في بقاع أخرى من العالم, يتطلب التخلص من الرئيس وحكومته مسوغات منطقية كزيادة البطالة بنسبة معينة أو ركود الاقتصاد وغير ذلك. وقد تتكفل فضيحة بسيطة بإنهاء المستقبل السياسي لرئيس ما . وكل مايتعين على الشعوب هو عدم انتخاب ذلك الرئيس في الفترة القادمة .غير أننا في اليمن احتجنا لعقود مديدة وأحداث جسيمة وفضائح لا حصر لها لكي نقرر التغيير. ورغم هذا مايزال البعض ينادي بعدم التغيير والتمسك "بمكتسبات اليمن" الحالية ويذهب البعض إلى أبعد من ذلك فيقول أن الرئيس لا يلام على يجري بل السبب هو الحاشية الفاسدة. يضعف المراقبون والمحللون من احتمالات فوز أوباما في الانتخابات القادمة وذلك إثر ارتفاع معدلات البطالة أثناء فترة توليه الرئاسة. بينما ترتفع نسبة استمرار الرئيس في اليمن كلما زادت البطالة وزاد الفقر. في 1972 استقال ريتشارد نيكسون من منصبه كرئيس للولايات المتحدة على خلفية فضيحة ووتر جيت. ولم تكن فضيحة ووتر غيت تتمثل في بيع عقود تشغيل موانئ ولا بيع أراض للدولة ولا فتح الحدود لطيران دولة أخرى لقصف المدنيين, وإنما كانت عملية تجسس قام بها الرئيس على خصومه من الديموقراطيين في خضم الحملة الانتخابية الرئاسية. ومن ناحية أخرى هناك ونستون تشرشل, فله منجز لايتخلف عليه اثنان وهو قيادة بريطانيا خلال الحرب العالمية الثانية بحنكة أهلته للخروج وحلفاؤه منتصرا على دولة اكتسحت أوروبا. ورغم ذلك فلم يعد الشعب انتخابه بعد الحرب لأن تلك الشعوب ترى أن المستقبل يختلف عن الماضي وأن المنجزات لا تتيح لقائد ما أن يقود الأمة إلى الأبد. ومن منا لا يعرف مهاتير محمد الذي في عهده انخفضت نسبة السكان تحت خط الفقر من 52% إلى 5%. ومع ذلك فقد تقاعد ذلك العبقري واتاح المجال لغيره ولم ينصب لنفسه عرشا أبديا ولقبا على غرار" قاهر الفقر" أو "صانع نهضة ماليزيا".
كلما طرأت أقاصيص الفساد الفاضح وسوء إدارة البلاد, ينبري لنا المتحمسون لتوضيح نقطة غفلنا عنها وهي أن الرئيس "طيب" ولكن من حوله هم مرتكبو كل تلك الفضائع. ربما تتحقق هذه الأطروحة في بلدان أخرى لا يكون نظام الحكم فيها شموليا. فكيف لا يلقى باللوم على الرئيس إن كان هو من يقرر ويلغي, كما أن البنك المركزي بين يديه والجيش تحت جناحه وهو من يعين القاضي والشرطي والمقاول؟ في بلداننا العربية الرئيس هو من يقود الجيش وهو من يرعى معرض الكتاب ويتم تعبيد الطرق بدعمه وتفتح حضانات الأطفال بمباركته. وعلى أي حال, إن لم يكن الرئيس يعلم بالفساد أو لايقوى على مجابهته, فليفسح المجال لأحفاد قحطان ويكرب لتطهير أرضهم وإعمارها بعد الخراب. قد تسأل فردا يقطن في ناحية أخرى من المعمورة عن الرؤساء الذين تعاقبوا على وطنه أثناء حياته, وستدهش أن بعضهم يحتاج برهة ليتذكر. لا يعني تغيير زعيم قلب موازين الدولة أو ظهور الشمس من مغربها, و بحسب أي رئيس من الفساد أن يتمسك بالحكم ويحجز نسمات الحداثة والتغيير. وتلك هي الشعرة التي قصمت ظهر الشعب اليمني. فاليوم شبابنا هبوا كالطوفان ليجتثوا الأشجار العجوزة والجذوع الخاوية والنباتات السامة. جاء الإعصار الحميد ليدمر التخلف ويبني كل جديد. شباب التغيير: يمن جديد... مستقبل أفضل.