تابعت باهتمام كغيري المقابلة، التي أجراها نائب الرئيس عبدربه منصور مع قناة سي.إن.إن الأمريكية، إلا إن القلق ارتابني على مستقبل البلاد في الأيام المقبلة من هول ما صوّره لنا النائب في حديثه بالمقابلة. من الطرائف التي شاهدتها أثناء متابعتي للمقابلة على قناة الفضائية اليمنية في شريط الأخبار خبر مفاده نفى مصدر حكومي ما تناقلته وسائل الإعلام من تصريح للنائب يوضح فيه خطورة حالة الرئيس الصحية. كان السؤال الذي يطرح نفسه، هو لماذا المصدر الحكومي الذي لا نعرف ما عِياره يكذب الخبر المتناول من وسائل الإعلام، وقد قرر عرض المقابلة في التلفزيون اليمني!. أي لماذا لم يكتفي بالعرض الذي بدوره يتولى الرد؟! من المتابعة للمقابلة يمكن استخلاص جملة من الملاحظات و التي من أهمها: 1-لقد كان حضور النائب مميزا وبراقاً، وممنهجاً بعرض سلس لم نعهده من النائب سابقاً.
2- شرح النائب للمذيع طبيعة اليمن قبل الوحدة كشطرين منقسمين لا يؤمنان بالديمقراطية ثم أكد على تخلف الشعب اليمني، ولا ندري حقيقة من أي كوكب جاء لنا هو!! 3- أكد النائب أن الدولة أنفقت على تعليم الديمقراطية، متفاخرا بالخسارة والإنفاق التي أسفر عنه وصولنا للتداول السلمي للسلطة الذي ننعم من جرائه بالأمن والأمان والاستقرار الآن!!
4- تكلم الأخ النائب عن الحوار بين المؤتمر وأحزاب اللقاء المشترك بمنطق الأغلبية، أي أن لدى المؤتمر (15) حزباً، كان منصفا حين قال بأنها أحزاب صغيرة مقابل (5) أحزاب، ولكنه أردف بان المشترك تأثر بما جرى في تونس ومصر فتراجعوا عن الحوار وخرجوا للشارع على اعتبار أنهم وجدوا وسيلة مثلى لتغيير النظام. لكن يبدو أن ذاكرة النائب قد خانته لأنه نسى أو تناسى إن اللقاء المشترك انضم للثورة و نزل إلى الساحات بعد مدة قاربت الشهر! 5- أكد منصور انه قد حذّر من اختلاف وضع اليمن عن وضعي تونس ومصر وانه قد حذر من ذلك إلى أن انفجر الموقف، وحصل القتال والمواجهة. لكننا كنا نعتقد أن تتأسف أيها النائب وتعتذر لما جرى في جمعة الكرامة ولما حصل في أبين ولمحرقة تعز التي ارتكبها نظامك، ظنا منا انك بعيدا عن الأيادي المجرمة في النظام لكن للأسف أحسنا بك الظن! 6- أكد النائب انه بعد الحادث زار الأخ الرئيس في المستشفى واطلع على مصابه وشرح ذلك، ولا ضير في ذلك إطلاقا، لكن جوهر السؤال لماذا السيد النائب ترك الشعب اليمني حائرا طيلة هذه المدة "معارضة وموالاة"؟ لكن ما أدهشني حديثه عن عود الخشب الذي اخترق جسم الرئيس وأُخرج! يا ترى أين أخرج هل في اليمن أم في السعودية؟! 7- مارس النائب مهامه بعد الحادث مباشرةً، حيث اتصل بالأطراف الإقليمية والدولية وبخاصة الشقيقة الكبرى، الذي طلب النائب منها إرسال طائرة إنقاذ لإسعاف المصابين! والسؤال هنا لماذا النائب يطلب الطائرة؟ بمعنى ألا توجد لدينا طائرة مجهزة؟! ثم قام النائب بالاتصال بمساعد رئيس الولاياتالمتحدة لمكافحة الإرهاب، وطلب منه إرسال فريق تحقيق لفحص موقع الحادث. وهنا تحل أسئلة كثيرة تحتاج إلى أجوبة مسئولة، لم يجب عليها النائب الرئيس. منها ما هو سيادي، وأخرى ما هو سياسي! 8- أجاب الأخ النائب على سؤال نتائج التحقيق، من أن الأمريكان لم ينجزوا أعمالهم، ولم يستلم أي تقرير بعد.. للأسف أيها النائب جعلت مصير الشعب بأيدي محققين أمريكان، سامحك الله لليمن رب يحميها! وعندما سئل: وماذا عن التحقيق اليمني، اكتفى النائب بان دور الجانب اليمني كان فقط حَرز المكان ليس أكثر "ما المكان محرز منذ 33سنة".. ما هذا الهراء يا ليتك لم تقلها! 9- وعند السؤال عن الرئاسة، وعن احمد علي الذي لم يسلم دار الرئاسة له لممارسة مهامه فيه، رد بانفعال من أن هذا غير صحيح وان دار الرئاسة لا يوجد به احد سوى أطفال الرئيس! وأن احمد علي يعمل بمقر الحرس الجمهوري وأنه يستدعيه عند الحاجة وأنه يوجهه وهو بدوره ينفذ تعليمات وزارة الدفاع. وهنا تكثر الأسئلة، فلماذا مَكّن النائب الأمريكان دار الرئاسة؟ ثم لماذا النائب يأمر قائد الحرس بضرب المواطنين الآمنين في تعز، وأبين، وأرحب، والحيمة.. هذا إن كان صحيحاً ما قاله النائب عن قائد الحرس الجمهوري!
