بات رحيل الرئيس صالح في غضون الأيام القادمة في حكم المؤكد، في ظل تراخي كبير يقدمه الرئيس لصالح بقاءه في الحكم لأشهر قليلة، وتلك المبادرة جاءت بعد يوم واحد من تأييد رجل الجيش الأقوى "اللواء علي محسن" لمطالب شباب الثورة. فقد رفضت أحزاب اللقاء المشترك المعارض الثلاثاء الماضي مبادرة قدمها الرئيس صالح عن طريق وسيط سعودي، وافق الرئيس فيها على إقالة جميع أبناءه وأبناء أخيه وإخوانه وأصهاره وأقاربه من جميع المؤسسات العسكرية والأمنية والمدنية، وتشكيل حكومة وحدة وطنية يتولى رئاستها شخصية من المعارضة، وصياغة دستور جديد للبلاد، واعتماد نظام انتخابي وفقاً للقائمة النسبية، والانتقال إلى نظام سياسي برلماني، وإجراء انتخابات رئاسية وبرلمانية مبكرة، في مقابل بقاء الرئيس في الحكم حتى يناير 2012م، ورفع الاعتصامات من كافة المدن.
فجاء رد المعارضة أكثر صلابة من ذي قبل: "لا نحتمل بقاءك لأكثر من ساعة واحدة، وأضاف: محمد قحطان الناطق الرسمي باسم المشترك: "الجمعة القادمة ستكون جمعة الزحف إلى دار الرئاسة وسيخرجك الشباب من غرفتك، ومن مخبئك، ويحاكمونك، وأنت أخرج دباباتك وأقتل من تشاء فصدورنا عارية". وتلى ذلك الأربعاء 13مارس تراجع كبير في الموقف السعودي والخليجي عموماً تجاه نظام صالح، فبيان دول مجلس التعاون أكد احترامه إرادة الشعب اليمني، ومعناه: لن نغامر بالوقوف إلى جانب نظام أرهقنا في الابتزاز. فمنذ تأييد الرجل الأقوى والحليف الاستراتيجي للرئيس اللواء علي محسن لثورة الشعب في 21مارس، دخل مسار الثورة في منعطف تاريخي أصاب الرئيس برعشة عصبية أفقدته السيطرة على نفسه لأكثر من 30ساعة، فهو يعرف جيداً ماذا يعني علي محسن، الضلع الأشد صلابة في جسد الجيش اليمني. إذ يعد اللواء علي محسن (70عاماً) والمولود في قرية بيت الأحمر بسنحان صنعاء، حامي عرش الرئيس طيلة أكثر من 30سنة، وهو من أنقذ الرئيس من محاولة انقلاب تعرض لها بعد توليه الحكم بثلاثة أشهر، فيما عرف بانقلاب الناصرين، ليحوز بذلك مكانة لا ينافسه فيها أحد في وجدان الرئيس. غير أن للواء محسن حساباته الشديدة الحساسية، فهو يدرك ماذا تعني شهوة الحكم، وسلطة الرئاسة، ومن الممكن أن يقضي عليه الرئيس في أي لحظة يشعر فيها بالخوف منه، فقرر أن ينمو في الظل وسط ساحات المعسكرات البعيدة عن عيون الرئيس، وهناك بنى تحالفات عسكرية لا تحصى مع قادة المعسكرات والألوية، وتمكن من استصدار أوامر رئاسية لتعيين قادة وترقية آخرين، ثم توسعت دائرة علاقاته مع مشائخ القبائل، فكان يصدر لهم وأبناءهم المنح الطبية والدراسية والاعتمادات الشهرية الرئاسية، والسيارات والرتب العسكرية، والوقوف معهم في كل محنهم، فبادلونه الجميل، وكانوا أكثر ولاءً له من الرئيس. ومع نمو أذرع علي محسن في المعسكرات الصحاري والجبال البعيدة، بدأ يستميل كثيراً الشيخ عبدالله بن حسين الأحمر، رجل القبيلة الأقوى، ويحضر مجالسه، ويوافق على اقتراحات الشيخ، بتعيين ورفع هذا، أو ترقية