بينهم أكاديميون ومعلمون وحفّاظ.. مليشيا الحوثي ترهب أبناء إب بحملات اختطاف    منتخب اليمن للناشئين يفتتح مشواره في كأس الخليج بخسارة أمام قطر    قيادي انتقالي: المركزي يقود عصابة الصرافين لسرقة المنحة السعودية    عرضان لخريجي دورات " طوفان الأقصى "في المحابشة    اليوم الرابع من الغضب.. «إعصار المشهري» يعصف بإخوان تعز    الرئيس المشاط يعزي في وفاة اللواء عبدالرحمن حسان    محمد الحوثي: الشعب سيمضي مع القيادة حتى الحرية والاستقلال الكاملين    جامعة سبأ تحصد المركز الخامس في البطولة الرابعة للسباحة    الأمانة العامة للإصلاح: المواقف السعودية ستظل محفورة في ذاكرة الشعب اليمني    وقفة نسائية في المحويت بذكرى ثورة 21 سبتمبر    إيطاليا تستبعد الكيان الصهيوني من "معرض السياحة الدولي"    وزارة الإعلام تطلق مسابقة "أجمل صورة للعلم الوطني" للموسم الثاني    قراءة في كتاب دليل السراة في الفن والأدب اليمني لمصطفى راجح    الأرصاد يخفض التحذير إلى تنبيه ويتوقع هطولاً مطرياً على أجزاء من المرتفعات والسواحل    الأمم المتحدة:الوضع الإنساني المتدهور في اليمن ينذر بكارثة إنسانية    الوفد الحكومي برئاسة لملس يختتم زيارته إلى مدينة شنغهاي بالصين    المنحة السعودية المزمع وصولها في مهب افلام المعبقي    صنعاء.. اعتقال قطران ونجله بعد اقتحام منزلهما في همدان    بريطانيا وأستراليا وكندا تعترف بدولة فلسطين    الإصلاح ينعى الشيخ عبد الملك الحدابي ويشيد بسيرته وعطائه    فخ المنحة السعودية:    المركز الأمريكي لمكافحة الإرهاب يحذر من تنامي خطر "القاعدة" في اليمن    التعايش الإنساني.. خيار البقاء    عبد الملك في رحاب الملك    ينطلق من إيطاليا.. أسطول بحري جديد لكسر حصار غزة    إصلاح حضرموت ينظم مهرجاناً خطابياً وفنياً حاشداً بذكرى التأسيس وأعياد الثورة    مدرب الاتحاد يفكر بالوحدة وليس النصر    مانشستر يونايتد يتنفس الصعداء بانتصار شاق على تشيلسي    إصابة 8 جنود صهاينة بانقلاب آلية عسكرية    بطولة إسبانيا: ريال مدريد يواصل صدارته بانتصار على إسبانيول    عودة الوزراء المصابين الى اعمالهم    الدكتور عبدالله العليمي يشيد بالجهد الدولي الداعم لتعزيز الأمن البحري في بلادنا    السعودية تعلن تقديم دعم مالي للحكومة اليمنية ب مليار و380 مليون ريال سعودي    وفاة طالب متأثراً بإصابته أثناء اغتيال مدير صندوق النظافة بتعز    شباب المعافر يُسقط اتحاد إب ويبلغ نهائي بطولة بيسان    لقاء أمريكي قطري وسط أنباء عن مقترح أميركي حول غزة    المنتصر يبارك تتويج شعب حضرموت بكأس الجمهورية لكرة السلة    انتقالي العاصمة عدن ينظم ورشة عمل عن مهارات الخدمة الاجتماعية والصحية بالمدارس    مساء الغد.. المنتخب الوطني للناشئين يواجه قطر في كأس الخليج    صنعاء.. البنك المركزي يعيد التعامل مع شبكة تحويل أموال وكيانين مصرفيين    مستشفى الثورة في الحديدة يدشن مخيماً طبياً مجانياً للأطفال    تعز بين الدم والقمامة.. غضب شعبي يتصاعد ضد "العليمي"    على خلفية إضراب عمّال النظافة وهطول الأمطار.. شوارع تعز تتحول إلى مستنقعات ومخاوف من تفشّي الأوبئة    على خلفية إضراب عمّال النظافة وهطول الأمطار.. شوارع تعز تتحول إلى مستنقعات ومخاوف من تفشّي الأوبئة    الشيخ عبدالملك داوود.. سيرة حب ومسيرة عطاء    بمشاركة 46 دار للنشر ومكتبة.. انطلاق فعاليات معرض شبوة للكتاب 2025    وفاة 4 من أسرة واحدة في حادث مروع بالجوف    إب.. وفاة طفلين وإصابة 8 آخرين اختناقا جراء استنشاقهم أول أكسيد الكربون    المركز الثقافي بالقاهرة يشهد توقيع التعايش الإنساني ..الواقع والمأمون    الكوليرا تفتك ب2500 شخصًا في السودان    الصمت شراكة في إثم الدم    موت يا حمار    العرب أمة بلا روح العروبة: صناعة الحاكم الغريب    خواطر سرية..( الحبر الأحمر )    اكتشاف نقطة ضعف جديدة في الخلايا السرطانية    في محراب النفس المترعة..    بدء أعمال المؤتمر الدولي الثالث للرسول الأعظم في صنعاء    العليمي وشرعية الأعمى في بيت من لحم    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



