تباينت آراء محللين يمنيين حول مدى تأثير الظهور العلني للرئيس علي عبدالله صالح الخميس الماضي لأول مرة منذ اصابته في محاولة اغتيال مطلع يونيو الماضي، على مؤيديه ومعارضي نظامه برغم حالة «الاستعطاف» للصورة التي بدا عليها صالح. ووجه الرئيس صالح الخميس الماضي كلمة عبر التلفزيون الرسمي استمرت لدقائق ظهر خلالها مرتديا جلبابا أبيض وشماغا «غطاء عربي تقليدي للرأس من قطعة قماشية» وعلى وجهه علامات حروق وقد لفت ضمادات وشاش ذراعيه. ويلتقى الرئيس علي صالح العلاج في الرياض منذ الرابع من يونيو الماضي اثر محاولة اغتياله مع كبار رجال الدولة اليمنية بدار الرئاسة في صنعاء. وجاء ظهور صالح، الذي يحكم اليمن منذ أكثر من ثلاثين عاما، ليدحض الكثير من الشائعات التي تحدثت عن وفاته.
وابتهج مؤيدو النظام كثيرا بعد بث كلمة الرئيس علي صالح وعبروا عن ذلك باطلاق رصاص كثيف وألعاب نارية ما أوقع قتلى وجرحى. وقال الكاتب والمحلل السياسي اليمني راجح بادي ان الرئيس صالح حاول من خلال كلمته التي بثت عبر التلفزيون الرسمي مساء الخميس الماضي ان «يدغدغ العاطفة لدى اليمنيين».. معتبرا ان القول بأن الكلمة لم تؤثر مطلقا «كلام غير دقيق وغير علمي». واستدل على ذلك بما قاله عبدالملك المتوكل القيادي في «اللقاء المشترك» المعارض بعد بث الكلمة وهو المعارض الشرس له حيث ابدى تعاطفه الكبير للحالة الصحية لعلي عبدالله صالح.
واوضح بادي ان الظهور العلني حسم الشائعات التي كانت تتردد وتتزايد حول وفاة الرئيس علي صالح في ظل التعتيم الشديد على صحته، لافتا الى أن هذه الانباء «كانت تؤثر سلبا على نفسية انصاره».
ويعتقد بادي أن النظام اليمني كان أمام خيارين صعبين فاما ان يظهر الرئيس علي صالح على هذه الهيئة الصعبة او عدم الظهور. ويبدو ان مسئولي النظام، يقول بادي، درسوا سلبيات وايجابيات كلا الخيارين ووجدوا ان ايجابيات الظهور هي الاكثر خاصة في ظل تنامى الشائعات حول خطورة وضعه الصحي وأثر ذلك على نفسية من تبقى من انصاره.
ولفت بادي الى ان كلمة صالح فتحت أبوابا جديدة للسجال لتبعد كثيرا عن اهداف الثورة «فالشارع الان مشغول بتحليلات من عينة هل يدي الرئيس مبتورة وهل عيونه طبيعية وغيرها من الامور السطحية». من جهته قال السياسي اليمني نعمان قائد ان كثيرين سواء من مؤيدي الرئيس او كارهيه رثوا لحالته الصحية، وتمنوا لو انه لم يظهر بتلك الصورة الباعثة على الرثاء. وتابع «لا أظن ان عودته للمشهد السياسي كمشوه بدنيا ومحطم نفسيا مهم». واوضح نعمان «الرئيس بدى متماسكا وهذا سيزيد من أنصاره، لكن على الجانب الاخر استطيع القول ان خطابه عزز القناعة لدى شباب الثورة أنهم الى النصر ماضون والمسألة وقت لا أكثر». وقال الصحفي اليمني عارف ابو حاتم «خطاب الرئيس لم يستعطف احدا فهو تحدث بلغة فيها الكثير من التهديد والوعيد ومواجهة التحدي بالتحدي». واستطرد قائلا « كنا نأمل أن يعتذر للشعب ويطلب منه الغفران والمسامحة خاصة وهو على شفا الموت لكنه تحدث كما لو كان قويا في ربيع العمر». ورأى أن «الحالة الصحية التي قرأ فيها الأطباء اليأس من التعافي والعودة لمزاولة عمل بحجم رئاسة دولة جعلت الناس يتذمرون من صالح ويضاعفون من إصرارهم على رحيله وأسرته ونظامه». وعن مدى تأثير الخطاب على المد الثوري في اليمن قال ابو حاتم «لن يؤثر خطاب صالح لأنه في حكم المنتهي فالدول لا تدار من غرف العناية المركزة». ويتوقع أبوحاتم مع ذلك أن يطول عمر الثورة «فهناك من ينخر في جسد الثورة بحسن نية كما فعل الشيخ الزنداني بتصريحاته حول قيام الخلافة الاسلامية وعدم السماح بدولة مدنية بالاضافة الى عدد من الاسباب الاخرى». اما الحقوقية اليمنية ندى الحكيمي فقالت ان ظهور الرئيس صالح بتلك الصورة استعطف الكثير من الناس، مشيرة الى ان الجميع لم يكن يتوقع أن الرئيس تعرض لكل تلك الحروق والتشوهات حيث الاعلام الرسمي كان يروج بأنها «مجرد خدوش». واوضحت الحكيمي أن اناسا كثيرين تعاطفوا مع الرئيس صالح. ويقول فؤاد عبدالوهاب (38 سنة) رب اسرة من محافظة تعزجنوب اليمن ان الجميع رثي لحالة الرئيس الصحية وان هناك تعاطفا كبيرا من قبل الناس حتى من المعارضين. ويضيف «الرئيس وبهذا التعاطف الكبير الذي صنعه جعل منه الشخصية المحورية في قيادة البلد وان لم يستطع هو شخصيا بسبب وضعه الصحي فهو من سيحدد رجال الدولة القادمة نظرا للمكانة التي يحظى بها وكذالك التعاطف الكبير الذي يتمتع به الان». وقال الناشط في ساحة التغيير بصنعاء زايد سلطان ان خطاب الرئيس وظهوره بذلك الشكل المؤسف من الطبيعي أنه حرك عاطفتنا تجاهه.. لكن من الناحية الاخرى قد يكون خسر الكثير من معاونيه الذين كانوا يؤكدون انه سيعود لكي يحكم اليمن.