه ويحاكمه ويتظاهر عليه، لكن "علي عبد الله صالح" وإذا لم نستطيع في هذه الفترة أن ننحيه فإن الملكية ستستمر إلى ما لانهاية.

* محاولة إسقاط النظام بالقوة وفي مجتمع مسلح كاليمن لديه حراك انفصالي في الجنوب وتمرد مسلح في صعدة، وجيش بيد الرئيس وأقاربه؟ إلى أين قد ينتهي؟
- هم يثيرون مثل هذه المخاوف، ومن يٌسأل شرعيا وقانونيا عن هذه الأوضاع في الشمال والجنوب الرئيس "علي عبد الله صالح" نفسه ويحاسب عليها، لماذا؟ لأنه لو كان كلامك صحيحاً لماذا أنت تضع الناس في وضع يصل به إلى هذا الحال "يا أنت يا المحرقة" لا يجوز لك من ناحية شرعية، افترض أنه مات، هو يحرص على أن يبقى الحال على ما هو عليه، لأن أي محاولة للمطالبة بالحقوق ستؤدي إلى فتن.

والأصل أنه إذا كان يحب الوطن ويسعى لمصلحته فإنه كان يفترض عليه أن يوصل اليمن خلال فترة حكمه إلى مرحلة فُصلت فيها المؤسسات وأسس دولة مدنية مؤسسية وبدأ بتخفيض سلطات الاستبداد إلى أن تُتاح إجراء انتخابات حرة ونزيهة وينزل بحيث تهيئ إلى إيجاد دولة حقيقية، فنحن الآن نسأله: هل يجوز لك أولاً أن تبقى إلى هذا الحد بحيث أنه لو طالبك أحد سيؤدي إلى فتن، أنت في هذا مخالف للشرعية ابتداء.

الشيء الثاني هذا كلام غير صحيح أنا قناعتي هكذا، لو جئنا إلى الجنوب لماذا يريد الجنوبيون الانفصال؟ بسبب فساد رئيس الجمهورية، لأن زبانية الحاكم وحاشيته تقاسموا أراضي المحافظات الجنوبية بالهكتارات في الجنوب عقب حرب 1994م، ولو كنا مكانهم وكان الجنوبيون هم من نهبوا أراضينا وثرواتنا لطالبنا بإخراجهم، فالرئيس إذاً هو المشكلة، لو كانت هناك دولة حقوق وعملت على إزالة تلك المظالم وأُعيدت تلك الحقوق المنهوبة لأصحابها لما وجدت هذه المشاكل، فمطالب الانفصال المرفوعة اليوم سببها أنك لم تعطِ أي حق، الدولة مهمتها في النظام الحديث إدارة الشركات والمؤسسات وأصحاب الأملاك، هي عملية تُنظم فقط، لا تمتلك ولا يجوز لها توزيع أملاك الشعب بثمن بخس لبعض المسئولين وأقاربهم.

وفي صعدة ظل الرئيس يخاطبهم هؤلاء الروافض حتى أخرجهم إلى المواجهة، وظلت خطاباته حتى تحقيق الوحدة وهي تتحدث عن الإمامية، سبهم ولعنهم حتى اضطروا للخروج ضده، فلو سار هذا الرجل لانتهت هذه المشاكل، ولا يوجد للتمرد في صعدة أي إمكانية لإيجاد دولة فهم محاصرين وسط اليمن، فهل من المنطق أن يوجدوا دولة من أين ستأتيهم الإمدادات؛ ببرشوتات من السماء؟ زيادة على ذلك هم قد أعلنوا انضمامهم إلى الحوار الوطني الذي رفضه الحاكم، وفي الجنوب يكاد يكون الناس شبه متفقين على وثيقة الحوار الوطني، إذاً لا يوجد أي خوف على الوحدة مما يثار من مخاطر الانفصال فهي دعاوى لإخافة الناس المطالبين بالحقوق، إلا إذا كان الرئيس عازم على خلق صراع مثل ما فعل القذافي في قمع شعبه واستخدام الجيش في ضرب المواطن فهذا وضع آخر، فإذاً أنت تُريد أن تُسلط الجيش من أجل أن يقتل، شرعاً لا يجوز لك أن تقتل من يطالب بحقه.