أو عزل ذاك، وكثيراً ما أهدى إلى الشيخ الأحمر كميات كبيرة من الأسلحة، كان آخرها كمية ضخمة جداً في العام 2002م، جعلت الرئيس يغضب منه بشدة. وبين حينٍ وآخر غازل الجنرال محسن أصدقاء الشيخ من إسلاميين وشيوخ قبائل، ودعمهم وأكرم وفادتهم حتى أن المقربين منه يقولون: "لا كريم في اليمن إلا علي محسن"، خاصة في صرف قطع الأراضي والأسلحة. وعندما تحققت الوحدة اليمنية في مايو 1990م وأعقبها أزمة سياسية خانقة دامت لثلاث سنوات، وقف فيها اللواء محسن إلى جانب الرئيس برباطة جأش، ثم انفجر الوضع بإعلان حرب صيف 1994م المنتهية لصالح ما عُرف ب"قوات الشرعية"، وخروج قادة الحزب الاشتراكي الذين أعلنوا الانفصال، وخلال وبعد هذه الحرب ارتفعت أسهم علي محسن في نظر الرئيس حتى أصبح لا يثق إلا به، رغم أن معظم التنظيمات السياسية وفئات الشعب في الشطرين شاركت في الحرب وأيدت بقاء الوحدة، إلا أن علي محسن كان "عقل المعركة" كما وُصِفَ لاحقاً. ورغم أن اللواء محسن يعمل قائداً للمنطقة الشمالية الغربية التي تضم عدداً من المعسكرات، وقائداً للفرقة الأولى مدرع، التي تنتشر في معسكراتها في عموم اليمن، إلا أنه الوصي الأول والأخير على الجيش اليمني، وصاحب القول الفصل في كل أمر عسكري، وحامي منشآت الدولة الحيوية: مبنى التلفزيون، الإذاعة، القيادة العامة، وزارة الدفاع، ومعظم قادة المناطق العسكرية والألوية والمعسكرات خرجوا من عباءته. وفي تقديري أن ذلك لم يكن كافياً في نظره، فأرسلته الحاجة إلى الجارة الشقيقة، المملكة العربية السعودية ليكون أحد أبرز حلفاءها، وكان للحليف الاستراتيجي للسعودية في اليمن الشيخ عبدالله الأحمر دوراً محورياً في تمتين علاقة اللواء محسن بآل سعود، حتى أصبح أمراء السعودية يتعاملون معه كرئيس دولة، ويستقبلونه بتلك الصفة. في يونيو 2004م انفجرت أولى حروب صعدة مع جماعة الحوثيين، فتوجه اللواء محسن إلى دار الرئاسة والتقى الرئيس في حديقة الدار، وأخرج من تحت معطفه خريطة تفصيلية لمحافظة صعدة، وقال للرئيس: "يمكنني حسم المعركة في ثلاثة أسابيع"، ليغرق هناك ست سنوات متتالية، وخرج دون نصر أو هزيمة، رغم ضخامة قوته العسكرية، مقارنة بعتاد الخصم. وإطالة أمد حرب صعدة كان له عوامل كثيرة، أهمها نشوب حرب باردة بين جنرال عجوز ممتلئ بالحكمة والخبرة هو اللواء علي محسن، وشاب صاعد ممتلئ بالحماس ويقوده الخيال هو العميد أحمد علي نجل الرئيس، فضلاً عن عامل حيوي يتمثل في عدم وجود إرادة حقيقية لدى الرئيس لحسم المعركة، فهو لا يريد صعدة غير مقبرة لذراع علي محسن العسكرية، والأخير يدرك هذا، ويفتح للرئيس جبهة أبين الجنوبية كلما قرع الرئيس طبول الحرب في صعدة، خاصة وأن المحرك الفعلي لأبين والجماعات الإسلامية فيها هو الشيخ طارق الفضلي الذي تزوج علي محسن من شقيقته ليكسب ولاءً استثنائياً في الجنوب. وفي حرب صعدة خسر علي محسن كثير من رجاله، بعد أن خسر أصدقهم اللواءين محمد إسماعيل وأحمد فرج في حادثة "سقوط" طائرة حربية بحضرموت عام 2001.