وحدة اليمن في محنتها الراهنة
نشر في المصدر يوم 26 - 08 - 2009

المعلومات عن العصيان أو التمرّد أو الانتفاضة في شمال اليمن معلومات شحيحة جدّاً، بحيث أننا لا نعرف ما يكفي عن دوافع وأهداف العصاة أو المتمرّدين أو المنتفضين، الذين يخوضون حرباً حقيقية في مواجهة حرب حقيقية تشنّها الدولة بقواتها المسلّحة ضدّهم، ولذلك فإنّ قلقنا من بعيد، ونحن لا نسمع سوى أصوات آلات الحرب، يكاد يقتصر على مصير وحدة التراب اليمني، لأنّنا إذا كنّا لم نسمع نداءات انفصالية في الشمال فقد سمعناها في الجنوب صريحة واضحة، وبما أنّ الأحداث متزامنة في الشمال والجنوب فإنّ اليمن سرعان ما بدا، وإن ظاهرياً، كأنّما هو عرضة للانقسام إلى ثلاث دول!

ليس جزافاً ولا اعتباطاً ولا مبالغة القول بثقة أنّ هناك مؤامرات خارجية هدفها تجزئة اليمن وغير اليمن من البلاد العربية وغير العربية، فالوثائق الرسمية كشفت أنّ الأمريكيين يعملون على تجزئة العالم إلى آلاف الدول، وما يلفت النظر في بلادنا أنّهم يسعون إلى إقامة ثلاث دول على الأقلّ في كلّ قطر مرشّح للتجزئة، كما هو الحال ميدانيّاً في العراق والسودان، وكما هو الحال إعلامياً ونفسياً في جميع الأقطار العربية بلا استثناء، بحيث صار استقرار هذه الدول يبدو كأنّما هو هشّ ومؤقت حسب إيحاءات أجهزة الحرب الإعلامية والنفسية الأمريكية/الصهيونية، غير أنّ ما ينبغي قوله، بثقة أيضاً، أنّ المؤامرات الخارجية لا تستطيع أبداً تحقيق أيّ نجاح من دون توفّر مناخات مواتية داخل البلد المستهدف، فالشعوب والبلدان لا تؤخذ، قطعاً، إلاّ من داخلها، أي بعد نخرها واختراقها!

لقد كتب أحد المفكّرين المصريين (جلال أمين) قبل سنوات عن ظاهرة 'الدولة الرّخوة'! لكنّ الدول العربية لا تعاني في المقام الأول من الرخاوة أو الترهّل، ولعلّ الأصحّ الكتابة عن معاناتها في المقام الأول من النخر والاختراق، فالرخاوة أو الترهّل يمكن أن تصاب بدائه دول عظمى ثريّة وذات سيادة، أمّا الدول العربية، المنخورة المخترقة، فإنّها تعاني فقراً في الثروة (أي في الدم!) وفقراً في السيادة (أي في الاستقلال) والفقر الثاني هو الذي يتسبّب في الأوّل!