* إن كان هناك من ضرورة لإسقاط النظام فلماذا لا تتم سلمياً عبر الانتخابات كما يتحدث بذلك الرئيس؟
- لو يدرك الإنسان الوضع سيدرك أن الانتخابات والتداول السلمي للسلطة هذا الشعار غير موجود في اليمن لماذا؟ لأن الانتخابات مزورة وأصبحت بالنسبة للحاكم وسيلة من وسائل الكسب، يطلع بالتزوير من يُريد ويُسقط من يُريد، يرفع شعار تداول سلمي للسلطة ويلتف عليها من طرف آخر بالتزوير، فالانتخابات عندنا تكاد تكون صورة من صور التعيين فصَّلوا لها لباس وقالوا انتخابات، ففي ظل التزوير يبقى اختيار أعضاء مجلس النواب والشورى مسألة قرارات، الذي يُعين سينجح كما أن الحزب الحاكم يستخدم الجيش في الحصول على الأغلبية في المناطق التي تقل شعبيته فيها، فلا يمكن حقيقة أن يتم تداول سلمي للسلطة.

منذ أن تحققت الوحدة حدد الرئيس علي عبد الله صالح مدته الرئاسية بفترتين انتهت عام 2000م، ماذا فعل عدل الدستور وصفر العداد وقبلت بذلك المعارضة والمواطنين وأدخل الناس في أزمة طويلة وعريضة وأبى تعيين لجنة انتخابات نزيهة لإدارة انتخابات تضمن عدم تزوير إرادة الناخبين وأصر على بقاء اللجنة المزورة التي تعمل لصالحه والتي أعلنت فوزه في عام 2006م قبل أن ينتهي الفرز، بعد ذلك اتفق مع الأحزاب على التمديد سنتين للبرلمان في فبراير عام2009م مقابل إعداد سجل انتخابي جديد ولجنة نزيهة للانتخابات سرعان ما انقلب على ذلك الاتفاق واعتبره غلطة وألغاه، وأنزل اليوم تعديلات للبرلمان تتيح له الترشح من جديد الأصل، وهكذا كلما انتهت فترته مددها، ومسألة التمديد قد جربانها وما نفعت، والأصل "أن المؤمن لا يلدغ من جحر مرتين"، فليس للرئيس مصداقية ولذلك يصعب أن يتم تداول سلمي للسلطة.

* على من تقع مسئولية ما قد يترتب عن ذلك الخروج من فوضى إذا ما ظل الرئيس متمسكاً بمنصبه؟
- الآن خرجت كل المعارضة وهم متفقين على شيء واحد، نزلوا إلى الشارع في إطار الدستور والقانون كعمل سلمي لا خروج في السيف ولا في السلاح، فمسألة أنه يأتي بأشخاص بلاطجة كما يسمونهم أو غيرها لإحداث فتن لا يمكن أن أذهب إلى الضحية وأقول لا يجوز لك أن تطالب بحقك ولا أقول شيئاً للجلاد، لا يجب أن نقول لذلك الجلاد الأصل لا يجوز لك إرسال مدنيين وعسكريين بلباس مدني يضربوا الناس ولا إرسال ناس كما يسمونهم بلاطجة مرتزقة كما هو التعبير المعروف في الجناية على الناس، وهذا لا يجوز باتفاق الفقهاء، لأن حرمة دم المسلم وماله معلوم من الدين بالضرورة ظهورها.