ستة حروب، في ستة سنوات، خاضها اللواء محسن في جبال صعدة، تعرض خلالها لست محاولات اغتيال؛ اثنتين منها بفعل جماعة الحوثيين، وأربع توجهت همسات الاتهام فيها إلى الرئيس ونجله أحمد، قائد الحرس الجمهوري، قائد القوات الخاصة، الذي بدأ صداماته مع كبار الضباط عقب عودته من الأردن في العام 2000 حاملاً شهادة الماجستير في العلوم العسكرية، فتولى قيادة الحرس الجمهوري، خلفاً لعمه اللواء علي صالح، الذي غضب وتوجه إلى أمريكا، ثم عين ملحقاً عسكرياً في سفارة اليمن بدمشق، ولاحقاً عين مديراً لمكتب القائد الأعلى للقوات المسلحة. والحقيقة أن العميد أحمد جاء ممتلأً بالحيوية وخيالات الشباب، فأراد عزل كل "الحرس القديم"، وإحالتهم إلى التقاعد، ظناً منه أن عصراً جديداً قد بدأ يتشكل مع بداية إطلالته بالزي العسكري، فوجد أمامه ضباطاً أكبر مقاماً وسناً ورتبة يخضعون له، ويطيعون أوامره بصفته أبن الرئيس أولاً، والرئيس المنتظر ثانياً، فكانت تلك الطاعة فاتحة للشهية، فبدأ العميد الشاب إجراءات العزل والتعيين والتوجيه، وكان من بين من أراد عزلهم اللواء علي محسن، فأصطدم بجبل الثلج الذي قسم ظهر سفينته، وشق علاقة والده "الرئيس" بحارس عرشه "محسن"، لكن الرئيس بدا له الأمر عابراً، فأمعن في رغبة التقليص، وطلب من علي محسن تسليم معسكر الصُباحة المطل على صنعاء من الناحية الغربية لولده أحمد، فرد اللواء محسن: "نخلي صنعاء لك أنت وأحمد"، وغادر إلى ألمانيا. وهنا نسج الإعلام الرسمي أكذوبة المرض المفاجئ للرئيس، والسفر الطارئ إلى ألمانيا للعلاج، لنراه بعد ثلاثة أيام في شاشات التلفاز يحتضن علي محسن، ثم يجلسان على يخت يتجول في نهر "الدانوب"، ولم يعد الرئيس صالح إلى صنعاء إلا برفقة اللواء محسن، رغم محاولات تعيين قائداً آخر مكانه، إلا أن الرئيس فوجئ بطابور من القادة العسكريين يهددونه بالتمرد إذا حل شخص آخر مكان قائدهم الروحي علي محسن. وفي العام 2004أقام اليمن حفلاً كبيراً بمناسبة العيد ال14 للوحدة اليمنية، وطلب الرئيس من اللواء محسن إخراج دبابات ومصفحات الفرقة الأولى مدرع إلى ساحة العرض في ميدان السبعين، ثم لحقه طلب آخر بصيغة أمنية؛ أن يقود تلك القطع ضباط وأفراد من الحرس الجمهوري، تحسباً لوقوع مكروه بحضور الرئيس، فجميع الزعماء العرب مرعوبين من حادثة اغتيال الرئيس السادات، وافق اللواء محسن، وبعد انتهاء العرض تم إدخال تلك القطع العسكرية إلى معسكر الأمن المركزي المجاور لساحة العرض، وجزء منها أدخل إلى دار الرئاسة القريب من نفس المكان، وهنا تجدد شعور اللواء محسن برغبة الرئيس التخلص منه، وامتصاص آلته العسكرية، وبعد ضغط وإلحاح تم إعادة جزء منها إلى معسكر الفرقة، وفضلاً عن ذلك، كثير ما اشتكى اللواء محسن من عدم صرف الرئيس له أي قطعة عسكرية جديدة منذ العام 1999، غير أن للرجل علاقاته الواسعة وسط كل الأطياف السياسية والعسكرية والاجتماعية، وبإمكانه الحصول على أي