بعد استرداد اليمن لوحدته مع الجنوب رأينا حكومته تفعل، كأنّما عن قصد، كلّ ما من شأنه دفع أهل الجنوب إلى الندم، وإلى الحنين لأوضاع ما قبل استرداد الوحدة! وإلاّ فلتقل لنا هذه الحكومة: لماذا همّشت أهل الجنوب ذلك التهميش الموحش المريب، وهم الذين كانوا على مدى التاريخ الحديث مركز الفكر المبدع والنضال المؤثّر والنشاط المتنوّع الملفت داخل اليمن وخارجه؟ ولماذا همّشت مدينة عدن وأهل عدن، فغاب ذكرها وذكرهم أو كاد، ولم تعد مركزاً بارزاً وركناً دافئاً لاحتضان أيّة فعالية نوعية داخلية أو خارجية، كانعقاد المؤتمر القومي العربي فيها مثلاً؟

إنّ مدينة عدن العريقة هي العاصمة اليمانية الثانية، وهي بموقعها الاستراتيجي المتميّز، على مضيق باب المندب الاستراتيجي المتميّز، ندّ متكامل مع صنعاء، مثلما هي الندّية وهو التكامل بين أنقرة وإسطنبول، وبين واشنطن ونيويورك، فلماذا لم تعامل كعاصمة ثانية إن لم تكن الأولى؟ ولماذا لم يعامل أهل الجنوب اليماني بأكثر ممّا يليق بهم ويستحقّونه، ولو حتى على حساب المناطق الأخرى؟ ألا يفترض بالحكمة اليمانية أنّها أخذت ضرورة ذلك بعين الاعتبار؟

ينبغي علينا، سواء تحدّثنا عن الوحدة أم تحدّثنا عن التجزئة، أن نطرح على أنفسنا هذا السؤال: ما هي الوظيفة التاريخية للوحدة وما هي الوظيفة التاريخية للتجزئة؟ حيث لكلّ منهما ضرورتها ووظائفها البشرية التي تبرّرها، فهل نريد الوحدة فقط لأنّنا عرب ولأننا كنّا موحّدين ذات يوم؟

لكنّ قرابات الدمّ والتراث والثقافة، التي تشكّل عنصراً قوياً وعظيماً للتوحيد، هي عنصر معنوي كثيراً ما يضمر، بل يضمحلّ، أمام طغيان العناصر المادية المعيشية الأخرى، وأمام الوظائف العملية للوحدة أو للتجزئة، فهذه الوظائف هي التي تعطي بقاء الحدود أو زوالها تلك القيمة والأهمية الخطيرة، وكثيراً ما يحدث أنّ وحدة الدولة الواحدة التي تضمّ شعباً واحداً، بل قبيلة واحدة، تصبح عبئاً ثقيلاً لا يطاق إذا كانت وظائفها غير إنسانية وغير عادلة، ومتناقضة مع متطلبّات الحياة، ولا تأخذ بالاعتبار خصوصيات القرى والمدن والأفراد والجماعات داخل المجتمع الواحد!

حتى العشيرة يمكن أن تنتفض ضدّ وحدة القبيلة أو تهجرها إذا ما أحسّت أنّها تعاني غبناً أو ظلماً لا علاج له في المدى المنظور! والعكس بالعكس، فالمفترض أنّ خصائص المدن وحدودها الإدارية، ومزايا أطراف المجتمع وأمزجتها وعاداتها المختلفة، لا تشكّل جميعها تهديداً ولا نيلاً من وحدة الدولة عندما تكون هذه الدولة مستقلّة وعادلة، غير منخورة ولا مخترقة.
أمّا عن الوظائف التاريخية للتجزئة فإنّه لمن الواضح تماماً أنّها تتفق مع مصالح هذا النظام العالمي في هذا العصر الأوروبي الأمريكي. إنّه النظام العالمي الذي أقامته وتقوده عواصم الغرب منذ خمسة قرون، بعد أن وحّدته بمركزيتها الإمبراطورية الصارمة، الثقافية والاقتصادية والسياسية، ومزّقت جغرافيته وديموغرافيته كي يبقى 'موحّداً' تحت سيطرتها! وهكذا فإنّ التصدّي للتجزئة لا يمكن أن يكون في بعده الحقيقي سوى تصدّياً لوظائف هذا النظام العالمي الربوي الصهيوني، ولا يمكن أن يكون إلاّ نيلاً من 'وحدته' العالمية القائمة على التجزئة!

إنّ الضّيم الداخلي، الذي يقنع شعباً ما بأفضلية التجزئة على الوحدة، يكشف لنا مقدار حمق وأنانية حكّام الدولة، إن لم نقل تواطؤهم مع الأجانب، ومثل هذه الدولة التي يديرها مثل هؤلاء الحكّام ليست دولة رخوة مترهّلة، بل منخورة ومخترقة إلى الحدّ الذي يسمح للأجانب بالتلاعب كما يشاؤون، وباستثمار معاناة شعبها لصالح مشاريعهم التي تشترط التجزئة وإن في نطاق وحدة شكلية ظاهرية!
نقلاً عن القدس العربي


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.