فإن حدث أن خرجت وسط هؤلاء المرتزقة وجاءوا ليضربوني ويقتلوني فإن قتلوني فأنا شهيد لأنه قد ورد حديث السويد بن المقرن في النسائي أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال: "فمن قُتل دون مظلمته فهو شهيد" وحديث أم خارف عندما جاء رجل إلى النبي يشكو رجلا سيأخذ ماله، قال "استعن عليه بالناس، قال فإن لم؟ قال: استعن عليه بالسلطان، قال: فإن منع عني السلطان؟ قال: استعن بالله وقاتل، قال: فإن قتلني؟ قال: فأنت شهيد، قال: وإن قتلته؟ قال: فهو في النار".

فإن خرجت سلمياً وجاء من يقاتلك فأنت بين خيارين إما أن تدخل معه توقفه بقدر ما تملك من طاقة فقد يؤدي ذلك في بعض الأحيان إلى أن تقتله أو يقتلك فإن قتلك فأنت تدافع عن نفسك والدفاع عن النفس هذا يسمونه الفقهاء دفع الصائل وهذا جائز عند جميع الفقهاء، فدفع الصائل هو أن تدفعه بقدر الطاقة، إذا استطعت أن تدفعه بأي شيء دون أن تقتله فهو واجب، فإذا وصل الحال إلى أن تقتله أو يقتلك فعند ذلك جاز لك من جهة الشرع أن دمه مباح لأنك لا تستطيع حماية نفسك إلا بقتله، فمن قتل دون ماله أو نفسه أو دمه أو أهله فهو شهيد.

* لكن التظاهرات الاحتجاجية التي تشهدها العاصمة والمحافظات اليوم هي في نظر السلطة عبارة عن مؤامرة خارجية بأجندة أمريكية وإسرائيلية تستهدف أمن واستقرار الوطن؟
- أي إنسان هو مع الأمن حتى بغير علم، لكن أمن من؟! نحن نريد أمن للناس كلهم وهم يحمون أنفسهم بأمن السلطة وأمن المسئولين، نحن خرجنا الآن للمطالبة بالأمن، ما معنى أني آمن؟ أي أن حقي مكفول وعرضي مكفول ودمي مكفول ومالي مكفول وكل شيء لي مكفول، كل هذه منزوعة منا، فالظلم منتشر والحقوق غير موجودة لا حقوق مادية ولا معنوية، والأراضي منهوبة، والوظائف مزالة إلى درجة أنهم أزالوا الذين كانوا موظفين في المؤسسات العسكرية والمدنية من الحزب الاشتراكي بعد الوحدة، وأزالوا كذلك موظفين من حزب الإصلاح بعد الفترة الانتقالية وحتى بعد الحرب، عندما شارك حزب الإصلاح معهم كان هناك موظفين في التربية ومحافظين أزالوهم كلهم، في النظام المدني الديمقراطي أنا أغير مصادر القرار على حسب برامجي، يعني ممكن نقول من مدراء العموم والوكيل والوزير، لكن أن أفصل موظف حكومي لمجرد أنه إصلاحي أو اشتراكي أو في أي حزب هذا لا يصح، الآن تجاوز ظلهم إلى بعضهم البعض، كل مجموعة تتآمر على مجموعة داخل الحزب الحاكم، فعن أي أمن تتحدث السلطة، فلا تأمن على سيارتك إذا تركتها ولا تأمن على أموالك إذا خرجت إلى الشارع وهي في جيبك لأن هناك قطاع طرق، فحقيقة عندما يتعللوا بمثل هذه التعليلات على أنه مؤامرة كلام غير صحيح، بالعكس المفسدة الآن موجودة، فالناس الآن خرجوا يطالبون بحقوقهم، والواجب الشرعي عند العلماء وعند غيرهم أنه لا يجوز للإنسان أن يعتدي على الإنسان الذي يطالب بحقه، وإن كانت هذه المطالب الذي خرج الناس للمطالبة بها إن كانت من حقوقهم التي كفلها الدستور والقانون واجب على الدولة أن تتجاوب معهم، وإن كانت ليس حقاً لهم فيقولوا ليست حقاً لكم، فالأصل أن يكون هناك قضاء محايد بحيث إذا ظلمت أذهب إليه لينصفني، ولكن عندما يصبح القضاء بيد السلطة ويُجيَر ويُحرف إلى من تشكي؟ ليس أمامه إلى الخروج للشارع، حتى إن لم يخرج اليوم سيخرج غداً أو حتى بعد أسبوع.