شيء بالضغط المباشر على وزارة الدفاع، أو التعامل المباشر –أيضاً- مع عمالقة تجار السلاح، أو الحصول عليه من سنده الخلفي؛ السعودية. فهذا الجنرال الذي يصفه السفير الدكتور عبدالولي الشميري بأنه "متطرف في اعتداله"، هو اليوم كذلك، تطرف تجاه الرئيس، واعتدل أمام الشعب، ليقول للرئيس لا صوت يعلو فوق صوت الشعوب، وربما كان لوثائق ويكليكس الأثر الأكبر في تغيير نفسية اللواء محسن تجاه الرئيس، والتي كشفت رسالة من السفير الأمريكي بالرياض إلى خارجية بلاده يتحدث فيها عن لقاء جمعه بمساعد وزير الدفاع السعودي الأمير خالد بن سلطان والذي قال له إن اليمن زودت السعودية بإحداثيات زعمت فيها أن المكان المراد قصفه معقل مهم للحوثيين، وأن طيارين اثنين من سلاح الجو السعودي حلقا فوق المكان، ورجعا دون قصفه بسبب اشتباههما به، ولاحقاً تبين أنه مكان القيادة الخاصة بقائد المنطقة الشمالية الغربية اللواء علي محسن، وكأن السلطة اليمنية أراد التخلص من اللواء محسن بنيران صديقة!! والشائع عند كثير من الناس، وعند كثير من وسائل الإعلام المحلية والأجنبية، أن اللواء محسن هو الأخ غير الشقيق للرئيس صالح، وهذا غير صحيح، فالرئيس له أخوان شقيقان: صالح ومحمد، وقد توفيا، وأخوان غير شقيقان (من أمه) هما اللواء محمد صالح قائد القوات الجوية، واللواء علي صالح مدير مكتب القائد الأعلى، ولا قرابة نسب بين اللواء علي محسن صالح القاضي، والرئيس علي عبدالله صالح أحمد عفاش، وكلاهما ينتميان إلى منطقة تسمى "تبة بيت الأحمر" في سنحان – صنعاء. وماذا الآن بلغة الأستاذ هيكل: "على الجيش الآن أن يفتح الطريق أمام عبور التاريخ"، قالها متحدثاً عن ثورة وجيش مصر الشهر الماضي، لأجد نفسي مأخوذاً بهذا التعبير الآن، وانتظر من جيش اليمن حماية الشعب وثورته، والوقوف في صف 25مليون يمني هتفوا بسقوط النظام ورموزه، وألا يكون جيش عائلة وفرد، كما أراد له وزير الدفاع في تصريحه عشية 22مارس، فقد قال شيئاً يتساقط له الوجه كسفاً من الخجل، إذ قال: "الجيش سيحمي الرئيس من الانقلابات"، مع أنها ثورة شعب وليس انقلاب أحزاب أو أفراد، والحماية هنا لها تبعاتها من قتل وسفك ودماء وتخريب ممتلكات، وترهيب أنفس، وتشويه سمعة وطن، واعتداء على تاريخ عريق، واغتيال آمال المستقبل، ووضع خنادق ومصفحات أمام أي مشروع وطني يطالب بالتغيير، والحرية والديمقراطية. فما حصل في جمعة "الكرامة" 18مارس جعل العشرات من قادة القوات المسلحة والأمن والوزراء والدبلوماسيين وقادة مؤسسات الدولة المدنية والعسكرية والأمنية والمشائخ والأعيان يقدمون استقالاتهم الجماعية من الحزب الحاكم، ويعلنون الانضمام الكامل للثورة، والانحياز لمطالب الشعب، فدماء 41 شهيداً و200جريح سقطوا بعد صلاة الجمعة على يد قوات الحرس الجمهوري والأمن المركزي الذين اعتلوا أسطح المنازل المجاورة لساحة التغيير بأزياء مدنية وقاموا بالقنص والرش المباشر للرصاص الحي على المعتصمين سلمياً في مشهد سريالي، لا