10- عند الحديث على مجمل الأوضاع، أفاد النائب من أنها في غاية السوء وان معظم المحافظات خارج السيطرة، ثم حدد خمس محافظات منها مأرب التي سيطرت عليها أحزاب اللقاء المشترك، وتحدث عن اتصاله بشيوخ القبائل للحديث حول أنبوب النفط، والذين أفادوا له حسب زعمه، بان عليك أن تتفاهم مع القادة السياسيين في صنعاء. معذرة أيها النائب إما أن تسيطر على الأوضاع باعتبارك تمارس مهام رئيس الدولة، أو تستقيل وتعلن عجزك. إن ما ذهبت إليه ليس مقنعا لدى شريحة كبيرة من شعبك الذي يُمارس عليه اكبر جريمة في التاريخ من العقاب الجماعي. 11- عند السؤال متى سيعود الرئيس هل خلال أيام أم بأسابيع، أجاب النائب لا ادري هذا يحدده الأطباء! كرر المذيع السؤال مخاطبا له باعتبارك نائب الرئيس المفترض انك على دراية بذلك، أجاب عليه انتم الأمريكان أدرى! عليك أن تقول لي أنت متى سيعود الرئيس؟. وهنا أسئلة عديدة و مثيرة.. هل الأمريكان هم من يحققوا وهم الذين اخرجوا الرئيس من اليمن؟
وهل خروج الرئيس يمثل خروجا سياسيا أم طبيا؟ وهل الرئيس ستعيده أمريكا إذا تماثل للشفاء؟ وهل أنت من يحكم الآن، أم أن السفير الأمريكي هو من يحكمنا؟! كل هذه أسئلة مشروعة عليك أن تجيب عليها، إن كنت تملك ذرة من الوطنية والحفاظ على السيادة التي أقسمت اليمين عليها. أيها النائب لقد أصبت السياسة اليمنية في مقتل، من حيث تشعر أو لا تشعر، ولم تعطينا أية معلومات ذات قيمة سوى انك تمثل الآن الأممالمتحدة بين الأطراف! وحتى هذه غير موجودة، فحقوق الإنسان اليمني في الحضيض، وهي من ابرز مهام الأممالمتحدة. 12- تحدث النائب عن وساطة للأمم المتحدة وأنه مخوّل بالحوار والتفاوض في مائدة مستديرة، فمن أعطاك الصلاحية؟ ولماذا لا تباشر بالعمل ببقية الصلاحيات الممنوحة لك دستوريا؟. عفوا أيها النائب مطلوب منك صراحة أكبر على كل ما يجري في البلاد وعليك أن تفك الألغاز الكثيرة التي وضعتها في مقابلتك الشهيرة، وأنصحك أن تتابع ظهورك في التلفزيون اليمني لعلّ وعسى أن تستطيع أن تُفهم شعبك وشعبك يفهمك فلما القفز لسي.إن.إن. فنحن اليمانيون غير مؤهلين بعد لمقابلة بعضنا فما بالك لمقابلة وسائل إعلام أجنبية، فأسئلتهم احترافية وإجاباتنا دائما ارتجالية "مع كل أسف". خلاصة القول انك لم تكن موفقاً في هذه المقابلة، حاول مرة أخرى!