* لماذا برأيك يلجأ الحكام إلى مثل تلك الإتهامات بحق المسيرات والاعتصامات السلمية والمشاركين فيها، وما موقف الشرع من ذلك باعتبار أن ذلك يعد تحريضاً على العنف؟
- حقيقة هي تدخل في طائلة الهستيريا، رئيس الجمهورية كان يقول في الانتخابات الرئاسية في 2006 سنولد الكهرباء بالطاقة النووية، سنفعل سكة حديدية، لتغرب الشمس.. من هذه الكلمات، وبعدها قال هي حمى انتخابية، وهو الآن لما شعر أن الكرسي اهتز يعني أنه قد أصيب بالحمى، لذلك فهو يتكلم بكلام أحيانا ويعتذر عنه في اليوم الثاني بأنها كانت زلة، كما حدث مع الرئيس الأمريكي أوباما، وهو يعلم أنها ليست حقيقة وكل الناس، فهذا خطأ عليه، ومما يدل على أنه أصبح غير مهيأ لإدارة اليمن، وأن تغييره أصبح ضرورة حتمية لأنه لا يمتلك عقلية سياسية كغيره من رؤساء بعض الدول ممن لديهم نظرة بعيدة للمستقبل وكلام موزون وعندهم إستراتيجية تشعر بها أنه رئيس فعلاً لأنه رجل عقليته على مستوى المنصب الذي هو فيه.

*ما حكم إجبار المواطنين والموظفين على الخروج للتظاهر كرهاً؟ مثلاً استخدام أساليب قمعية أخرى غير الجيش لقمع التظاهرات مثل "البلطجة" والإختطاف القسري والتهديد؟

- أولاً هذه من الأشياء المضحكة فعلاً، فهل يُعقل أن يخرج الحزب الحاكم على مستوى العالم في أمريكا مثلاً أو بريطانيا يخرج للتظاهر من أجل أن يبقى؟ إلا عندنا، هذه مهزلة، ينبغي أن يستحوا من فعلها.

عند الفقهاء هناك كلام يسمونه "تحصيل الحاصل مستحيل" ماذا يطالب هؤلاء المتظاهرين مع السلطة أن يبقى علي عبد الله صالح رئيسا، فهم في حالتين إما أنه رئيس فيصبحوا هم مجانين لأنهم يطالبوا بتحصيل حاصل، أو أنه ليس برئيس فنحن وإياهم متفقين نطالب برئيس جديد،

فأنا أتمنى لو كان هناك شخص ناصح لرئيس الجمهورية أو شخص واعي ينصحه يقول له يا أخي لا يليق بنا نحن كحزب حاكم ولا يصح أن نعمل مظاهرات من أجل أن تبقى في السلطة وأنت أصلاً الرئيس، ليس منطقيا لا دستورياً ولا قانونياً ولا عقلياً حتى، أنت عندما تخرج بمظاهرات وتجبر الموظفين يعني تفترض أنك ليس موجود في السلطة وتطالب الناس بإعادتك فهل هذا معقول! ولكن كيف وأنت موجود في السلطة يطالبون ببقائك، شيء غريب ولا بد أن يفكروا فيه بالمنطق قليلا، وإذا هم عاجزين يسألوا أحد السياسيين الخارجيين هل تصرفهم هذا تصرف سليم أو منطقي أو جاري على قواعد النظام السياسي أو غير جاري هذه مسألة، والثانية أصلاً الذي ما يفعلوه مع الموظفين هو ما كانت تشتكي منه المعارضة من سابق، لماذا الناس الآن خرجوا للتظاهر بسبب تزوير الانتخابات وتزوير إرادة الشعب، هذا الشعب الذي هو مصدر السلطة أصبح بلا سلطة، فاقد الشيء لا يعطيه، فهم لا يوجد لديهم إرادة كيف يكون لإرادتهم نوع اعتبار في بقاء الحاكم أو في إزالته أو في إقالته فلا بد لهذا الشخص الذي يخرج أن يكون حر، وهذا الإجبار هو سلب لإرادة هؤلاء الموظفين بالمصالح والوظائف وهو نفس الأسلوب الذي كان تُسلب فيه إرادة الشعب إما بالتزوير أو بالجندي العسكري الذي يأمروه أن يرشح فلان أو فلان ما لم يحبسوه، أو بالإغراءات وبالأموال.