وجود له ألا في مخيلة من يعتقدون بصدقية هلوكوست هتلر ضد اليهود. وقبلها في يوم السبت 12مارس سقط شهيد وأصيب أكثر من 500 مواطن معتصم، 50منهم أصيبوا بالرصاص الحي والبقية بقنابل غازية حتى الآن لم يتم الكشف عن طبيعتها، (وحاول الأطباء مقاومة أعراضها: التشنجات الحادة، اضطراب دقات القلب، التقي الشديد، رعشات مستمرة في الأطراف، الشعور بحريق يلسع الجسم والوجه)، وكل ما عُرف أن تلك القنابل أمريكية الصنع تسلمتها اليمن من الولاياتالمتحدة لمكافحة الإرهاب، وضرب الجماعات الإرهابية التي يُعتقد وجودها في الصحاري والجبال الحدودية. ومهمة الجيش الآن الحفاظ على منشآت الدولة الحيوية من العبث والنهب، وتعمد افتعال مظاهرات أمامها من أجل اقتحامها وإحراقها، ونسب ذلك للمطالبين بالتغيير، خاصة المنشآت السيادية: البنك المركزي، بقية البنوك الحكومية والخاصة، مبنى التلفزيون، الإذاعة، مباني مؤسسات الدولة: البرلمان الشورى، مقار الوزارات، المؤسسات والمصالح والهيئات العامة، مقار الأجهزة الأمنية والتي يتوقع إشعال الحرائق فيها بغرض التخلص من وثائق جرائم النظام. وتوجب على الجيش الآن النزول بقوة إلى أماكن المنشآت السيادية ذات البعد التاريخي والإنساني لليمن، كالمتاحف والمزارات السياحة. ومهمة جيش الشعب الآن السيطرة على القدر الأكبر من الحالة الأمنية، وطمأنة الناس وحفظ أرواحهم وممتلكاتهم، فمجاميع "البلطجية" المسلحة من النظام تتوزع الحارات والشوارع لترهيب الناس، بسرقة وإتلاف أشياءهم حتى يعودوا من ساحات وميادين التغيير مهطعين مذعورين إلى منازلهم، وبالتالي عودتهم إلى قبضة النظام. ومهمة الجيش الآن التزام السكينة، وضبط النفس، وعدم الانجرار إلى مزالق النار التي يخطط النظام لإشعالها، لأنه من الممكن أن يفتعل النظام بما بقي لديه من قوة عسكرية وأمنية أي مشكلة مع أفراد الجيش والأمن المرابطين لحراسة ساحات التغيير والحرية من أجل الحصول على ردة فعل منهم، وبالتالي سحبهم إلى مربع حرب أهلية وقودها الناس، وأدواتها الأسلحة الثقيلة، المفزعة بطبيعتها. ومن المحال الآن إقناع الرئيس حتى في أحرج لحظات عمره أنه ضحية استبداد وفساد وحاشية مظللة وبطانة سوء، وضحية نفسه الضعيفة العاجزة عن فرض هيبة الدولة، خاصة أمام المشائخ والأسر الكبيرة، واستمراءه في شراء الذمم وإشباع الموالين من المال العام حتى ضاق الناس به، ومنه، فشيوخ القبائل عمرهم ما رأوا في الرئيس إلا أمين خزينة وظيفته أن يصرف، لأنه قربهم بهذه الطريقة، ولم يرو فيه هيبة رئيس دولة (لأن القوة تستدعي من يمثلها) كما يقول الأستاذ هيكل متحدثاً عن الرئيس الأمريكي أوباما. ووقوف القوات المسلحة اليوم في وجه قائدها الأعلى هو نتيجة لسلوك نجل الرئيس أحمد وتعامله مع القيادات العليا في الجيش باعتبارهم أتباع ومأمورين وحرس قديم، آن تغييرهم، في مقابل ذلك وجدوا في اللواء علي محسن الصدر الرحب، ولطف العشرة، وكرم الضيافة، وتلبية الاحتياجات، فدانوا له بالولاء.