فالأصل فيها إذا أردت الناس أن يخرجوا يتظاهروا معك رغم أني لست مقتنعا كيف يتظاهرون مع الرئيس وهو في السلطة؟ ولكن فرضاً أنهم يتظاهروا ويعارضوا الرأي الذي يقول بتنحيه من السلطة، يجب أن يخرج هؤلاء بمحض إرادتهم لا بالفلوس، لأن خروجهم بالإكراه أو بالإغراءات يجعل منهم عديمي الإرادة، فعديم الإرادة لا يُثبت حكم وليس لديه شرعية، فهو في حكم المكره وتصرفات المكره معروفة في الشريعة الإسلامية يعني لا تنفذ، لأن الشرط في البيع والشراء وكل المعاملات الإسلامية الحرية والإرادة فإذا سلبت الإرادة أصبح الإنسان مكره وتصرفات المكره غير شرعية لكن لو كنا مقتنعين أن هؤلاء المتظاهرين الذين خرجوا بالملايين مقتنعين ب"علي عبدالله صالح" وخرجوا بتكاليفهم الشخصية وخرجوا بخيامهم هم مثلما الذين يطلبوا بتنحيه عند ذلك كنا سنحترم رأيهم أياً كان.

* هل يأثم رجال الأمن الذين يكلفون بتفريق وقمع التظاهرات، وما حكم الشرع فيمن قتل متظاهرا أو محتجاً؟
- على كل حال هذه مسألة بدهية ينبغي أن يفهمها الناس، حرمة دم المسلم حرمة مال المسلم حرمة عرض المسلم، حرمتها معلوم من الدين بالضرورة، وقد ورد فيها حديث عمر بن الأحوص في خطبة النبي صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع "إنما دماؤكم وأموالكم وأعراضكم حرام عليكم كحرمة يومكم هذا وهو يوم عرفة في شهركم هذا وهو شهر ذي الحجة وهو حرام في بلدكم هذا" والبلد مكة المكرمة يعني حرمة، فهذا تأكيد على أن حرمة دم المسلم وماله مثل حرمة مكة مثل حرمة الشهر الحرام مثل حرمة عرفة، حرمة كبيرة جدا، والنصوص الواردة في حرمة دم المسلم وعرضه وما له معلومة فلا يجوز للمتظاهرين أن يمارسوا أعمال تخريب وقتل وكذا لا يجوز للجندي أن يقتل هذا الذي خرج يطالب بحقه أبداً لا يجوز له، وأنت أصلاً كمؤسسة عسكرية وأمنية مكلف بحماية المواطن حماية دمه حماية ماله فلو أن هذا المواطن بدأ يعتدي على أموال المواطنين ونفوس المواطنين عند ذلك يجب عليك وهذا واجبك أن تمنعه لكن إن لم يكن معتدي وخرج في مظاهرة سلمية فقتله خطأ، ولو فرضاً أن أحد المتظاهرين أو المعتصمين فعل أمرأً جنائياً يعاقب هو وأنت مهمتك أن تمسك هذا الشخص وتسلمه للقضاء يتخذوا ضده الإجراءات القانونية، لا أن تقوم بضرب المتظاهرين.

* بم تنصح منتسبي الجيش والأمن؟
أولا: لا يجوز لك القتل هذا قطعا ًمن المعلوم من الدين بالضرورة.
ثانيا: لا يجوز من الناحية الشرعية أن يعتدي المواطن على رجل الأمن.
ثالثا: نذكرهم بقول النبي صلى الله عليه وسلم لحديث كعب بن عجره فإن استعمل عليكم أمراء تعرفون منهم وتنكرون فمن دخل عليهم وصدقهم بكذبهم وأعانهم على ظلمهم فليس مني ولست منه ولا يرد عليا الحوض ومن دخل عليهم ولم يعنهم على ظلمهم ولم يصدقهم بكذبهم فذلك مني وأنا منه وسيرد عليا الحوض.

وحديث الترمذي من حديث الحسن الغفاري "لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق".
وأؤكد بأنه لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق، فإذا وجهت له أوامر بقتل فلا يجوز له السمع والطاعة في هذا الأمر، يجب عليه أن يرفض، فهو غير مخير هل أفعل أم لا، فلا يجوز له فهو آثم مرتكب كبيرة وعليه تترتب الأحكام الجنائية، ولا يسقط هذا الحق بالتقادم.

* ماذا عن رؤية الفقهاء لأدوات الديمقراطية الحديثة من اعتصامات وعصيان مدني ومظاهرات؟
- هي وسيلة والوسائل ليس لها أحكام مادية مثلا كأس الخمر والستلايتات والقنوات الفضائية فإن استخدمت في خير فهي واجبات شرعية وإن استخدمت في شر والمطالبة بغير الحق فهي معصية من المعاصي، فكل وسائل هذه الأدوات إن استخدمها الشخص في الشر فهي لا تجوز وان استخدمها في الخير والمطالبة بالحقوق فهي من الواجبات الشرعية وتدخلها الأحكام الخمسة الوجوب والندب والإباحة والكراهة والحرمة.

* يطرح في الساحة خيارين أحدهما مع إسقاط النظام والآخر مع إصلاحه.. مع أي خيار أنت؟
نحن مع تنحي الحاكم، أما النظام فنحن نحرص عليه، كلنا فالمؤسسات تبقى، وهذا الذي يربط بينها نبعده وتبقى المؤسسات على ما هي عليه.

* ما رسالتك للرئيس في ظل الأزمة الراهنة، وبماذا تنصح الشباب المحتجين لإسقاط النظام؟
- هؤلاء الذين يطالبون بحقوقهم من حقهم أن يطالبوا بحقوقهم وهذا من الناحية الشرعية واجب عليهم أن يقوموا به حتى يحصلوا على مطالبهم، إما أن يحققوا الواجب الشرعي أو يحصلوا على حقوقهم الشرعية، وهناك بعض المطالب بعضها حق شخصي يجوز للشخص أن يتنازل عنه وهناك بعض الأشياء حق شرعي والحق الشرعي أو الواجب الشرعي لا يسقط والواجب عليك أن تطالبه، والخيار لك لكن الحق العام والواجبات الشرعية والمنكرات العامة والواجبات الكفائية وغيرها هذا لا يجوز للإنسان أن يتنازل عنها بأي حال من الأحوال ويجب على الناس المطالبة بها حتى تتحقق.

ورسالتي للرئيس: أيها الرئيس أصبحت مظلة للفساد والمفسدين وإن كنت راضياً فلا تستحق أن تكون رئيساً فارحل، وإن كنت عاجزاً عن إقصاء الفاسدين فلا تستحق أن تكون رئيسا فارحل، الكرسي الذي تجلس عليه كما قلت من نار فيكفي تلذذا بالعذاب على الكرسي فرحمة بك وبنا ارحل عنا، إن اليوم الذي سيرحل فيه الرئيس سيكون عيداً وطنياً عند أبناء الوطن.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.